بعد 4 سنوات «مشحونة».. أزمة الروهينجا تراوح مكانها
محليات
16 يونيو 2016 , 01:55م
الدوحة - قنا
دخلت أزمة مسلمي الروهينجا في ميانمار عامها الخامس هذا الشهر والذي يوافق ذكرى اندلاع الاشتباكات الدامية في مدينة أراكان عام 2012. ونشطت المنظمات المدافعة عن حقوق المسلمين في ميانمار في تذكير العالم بما يعانونه من تمييز لفصلهم عن أرضهم وتوطينهم في دول الجوار باعتبارهم لاجئين وليسوا من السكان الأصليين.
وتعود معاناة الروهينجا إلى ما قبل عام 2012 بمئات السنين منذ احتلال الملك "بودابايا" لمملكتهم المستقلة (أراكان) عام 1784م، وجعلها ولاية تابعة إلى جانب ولايات بورما التي تعرف الآن باسم "ميانمار". واستمرت فصول المعاناة طوال هذه السنين؛ حتى اندلعت شرارة الأحداث من جديد في 10 يونيو 2012م بمصادمات طالت الآلاف من المسلمين في ولاية أراكان.
ويمثل المسلمون في ميانمار خليطا من مختلف العرقيات، ولكن الغالبية العظمى منهم تتركز في ولاية ( أراكان) التي تعدّ الموطن الأصلي والتاريخي للمسلمين من عرقية الروهينجا التي ترفض وتصر سلطات ميانمار على عدم الاعتراف بهم إلى جانب 134 عرقية تم الاعتراف بها بشكل رسمي.
وقد تجددت أزمة الروهينجا خلال الأيام الماضية مع إعلان حكومة ميانمار إطلاق مشروع لتسجيل أبناء عرقية الروهينجا في إقليم (أراكان)، ومنحهم بموجب ذلك "بطاقات خضراء" تقول الحكومة إنها تهدف إلى تصحيح أوضاعهم القانونية. إلا أن الاستمارة التي توزع على الروهينجيين تطلب منهم الإجابة عن أسئلة تنتزع منهم إقرارا بأنهم أجانب، مثل البلد الأصلي وتاريخ الوصول إلى ميانمار ووسيلة النقل، وهي معلومات تطلب عادة من الأجانب عند وصولهم نقاط العبور للدول.
كانت حكومة ميانمار قد أعلنت عزمها على تشكيل لجنة للنظر في الأوضاع في إقليم أراكان ذي الأغلبية المسلمة، وقوبلت هذه الخطوة بترحيب دولي بوصفها بداية لحل الأزمة.
ودعت منظمات الروهينجا إلى رفض هذا المشروع واصفة الخطوة بأنها تنضوي على مخاطر عدة، إذ إنها شبيهة ببطاقات بيضاء أعطيت لأبناء عرقية الروهينجا عام 1982، وذلك بعد أن قوبل تجريدهم من المواطنة باستنكار دولي واسع، فأعلنت ميانمار خطة لتصحيح أوضاعهم، ووعدت بمنح من يتسلمون البطاقة البيضاء بطاقات هوية، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن.
وحذر بيان لمنظمات روهينجية من حملة إبادة جماعية جديدة ضد المسلمين، ودعت المنظمات "التي تتخذ من العاصمة التايلاندية بانكوك مقرا لها " الأمم المتحدة إلى التدخل ومنع جريمة جديدة ترتكب بحق الروهينجا، وأعرب رئيس جمعية الروهينجا البورميين في تايلاند عن قلقه على مصير نحو ألف شخص اختفوا في الأيام القليلة الماضية.
وقال بيان الجمعيات والمنظمات الروهينجية في تايلاند إن معظم ضحايا الهجمات الأخيرة التي يشنها متطرفون هم من النساء والشيوخ والأطفال، وطالب البيان بإرسال قوة سلام دولية لمنع ارتكاب مصادمات جديدة، وتشكيل فرق تحقيق محايدة في الجرائم التي ترتكب بحق الروهينجا، وناشد البيان الهيئات والمنظمات الإنسانية إيصال مساعدات عاجلة إلى إقليم أراكان.
وتقع ولاية (أراكان) على الساحل الغربي لدولة ميانمار وتبلغ مساحتها 37 ألف كيلومتر مربع، حيث تغطي الغابات 70 بالمائة من أراضيها ويبلغ عدد سكانها حوالي 4 ملايين نسمة غالبيتهم من المسلمين، ويتحدثون اللغة الروهينجية والعربية وينحدرون من أصول هندية.
وفي تعليقه على الوضع الراهن لمسلمي الروهينجا، قال السيد صلاح عبدالشكور مدير المركز الإعلامي الروهينجي ورئيس تحرير وكالة أنباء "أراكان"، في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء القطرية "قنا": "إن المسلمين في ميانمار خصوصا في ولاية أراكان يواجهون أوضاعا وظروفا معيشية صعبة توشك أن تكون كارثية في ظل إصرار السلطات الميانمارية على إبقاء وضعهم كما هو منذ 2012م ؛ متعامية عن كل النداءات والمناشدات الدولية بالاعتراف بهم وإعادة حقوقهم بما فيها حق المواطنة وحل مشكلتهم العالقة التي نتجت عن ممارسات التمييز العنصري ضدهم".
وأضاف أنه في شهر رمضان يواجه مسلمو ميانمار من قبل السلطات مضايقات عديدة تتمثل في منعهم من الاجتماع والخروج لأداء صلاة التراويح، كما لا تسمح لهم ظروفهم في الوقت الحالي بإقامة موائد إفطار جماعية، إلا في بعض المناطق والقرى النائية التي تتلقى بعض المساعدات العينية من خارج البلاد دون علم من السلطات.
وكشف مدير المركز الروهينجي، عن وجود العديد من العلماء ومشاهير القراء في العالم العربي والإسلامي هم من أصول ميانمارية.. لافتاً إلى أن عدد المساجد في ميانمار في الوقت الحالي يبلغ أكثر من 2200 مسجد منتشرة في جميع المدن والولايات التابعة للدولة، ولكن العدد الكبير منها يقع في ولاية أراكان، ومن بينها مساجد تاريخية شهيرة مثل جامع الحاج إسماعيل في مدينة راسيدونغ، وجامع ولي خان في مدينة أكياب، وجامع فاتور قلعة وغيرها.
وأضاف أن المركز الإعلامي الروهينجي يقوم برصد ما ينشر عن المسلمين بأراكان في مواقع التواصل الاجتماعي في سعي الشعوب الإسلامية لمتابعة أخبار مسلمي ميانمار، ونشر الصور القادمة من هناك، والتي تعكس أوجه معاناتهم.. لافتاً إلى أن المركز الإعلامي ووكالة أنباء أراكان رصدت العديد من الصور غير الصحيحة عن الأوضاع بالبلاد التي لا تمت للواقع بصلة بدافع الحماس والغيرة على الإسلام إلا أن هذه الصور (قليلة) ولا تتجاوز 2% من مجموع الصور الصحيحة عن أراكان وهذه الظاهرة في طريقها للاختفاء بعد أن لفت المركز مرارا إلى عدم تكرار نشرها أو تداولها.
يذكر أن أعمال العنف التي اندلعت في ولاية راخين " أراكان " عام 2012 هي سلسلة من نزاعات مستمرة بين عرقيتي الراخين ومسلمي الروهينجا شمال ولاية أراكان، وجاءت بعد أسابيع من الخلافات التي دانها معظم اتباع الطائفتين وقد فرضت الحكومة حظرا للتجوال ونشرت قواتها في المناطق المضطربة.
وأعلنت الطوارئ في أراكان بحيث سمح للجيش بالمشاركة في إدارة المنطقة وخرج حوالي 90 ألف نازح جراء العنف وأحرق أكثر من ألف منزل معظمها للمسلمين.
م.ب