

أكد عدد من المختصين والشباب القطري أن ارتفاع معدلات الطلاق في الفترة الأخيرة، مقارنة بذروة فترة جائحة كورونا، يرجع إلى أن الأسر دائماً ما تتكاتف خلال الأزمات، لذا لم تشهد الشهور الماضية من الجائحة ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الطلاق، مشددين على ضرورة اتخاذ خطوات من شأنها التقليل من نسب الطلاق في المجتمع القطري.
يذكر أن احصائيات جهاز التخطيط والاحصاء، تضمنت وقوع 243 حالة طلاق خلال أغسطس الماضي، وهو رقم مرتفع مجتمعيا.
وشدد المختصون عبر «العرب» على ضرورة أن يخضع الزوجان لدورات تدريبية تأهيلية قبل الزواج، وأن يحصلا على شهادات قبل إبرام عقد الزواج، شأنها في ذلك شأن الشهادات الصحية التي يحصل عليها قبل الزواج. ونوهوا بأن الكثير من الأسباب وراء الطلاق في المجتمع القطري، من بينها عدم تحمل بعض المقبلين على الزواج للمسؤولية، أو الخيانات الزوجية أو وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك تدخل الأهل في الحياة الزوجية للزوجين، فضلاً عن المتطلبات التي قد لا تكون في استطاعة أحد الزوجين، وغيرها من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الطلاق.
وحثوا المتزوجين إلى التحلي بالصبر وتعلم ثقافة الاعتذار والتغافل بين الزوجين، وأن يتحمل كل منهما الآخر، إضافة إلى غيرها من القيم التي تقلل من احتمالات الطلاق بين الزوجين.

الشيخ أحمد البوعينين: يجب أن يشارك الزوجان في دورات تدريبية تأهيلية
أكد الداعية والمأذون الشرعي فضيلة الشيخ أحمد بن محمد البوعينين، أن مشكلة الطلاق تحتاج إلى وقوف الجميع، فقانون الأسرة موجود لينظم الكثير من شؤون الأسرة، ويحفظ الحقوق، ولكن في الوقت الحالي بات هناك حاجة إلى مناهج تعليمية ومراكز تأهيلية ورخص أسرية للزواج.
وقال الشيخ البوعينين: كما نحتاج إلى تنبيه الشباب إلى حسن الاختيار بكفاءة وكل ما يتعلق بهذه الأمور، وكلها أمور تصب في صالح الأسرة، كما يجب أن تتوحد الجهود في الدولة من أجل استقرار الأسرة.
وأضاف: يجب أن تتكاتف الجهود من قبل وزارة التعليم والتعليم العالي والمراكز الأهلية، وغيرها من الجهات المعنية بالتوعية، أما المحاكم فهي الجهة التي تستقبل فقط الحالات وتثبت الطلاق وتحدد النسب والاعداد، ولكننا في حاجة إلى التوعية والتأهيل المناسب للأزواج.
وتابع قائلاً: هناك الكثير من الأمور التي دخلت على الأسر في الفترة الأخيرة، وتسببت في خراب العلاقات الأسرية، كوسائل التواصل الاجتماعي، أو جائحة كورونا وأثرها على الأسرة، وغيرها من الأسباب التي قد تكون سبباً في الطلاق أو ارتفاع معدلاته.
وأكد أنه من أجل التقليل من حالات الطلاق يجب أن يُأخذ الأمر من بدايته، وتأثير الأمور المحيطة بالأسرة، وكما أن الدولة تفرض الفحص الطبي على المقبلين على الزواج، فيمكن أن تضع في عقد الزواج شهادة الدورة التدريبية التأهيلية للزواج، فضلاً عن دور المراكز الأهلية التي تساعد الأسر على الاستقرار وحل مشكلاتها، ولابد من الاختيار الصحيح، إضافة إلى المستشار الصحيح في حال وجود أي مشكلات أسرية.
رسالة للمقبلين على الزواج
وفي رسالة للشباب المقبلين على الزواج، قال الشيخ أحمد البوعينين: لمن كثرت حالات الطلاق بينهم، أقول لهم بأن الإنسان يجب أن يتحمل ويتغافل، فالزوجة من بيئة وأنت من بيئة أخرى، وهي من أسرة وأنت من أسرة أخرى، وهي لها كيان وأنت لك كيان، وأذكركم بشريح القاضي عندما تزوج في بداية حياته الأسرية سأل زوجته عما تحب وما تكره، فيجب على الزوج والزوجة أن يتعرفا على بعضهما البعض وعلى هواياتهما وغيرها من الأمور.
وأضاف: يجب على الزوج أن يتعامل مع زوجته كأنثى، وأن تتعامل هي مع زوجها كرجل، فالتعامل يختلف، وأقول للشباب حياتك بعد الزواج تختلف عن حياتك قبل الزواج، وكذلك المرأة في بيت أبيها تختلف حياتها عما هي عليه في بيت زوجها، فلا بد أن نتكاتف وأن نؤسس للأسرة، ولا بد من أن يكون الحوار البناء بين الزوجين حاضراً في المشكلات، لنواجه مختلف التحديات في حياتنا الزوجية، إن عرف كل شخص حقوقه وواجباته يعرف كل منا دوره.
وحول أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق، قال الشيخ أحمد البوعينين: الأسباب كثيرة، وأولها غياب حسن الاختيار، وعدم الكفاءة، والخيانات الزوجية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وتدخل الأهل، وعدم وجود الزوج في بيت منفرد عن الأهل، وكلها أسباب تؤدي إلى الطلاق.
كما نصح الشيخ أحمد البوعينين بأن يكون الزوجان في بيت منفصل، لترتاح الزوجة من تدخل الأهل في الحياة الزوجية، كونه من أسباب الطلاق، مضيفاً: كما أن هناك سببا رئيسيا في حدوث الطلاق، وهو عدم تحمل الزوجين لبعضهما بعضاً، فالحياة الزوجية ليست مفروشة بالورود، فهي لا شك بها تحديات، ويجب أن يصبر الزوجان وأن يتغافلا وأن يتسامحا وأن يعتذرا.
وتابع: جاء شاب إلى أبيه يطلب أن يتزوج، فطلب منه أن يقول «آسف»، فقال لم أخطئ لأقولها، فلما كررها 10 مرات، أجاب الشاب بما طلبه أبوه وقال «آسف»، فقال الآن أزوجك، فثقافة الاعتذار يجب أن نتعلمها جميعاً، فالبعض تصدر منهم بعض التصرفات الخطأ سواء المقصودة أو غير المقصودة، وعليهم أن يتعلموا الاعتذار، لتكتمل مسيرة الزواج.

د. موزة المالكي: التكاتف في الأزمات وراء تراجع الطلاق في زمن الوباء
قالت الدكتورة موزة المالكي – الكاتبة والاختصاصية النفسية: لا شك أنه في الأزمات دائماً ما تتكاتف الأسر بصورة أكبر من غيرها من الأوقات.
وأضافت د. موزة المالكي: الطلاق، لا يمكن القول بأنه إيجابي، لكنه وسيلة إيجابية للحل في حال تفاقمت المشكلات بين الزوجين، والتكاتف الأسري في الأزمات أيضاً من الظواهر الجيدة في العلاقات الأسرية.
وتابعت: الطلاق هو مؤشر على وجود خلل في الأسرة، وتوسع دائرة التفكك الأسري، ولكن التكاتف في الأزمات يعطي مؤشرا آخر على أن الأسر مهما كانت بها تفكك، فالترابط مترسخ فيها، وهو جانب جيد لا يمكن أن نغفله، فأفراد الأسرة جميعاً يسمون فوق خلافاتهم في أوقات الأزمات، وهو أمر جيد جداً.
وأكدت د. موزة المالكي، أن مشكلة الطلاق من المشكلات المنتشرة على نطاق واسع، مشيرة إلى أن معدلات الطلاق ترتفع عندما يزيد الملل في الحياة الزوجية، والتوعية الدائمة يمكن أن تلعب دوراً هاماً في هذا الجانب.
ونوهت بأن التوعية الأسرية يمكن أن تكون من خلال الدورات التي تنظمها المؤسسات المعنية، لافتة إلى ضرورة أن يكون لقانون الأسرة، سواء في قطر أو كافة دول الخليج، أن يضع حلولا لمشكلة الطلاق، وسبل تجنب هذه المشكلة الأسرية.
وأكدت د. موزة المالكي على ضرورة تحسين سبل التواصل في الأسرة، ونشر ثقافة التسامح في الأسرة، والاحترام المتبادل بين الزوج والزوجة وغيرها من الأمور التي من شأنها أن تعزز العلاقة بين الزوجين وتقلل من حالات الطلاق في المجتمع.
ولفتت إلى أنه في حال عدم وجود أطفال، فإن حالات الطلاق تكون أيسر بكثير من الطلاق في حالات وجود أطفال في الأسر، وأن الأطفال يكونون أكبر المتأثرين في حالات الطلاق، ويحدث لهم التشتت بين الأب والأم، وغيرها من الأمور التي تنعكس على الطفل.

ابتسام آل سعد: ارتفاع نسب الانفصال في مجتمعنا أمر مؤسف
قالت ابتسام آل سعد - كاتبة مقالات ومؤثرة في وسائل التواصل الاجتماعي: من المؤسف أولا أن نشهد هذه الإحصائية الأخيرة عن نسب الطلاق المرتفعة في بلادنا، في الوقت الذي نشطت فيه مؤسسات رعاية الأسرة من جهودها لخلق أسر مثالية تسهم في بناء المجتمع بصورة تؤكد أنها اللبنة الأولى له.
وأضافت: أعتقد أن السبب الأول لارتفاع نسبة الطلاق لدينا هو عدم تفهم الزوجين لاحتياجات بعضهما البعض، سواء النفسية أو العاطفية أو حتى قدرة الطرف الأول وهو الرجل على الارتقاء لرغبات الطرف الآخر، أي المرأة، من الناحية المادية وهذا يحدث كثيرا نظرا لرغبة المرأة الدائمة في مجاراة صديقات أو قريبات لها في أسلوب حياتهن مما يمكن أن يتولد لديها شعور بالنقص والتبرم والشكوى الدائمة، مما يقابلها. على النقيض هروب الرجل من مشاكله والتزاماته العائلية إلى مجالس أصدقائه أو حتى لعلاقات خارج إطار الزواج مما يزيد الأمر سوءا ويضاعف من ابتعاده عن محيطه الأسري وكلها عوامل مشتركة توسع الهوة العاطفية بين الزوجين لا سيما إن كان الأطفال هم الطرف الأقل حظا في استمرار هذه العلاقة.
وتابعت ابتسام آل سعد: ولذا فإن رتم الحياة اليوم يجعل من علاقة الزواج على شفير الهاوية إذا ما كانت مرتبطة بقلة الصبر وزيادة الشكوى والفتور السريع سواء من طرف واحد أو كليهما ويمكن أن يلعب الأصدقاء أو الصديقات دورا في هدم أركان هذا الزواج سواء بشكل متعمد أم غير متعمد لكننا فعلا بتنا بحاجة ماسة إلى تفعيل دور المؤسسات التي تُعنى بشؤون الأسرة وعمل دورات مكثفة للمقبلين على الزواج وطرح أفكار لهم تعزز لهم مسؤوليات الزواج على أنها حقوق تُعطى وواجبات تُقدم.
وقالت: يجب أن يسهم الأهل كذلك في تسوية خلافات الزوجين بصورة عادلة وموضوعية لأن الطلاق ورغم أنه أبغض الحلال عند الله إلا أنه يبقى معول هدم في أغلب الأحيان لكثير من البيوت وفي أحيان قليلة هو حل نهائي لكثير من المشاكل التي استعصى حلها ومجتمع مثل مجتمعنا لا يجب أن ننتظر ليصبح الطلاق مرادفا موازيا مع الزواج ويتعمق هذا الفكر خصوصا للشباب اليافع الذي يقبل على الارتباط دون تبصر بمسؤوليته التي تشاركه فيها المرأة أيضا كطرف ثانٍ وتبقى هذه الإحصائية ناقوس خطر لمجتمع محدود مثل مجتمعنا تكمن قوته في كثرة عدده لا تضاؤلهم.
حسين البوحليقة: إحصاءات الطلاق مفاجأة.. وتعكس وجود خلل بين الشباب
قال حسين البوحليقة: تفاجأنا بالإحصاءات الأخيرة المتعلقة بارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع القطري، لأن هذا يدل على وجود خلل بين الشباب في المجتمع، خاصةً الفئة العمرية التي تزداد معدلات الطلاق بينها.
وأضاف: الفترة الأخيرة كانت حساسة في الكثير من الجوانب، بما فرضته جائحة كورونا من أمور على كافة الأسر، وكشفت للجميع أمورا كثيرة ربما كانت السبب في ارتفاع حالات الطلاق التي ظهرت بعد تراجع الجائحة.
وتابع البوحليقة: وسط من أعرفهم، وبعد معرفة الارتفاع في معدلات الطلاق، أرجعوا الأمر لعدة أسباب، من بينها الإهمال بين بعض الشباب والفتيات كل منهم للآخر خلال فترة الجائحة، خاصةً وأن المطلوب في بعض الأحيان كان فوق قدرة الطرف الآخر.
وأوضح أن بعض متطلبات الزوجين تكون في غير استطاعة الطرف الآخر، أو بصورة عامة غير مستطاعة بما تفرضه ظروف الجائحة، مع مكوث الغالبية في المنزل، وعدم القدرة على السفر أو الترويح عن أنفسهم، الأمر الذي أثر بصورة كبيرة.
وأشار إلى أن بعض حالات الطلاق ترجع إلى عدم التوافق بصورة كبيرة، خاصةً بين الأشخاص الذين تزوجوا في الفترة الأخيرة، خاصةً وأن الكثير منهم لم يجد التوعية الكافية لما هو مقبل عليه من مسؤوليات مختلفة.
وقال البوحليقة: بعض من يتزوجون يقبلون على الخطوة دون معرفة كافية بها، فيتزوجون فقط لمجرد الزواج دون دراية كافية للمسؤوليات التي تقع عليها، وبعضهم لا يرغب في أن تكون عليه مسؤوليات، أو أن يُكَوِّن أسرة أو تأسيس حياة زوجية، بما يحمله هذا الأمر من أمور يفرضها الزواج على الزوجين.
وأضاف: لا شك أن متطلبات الحياة باتت محط شكوى الكثير من الشباب، سواء المقبلين على الزواج، أو من تزوجوا في الفترة الأخيرة، ممن يجدون أنفسهم محاطين بالكثير من المتطلبات، وربما الديون التي تقع على بعضهم، ومتطلبات أي طرف قد لا تكون في استطاعة الطرف الآخر، وهو الأمر الذي قد لا يتفهمه الكثير من الشباب، لينتهي الأمر في بعض الأحيان بالطلاق.
243 حالة طلاق في أغسطس 2021
وفق ما نشره جهاز التخطيط والإحصاء من إحصاءات عن شهر شهر يوليو من العام الجاري، فقد شهد انخفاضاً شهرياً في إجمالي عقود الزواج وإجمالي اشهادات الطلاق بنسبة 17.8 في المائة و34.7 في المائة على التوالي، حيث بلغ إجمالي عدد عقود الزواج 346 عقد زواج، في حين بلغ إجمالي عدد إشهادات الطلاق 141 حالة طلاق. أما شهر أغسطس، ووفق «التخطيط والاحصاء»، فقد شهد انخفاضاً شهرياً بنسبة 2.0% في إجمالي عقود الزواج بينما ارتفع إجمالي اشهادات الطلاق شهرياً بنسبة 72.3%، حيث بلغ إجمالي عدد عقود الزواج 339 عقد زواج، في حين بلغ إجمالي عدد اشهادات الطلاق 243 حالة طلاق.