كشفت الدكتورة ترايسي ياتس، أخصائية نفسية في مركز التعلم التابع لأكاديمية العوسج، إحدى المدارس التابعة للتعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر عن 5 طرق للتعامل النفسي مع الأطفال للتعامل مع الأزمات والكوارث العالمية مثل زلزال تركيا وسوريا الأخير، موضحة ان العديد من اولياء الأمور يواجهون تحديا كبيرا مع أطفالهم حول كيفية التعامل مع الأسئلة الصعبة الموجهة من الأطفال فى هذا الشأن وما إذا كان عليهم أن يخبروا الأطفال بكل شيء أم لابد من وضع حدود لما يجب معرفته.
وقالت الدكتورة ترايسي لـ «العرب» إن طرق تعامل أولياء الأمور والتربويين بالمدارس مع الأطفال خلال الكوارث الطبيعية تتضمن الصدق التام فى مناقشة الأمر معهم، وعدم تجنب الموضوع بقصد حمايتهم لما فيه من الضرر لهم على المدى البعيد، وأن تترك للطفل حرية الحديث من عدمه عن الموضوع فلا يفترض إجبار الطفل على الحديث إذا لم يكن مهتما أو مستعدًا لذلك.
وأشارت إلى أن طرق التعامل النفسي تتضمن أيضا الاستماع جيدًا لما يقوله الأطفال، وتشجيعهم على مشاركة أفكارهم ومشاعرهم وهو ما يوفر بيئة آمنة لهم، بالإضافة الى الحد من مشاهده الأطفال للتغطيات الإعلامية إذا كانوا يواجهون صعوبة في التعامل مع مثل هذه الأحداث.
وأوضحت أنه لابد أن نكون صادقين ومنفتحين في مناقشة الكوارث الطبيعية مع الأطفال، لأن تجنب هذا الموضوع بقصد حمايتهم، ليس مفيدًا على المدى الطويل، بل يجب تقديم إجابات تتناسب مع عمر الطفل ومستوى نضجه، مضيفة أنه بعد كارثة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا ونتجت عنه أعداد كبيرة من الوفيات والجرحى، جرى تداول الكثير من الصور والمقاطع المصورة المؤلمة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما طرح سؤالا ملحا وهو ما الطريقة الأمثل لمناقشة هذه الأحداث مع أطفالنا؟.
وأضافت أنه يجب في البداية أن ندع الطفل يأخذ زمام المبادرة بنفسه، فقد يرغب بعض الأطفال في التحدث عن هذه الأحداث وقد لا يرغب البعض الآخر بذلك، ومن ثم فلا يفترض إجبار الطفل على الحديث إذا لم يكن مهتما أو مستعدًا لذلك.
وتابعت إنه في حال رغب الطفل بالحديث، فإن اطلاعه على المعلومات المتعلقة بالكوارث الطبيعية، يساعد في مناقشة هذه الأحداث بطرق واقعية، موضحة أنه يجب على أولياء الأمور الاستماع جيدًا لما يقوله أطفالهم، وتشجيعهم على مشاركة أفكارهم ومشاعرهم وطرح أي أسئلة والاِعتراف بأفكار الطفل ومخاوفه وجعله يعرف أنه ليس الوحيد الذي يشعر هكذا، وأن ردود أفعاله تجاه هذه المأساة شائعة ومتوقعة.
ولفتت إلى أن مثل هذه الأحداث قد تدفع الطفل إلى طرح أسئلة مثل من هو المسؤول عن هذه المآسي، كما حصل في تركيا وسوريا، وهنا لابد من توفير بيئة آمنة للطفل للتعبير عن كل ما يجول في خاطره، موضحة أن السماح للطفل بالتعبير عن مخاوفه يمكن أن يساعده على الشعور بالأمان وبأن صوته مسموع، لافتة إلى أن الإجابات على هذا النوع من الأسئلة الصعبة قد تختلف بناء على معتقدات الأسرة الدينية.
واكدت ان توفير بيئة آمنة، سيمنحنا أيضًا فرصة أفضل لفهم التأثير الذي يمكن أن تسببه هذه الأحداث على صحة الأطفال النفسية، لافته إلى أنه لابد من توجيه أسئلة للطفل عما يشعر به، والاستماع لمخاوفه بتعاطف وتفهم، وهو ما يوفر لولى الأمر وللمعلمين بالمدارس أفضل الطرق لفهم الصحة النفسية له.
وأشارت إلى أنه في حال كان الطفل يواجه صعوبة في التعامل مع هذه الأحداث، فإن الحد من مشاهدته للتغطيات الإعلامية حول ذلك، والحفاظ على الحياة الطبيعية، يمكن أن يساعد في تجاوز مثل هذه الأحداث الصعبة.
من جهته قال الدكتور أحسن نظير، رئيس قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين في سدرة للطب، إنه من المعروف أن التطور المعرفي والعاطفي للطفل يحدث في سياق العلاقات الصحية داخل المنزل والمدرسة والمجتمع الأوسع لذلك فإن الكوارث الطبيعية وحالات النزوح تعطل في نهاية المطاف هذه العلاقة بين البشر وبيئتهم، ونتيجة لذلك، يعاني الأفراد من جميع الأعمار، الذين يتأثرون بالكوارث، من ضغوط نفسية متزايدة.
واوضح الدكتور نظير أنه بسبب محدودية القدرة على التأقلم وضعف المرونة، يظهر الأفراد في أقصى الفئات العمرية ضعفًا نفسيًا أكبر تجاه هذه الأحداث ويستغرقون وقتًا أطول للتعافي، فالكوارث الطبيعية تخلق لديهم حالة من انعدام الأمن النفسي والاجتماعي، ولابد من التعامل معها كي لا تؤدي إلى تدهور الصحة الجسدية والنفسية.
وأضاف أنه بالرغم من الأحزان التي تولدها هذه الكوارث، إلا أنها قد تلهم الأفراد للالتقاء، والتعاطف وإعادة البناء، فهذه الخسارة ستسمح لهم باختبار مشاعر ذات أبعاد انسانية، وهذا ما شهدناه خلال الزلزال الأخير في تركيا وسوريا».
وتابع إنه يمكننا تحفيز الأطفال على المساعدة والدعم سواء من خلال التعاطف أو التبرع من ممتلكاتهم الخاصة، كالملابس، ما يعزز لديهم قيم التعاطف والحسّ بالمسؤولية تجاه الآخرين.
أولياء الأمور والتربويون يواجهون أسئلة صعبة من الصغار حول الأزمات والكوارث
ضرورة التحلي بالصدق في الحديث مع الأطفال وتوفير بيئة آمنة للتعبير عن مشاعرهم
عدم تجنب الحديث عن الأحداث بهدف حمايتهم لما فيه من الضرر على المدى البعيد
منع مشاهدة التغطيات الإعلامية في حال كان الطفل يواجه صعوبة في التعامل مع الحدث