مديرات ومُعلّمات يودعن مدارسهن بشوق وحنين إلى أصوات «عيالنا»

alarab
محليات 17 يونيو 2021 , 12:31ص
حنان غربي

 مريم العوضي: أحب واجبي ودوري في بناء عقول الطلبة
نجلاء الكواري: جهود جبارة وإنجاز كبير لكل القطاع التعليمي
 سلوى الشمري: التعليم عن بُعد أظهر إبداع المعلمين وتفوّقهم
مريم العبدالله: يعتريني حنين إلى تفاصيل يومي الدراسي
 نوره سالم المري: الطالبات بحاجة إلى المعلمة.. والمدرسة بحاجة إلى روح الطالبات
 باشا المري: أولياء الأمور أصبحوا أكثر تقديراً للمعلم 
 

مؤكد أن كثيرين منا مرّ عليهم مقطع الفيديو المتداول قبل أيام عن وداع أحد المعلمين لأبنائه الطلاب بسبب انتقاله إلى مدرسة أخرى، وكمية المشاعر المختلطة بين المعلم وطلابه لدرجة أن أحد الطلاب احتضن معلمه وهو يبكي بحرقة على فراقه وكأنه يودع والده وليس معلمه.
المكانة التي وصل إليها هذا المعلم في قلوب طلابه لم يكن من الممكن أن يحظى بها لولا تعامله الراقي معهم، واحتواؤه لهم، فقد كان بمثابة الأب الحنون لكل طالب من طلابه.
نفس المشاعر تتكرر كل عام في نهاية السنة الدراسية، وفي كثير من المدارس، فالطلبة يرتبطون بمدرسيهم في أغلب الأحيان ارتباطاً عاطفياً يجعل هذا المعلم وصل لقناعة أن التعليم رسالة قبل أن يكون مجرد مهنة، ذلك المعلم ضرب أروع الأمثلة في كيفية التعامل الإيجابي مع أبنائه الطلاب.
وفي ظل جائحة «كورونا» سجلت عملية التعليم عن بُعد في المدارس والجامعات نجاحاً مهماً، وأتت عملية التعليم المدمج والتعليم عن بُعد بثمارها، سواء عن طريق الحضور للمدرسة، أو عبر مشاهدة الدروس المصورة عبر القنوات التعليمية، فضلاً عن الواجبات اليومية والتقييمات الأسبوعية التي مكنت الطلبة من متابعة دروسهم بشكل لا يؤثر على تحصيلهم الأكاديمي.
«العرب» التقت عدداً من مديرات المدارس والمعلمات تزامناً مع آخر يوم للدوام، وبدء الإجازة الصيفية، لرصد انطباعاتهن عن العام الدراسي، وصعوباته في ظل الجائحة، وعلاقة الود التي تربطهن بالطلاب والطالبات.

أول الحاصلات على الترخيص المهني
البداية مع مريم العوضي، مديرة مدرسة هند بنت أبي سفيان الثانوية للبنات، أول القطريات الحاصلات على الترخيص المهني بمجالها. تقول إن حجم العمل في فترة كورونا كان مضاعفاً ومجهوداً غير اعتيادي، وتذكر العوضي أن آليات العمل في فترة الجائحة تتسم بالصعوبة والتعقيد إلى حد ما. وتشرح: في المرحلة التي كنا نعمل بها بنسبة 50 % حضور داخل المدرسة و50 % عبر تقنيات البث المرئي، فإن ذلك كان يشكل علينا ضغطاً من ناحية كثافة العمل ومن الناحية النفسية، فكنا نضطر لمتابعة سير العمل في أكثر من صف، سواء من الحاضرين في المدرسة، أو من الذين يتلقون التعليم عن بعد، ناهيك عن الخطط والاستراتيجيات التي يجب تغييرها وتكييفها حسب الظرف، وحسب مستوى الطالبات، وحسب نوع التعليم عن بعد، أو داخل المدرسة، إضافة إلى بعض الصعوبات في الوصول إلى بعض الطالبات، أو التواصل معهن، وكذلك مشاكل في التواصل مع أولياء الأمور، كل تلك الأمور جعلتنا نواجه تحديات كثيرة، لكننا تمكّنا من تخطيها والتعامل معها بالشكل الأنسب بتعاون الجميع، سواء في المدرسة أو في البيت.
إلى ذلك أضافت مريم العوضي أن المدرسة هي التي تنتج وتساهم في بناء عقول أجيال المستقبل من أبناء المجتمع، وشددت على أنها عازمة على مواصلة ممارسة المهنة؛ لأنها تحبها، وتعظّم مسؤوليتها وواجبها في العملية التعليمية للطلبة وبناء عقولهم.
أعلى من التوقعات 
نجلاء الكواري، مدير مدرسة الشفاء الابتدائية للبنات، اعتبرت أن الجهود التي بذلت خلال فترة كورونا كانت جبارة من جميع موظفي القطاع التعليمي، وأوضحت أن الظرف الطارئ الذي يعيشه العالم منذ سنتين ألقى بظلاله على مجال التعليم، كما فعل مع جميع القطاعات «تطلب منا الوضع جهوداً استثنائية في الإعداد والمشاركة في تصورات لآلية العمل، في المدارس خلال الفترات المتفاوتة، وبالتعاون والتنسيق مع اللجنة العليا لإدارة الأزمات، كنا نناقش في كل منتصف فصل آليات مختلفة سواء بالنسبة إلى موضوع نسب دوام الطلبة، أو نسب تواجد الموظفين في المدارس، وهو ما كان يتطلب منا جهوداً كبيرة، في ترتيب وتنظيم العملية التعليمية، وفق الإجراءات الاحترازية المفروضة، وكذلك وفق تعليمات التباعد الاجتماعي بكل دقة، لضمان سلامة الموظفين والطلبة، كل ذلك لم يكن سهل التطبيق، وكنا نقاتل لنكون في المستوى ونحقق أهدافنا على أكمل وجه، وهو ما استطعنا تحقيقه بفضل إخلاص الكوادر الموجودة وإصرارها على أداء مهمتها على أكمل وجه، واستمرار عملية التعليم، وهو ما مكّننا بفضل الله من إكمال عام أكاديمي غير منقوص، تمكن فيه الطلبة من تقديم امتحاناتهم المدرسية في وقتها.
وعن الأنشطة والفعاليات، ذكرت الكواري أن المدارس التزمت بتعليمات اللجنة العليا لإدارة الأزمات بوقف جميع الأنشطة الفعلية وتحويلها إلى أنشطة افتراضية عن بُعد وضربت مديرة مدرسة الشفاء الابتدائية للبنات أمثلة عن تلك الأنشطة، مثل معارض البحث العلمي، التي شاركت فيها كل المدارس، وكذلك مسابقات الروبوت والقراءة وغيرها، وهي التجارب التي اعتبرتها ناجحة ومجدية، وربما قد تُعتمد الكثير منها حتى في حال انتهاء الوباء.
واعتبرت نجلاء الكواري أن ما تم إنجازه في المدارس كان أعلى من التوقعات، وأن تحقيق الأهداف المسطرة تم بفضل تكاتف جهود الكوادر التعليمية من ناحية، والأسر من ناحية أخرى.
كل يوم تحدٍّ جديد
بكثير من التأثر والشجن تحدثت المدرسة رانيا الجندي عن طلابها الذين بات يعز عليها فراقهم، فبعد عام كامل من التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البث المرئي والتواصل المباشر داخل المدرسة، أصبحت تربط المعلمة رانيا علاقة وطيدة بطلبتها، تقول رانيا: تكمن ذكريات الطلبة والمعلمين في المدرسة، فكل من يتذكر طفولته يتذكر أيام المدرسة، ونحن المعلمين نحتفظ بذكريات كثيرة في المدرسة فهي تحتل جزءاً لامعاً من حياتنا، وحيزاً كبيراً من وجدان المدرس.
تقول رانيا إنها ترفع في كل يوم تذهب فيه إلى العمل تحدياً بأن تجعل المدرسة التي تعتبرها بيتها الثاني المكان المفضل لدى الطلبة، وتحببهم فيها وفي العلم، التحدي الثاني الذي كانت تواجهه يومياً، حسبما ذكرته، هو كيف تكسب ثقة أولياء الأمور ليتأكدوا بأن المدرسة أمينة على أبنائهم وعلى الرسالة التي تؤديها معهم، وأنها تستطيع أن تغلق أبواب الجهل، من خلال التعليم، وأبواب الخوف من خلال بناء الثقة.
تعتمد المعلمة رانيا منهجية خاصة في التعامل مع الطلبة فهي تشجع من يفشل وتتابعه حتى ينجع، وتكافئ الناجح حتى يواصل ويستمر، وتحرص على أن يتحمل كل طالب مسؤولياته، دون أن يشعر بأي نوع من التمييز، وهي تقوم بذلك سواء كان لقاؤها بطلبتها عبر الشاشات ومن خلف الكاميرات أو في القسم مباشرة.
وفيما يخص التعليم عن بعد، ذكرت رانيا أن بدايته كانت في شدة الصعوبة، من الناحية النفسية والتطبيقية بالنسبة للمدرسين والطلبة وكذلك أولياء الأمور الذين وجدوا أنفسهم فجأة حلقة من حلقات العملية التعليمية لأبنائهم، خصوصاً من يعانون من الأمية الحاسوبية.
لكنّ رانيا تعتبر أن العمل تحت كل تلك الضغوطات كان يهون حين ترى تجاوباً من طلبتها، وتحصد نتائج جدها وجدهم، من خلال نتائج مميزة.
مرشد وموجه
تؤكد سلوى الشمري، منسقة لغة عربية، أن عمل الكوادر التعليمية خلال فترة الجائحة تم بكفاءة عالية، حيث كان كل فرد من القطاع يقوم بعدة أدوار وهي مرشد، وموجه، ومسهل للوصول إلى المعرفة المنشودة.
إلى ذلك تضيف سلوى: بالرغم من الظروف الاستثنائية والمتعلقة بجائحة كورونا «كوفيد - 19» التي ضربت العالم، تمكنت وزارة التعليم متمثلة بمنسوبيها من استمرار العملية التعليمية بنجاح تام، وأثبتت قدرتها وكفاءتها في أدائها، وأصبح دور المعلم في التعليم الإلكتروني أكثر أهمية وأكثر صعوبة من دوره في عملية التعليم التقليدية، فهو شخص مبدع ذو كفاءة عالية يدير عملية التعليم بقيادة وتوجيه مستمر لكل طالب نحو المعرفة المنشودة والوجهة الصحيحة للاستفادة من التكنولوجيا المتوافرة، فقد استخدم مهارات تدريسية تراعي احتياجات الطلبة المتنوعة، منها مهارة الحوار الإيجابية، ومهارة حسن الاستماع، ومهارة احترام الرأي والرأي الآخر، وتم تهيئة كافة الإمكانيات بمساعدة إدارة المدرسة، للوصول إلى الأهداف المنشودة، سواء للطالب أو لولي الأمر.
الطابور الصباحي
وتثني مريم العبدالله، منسقة العلوم بمدرسة الشفاء بنت عبدالرحمن للبنات، على نجاح السنة الدراسية، وتحقيق الأهداف رغم الجائحة والظروف، لكنها يعتريها الكثير من الشوق والحنين إلى تفاصيل يومها في المدرسة، تقول مريم: كما نعلم فقد أثرت جائحة كورونا في كثير من القطاعات، وأهمها قطاع التعليم، وتم اعتماد التعلم عن بُعد عبر منصة التيمز، لتمكين الطالبات من مواصلة التعلم، ونجحنا في ذلك بفضل الله وجهود الجميع بالمدرسة، ولكن افتقدنا الأجواء الجميلة والممتعة بتواجد الطالبات في المدرسة بدءاً من الطابور الصباحي، وتردد صدى أصوات الطالبات بالنشيد الوطني، واستقبال الطالبات للمعلمات بالورود والعناق وعيونهن تشع براءة وحباً صادقاً، أما داخل الفصول فنجد المنافسة بين المجموعات للحصول على النقاط ونيل رضا المعلمة في نهاية الدرس، والأنشطة خلال الفسحة، والاحتفال بالمناسبات الشعبية، وارتداء الزي الشعبي، والمواقف كثيرة.
 وتختتم بالقول: نرجو من الله -عز وجل- أن يزيح الغمة، وتعود الحياة إلى طبيعتها في مدارسنا.
قيم وجدانية 
ترى المعلمة نوره سالم المري أن المجهودات تضاعفت خلال العام الدراسي الحالي والسابق، وتعتقد أن عدم الالتزام من بعض الطالبات هو ما كان يُصعّب من مهمة التعليم في ظل الجائحة، حسبما توضحه: أصبح عملنا مضاعفاً بشكل كبير، وخاصة في ظل عدم التزام البعض من الطالبات بالحضور، سواء في الصفوف أو عن بُعد... كما أصبح جهدنا مضاعفاً في متابعتهم في التحصيل الأكاديمي.
وتعتبر أن أكثر ما كان يزعجها هو عدم قدرتها على وضع الخطط بسهولة، نظراً لعدم القدرة على تحديد وقياس مستوى جميع الطالبات بدقة، لعدم وجودهن أو عدم التزامهن، وتشير المعلمة نورة إلى أن بعض الطلبة كان يستهين بالدروس، ويستهتر في حضور البث المباشر، لكن المدرسين لم يتخاذلوا يوماً، وكانوا دائمي التواصل مع الطلبة وأوليائهم لحثهم على الالتزام، ورفع مستواهن، وتعتبر المعلمة المري أن التواصل المباشر مع الطلبة يسهل عملية الشرح والإقناع والتوجيه كذلك.
 وتضيف: أتمنى أنا وزميلاتي رجوع الطلبة للمقاعد الدراسية لما في ذلك من قيم وجدانية وتربوية.. الطالبات بحاجة إلى المعلمة والمدرسة بحاجة إلى روح الطالبات.
زيادة فرص التواصل
على عكس ما سبق ترى باشا المري، منسقة الدراسات الاجتماعية، الكثير من الإيجابيات في التعليم عن بُعد، ولا تعتبره بعداً بقدر ما ترى فيه تقريباً للطالب من معلمه، بفتح قنوات التواصل بينها بصفة دائمة وغير منقطعة، وغير محدودة بالتواجد في صفوف المدرسة، توضح باشا: تم بذل جهود كبيرة من أجل تحقيق أهداف وزارة التعليم والتعليم العالي، وتحقيق رسالتها ورؤيتها، من خلال حسن استخدام البدائل الإلكترونية، والتوظيف الأمثل للخدمات التي توفرها منصة تيمز والبدائل الأخرى، كالدروس المصورة، ودروس البث المباشر، فالتواصل من خلال التكنولوجيا زاد من فرص التواصل المتاحة التي كانت مقتصرة على التواجد في البيئة الصفية، ولمدة ساعات معينة فقط، بل تعدتها إلى التواجد الفعلي داخل المدرسة وكذلك التواصل عبر منصة تيمز ؛ لذلك أرى أن التعلم من خلال المنصة أضاف فرصاً إضافية للطلبة للتعلم والتواصل مع المعلين والطلبة، وفي أوقات وساعات أكبر من التي كانت متاحة ومحصورة في وقت محدد.
وتضيف: أيضاً أصبح أولياء الأمور أكثر إدراكاً بأهمية تواجد وحضور الطلبة للتعلم، سواءً في المدرسة أو عبر منصة تيمز. ونستطيع أن نفخر بأن وزارة التعليم ساهمت من خلال خطواتها وتخطيطها الاستراتيجي لسير العملية التعليمية في فترة جائحة كورونا قفد ساهمت، وبشكل واضح، في تغيير ثقافة كل من الطلبة والموظفين، وكذلك أولياء الأمور تجاه العملية التعليمية، وأهمية ترسيخ المسؤولية لكافة أطراف المنظومة التعليمية للقيام بأدوارها.
إلى ذلك تضيف باشا المري: استطاع المعلمون والمعلمات مواجهة تحدّ كبير خلال الجائحة، وهو عملية التعليم عن بُعد (التيمز)، وقد بذل المعلم جهوداً جليلة في ابتكار طرق عدة لمشاركة الطلبة بشكل كبير، والقدرة على الاحتفاظ بدافعية وحماس الطلاب حتى آخر دقيقة من زمن الحصة، وبالفعل في أشهر قليلة انسجم الطلبة مع الوضع، وظهر ذلك بحضور  الطلبة الكبير، والمشاركة والمناقشات مع المعلم في الحصص المباشرة بالفعل، وبالعقل ظهر دور الأسرة بالمتابعة، وحرصها على حضور الطالب حصص البث، وتعتبر هذه الجائحة تحدياً جباراً للكل للارتقاء بالعملية التعليمية.
نفتقد التواصل مع طلابنا 
تفتقد المعلمة أمل عنب التواصل المباشر مع طلبتها وتفتقد الجانب الإنساني في التعامل مع طلبتها من خلف الشاشات، وتقول المعلمة: رغم أن التعليم عبر تقنيات البث المرئي قد يكون قد أكسب المدرسين والطلبة على حد سواء مهارات جديدة، لكنه أفقدنا الجانب الإنساني في علاقتنا بطلبتنا، إضافة إلى أنني أعتقد أن المعلم الذي يدرس من خلف الشاشات لا يستغل أكثر من ربع طاقاته، رغم المجهود المضاعف الذي نبذله، فنحن في التواصل المباشر نستفيد من مهارات الإلقاء والخطابة ولغة الجسد، ونبرات الصوت لإيصال رسائلنا إلى طلبتنا، لكن على عكس التواصل من خلف الكاميرات فإنه قد يكون جافاً.
 وتستدرك المعلمة أمل أن المدرسين استطاعوا التغلب على هذه المصاعب من خلال التواصل المباشر مع الطلبة، عبر برامج المحادثات، وكذلك التواصل مع أهاليهم، والتحدث إليهم مباشرة في كل ما يتعلق بمستوى الطالب والعملية التعليمية، بدون حدود زمانية ولا مكانية، وأضافت أن كل قسم ينشئ مجموعة محادثة تضم مدرسات ومشرفات وإدارة الفصل، حيث يمكن التواصل بشكل جماعي ودفعة واحدة، وأثنت المعلمة أمل على النتائج التي حققت خلال هذا العام الدراسي، رغم كل التحديات، وذكرت أن أهداف الوزارة والمدارس تحققت كاملة بفضل تكاتف الجهود.