QNB اليابان على مشارف الركود الفني

alarab
اقتصاد 15 نوفمبر 2015 , 06:13ص
الدوحة - العرب
قالت مجموعة QNB في تقريرها الصادر أمس إنه من المنتظر الإعلان عن أرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث في اليابان هذا الأسبوع. ويتوقع المحللون أن تظهر البيانات انكماشا اقتصاديا بنسبة %0.3 على أساس سنوي. وإذا تحققت توقعاتهم، فإن اليابان تكون بذلك قد دخلت في حالة من الركود الفني الذي يعرف بأنه ربعين متتاليين من النمو السلبي.
وأضاف التقرير: «بعيدا عن النتائج الربعية، فإنه من المهم أن ننظر إلى الصورة الكلية، فعندما تولى شينزو آبي رئاسة الوزراء في ديسمبر عام 2012 كان الاقتصاد الياباني يواجه عددا من التحديات. أولا، كان الاقتصاد عالقا في حالة بدت كانكماش دائم، وهو ما كان يلحق الضرر بالاستثمار والنمو. ثانيا، وصلت الموازين المالية إلى حالة من الإنهاك عندما بلغ الدين العام نحو %240 من الناتج المحلي الإجمالي. وثالثا، كان الاقتصاد يواجه تحديات هيكلية بسبب ارتفاع معدل الشيخوخة بين السكان وانخفاض تعدادهم. وقد جاء شينزو آبي بخطة شاملة ترتكز على ثلاثة «أسهم» لمواجهة هذه التحديات. فكيف سارت خطته في السنوات الثلاث الماضية؟».

سياسة نقدية نشطة
تمحور السهم الأول على سياسة نقدية نشطة وجريئة لإيجاد حل لمشكلة الانكماش. فالانكماش يزيد من السعر الحقيقي للفائدة، وهو ما يجعل الاقتراض والاستثمار أكثر صعوبة. كما أنه يلحق الضرر أيضا بالاستهلاك، الأمر الذي يجعل المستهلكين يؤجلون الشراء والاستهلاك تحسبا لانخفاض الأسعار في المستقبل. ويكون التأثير العام الناتج من ذلك هو انخفاض الطلب والنمو الكليين.
بعد أن تولى شينزو آبي لمنصبه، قام بتغيير القيادة في بنك اليابان المركزي الذي شرع في تنفيذ برنامج مفتوح وواسع النطاق من التيسير الكمي والكيفي في أبريل 2013، والذي تم تمديده بشكل كبير في أكتوبر 2014 من أجل محاولة تحقيق معدل التضخم المستهدف بنسبة %2. وفي حين لا تزال اليابان بعيدة بعض الشيء عن معدل التضخم المستهدف، إلا أن البلد قد خرج بشكل واضح من حالة الانكماش. وقد بلغ معدل التضخم الأساسي في أسعار المستهلك (الذي يستثني المواد المتقلبة مثل الغذاء والطاقة) %0.9 في سبتمبر، وظل هذا المعدل منذ صيف عام 2013 خارج المنطقة السلبية.

الدين العام
ويهدف السهم الثاني إلى معالجة مشكلة ارتفاع الدين العام في المدى المتوسط، والعمل في الوقت نفسه على توفير تحفيزات مالية كلما استدعت الضرورة ذلك في المدى القصير. ويرجع جزء من المشكلة إلى انخفاض معدلات الضرائب في اليابان، وبالأخص ضريبة الاستهلاك. وكانت هذه الضريبة (وهي ضريبة على القيمة المضافة) لا تتجاوز %5 في بداية عام 2014، أي واحدة من أكثر ضرائب القيمة المضافة انخفاضا في العالم، وأقل من المتوسط الأوروبي الذي يبلغ حوالي %20. ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي يجب أن ترتفع ضريبة الاستهلاك في اليابان إلى حوالي %15 لكي تساهم في خفض الدين العام. وتمثلت استراتيجية شينزو آبي لمعالجة هذه المشكلة في الجمع بين زيادات دائمة في الضريبة على الدخل (من أجل استدامة المالية العمومية) إلى جانب تحفيزات مالية مؤقتة (لتحفيز الطلب في المدى القصير).
جاءت أول زيادة في الضريبة على الاستهلاك (من %5 إلى %8) في أبريل 2015 وكان وقعها شديدا جدا. فقد تراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة %7.6 من المعدل السنوي في الربع الثاني من عام 2014 وتراجع بنسبة %1.1 في الربع الثالث من نفس العام. وهو ما دفع شينزو آبي إلى تأجيل الزيادة التالية (إلى %10) في هذه الضريبة حتى أبريل 2017، بدلا من تاريخ أكتوبر 2014 الذي كان مخططا له في البداية. وتبدو الحكومة حاليا عازمة على تنفيذ هذه الجولة من الزيادة في الضريبة من أجل تفادي زيادات كبيرة مستقبلا. ورغم الخطوات الأولية التي اتخذتها الحكومة في هذا المحور لتحسين الأوضاع المالية، ما زال الطريق طويلا لبلوغ الهدف.

زيادة الطلب
أما السهم الثالث من سياسة أبينوميكس الاقتصادية فهو يتعلق بزيادة الطلب في الاقتصاد، وقد تسبب تراجع عدد السكان وارتفاع معدلات الشيخوخة في خفض إمكانات النمو، حيث تقدر مصادر يابانية رسمية أن نمو الناتج المحلي الإجمالي المحتمل قد تراجع من %4.9 في نهاية ثمانينات القرن الماضي إلى %0.5 حاليا. وقد سعى شينزو آبي لمعالجة هذه المشكلة من خلال عدد من الإصلاحات الهيكلية لتحسين التنافسية والإنتاجية في قطاعات سوق العمل والزراعة والصحة. وبطبيعة الحال، يستغرق تنفيذ التغيرات الهيكلية بعض الوقت، وقد تمر عدة أعوام قبل أن تبدأ نتائجها في الظهور. لكن جانبا من جوانب الإصلاح بدأ يشهد تقدما بالفعل، وهو مشاركة المرأة في القوة العاملة لمواجهة التراجع في عدد السكان، حيث نجح رئيس الوزراء آبي في زيادة عدد النساء العاملات بواقع نصف مليون امرأة خلال ثلاث سنوات وذلك باعتماد عدد من الحوافز المالية وغير المالية، وهو أمر مهم في بلد يبلغ إجمالي القوة العاملة فيه 66 مليون عاملا تقريبا.
واختتم التقرير بالقول: «عموما، يبدو أن أسهم سياسة أبينوميكس الاقتصادية تتقدم ولكن بسرعات متفاوتة. وإلى جانب أهمية اليابان كأحد أكبر اقتصادات العالم، فإن سياسة أبينوميكس الاقتصادية تمثل نموذجا مهما لمعالجة المشاكل التي تعاني منها العديد من البلدان، أو يتوقع أن تعاني منها في المستقبل القريب. فالعديد من الدول، مثل دول منطقة اليورو، مهددة بخطر الانكماش وترغب في تنفيذ سياسات لضبط الأوضاع المالية دون خلق كساد اقتصادي، كما أنها أيضا تعاني من تراجع الإنتاجية وتناقص عدد السكان وارتفاع معدلات الشيخوخة. لذلك يجب على بقية دول العالم مراقبة تجربة سياسة أبينوميكس عن كثب».