التويجري: الدول العربية غير جادة بتحقيق الاتحاد الجمركي

alarab
حوارات 16 يناير 2012 , 12:00ص
القاهرة - قنا
أكد سعادة الدكتور محمد بن إبراهيم التويجري الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية للشؤون الاقتصادية، أن دولة قطر من الدول الداعمة لكل التحركات التي تقوم بها الجامعة في مختلف المجالات، خاصة في المجال الاقتصادي. وقال الدكتور التويجري، في حديث خاص لوكالة الأنباء القطرية «قنا» إن دولة قطر تشارك في كافة الاجتماعات الاقتصادية وعلى مختلف المستويات، سواء الوزارية أم على مستوى الخبراء أو المديرين، وتتسم مشاركتها في كل هذه الاجتماعات بالكفاءة العالية، ويكون ممثل دولة قطر في هذه الاجتماعات على مستوى عال من التفاعل وتقدم العديد من المقترحات الناجحة والمبتكرة في تحقيق طفرة واضحة في أي عمل اقتصادي عربي. ووصف المساهمات التي تقدمها دولة قطر في كافة الاجتماعات الاقتصادية بأنها «ذات أثر فعال وعميق تجعل ما نتوصل إليه من أفكار واقعا ملموسا يمكن أن يسهم في النهاية في تحقيق التكامل الاقتصادي، والذي يجب أن يسير عبر خطط مرحلية مدروسة تبدأ بالاتحاد الجمركي العربي وتنتهي بالوحدة النقدية والتي نعتبرها تاجا على رأس أي تعاون عربي ناجح». وردا على سؤال حول أسباب التأخر في تحقيق التكامل العربي الاقتصادي، قال الدكتور التويجري «كانت هناك في السابق شعارات كثيرة جدا حول التعاون الاقتصادي العربي وهذا ما ضيعنا كثيرا، حيث نقول كلاما كثيرا حول الوحدة العربية خاصة الوحدة الاقتصادية، لكننا لا نفعل شيئا». وأضاف «نحن لم نبدأ بالعمل الاقتصادي الصحيح إلا في عام 1985 عندما اتفق العرب على إقامة منطقة تجارة حرة بينهم، إلا أن هذه الجهود تعطلت حتى عام 1995 بسبب عدم فهم العرب لمبادئ الاقتصاد الصحيح وما هو المطلوب منهم، لكن في عام 1995 بدأت حركة مختلفة نوعا ما نحو إقامة منطقة التجارة الحرة وتحقيق الاتحاد الجمركي العربي، ووضعنا هدفا مهما أمامنا وهو إقامة السوق العربية المشتركة بحلول عام 2020». النجاح وردا على سؤال حول كيفية تحقيق النجاح في هذه الخطوات والتي تبدأ بالاتحاد الجمركي العربي وصولا إلى الوحدة النقدية مرورا بالسوق العربية المشتركة، أكد الدكتور محمد بن إبراهيم التويجري الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية للشؤون الاقتصادية، ضرورة اتباع المراحل التي تحدثت عنها خطوة خطوة، مشيراً إلى أنه لا يمكن القفز من مرحلة إلى أخرى دون أن يكون هناك تسلسل منطقي للخطوات. وأوضح أنه لا يمكن مثلا التحدث عن السوق العربية المشتركة وليس عندنا اتحاد جمركي عربي ولا منطقة تجارة حرة عربية أساسا، لافتا إلى أنه في عام 2000 بدأت الأمور تتحرك تدريجيا بعدما صار القادة العرب يولون اهتماما كبيرا بالاقتصاد «وتحركنا بالفعل نحو إقامة منطقة التجارة الحرة وانتهينا من حوالى %90 منها، وفي عام 2007 أكد القادة العرب في أحد اجتماعاتهم على ضرورة الانتهاء من منطقة التجارة الحرة وبدأت الحركة بشكل صحيح وبدأنا ننطلق في مرحلة الانتهاء من منطقة التجارة الحرة وبدأت حركة التجارة البينية بين الدول العربية». دور رائد وأشار الدكتور التويجري، إلى أعمال الدورة الثامنة والثمانين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي والتي عقدت برئاسة دولة قطر في سبتمبر الماضي، مثمنا الجهد الكبير الذي بذل فيها والموضوعات التي نوقشت والتي كانت على قدر كبير من الأهمية. وقال «إننا في هذه الاجتماعات ناقشنا سبل تفعيل مشروعات التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين دول المنطقة، وفي مقدمتها متابعة إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وتطورات الاتحاد الجمركي العربي والاستثمار البيني». وأوضح الدكتور التويجري أن هذه الاجتماعات حرصت على متابعة تنفيذ أعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الأخيرة في شرم الشيخ في يناير 2011، مشيراً إلى بدء الإعداد للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المقرر انعقادها في الرياض 2013، مؤكداً أن موضوع منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتطورات الاتحاد الجمركي العربي والاستثمار في الدول العربية ستكون موضوعات أساسية على طاولة البحث خلال القمة القادمة وخلال الاجتماعات التمهيدية لها. الأمن والجمارك وأضاف أن الاجتماعات المقبلة ستركز على آلية تنفيذ إعلان مؤتمر القمة العالمي حول الأمن الغذائي واستراتيجية الأمن المائي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة. وحول أسباب التأخر في إقامة السوق العربية المشتركة والاتحاد الجمركي العربي وغيرها من خطوات التكامل الاقتصادي، قال الدكتور التويجري إن الدول العربية ليست جادة في تحقيق الاتحاد الجمركي العربي، فكل دولة تعتمد على سيادتها وتخاف من التعاون لأنها لا تكون مدركة بشكل صحيح لنتائج هذا التعاون وتخاف أن يؤثر على سيادتها. وأضاف أنه «إذا أردنا أن ينجح الاتحاد الجمركي العربي لا بد أن يكون المحور الرئيسي هو مديري الجمارك، وبالمناسبة هذه الفكرة كانت غائبة عن دول الخليج لفترة كبيرة، ولكن تم تداركها الآن، ونحن أيضا في الجامعة العربية انتبهنا لهذا الأمر وعدلنا المسار لأن مديري الجمارك هم الأساس في أي عمل جمركي، وبدونهم لا يكون هناك أي اتحاد جمركي لا عربي ولا خليجي». وأوضح الأمين العام المساعد للجامعة العربية للشؤون الاقتصادية أن المنطقة العربية الحرة تتأثر بالعديد من العوائق غير الجمركية في عمليات نقل البضائع، موضحا أن الجامعة بصدد محاولة علاج تلك العوائق والمشكلات. وقال إن أهم المحاور التي تسعى الجامعة العربية لمعالجتها لخدمة التكامل الاقتصادي العربي وتطلعاته المستقبلية وبلوغ مرحلة الاتحاد الجمركي، هو تذليل العقبات غير الجمركية في هذا المجال. وأضاف التويجري أنه لذلك ناقشت الجامعة خلال الاجتماعات الماضية بمقر الأمانة العامة العوائق غير الجمركية في المنافذ البينية في إطار منطقة التجارة الحرة بالتعاون مع الاتحاد العام للغرف التجارة والصناعة، مشددا على ضرورة اتخاذ التوصيات اللازمة بشأنها وعرضها على اجتماع مديري الجمارك في الاجتماع السنوي، نظرا لأهمية اجتماع مديري الجمارك، حيث إنهم عصب تحقيق نجاح الاتحاد الجمركي العربي وبدونهم لن يتحقق شيء. وفي هذا الإطار قال التويجري إنه عقد منذ أيام الاجتماع التاسع والعشرون للمديرين العامين للجمارك في الدول العربية، لمناقشة عدد من البنود المهمة جاء في مقدمتها متابعة توصيات الاجتماع الثامن والعشرين لمديري الجمارك العامين في الدول العربية، كما استعرض الاجتماع تقرير متابعة حول الموضوعات الجمركية في إطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، حيث أكد المشاركون ضرورة تطوير وتحسين الأداء الخاص بالإدارات الجمركية العربية، بهدف الارتقاء بالعمل الجمركي العربي، وذلك لمواجهة التطورات الدولية والإقليمية في التجارة الحرة. وأشار إلى أن الاجتماع أقر المسودة المبدئية لاتفاقية التعاون الجمركي العربي ورفع توصية بذلك للاجتماع المقبل لمجلس وزراء الاقتصاد العرب، مشيراً إلى الأهمية الكبيرة لهذه الاتفاقية. لا نتيجة وحول القمم الاقتصادية العربية بدءا بقمة الكويت عام 2009 وانتهاء بقمة شرم الشيخ عام 2011، لماذا لم تؤت بثمار يشعر بها المواطنون العرب، قال التويجري «إن السبب في ذلك هو أن إنتاج العرب كله للأسف إنتاج ورقي، بمعنى أننا ندرس كافة مشكلاتنا الاقتصادية ونحللها جيدا ونضع الحلول المناسبة لها بشكل كبير وكل هذا يوضع في أوراق ولا ينفذ أي منها على أرض الواقع». وأضاف «لقد عقدنا اجتماعات كثيرة جدا وكانت نتائجها ممتازة على الورق، ولكن عند التنفيذ كانت هناك فجوة كبيرة جدا وهو ما جعلنا نتأخر كثيرا عن محيطنا الإقليمي والدولي، حتى أصبحنا نسابق الزمن الآن في تعويض ما فاتنا لأن السباق رهيب ولن يصمد فيه إلا الأقوياء اقتصاديا». وأوضح التويجري، أنه «في موضوع الكهرباء مثلا وضعنا دراسات كثيرة جدا وكانت هناك دراسة كبرى في هذا الموضوع واستطعنا أن نجعل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي يدعم هذه الدراسة بخمسة ملايين دولار». وأشار إلى أن هذه الدراسات وضعت تصورات للربط السباعي والثماني وهو ما نوقش في القمم الاقتصادية خاصة قمة الكويت وأنجزنا بالفعل عملا رائعا على الورق، لكن لم ينفذ الكثير منه حتى الآن، إلا أننا نسعى إلى تنفيذ ما وضعناه في الدراسة الكبرى. الربط وأضاف أنه بالنسبة للربط البري والسككي فهو موضوع سيادي لأنه يعتمد على الدولة بشكل أساسي وليس على القطاع الخاص، لكن في دول الخليج الموضوع يسير بشكل جيد خاصة في قطر السعودية وأيضا في سوريا والمغرب وليس هناك مشكلة في موضوع الربط السككي. وتطرق الأمين العام المساعد للجامعة العربية إلى الربط البحري. وقال إن %80 منه يتبع القطاع الخاص لذلك فهو يسير بشكل جيد، ونحن كنا بصدد إنشاء خط بحري يربط بين الدول العربية لأن العالم العربي أهمل الربط البحري تماما، رغم أن دولنا العربية كلها تقريبا تطل على شواطئ من بحار ومحيطات. وأشار إلى أن الحجة في ذلك هي أن المطلوب أن يكون عندنا أسطول بحري عربي قوي، الأمر الذي يتطلب وجود عدد من السفن لكنها ليست موجودة رغم وجود موانئ استراتيجية مثل جدة ودبي والإسكندرية وطرابلس وطنجة، ولكن المشوار طويل والتنفيذ يتطلب جهدا أكبر من الدول العربية حتى يمكن أن يكون هناك ربط بحري خاصة في ظل خطط موجودة بالفعل. وردا على سؤال آخر حول اختلاف التشريعات بين الدول العربية وإلى أي مدى يمكن أن تؤثر على الوحدة الاقتصادية العربية، قال الدكتور التويجري إن «اختلاف التشريعات بين الدول العربية بالفعل مشكلة كبيرة، لذلك لا يمكننا أن نستخدم جملة الاتحاد الاقتصادي العربي، لأن هذا المصطلح خيالي ولن يتحقق حرفيا». واستطرد التويجري، قائلا «لكن ما يمكن أن يتحقق بالفعل هو الاتحاد الجمركي وصولا إلى السوق العربية المشتركة وسوق تكاملية للأموال والأفراد ليتنقلوا، وبعدها تأتي السوق المفتوحة ثم بعد ذلك الوحدة النقدية وهي آخر شيء كتاج على الرأس، فعندما قدمتها أوروبا قبل المراحل السابقة عليها تطورت بعد ذلك». مؤكداً أن هذا الأمر يتطلب أن تكون تشريعاتنا متوائمة حتى نصل إلى السوق العربية المشتركة عام 2020. الربيع العربي وحول الوضع العربي الراهن وتأثيراته على المسار الاقتصادي ومخاوف حدوث انتكاسات يمكن أن تؤثر سلبا على خطط الإصلاح الاقتصادي، قال التويجري إن الاقتصاد العربي كان يعاني في الأساس من آثار الأزمة المالية العالمية التي بزغت بداية عام 2008 واستمرت لعامي 2009 و2010، ثم جاءت ثورات الربيع العربي في بعض دول المنطقة لتزيد الأمر سوءا، سواء من ناحية البطالة، أو من ناحية السياحة أو التجارة والاستيراد والاستثمار. وحول أوجه هذه الخسائر، قال التويجري إن قطاع السياحة بدول المنطقة خسر حوالي 55 مليار دولار على أقل تقدير، وهذه الخسارة نالت كل دول المنطقة حتى الدول التي لم تشهد ثورات، فقد انعكست عليها أوضاع الدول الأخرى. وأضاف قائلا «أزمة البطالة تفاقمت أكثر خاصة أن الدول التي شهدت أحداث الثورات لم تنتج لمدة سبعة شهور، وبالتالي هناك مصانع أغلقت وأخرى قامت بتسريح العمالة مما فاقم من مشكلة البطالة بشكل كبير حتى وصلت إلى حوالي %25 وهي نسبة كبيرة جدا». الاستثمار وردا على سؤال حول موضوع الاستثمار ومدى تأثره بالأحداث الأخيرة في المنطقة العربية، قال الدكتور محمد بن إبراهيم التويجري إن الاستثمارات تراجعت بنسبة %17 وذلك حسب الإحصاءات المعتمدة لدينا من المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات. وأشار إلى أنه في دول الربيع العربي سجلت حركة الاستثمار تراجعا بنسبة %92 في مصر و%65 في سوريا و%21 في تونس، وبالنسبة للتضخم فقد ارتفع ارتفاعا كبيرا في جميع الدول العربية ولاسيَّما في دول الربيع العربي بمتوسط من %5 إلى %6، وبالنسبة للاحتياطي النقدي نجده انخفض في عمان بنسبة %24 وفي سوريا %27 وفي اليمن %26 وفي مصر %24، وهذه تمثل نسبا كبيرة جدا ولها سلبيات خطيرة لأن الاحتياطي النقدي هو الذي يتحكم في السياسات النقدية وفي معدلات التضخم. تونس ومصر وحول قطاع السياحة، قال التويجري إن مصر وتونس تمثلان %28 من حجم السياحة العربية وهي نسبة كبيرة، وبالتالي تأثرت السياحة بشكل كبير، فنجدها انخفضت في تونس بنسبة %43 ومصر بنسبة %85، ما أدى إلى تفاقم مشكلة البطالة لأن السياحة قطاع هام ويستوعب نسبة كبيرة من الأيدي العاملة. وأضاف الدكتور التويجري أنه إذا توقفت السياحة فهذا سيؤدي حتما إلى ارتفاع معدلات البطالة، لذلك نحن نعمل على عودة الانتعاش لقطاع السياحة بدول المنطقة لأنه من أكثر القطاعات التي تتعافى بسهولة لكنه يحتاج إلى عودة الاستقرار والأمان. وفيما يتعلق بالبورصات العربية، أوضح أن معظمها انخفضت بشكل كبير ماعدا في قطر والسعودية والإمارات، مشيراً إلى أنه في مصر انخفضت بنسبة %36، وفي تونس بنسبة %17 وفي لبنان بنسبة %11 وفي المغرب بنسبة %2، وهذه المؤشرات توضح مدى تأثر اقتصادات دول الربيع العربي بالأحداث التي شهدتها عن الدول الأخرى وعن الدول التي لديها بترول، حيث إن هذه الدول ليس لديها مشكلة لأنها لديها فائض، وبالتالي فالمشكلة في الدول الأقل نموا والمتوسطة ودول ثورات الربيع العربي. التجارة والوحدة وفيما يخص التجارة البينية العربية، قال الأمين العام المساعد للجامعة العربية للشؤون الاقتصادية إن التجارة العربية البينية انخفضت بشكل كبير بين الدول العربية خلال الربعين الأول والثاني من عام 2011، لكن ليس لدينا بعد أرقام محددة حول هذا الأمر. وحول مستقبل الوحدة الاقتصادية العربية في ظل تلك الأحداث، قال التويجري، في ختام حديثه لوكالة الأنباء القطرية (قنا) إننا كاقتصاديين نفرق بين الطموحات والإمكانات والإرهاصات الفكرية والشعارات التي ليس لها معنى، فنحن لا نريد أن نعود للشعارات القديمة بالحديث عن الوحدة الاقتصادية العربية فهذا لن يتحقق، وإنما علينا أن نتحدث عن كيفية الوصول إلى الاتحاد الجمركي العربي بحلول عام 2015، خاصة أننا انتهينا من إعداد بعض متطلباته منها القانون الجمركي العربي، فضلا عن الانتهاء من الإطار الذي يحكم العمل الجمركي العربي.