قطر لها شخصية موسيقية مستقلة
مدرسة الألحان في الدوحة متميزة وبارعة
النهوض بالأغنية مسؤولية مشتركة بين مؤسسات الدولة
هناك ضرورة للحفاظ على تراثنا الفني لأنه يعبر عن هويتنا
أكد الموسيقار الكبير مطر علي الكواري، أن مهرجان الأغنية القطرية هو إضافة للحياة الثقافية في قطر، مشيرا إلى أن تميزه يؤكد رعاية دولتنا للفنون في وقت ترفع كثير من الدول دعمها عن الفنون.
وقال إن دعم الدولة للفن ضرورة من خلال مثل هذه المهرجانات لأنها تختار المواهب الجادة وتهتم بكافة عناصر العمل الفني من كلمات تعبر عن الوجدان الشعبي إلى ألحان راقية تعبر عن الموسيقى القطرية، مثمنا جهود وزارة الثقافة والرياضة المستمرة منذ ثلاث سنوات ليكون المهرجان واحدا من أهم الفعاليات على الخريطة الثقافية في بلدنا الحبيب قطر.. وإلى تفاصيل الحوار.
الفنان والموسيقار مطر علي اليوم تنطلق فعاليات مهرجان الأغنية القطرية ما تعليقك على هذا المهرجان وما أهم ما يمكن أن يضيفه للساحة الفنية ؟
أولا أنا سعيد بهذا اللقاء واهتمام الإعلام القطري بهذا المهرجان وتخصيص ملحق خاص من جريدة العرب بما يدل على أهميته، لأنه مهرجان دولة فيكون غير مهرجان مؤسسة أو شركة، فبالتالي تكون نوعية الأغاني والكلمات والإيقاع مختلفة ولها عذوبة تسمو بالأحاسيس، لأن لها رسالة بعيدا عن الأغاني الراقصة أو المهرجانات التي تستهدف السوق..
فالمهرجان يرسخ لأغنية قطرية من حيث الكلمة واللحن والأداء، ولهذا نشكر سعادة وزير الثقافة والرياضة على تبني هذه الفكرة وتنفيذها، واليوم ونحن مع النسخة الثالثة لا شك أننا نحتاجه كفنانين ونحتاجه لدعم المواهب، لبروز الشاعر والمطرب والملحن والموزع الموسيقي العازف وجميع العناصر، فضلا عن أن العالم الخارجي يرى الابداع القطري في هذا المهرجان. واضاف إننا ما زال ينقصنا الكثير من مجال الفن فعلى الرغم من تقدمنا في السياسة والرياضة وفي كثير من المجالات نحتاج إلى نهضة أيضا في الفنون ولذلك أشيد بهذا المهرجان ولكن أطلب مزيدا من الاهتمام.
واليوم مطلوب من كافة المؤسسات الثقافية في الدولة القيام بدورها في دعم الفنان القطري.
خلال مسيرة المهرجان من وجهة نظرك ما أهم ما تحقق حتى الآن ؟
أي مهرجان مدروس وعلى أسس سوف يؤتي ثماره، واليوم ونحن في النسخة الثالثة من المهرجان فلا نتعجل الثمار، فالمهرجان قدم بالفعل للأغنية ولكن نحتاج الانتظار لفترة طويلة ربما بعد النسخة العاشرة أو اكثر، ليكون قد أتى ثماره فعليا ويقدم الموسيقي والملحن والمطرب والفنانين والفنانات، فكل مهرجان نقدم صوتا جديدا وقد قدم المهرجان العام الماضي صوتا جميلا وهو نايف عبدالله والسنة يقدم محمد المطوع وهو من الأصوات الجميلة، وهما من المعتمدين بالإذاعة والتليفزيون إلى جانب في نسخة العام يقدم مركز شؤون الموسيقى الفنان الشاب هاشم اليافعي وهو الفائز بالمركز في مسابقة نغم للمركز.
وقال وأود أن أشير هنا إلى أن الأغنية في قطر كما في كل العالم لا تعتمد على القطريين فقط فكل دولة تحتضن العديد من الفنانين مثل مصر التي احتضنت من معظم الدول العربية فكان ذلك إضافة للأغنية في مصر والعالم العربي أيضا.
دعنا ننتقل إلى مسألة اللحن في قطر وبعد خبرتك الطويلة كيف يمكن أن ننقل مدارس الرواد القطريين في الألحان التي تعتبر مدرسة عربية مستقلة، للاستفادة بها حاليا بما يثري الحالة الغنائية؟
اللحن مثل الطعام تختلف النكهات الخاصة بكل بلد فاللحن مصاحب للأرض وكل بلد له ميزة ففي دول الخليج يوجد تشابه في العادات والتقاليد وتقارب في الجغرافيا لكن هناك اختلافات بين كل دولة، فالفن القطري يختلف عن السعودي وعن البحريني والإماراتي والكويتي في اللهجة واللحن والمقام المحبب وهكذا، ودولة قطر لها شخصية موسيقية معينة مستقلة، ولا ننسى جهود المرحوم موسيقار قطر عبدالعزيز ناصر والمرحوم حسن علي والذين أصلوا للموسيقى القطرية. ولكن ربما تراجعت الموسيقى سابقا بسبب العادات والتقاليد واليوم هناك تقدم في الأغنية وما زلنا نطمح إلى المزيد لأن لدينا الإمكانيات.
وأضاف إن مدرسة اللحن في قطر متميزة وبارعة ولدينا كثير من الملحنين الآن فبعد أن كان اللحن قاصرا على الراحلين عبدالعزيز ناصر وحسن علي، فاليوم لدينا كم من الملحنين المتميزين الكبار ومنهم محمد المرزوقي، فيصل التميمي، عبدالله المناعي، حسن حامد، مشرف بن علي الكواري وآخرون، ومن الجدد سالمين السويدي، وطالب المري وطلال الصديقي وهؤلاء من الواعدين، ما يبشر بطفرة في الأغنية القطرية.
إذن ماذا نحتاج لإحداث هذه الطفرة في الأغنية القطرية؟
نحتاج إلى التنافس على الإنتاج وعلى الاهتمام بالمواهب، فخلال السنوات الثلاث الماضية تنافس الكثيرون حبا في الوطن بدافع ذاتي على الإنتاج الشخصي ولكن هذا لا يكفي نحتاج إلى شركات إنتاج وإلى دعم من الإذاعة والتليفزيون وإعادة الإنتاج للنهوض بالكلمة واللحن لأن لابد لكافة الجهات أن تتشارك في هذه المسؤولية وليست وزارة الثقافة والرياضة فقط.
وأين دور الفنان نفسه في هذا الجانب ألا ترى أن كثيرا من الدول العربية رفعت يدها عن دعم الفنون؟
هذا الأمر يختلف تبعا للكثافة السكانية، ففي البلاد ذات الكثافة السكانية يمكن للفنان الإنتاج بسهولة لأن الجماهير تساعده، فإذا مطرب أذاع اغنية على السوشيال ميديا تكون له مصدر دخل كبيرا بخلاف لدينا، ولابد لنا من دعم الفنانين هنا خاصة في البداية واليوم لدينا نماذج أصبحت علامات في الفن العربي مثل علي عبدالستار وفهد الكبيسي وهؤلاء على الرغم من أنهم لم يتلقوا دعما مباشرا ولكنهم انطلقوا ولذلك نحتاج إلى آخرين ندعمهم في البداية.
ارتبط الفن في قطر دائما بالبحر والبر.. فأين الأغنية القطرية من هذا الارتباط ؟
البيئة في قطر مرتبطة بفنون البادية وفنون البحر، وفنون أهل المدينة تختلف عن الاثنين وحالة خاصة.
بطبيعة الحال هناك تقدم وانفتاح على الثقافات وتأثرنا بالفنون الوافدة، ولذا كنت أطالب بالحفاظ على التراث القطري وذلك ليس رفضا للفنون الوافدة ولكن اهتمام بتراثنا فقد دخلت علينا الليوة، ثم الطنبورة، وغيرهما من الخارج سواء من الجزيرة العربية أو غيرها، ولذلك هناك ضرورة للحفاظ على تراثنا الفني لأنه يعبر عن هويتنا، نعم هناك تقارب بين الفنون الخليجية ولكن لنا ما يمثلنا وخصائص للفن القطري.
وهل الألحان لها خصائص معينة أم ترتبط بالموضوعات؟
الإنسان يكون لديه مخزون كبير من الثقافات والأفكار والأمور الحياتية، وبالتالي فالمخزون للشخص يمكن أن يكون في البدايات سواء كان في اللحن أو الفنون الأخرى ولكن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسة حتى لا يتوقف عند انتهاء المخزون ولذلك الملحن يحتاج إلى الدراسة والثقافة الموسيقية والاجتهاد حتى ينجح، فالموسيقي يحتاج إلى أن يفتح مسامعه للموسيقى في مختلف الثقافات.
أحيانا نرى تراجعا فنيا في الساحة العربية فهل وقع الفنان القطري في هذا الفخ؟
الفن انعكاس للحالة الراهنة فالتراجع في الأوضاع العامة أدى إلى تراجع كذلك في الفنون والثقافة بشكل عام عربيا، ولكن في قطر الأمر اختلف ولم نقع في هذا الفخ، لأن عدد من يقومون على اللحن هنا عدد كبير ويهتمون بالارتقاء بالذوق وأي انحراف للموسيقى لا نسمح به، ولذلك وزارة الثقافة والرياضة تحرص على إرساء هذا وسعادة الوزير دائما يقول في اللقاءات مع الفنانين حافظوا على الكلمة وعلى اللحن وهكذا، وما حدث في العالم العربي كان نتيجة ترك الأمور في يد القطاع الخاص وابتعاد مؤسسات الدولة عن دعم الفنون.
ألا يتعارض تدخل مؤسسات الدولة مع حرية التعبير للفنان ؟
لا يتعارض لأن رسالة الدولة عبر ثقافتها وفنونها هي الارتقاء بالذوق الإنساني وليس الربح بدليل هذا المهرجان ولكن الآخرين يسعون للربح كهدف أساسي، وكل الدساتير تنص على المحافظة على العادات والتقاليد والذوق العام للدول.
باعتبارك واحدا من أهم من لحن الأغنية الوطنية فهل من جديد بخصوص احتفالات اليوم الوطني هذا العام؟
أنا لا أحب أن أقيد الأغنية الوطنية باليوم الوطني ودائما لا أحب هذا لأن الأغنية الوطنية تأتي لها مواقف داعمة فالتوقيت مهم للملحن ولذلك أطالب دائما الجهات الإعلامية من تلفزيونات واذاعات بعدم ربط الأغاني باليوم الوطني فقط لأن الوطن حق كل يوم أن يحيا في قلوبنا، ولابد أن نفتح المجال للأغنية الوطنية في كل وقت.
هل تستمع إلى الأغاني حاليا؟
نعم استمع إلى الأغاني باستمرار خاصة إذاعة صوت الخليج التي أضافت للأغنية القطرية والعربية وكذلك تليفزيون قطر وإذاعة قطر وغيرهما، ومن ضمن جهود تلفزيون قطر هو كونه شريكا ونقله لهذا المهرجان بالإضافة إلى تخصيص برنامج خاص مصاحب له وسوف أكون ضيفا للتعليق على الحفلات الموسيقية اليومية، وسوف يستمر بعد المهرجان لنقل أحداث الدولة الفنية.
وما رأيك في برنامج مهرجان الأغنية؟
البرنامج قوي ومتعب لأنه مكثف ويشارك به عدد كبير من المطربين وقد طلبت من سعادة وزير الثقافة والرياضة ان يتم تقليل العدد وان تكون هناك لجنة تختار الأفضل وأعتقد أن المهرجانات القادمة ستكون فيها لجنة تختار المشاركين، حتى يتم التشجيع والمنافسة بين الجميع.
جدير بالذكر أن الموسيقار مطر علي، أثرى المكتبة الموسيقية القطرية بعدد كبير من الأعمال الفنية، تضمنت أغاني وطنية وعاطفية وتراثية ومقطوعات موسيقية وعددا من الأوبريتات بأصوات قطرية وعربية، كما قدم أكثر من 20 لحنا لأصوات عربية وخليجية، منها طلال مداح، وعبد الله الرويشد، وآخرون، وأسماء المنور، وفدوى المالكي، وغيرها من الأصوات، ناهيك عن تلحينه أكثر من 60 أغنية وطنية، وألبوم «أعشقك يا قطر» 2017، وألبوم لأغنية الطفل القطرية التراثية، وألبوم «شعبيات» الذي قدم فيه الفلكلور القطري متمثلا في فن الصوت..