"QNB": الصين تصطاد ثلاثة عصافير بحجر "اليوان"

alarab
اقتصاد 15 أغسطس 2015 , 01:59م
قنا
فاجأت الصين أسواق العالم بأكبر تخفيض لقيمة عملتها خلال أكثر من عقدين من الزمن، فقد قام بنك الشعب الصيني (البنك المركزي الصيني) في 11 أغسطس الجاري بخفض سعر الصرف اليومي لعملته مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 9ر1 %، كما غير البنك المركزي أيضا الطريقة التي يتم بها احتساب سعر الصرف اليومي بما يتوافق مع وضع السوق، الأمر الذي أدى إلى مزيد من الانخفاض في قيمة اليوان بنسبة 6ر1 % في 12 أغسطس.

جاء ذلك في التحليل الأسبوعي الذي يصدره بنك قطر الوطني QNB، وتمت فيه الإشارة إلى أن هنالك ثلاثة عوامل قد تكون وراء دفع السلطات الصينية لتخفيض عملتها: وهذه العوامل هي تباطؤ الاقتصاد، وهبوط أسواق الأسهم، والحاجة لتلبية معايير صندوق النقد الدولي لإدراج الرنمينبي كعملة احتياطي رسمية. 

وتساءل التقرير حول ما تعنيه هذه الخطوة من قبل بنك الشعب الصيني بالضبط؟ حيث يقوم البنك المركزي الصيني يوميا بتحديد سعر صرف ثابت رسمي لقيمة عملته مقابل الدولار الأمريكي، ويسمح لسعر الصرف بين البنوك أن يتجاوز سعر الصرف اليومي نسبة 2 % على الأكثر في أيٍ من الاتجاهين، وفي 11 أغسطس قام البنك المركزي الصيني بتخفيض سعر الصرف اليومي بنسبة 9ر1 %، إذ يعد هذا أكبر تحرك يومي لقيمة اليوان منذ عام 1993، وقد جاء بمثابة مفاجأة كبيرة للمشاركين في السوق.

وذكر التحليل الأسبوعي أن هناك ثلاثة عوامل هي التي قادت إلى هذه الخطوة هي : أولاً: من شأن انخفاض قيمة اليوان أن يؤدي إلى زيادة الصادرات الصينية ومساعدة الاقتصاد على النمو، وفي الواقع، فإنه بالرغم من أن عملة اليوان كانت تنخفض مقابل الدولار الأمريكي، فإن قيمتها كانت ترتفع بقوة في نفس الوقت مقابل معظم العملات الأخرى، وعلى أساس الوزن التجاري، ارتفعت قيمة اليوان بنسبة 6ر13 % خلال فترة الـ12 شهرا الماضية حتى يوليو عام 2015. 

ونظراً للارتباط الوثيق بين سعر الصرف الفعلي لليوان وأداء الصادرات الصينية، أدى ارتفاع قيمة اليوان إلى تراجع الصادرات بنسبة 3ر8 % في يوليو مقارنة بما كانت عليه قبل عام، وهو أسوأ بكثير من الانخفاض الذي كان متوقعا بنسبة 5ر1 %، ومن المحتمل أن يكون صدور بيانات الصادرات هو ما دفع السلطات الصينية إلى التصرف بسرعة وبشكل غير متوقع.

ثانياً: من شأن خفض قيمة اليوان إعطاء دفعة إلى سوق الأسهم الصينية المضطربة، فعلى الرغم من اتخاذ السلطات الصينية مجموعة من التدابير، فإن سوق الأسهم ظلت تشهد تقلبات طوال الأسابيع القليلة الماضية، مصحوبة بمخاوف حول التداعيات المحتملة لهذا الأمر على الاقتصاد الحقيقي، ومن خلال تعزيزها للصادرات، فإن من شأن خطوة خفض اليوان كذلك تحسين الدخل الخارجي للشركات الصينية برفع أرباحها، وبالتالي أسعار أسهمها، كما تؤكد التجربة الحديثة في كلٍ من اليابان ومنطقة اليورو هذا الارتباط بين خفض قيمة العملة وأداء سوق الأسهم.

ففي الفترة ما بين نوفمبر 2012 ومايو 2013، انخفضت قيمة الين مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 0ر29 %. وترافق هذا الانخفاض في قيمة اليوان مع تحقيق سوق الأسهم اليابانية مكاسب بنسبة 1ر74 %، ومؤخرا تراجعت قيمة اليورو بنسبة 7ر11 % مقابل الدولار الأمريكي ما بين شهري يناير وأبريل 2015، وهي نفس الفترة التي حققت فيها الأسهم الأوربية مكاسب بنسبة 1ر22 %.

ثالثاً: قد تكون هذه الخطوة من قبل بنك الشعب الصيني مدفوعة بالرغبة في ضم اليوان إلى سلة حقوق السحب الخاصة (SDR) لصندوق النقد الدولي، وحقوق السحب الخاصة هي أصول احتياطي عالمية تتألف في الوقت الراهن من الدولار الأمريكي واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني، وسيراجع صندوق النقد الدولي السلة هذا العام مع وضع إمكانية ضم الرنمينبي إلى هذه السلة في الاعتبار، وتعتبر زيادة تحرير العملة من بين المعايير المطلوبة للانضمام لهذه السلة، لهذا الغرض غيّر بنك الشعب الصيني طريقة احتساب سعر الصرف اليومي للعملة حيث أصبح لازماً على صناع السوق حالياً الأخذ بعين الاعتبار التغييرات التي تطرأ على قيمة العملة في اليوم السابق، وظروف العرض والطلب في السوق، وكذلك الحركات التي تشهدها العملات الرئيسية الأخرى.