إن هذا الكتاب الذي يحمل اسم «لوط (عليه السلام) ودعوته في مواجهة الفساد والشذوذ الجنسي وعقاب الله للظالمين»، وهو ضمن مشروع سلسلة الأنبياء والمرسلين، والتي صدر منها حتى اللحظة:
- موسوعة «نشأة الحضارة الإنسانية الأولى وقادتها العظام: آدم، ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (عليهم أفضل الصلاة والسلام)».
- «النبي الوزير يوسف الصديق من الابتلاء إلى التمكين».
- «الأنبياء الملوك داود وسليمان (عليهما السلام)، وهيكل سليمان المزعوم».
إن قصة لوط (عليه السلام) قصة أصيلة في القرآن الكريم، لا وجود لها في التوراة، أو في الكتابات الغربية، من ناحية الدقة والصواب، والبُعد عن التحريف والتزييف والأباطيل.
فالقرآن الكريم، وما ثبت عن حديث النبي (صلى الله عليه وسلم)، حفظ لنا هذه القصة لكي تستفيد الإنسانية من تاريخها المليء بالدروس والعِبر، والعظات، والسنن، والابتلاءات.
وقد حرصت على ترتيب هذا الكتاب على شكل مباحث، وقد جاء في ستة مباحث، وهي على النحو الآتي:
المبحث الأول: يتحدث عن لوط (عليه السلام)؛ اسمه، ونسبه، ومولده، وعصره، وبينت فيه كم مرة ذُكر اسم لوط في القرآن الكريم، ومعنى الاسم عند أهل اللغة، والفرق بين اسم لوط واللواط. وبينت نسبه (عليه السلام)، ومولده، وعصره، والحياة الدينية، والاجتماعية، والسياسية، وطقوس الزواج، وروابط الأسرة، وإقامة الأعياد، والاهتمامات العلمية والسياسية في ذلك الزمن. وفي هذا المبحث، تناولت تفاصيل هجرته مع عمه إبراهيم (عليه السلام).
المبحث الثاني: تحدثت فيه عن لوط (عليه السلام) في موكب الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام)، وعن مفهوم النبي والرسول في الاصطلاح، والنبوة والرسالة وحقيقتها، والحِكمة من بعثِ الرُسل؛ في حاجة الخلق إليهم، ودعوة الناس إلى عبادة الله، وإقامة الحجة على البشر بإرسال الرسل. والأنبياء هم الطريق لمعرفة حقيقة العبودية لله، والعقائد الغيبية، وحاجة الخلق للقدوات الحسنة، وإصلاح النفوس وتزكيتها، وتحقيق غايات عظمى، ووظائف كبرى.
وتكلمت في هذا المبحث، عن خصائص الأنبياء والمرسلين، كاصطفائهم بالوحي، وعصمتهم، وكونهم تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم، وتخييرهم عند الموت، ودفنهم حيث يموتون، وأن الأرض لا تأكل أجسادهم.. إلخ. وبأن دين الأنبياء والمرسلين (عليهم الصلاة والسلام) واحد، ودعوتهم واحدة، وأن الإيمان بالأنبياء والمرسلين أحد أركان الإيمان الستة، وأن الإسلام دين الأنبياء جميعاً، وبينت بأول عقيدة في الأرض هي عقيدة التوحيد، ودعوة الأنبياء والمرسلين واحدة خالصة، ووضحت ما قام به لوط (عليه السلام) من دعوته لتوحيد الله، وإفراده بالعبادة، ونهيه عن المنكر ومحاربة الشرك.
المبحث الثالث: ذكرت قصة لوط (عليه السلام) في سورة هود والحجر والعنكبوت والذاريات. وذكرت تفسير الآيات القرآنية متوكلا على الله، ثم على آراء وفهم علماء التفسير المتقدمين والمتأخرين (رحمهم الله تعالى)، وفق منهج وسرد علماء التفسير في التفسير الموضوعي، مع الاستفادة مما تحدثتْ عنه الآيات الكريمات في فقه السنن الإلهية، وقضايا التوحيد والعقائد والأخلاق والقيم والمبادئ، وسرت على هذا المنهج في كل الآيات التي تحدثت عن لوط (عليه السلام) في القرآن الكريم.
المبحث الرابع: ذكرتُ قصة لوط (عليه السلام) كما جاءت في سورة الأعراف، والأنبياء، والشُعراء، والنمل، والصافات، والقمر، والتحريم، وبينت حديث القرآن عن الإشارات التي ذكرت للاعتبار والاتعاظ، وربط قصة قومه بالسنن الجارية في المجتمعات التي انحرفت عن شرع الله (عز وجل) وصراطه المستقيم، كما جاء ذلك في سورة التوبة، والحج، والفرقان، وص، وق، والنجم، والحاقة.
المبحث الخامس: ذكرت فيه أسباب هلاك قوم لوط (عليه السلام)، وأسباب نجاته، وجاء ذكر أسباب هلاك قومه كالآتي:
1- الشرك.
2- الظلم.
3- الإجرام.
4- تكذيب لوط.
5- الفسق.
6- الإفساد.
7- إيذاء لوط (عليه السلام).
8- كفرهم بنعم الله عليهم.
9- المجاهرة بالذنوب والخطايا والفواحش.
10- سنة الاستبدال.
11- سنة الأجل الجماعي.
12- سنة الهلاك.
13- سنة الخسران.
14- الغفلة عن أسباب الهلاك.
وأما أهم أسباب نجاة قوم لوط (عليه السلام)، فقد ذكرت منها: إيمانهم بالله (عز وجل)، وتقواهم، وطاعتهم، وتحقيق توحيد الله، وإفراده بالعبادة، ومحاربة الشرك بأنواعه، والسير على شرع الله وهدايته (سبحانه وتعالى)، والالتجاء إليه بالدعاء: ﴿رَبِ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَا يَعْمَلُونَ﴾ [الشعراء: 169].
وفي هذا المبحث، ذكرت أهم صفات لوط (عليه السلام)، وهي:
1- المؤمن المهاجر في سبيل الله.
2- رسول أمين.
3- الإخلاص.
4- طهارته.
5- توكله على الله.
6-كرمه.
7- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
8- العلم والحكمة.
المبحث السادس: وهو المبحث الأخير، تكلمت فيه عن الشذوذ الجنسي في الوقت الراهن، وعن أسبابه وعلاجه، وعن فكرة الزواج المثلي، والقوانين الشيطانية في هذا الزواج، وعن تعريف الزواج المثلي في الاصطلاح، والألفاظ ذات الصلة به؛ كاللواط، والسحاق، والشذوذ الجنسي، والمثلية الجنسية، وتاريخ الزواج المثلي، وموقف الشريعة الإسلامية منه، ومقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية؛ كمقصد التناسل، وطلب الولد، والمحافظة على الأنساب، والسكن، النفسي، والتودد، والتعارف بين الناس، وتقوية آصرة المودة والمحبة بينهم. كما بينت عقوبة اللواط والسحاق في الشريعة الإسلامية، والأضرار المترتبة على حياة الناس من هذه الفواحش؛ كالأضرار الدينية، والخلقية، والاجتماعية، والاقتصادية، والنفسية، والصحية. وأشرت إلى أسباب الوقوع في الفواحش والشذوذ الجنسي؛ كضعف الإيمان، والتقصير في تربية الأبناء، والرفقة السيئة، والخلطة الفاسدة، وتعاطي المخدرات، والتبرج، والاختلاط، وتعسير الزواج، وإطلاق النظر في الحرام، وصحبة المردان والنظر إليهم، والعشق، والشيطان، ووسائل الإعلام، والمكر اليهودي والصليبي.
كما أنني تناولت سُبل الوقاية والعلاج من فاحشة قوم لوط، وذكرت أهم الأمور وأعظمها؛ كمعرفة الخالق العظيم، والإيمان به، والإيمان باليوم الآخر، وتزكية الأرواح بأنواع العبادات، والتربية على مكارم الأخلاق؛ كالصبر، والإخلاص، والتوبة النصوح، وأهمية الزواج، وغض البصر، والعناية بتربية الأبناء، والدعاء، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وسلطة الدولة، وتفعيل المؤسسات التعليمية، والمراكز الصيفية، والمؤسسات الأمنية، وتفعيل دور شرطة الآداب، وكذلك المؤسسة القضائية، ووسائل الإعلام، والدعوة لتكاثف الدول الإسلامية مع الشعوب، والدول الرافضة لطمس الفطرة الإنسانية والقوانين المشرعنة للشذوذ الجنسي، أو إلغاء تجريم المثلية لمناقضتها الصريحة لتعاليم الإسلام والفطرة الإنسانية. وهذا العمل يفتح مجالا واسعا لتفعيل سنة التدافع بين الثقافات والحضارات والخير والشر، والفطرة السليمة والمنحرفة، والقرب من الله وشرعه، والابتعاد عن غضبه وسخطه.
إن تكاتف أفراد الأسرة والمجتمع، وحكومات الدول والمؤسسات الإنسانية، كفيل بنشر الوعي، والكشف عن خطورة هذه الفاحشة التي يعمل إبليس وأتباعه على ترويجها بين الناس.