مواطنون ومهندسون لـ «العرب»: غياب التخطيط وتمركز النشاط التجاري زادا من الازدحام المروري

alarab
تحقيقات 17 أكتوبر 2021 , 12:20ص
يوسف بوزية

المهندس محمد النعيمي: تكدس بعض الأنشطة في مناطق معينة وراء الأزمة

المهندس أحمد الجولو: إعادة تخطيط بعض الشوارع لاستيعاب زيادة المركبات

أكد عددٌ من المواطنين ضرورة إيجاد حلول غير تقليدية لتخفيف حدة الازدحام المروري والحد من الساعات الضائعة للمستخدمين بسببه، بما فيها إعادة تخطيط المداخل والمخارج والطرق المؤدية للمناطق الحيوية وتطوير وسائل النقل العام، مؤكدين أن مشاريع الطرق السريعة والحديثة استوعبت الزيادة المتوقعة في أعداد المركبات، لكن المناطق الداخلية ما زالت تعاني ظاهرة الاختناقات المرورية في أوقات الذروة، منتقدين كثرة الإغلاقات والتحويلات وما يسببه ذلك عملياً من حدوث «اختناقات مرورية» شديدة تتطلب تخفيفها بتنسيق الجهود بين المرور وهيئة الأشغال العامة لتقديم خطة علاجية شاملة للحد من ظاهرة الاختناق المروري.

صيانة الطرق
وقال المهندس محمد حسن النعيمي، المحكم الهندسي وعضو اتحاد المهندسين العرب: إن الازدحام المروري يؤثر على الاقتصاد بشكل عام مما يسببه من تعطيل وصول الموظفين إلى أعمالهم والطلاب إلى مدارسهم، وانعكاس ذلك على ضياع وقت العمل، ولا ننسى هدر الوقود خلال فترة توقف السيارة في الازدحام والذي يتسبب كذلك في عرقلة وصول الصادرات والواردات في الوقت المحدد إلى المنافذ.
وأضاف: هنالك العديد من العوامل التي تتسبب بالاختناقات المرورية، ومنها قيام هيئة الأشغال بأعمال صيانة طرق كثيرة في نفس المنطقة في وقت واحد، وتزامن تلك الأعمال مع بدء العمل في المدارس والجامعات، وتسبب كذلك نقص الشوارع التجارية في تكدس بعض الأنشطة التجارية والخدمية في مناطق معينة، الأمر الذي أدى إلى زيادة الضغط المروري فيها.
وتابع إن السيطرة على الازدحام تتطلب تطبيق بعض الإجراءات التنظيمية مثل تعديل السرعة المطلوبة لبعض الشوارع لتخفيف كثافة السيارات عليها، تفعيل التكنولوجيا للتحكم بإشارات المرور ولتقليل وقت الانتظار عند التقاطعات وكشف نقاط كثافة السيارات للتعامل معها بشكل فوري، بالإضافة إلى ذلك يمكن تخفيف الازدحام من خلال إعادة تنظيم مواعيد العمل والمدارس وإعادة توزيع الموظفين للعمل بالقرب من أماكن سكنهم وتشجيعهم على أخذ إجازاتهم خلال فترات مختلفة وتسهيل إمكانية التوسع في العمل عن بُعد للوظائف التي لا تحتاج حضورا مباشراً وقد أثبتت نجاحها خلال بداية جائحة كورونا، حيث تم الاكتفاء بالحضور المباشر لـ 20% من الموظفين وهو ما ساهم في تقليل الازدحام المروري، وكذلك يجب النظر في تشجيع التعليم عن بُعد بشكل جزئي لعدد من أيام الأسبوع بشكل متناوب بين الطلاب.

توزيع الأنشطة التجارية
وأشار النعيمي إلى ضرورة تقليص المعاملات الحكومية الورقية والتي تتطلب الحضور الشخصي وتحويلها لمعاملات إلكترونية قدر الإمكان مع تسهيل إجراءات التقديم الإلكتروني والاستعانة بوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة كالواتس آب وغيره، ومن الأهمية بمكان أن يعاد النظر في توزيع الأنشطة التجارية والخدمية مع النظر في توسعة الرقعة العمرانية بما يخفف الضغط المروري على مراكز الخدمات الأساسية الحالية، بالإضافة لتوسعة شبكة النقل العام كالمترو وزيادة محطاته وشبكات المواصلات التابعة له، ومن الضروري بمكان اقتصار استخدام الطرق في أوقات الذروة على سيارات الركاب فقط ووسائل النقل العام ومنع أية سيارات لا تدخل ضمن هذا الوصف ولا يمنع ذلك من تفعيل بعض وسائل النقل المتطورة مثل» التاكسي الطائر»، والذي تتم تجربته حاليا في العديد من دول العالم.
أخيرا وليس آخرا من الممكن عمل حملات توعوية من شأنها زيادة وعي السكان باستخدام وسائل النقل العام.
ونوه النعيمي أخيراً بضرورة دراسة تجارب الدول والاستفادة منها عمليا خاصة تلك التي نجحت في تقليل الازدحام على الرغم من كثافتها السكانية العالية.

إنجاز المشاريع
بدوره اعتبر المهندس أحمد الجولو، الرئيس التنفيذي لجمعية المهندسين القطريين، أن الازدحام ليس مشكلة محلية وإنما عالمية، وهو أحد الإشكاليات التي تعاني منها الدوحة وبصورة مستمرة، إلا أنه تم طرح العديد من المشاريع الكبيرة ستنفذ خلال الفترة القادمة والتي سوف تساهم في إيجاد حلول قدمتها الجهات المعنية، ومنها وجود تحويلات جديدة ومسارات طويلة وعملية توسعة للشوارع للتخفيف من حدة الازدحام، إلى جانب ذلك وضع خطط للشوارع الموازية والمحورية عبر خطة شاملة تقوم بها هيئة الأشغال العامة.
وتابع قائلاً: العاصمة في توسع مستمر من خلال توسعة شوارعها التي تتداخل مع بعضها البعض، حيث بدأت تنشأ مناطق جديدة وبالمقابل هذا يشكل ضغطا على شبكة الطرق ويؤدي إلى الازدحام في الشوارع الرئيسية، في الوقت ذاته ما زالت المشاريع التي سوف تعمل على إيجاد حل جذري للأزمة في طور التنفيذ وتحتاج وقتاً كافياً لتنفيذها، لذلك يجب الاعتماد على الحلول المؤقتة التي تضعها الجهات المعنية للتخفيف من الزحمة.
وأكد الجولو أن الانتهاء تماماً من مشاريع البنية التحتية والمشاريع الاستراتيجية على مستوى الدولة، من شأنه أن يساهم في تخفيف حدة الازدحام المروري وتكلفته الاقتصادية إلى النصف تقريباً، ودعا الجولو إلى إيجاد خيارات أخرى في الوقت الحالي منها إعادة تخطيط بعض الشوارع لاستيعاب الزيادة المتوقعة في أعداد المستخدمين وتحسين جودة المواصلات العامة بالتنسيق مع وزارة المواصلات والاتصالات وتشجيع المواطنين على استخدام وسائل النقل العام بما فيها المترو.

إعادة تخطيط
ودعا ناصر اليافعي إلى إعادة تخطيط الشوارع الرئيسية خاصة في المناطق الحيوية وزيادة المسارات للمساهمة في تخفيف تكدس السيارات، إلى جانب العمل على تغير أوقات الدوام التي يجب أن تكون على أساس دراسة علمية واستبيان من أجل تصنيف مستخدمي الطرق ومعرفة الشريحة الأكبر لها، وعلى ضوء هذه النتائج يتم تغيير أوقات الدوام بدايته ونهايته بما يناسب كل شريحة.
وتابع قائلاً: أكثر ما قد يسبب الزحمة والاختناق المروري هو سوء التخطيط في تطوير الشوارع، إلى جانب الأعمال الإنشائية والإغلاقات والتحويلات التي تعمل على الارتباك والازدحام، لذلك بالإمكان أن يتم أعادت جدولة هذه المشاريع لضمان المرور الانسيابي وتلافي الزحام، والتخطيط لعمل طرق سريعة تجنب السائقين الدخول للمدن للوصول إلى مناطق أخرى، إلى جانب تفعيل خدمات النقل العام ووضع مسارات خاصة للسيارات الأجرة والنقل العام أسوة بالدول الأوروبية والتي تتضمن سير المركبات الأجرة والنقل العام بانسيابية أكثر، والعمل على نقل الدوائر الحكومية إلى خارج العاصمة وتوزيعها في المناطق الأخرى.

العقيد د. محمد الهاجري: 3 أسباب لاستمرار الازدحامات المرورية
 قال العقيد الدكتور محمد راضي الهاجري مدير إدارة التوعية المرورية في الإدارة العامة للمرور: إن هنالك ثلاثة عوامل تؤدي إلى استمرار الازدحامات المرورية، مشيراً إلى أنها تعود إلى الطريق نفسه أو إلى السائق أو إلى المركبة.
وأضاف العقيد الهاجري – في مقابلة مع إذاعة قطر – إن انتشار الدوريات المرورية يساهم في تعزيز انسيابية الحركة المرورية، مشيرا إلى أن بعض الحوادث المرورية التي يتسبب فيها قائدو المركبات تساهم في حدوث اختناقات مرورية وهو ما يستدعي من السائقين استخدام التقنيات الحديثة للإبلاغ عن الحوادث والمبادرة بتحريك السيارات لعدم عرقلة حركة السير بعد تصوير الحادث واستخدام تطبيق مطراش 2، خصوصا في حالات الحوادث البسيطة.
وأكد العقيد الهاجري أنه مع عودة الحياة تدريجياً إلى طبيعتها بما فيها العودة إلى العمل بنسبة 100 %، كان لدى مستخدمي الطريق عدم وضوح في الطرق الجديدة وعدم حساب لزمن الخروج ما أدى إلى حدوث ازدحامات، وأشار إلى وقوف السيارات التي تؤدي إلى الحوادث المرورية في الطريق ما يؤدي إلى تعطل الطريق.
ونوّه بأن هناك طرقا جديدة تم افتتاحها تؤدي إلى تخفيف الزحام المروري، معتبراً أن عدم إلمام بعض السائقين بالطرق والمسارات الجديدة أدى إلى تعودهم على الطرق القديمة التي اعتادوا على استخدامها في الذهاب والعودة إلى مقار عملهم أو المدارس.