مواطنات يستنكرن الـ«موديلات» الجديدة للعباءات.. مفتوحة وشفافة ولا تراعي العادات والتقاليد
تحقيقات
18 يناير 2014 , 12:00ص
الدوحة - رانيا غانم
استنكر عدد من المواطنات الموديلات الجديدة من العباءات التي لا تراعي التقاليد الخليجية، وحذرن من انتشار موديلات وتصميمات تلاقي انتشار واسعا لدى الشابات وحتى السيدات تعد مخالفة لطبيعة لباس المرأة وزينتها التي تتسم بالحشمة والوقار بمنطقة الخليج العربي، ونوهت مواطنات استطلعت «العرب» آراءهن إلى أن الموديلات الجديدة المستنكرة تكون في الغالب مفتوحة وشفافة وتكشف زينة المرأة.. وهو أمر يخالف تعاليم الدين في لباس المرأة كما يخالف العادات والتقاليد التي تحرص المرأة الخليجية على الالتزام بها.
ففي الحفل الأخير لتخريج طالبات جامعة قطر كانت عباءات عدد لا يستهان به من الطالبات مثار انتقاد كثير من الحاضرين، فما ظهر من زينة وتبرج تحت تلك العباءات كان أكثر مما سترته، كالبنطلونات بالغة الضيق أو ما يطلق عليه «الاسكيني» و»الاسترتش» الملونة، أما الكعوب المبالغة في علوها فكانت مصدر تنافس بين الطالبات على عدد السنتيمترات الأكثر، هذا فضلا عن بعض الملابس القصيرة والمزركشة التي ظهرت من تحت العباءات، وبرغم أن البعض برر ذلك بسبب ارتداء طالبات غير قطريات أو غير محجبات للعباءة كتقليد في حفل التخرج دون أن يكن ممن يرتدينها أصلا إلا أن كثرة أعداد من قمن بذلك تقلل من هذا الاعتبار وحده.
وفي السنوات الأخيرة فقدت العباءة الخليجية الكثير من أهم خصائصها المميزة والتي كانت عنوانا للاحتشام لدرجة أنها أصبحت ملبسا للملتزمات دينيا في بلدان عربية أخرى غير خليجية، ووجدت فيها الكثير من نساء تلك الدول ملبسا يجمع بين الاحتشام وتنفيذ تعاليم الدين الإسلامي الحنيف في لبس المرأة وبين التمتع بالأناقة التي يمكن أن يضفيها هذا الثوب تبعا لنوعية القماش والتطريز البسيط عليه غير مبالغ فيه، لكن سرعان ما دخلت الموضة وخطوطها التي لا تعترف بعادات ولا تقاليد ولا غيرها من الضوابط، سرعان ما دخلت إلى العباءة للعب بها وتطويعها لتكون تحت تصرفها وجني الكثير من الأرباح من خلال الصراعات الجديدة التي تطرحها الموضة كل فترة على العباءات، خاصة أن النساء الخليجيات اللاتي يرتدينها هن من تسمح لهن دخولهن المرتفعة بمواكبة الموضة باهظة التكاليف، وبالتالي أصبحت العباءات مجالا لا يفوت لاقتناص المزيد من الثروات تحت مسمى «الموضة».
وبرغم إقبال الكثيرات ومن أعمار مختلفة على تلك العباءات التي توصف بأنها بعيدة عن الاحتشام أو على الأقل بعيدة عن الشكل التقليدي للعباءة الخليجية المحتشمة إلا أن كثيرات أبدين انتقاداتهن لهذه العباءات ورفضنها، أم سعدون واحدة من هؤلاء النساء التي ساءها كثيرا التحول الذي طرأ على عباءات الخليجيات: «ما نراه الآن من عباءات كثير من البنات وأحيانا النساء لا يمت إلى العباءة الخليجية بصلة، فالألوان والتطريز المبالغ فيه أصبح زائدا عن الحد، والعباءة بدلا من أن تكون ساترة للفتاة ودليل على الاحتشام أصبحت تلفت الأنظار إليها من كثرة زيناتها، وهذا للأسف ما تسعى إليه بعض الفتيات، فالآن البنت تخرج مرتدية عباءاتها لكن الألوان الزاهية واللامعة تظهر من كل مكان، وأحيانا أجزاء من جسمها فالأذرع مكشوفة بسبب الأكمام الواسعة جدا، وأحيانا أجزاء من الرقبة والصدر لأن العباءة غير مغلقة من فوق وأن الفتاة لم تحرص على ارتداء ملابس تغطي هذه المناطق من جسمها، والنتيجة أنها ترتدي عباءة شكلا لكنها في الحقيقة لا تستر جسمها ولا تخفي زينتها».
من أجل الكشخة
وقالت (م.ع) وهي طالبة بجامعة قطر: «نرى في الجامعة كرنفالا من الأزياء والعباءات، والمشكلة ليست في العباءة ذاتها ولكنها أيضا في كشف ما تحتها، فنجد الكثير من الطالبات يتعمدن فتح العباءة ليظهر ما تحتها من ملابس الماركات كنوع من «الكشخة»، وهناك من تكشف عن شعرها وتضع الشيلة على أطراف رأسها فقط لتظهر التسريحة الخارجة للتو من تحت يد المزينة بصالون التجميل، هذا بخلاف وضع الماكياج الصارخ، والأظافر الملونة الطويلة، والعدسات الملونة، وهذا نراه منهن في الجامعة وخارجها».
دانتيل وحزام
ولفتت الهنوف عبدالله –موظفة- إلى ظاهرة جديدة في العباءات وهي إضافة جزء من قماش الدانتيل أسفل العباءة وعلى ثلث الأكمام دون بطانة تحته مما يكشف بوضوح عن الجسم تحته «شكل مقزز للغاية ما نراه في عباءات الدانتيل المكشوف الجديدة تلك، وهي موضة واردة من الإمارات، فتكون أرجل البنت ظاهرة من تحتها وأيضا نصف ذراعيها، وأرى أنه لا توجد علاقة لها أبداً بالعباءة التي نعرفها، وهناك من ترتدي العباءة العادية واسعة الأكمام وحين ترفع يديها يظهر كثير من ذراعها، فنراها تتكلم في الجوال بإحدى يديها وتمسك ذراع الحقيبة على كتفها باليد الأخرى وبالتالي كلتا ذراعيها ظاهرتان، وهناك من تضع الأحزمة على العباءة وهي أيضا موضة ظهرت منذ عدة سنوات فتحولت العباءة إلى فستان مخصّر، للأسف كلها أشياء أفقدت العباءة قيمتها ومكانتها.
عباءة بـ «رف»
وتروي (ش) موقفا قالت: إنه أثار ضحك وسخرية زميلاتها في الكلية حين أقيمت إحدى الندوات التي دعيت إليها مجموعة من سيدات المجتمع وموظفات مرموقات «كان هناك تباريا من المُحاضرات في ارتداء العباءات التي يبدو عليها أنها غالية جدا، وليس هذا عيبا حيث كن من الموظفات الكبيرات وسيدات الأعمال، لكن المشكلة كانت في «الحركات» التي كانت في بعض العباءات، فحين دخول إحدى المتحدثات إلى القاعة -التي حضرت متأخرة بعض الوقت- كان منتصف عباءتها من الخلف مرفوعا بشكل أثار ضحكات الحاضرات وكأنه «رف» تم تركيبه! استغربنا كيف ترتدي عباءة بهذا الشكل السخيف، وما الباهر فيها إلا إذا كان هدفها إثارة السخرية، خاصة أن هذه المحاضرة كانت الوحيدة التي أصرت أن تلقي كلمتها وهي متجولة في القاعة، وهو ما فسرته الطالبات بمحاولتها عرض عباءتها بشكل موسع، ويبدو أن السيدة انتبهت بعد قليل فضبطت العباءة ليزول هذا الرف ونكتشف أنه كان جزءا من تصميم العباءة لكن في وضع خاطئ، تساءلنا: ما الداعي لمثل هذه الصراعات الغريبة والمبالغات التي تقلل من الملابس ولا تضيف إليها، ولماذا الابتعاد عن الأشكال العادية للعباءات المتعارف عليها والبسيطة بدلا من هذه المبالغة التي تأتي بنتائج عكسية».
تطورات على العباءة
وتعتبر العباءة والجلابية الخليجية من الملابس الأساسية التي يجب توفرها في دولاب اي فتاة او امرأة عربية، فبالرغم من خروج المرأة العربية للعمل واهتمامها بالمعاصرة الحديثة، ولكنها لا زالت تهتم بالعباءة الخليجية خصوصاً بعد خطوط الموضة والحداثة التي طرأت عليها خلال الفترة الحالية.
وفي الآونة الأخيرة طرحت مصممات خليجيات مجموعات جديدة ومختلفة من الأزياء الشرقية الملونة لتقدمها للمرأة الخليجية والعربية، وتعتمد هذه النوعية من التصميمات على المزج بذكاء بين خطوط الموضة العالمية وخصوصية الذوق الشرقي الأصيل، وتهتم التصميمات الجديدة بضرورة التغير، وتهتم بوضع بعض الخطوط واللمسات العصرية المجددة للزى الخليجي، ولكن بأسلوب مدروس لا يخرجه من محيطه العام بل يجعله أكثر عملية ورقيّا.
مطلوبة
وتؤكد مصممات العباءات على أهمية العباءة والجلابية الخليجية، وأنها مازالت مطلوبة بقوة وحاضرة في دولاب المرأة العربية رغم كل التحديات والانفتاح، إلا أن الجلابية والعباءة لها مكانتها الخاصة في قلب وعقل المرأة العربية بل بدأت العباءة تغزو الأسواق العالمية، خاصة بعد خطوط الحداثة والتغير التي طرأت عليها، وفي الآونة الأخيرة هناك العديد من النجمات الحاصلات على جوائز الأوسكار ارتدين هذه العباءات بفخر عندما حضرن لزيارة الخليج بالإضافة إلى الفنانات العربيات اللواتي فرحن بلبسها في المهرجانات السينمائية، لأنها تتسم بالبساطة حيث تمثل قطعة فنية لافتة من الفن والتراث.
تغييرات جذرية
وقد أدخلت المصممات للعباءات تغييرات مهمة وجذرية على تصميمات الجلابية الشرقية، فعملن على تطوير الجلابيات الخليجية لتصبح أقرب للفستان، وقصرن من طولها قليلاً لتصبح «الجلابيا المدى» مع الالتزام برحابتها المعهودة وخطوطها الانسيابية الفضفاضة، لتقدم للمرأة التي تفضل لبس الفستان الشانيل في الوطن العربي وبعض دول الخليج، كما يمكن ارتداؤها مع بنطلون ضيق أو فيزون مطاط كطراز ما يسمى بالـ»الدرسي»، لكي تلائم الأجواء العملية ورحلات السفر، كما لم تبتعد التصميمات الجديدة في تشكيلتها عن جمال المطرزات اليدوية وسحر التفاصيل الشرقية، حيث النقوش والزخارف التراثية المشكوكة بالخرز والأحجار الملونة التي عادة ما تطبع الطراز المعتادة، كما أضافت الخامات الناعمة والأقمشة الشفافة التي اعتمدت من الحرير والشيفون على كل قطعة وموديل، ولتعكس من خلالها ألوانا زاهية من تدرجات قوس قزح وغيرها من الألوان..
وقد انتقلت عدوى الرغبة في تطوير هذا الزي إلى مصممي الازياء في العالم العربي، والذين حققوا الى حد كبير ما يشبه النهضة في هذا المجال في السنوات العشر الاخيرة. البعض رد هذا الى مساهمة بيوت الازياء العالمية في تطوير هذه القطعة، واستلهامهم من تطريزاتها وتصميمها المميز الكثير من أزيائهم الخاصة بالسهرة، الأمر الذي أعطاها صبغة عالمية عصرية، والبعض الآخر رده إلى عروض الازياء العربية التي انتعشت وباتت تركز على العباءة كعنصر أساسي فيها مستوحية خطوطها من التراث الشرقي بوجه عام والعربي بوجه خاص.
تنوع الأساليب
وعلى الرغم من التنوع الشديد في تصميمها، الا أننا نستطيع أن نلاحظ وجود تنوع في الأساليب، بدءا من العباءة الخليجية إلى المصرية والفلسطينية. ولا شك ان الخليجية بالذات عرفت تطورا كبيرا ليس في التصميم فقط ولكن في الالوان المستخدمة أيضا لتتحول العباءة الى قطعة فنية مبهرة تقبل عليها الشابات ايضا وليس فقط الأمهات والجدات، خصوصا وأنها حافظت على هويتها، والهدف الاساسي منها في أن تكون مريحة ومحتشمة.
وعلى الرغم من اعتمادها في الغالب على اللون الاسود الذي يعد اللون الاساسي لها، إلا أنها ظهرت بألوان أخرى كالأصفر والبرتقالي والتركواز، واستخدمت فيها أقمشة الحرير والشيفون والاورجانزا والقطن والكروشيه والساتان والقماش المجعد، الكتان وحتى الجينز.
ليس هذا فقط فقد تعددت انواع العباءات حسب تعدد المناسبات. فهناك الخاصة بأماكن العمل وهناك الخاصة بالسوق أو بمناسبات العزاء وأخرى للمراهقات وصغيرات السن وهلم جرا. ويشير مصممو منطقة الخليج إلى انتشار الجلابية الكويتية في منطقة الخليج وتفضيل المرأة لها، لعدة أسباب منها أنها تمزج بين ألوان عديدة غير الاسود، الى جانب تصميماتها المبتكرة، التي تجمع بين طرز عدة من دول الشرق الاقصى.
موديلات جديدة
وقد انتشرت في الخليج موضة العباءة التي يطلق عليها «الفراشة» وهي شبيهة بزي «بات مان» «الرجل الوطواط» ، كونها متسعة تلبس على الكتف وتتميز بقصة بيضاوية من الأسفل «الذيل»، متصلة بالكم عبر الأسورة التي تكون عريضة وطويلة قد يصل طولها إلى 15 أو 18 سم وتكون ضيقة ومطرزة بنقوش من الخيوط والقيطان والترتر والخرز وأحيانا يضاف إليها قطع جلدية ومن الشامواه والحرير وخرزات فضية.. لكنها رغم النجاح لم تسلم من التطوير هي الأخرى، بحيث ظهرت نسخ منها تتميز بتصميم بيضاوي يخاط طوليا على جانبي العباءة من تحت الإبط حتى الأسفل لتلبي ذوق المرأة التي تميل إلى العباءات المحددة على مقاس الجسد من دون ان تلتصق بها وتظهر معالمه. كما شاع هذا العام التطريز باستخدام ما يسمى بـ «قطع كريستال سواروفسكي» سواء الملون منه أو الشفاف وتلقى رواجا كبيرا في الأسواق الخليجية والذي يعد أكبر أسواق العباءات في
المنطقة.