مقاومة الشعب التركي للانقلاب تشكل نموذجاً فريداً في تاريخ البشرية
نقدر بشدة دور الوساطة الملحوظ الذي تقوم به دولة قطر في غزة
تحقيق السلام في المنطقة يعتمد على إقامة دولة فلسطينية مستقلة
ستواصل أنقرة دورها كمدافع قوي عن العدالة والسلام في غزة
بمناسبة الذكرى الثامنة لمحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، كان هناك لقاء مع سعادة السفير التركي لدى الدولة د. مصطفى كوكصو حول أحداث تلك المحاولة الفاشلة التي استشهد فيها 251 مواطنا تركيا وأكثر من 2000 مصاب، وأشاد سعادة السفير بصمود الشعب التركي ضد محاولة الانقلاب وثمن التضامن القطري مع تركيا وأن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، كان أول زعيم يتواصل مع الرئيس أردوغان وكذلك معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية من أول المسؤولين الذين وصلوا إلى تركيا.
◆ ماذا حدث ليلة 15 يوليو؟
¶ في مساء يوم 15 يوليو 2016، واجهت تركيا محاولة انقلابية محفوفة بالمخاطر وغير مسبوقة للإطاحة بحكومتها المنتخبة ديمقراطياً، حيث هاجم متآمرون من منظمة فيتو الإرهابية (FETÖ) التابعة لفتح الله غولن المباني الحكومية المهمة، بما في ذلك المجمع الرئاسي والبرلمان، وحاولوا اغتيال فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان.
وتم إغلاق جسر البوسفور أمام حركة المرور بالدبابات والشاحنات العسكرية، وقصف قسم شرطة أنقرة ست مرات بواسطة المروحيات والطائرات، وتم قصف مقر العمليات الخاصة للشرطة في أنقرة بطائرات إف 16 واستشهد 56 شرطيًا وتم إغلاق جميع المطارات أمام حركة الطيران من قبل الجنود الانقلابيين.
استهدف مدبرو الانقلاب في منظمة فيتو أيضًا وسائل الإعلام العامة والخاصة، بما في ذلك قناة TRT (قناة البث الحكومية) وقناة CNN Türk، واستخدم المتآمرون الدبابات والطائرات المقاتلة والمروحيات ضد المدنيين.
وفي المقابل خرج عشرات الآلاف من المدنيين العزل بقلوبهم الشجاعة فقط إلى الميادين بناءً على دعوة الرئيس أردوغان بغض النظر عن توجهاتهم السياسية من أجل الدفاع عن ديمقراطيتهم وحكومتهم المنتخبة شرعياً، وأسفرت المحاولة الانقلابية الشائنة عن استشهاد 251 مواطنا وإصابة أكثر من 2000 آخرين وفشلت خطتهم بفضل تضحية ويقظة الشعب التركي.
إن نجاح مقاومة الشعب التركي في مواجهة الانقلاب العسكري يشكل نموذجا فريدا في تاريخ البشرية.
نحن هنا لإحياء الذكرى الثامنة لمحاولة الانقلاب التي نظمتها منظمة فيتو الإرهابية، والتي تركت بصمة لا تمحى على تاريخ أمتنا، وعززت التزامنا بالقيم الديمقراطية والوحدة الوطنية
◆ هل تغيرت تركيا بعد 15 يوليو؟
¶ في السنوات الثماني التي تلت محاولة الانقلاب، حققت تركيا تقدما كبيرا في مختلف القطاعات، ونتيجة لتعميق وتوسيع سياساتها الشاملة، أصبحت تركيا خامس أكبر شبكة دبلوماسية على مستوى العالم مع 261 بعثة (146 سفارة، 99 قنصلية عامة، 13 تمثيلا دائما، ومكاتب وممثليات أخرى.
وعلى الرغم من التداعيات السلبية للمحاولة الانقلابية، وخروج مليارات الدولارات من البلاد، وتداعيات أزمة كورونا العالمية، والزلزال الكارثي، فإن الاقتصاد التركي يواصل نموه وتطوره بين أكبر 20 اقتصادًا على مستوى العالم، وتعد إزالة تركيا من القائمة الرمادية من قبل فريق العمل المالي (FATF) خطوة نحو تعزيز ثقة الأسواق الدولية في تركيا.
ورفعت المؤسسات الدولية توقعاتها لمعدل النمو في تركيا خلال العام الجاري 2024، وحطمت صادراتنا الرقم القياسي لتصل إلى 260 مليار دولار في عام 2023.
كما تشهد البلاد زيادة في أعداد السياح القادمين من كافة أنحاء العالم، وبلغ عدد السائحين في عام 2023 حوالي 57 مليون سائح.
وتحرص القيادة التركية على مواجهة الحالات الفردية التي تسعى إلى تشويه صورة البلاد وتهدف إلى الإضرار بعلاقات تركيا مع أشقائها العرب الذين تربطنا بهم روابط دينية وتاريخية ومصير مشترك.
◆ كيف تقيمون الموقف القطري؟
¶ لن ننسى أبدًا تضامن أشقائنا في قطر مع وطننا؛ حيث كان حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، أول زعيم اتصل بفخامة الرئيس أردوغان وأظهر الدعم، وكان معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، من أول المسؤولين الذين زاروا تركيا في أعقاب محاولة الانقلاب.
◆ هل تحدثنا عن السياسة الإنسانية الخارجية لأنقرة؟
¶ تعد تركيا دائمًا من أولى الدول التي تتواصل مع المحتاجين والمجتمعات المحرومة حول العالم ولم تقتصر مسؤوليتها الإنسانية على داخل البلاد وجيرانها الحدوديين فقط.
وتحتل المرتبة الأولى بين الدول التي تقدم أكبر قدر من المساعدات مقارنة بناتجها المحلي الإجمالي. وتعمل أنقرة على تحقيق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وتدفق المساعدات الإنسانية على أمل أن يؤدي ذلك إلى حل دائم للصراع في غزة، وتؤمن إيمانا راسخا بأن الحل الدائم للحرب في غزة لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الحوار والدبلوماسية.
وتتعاون تركيا بنشاط مع الشركاء الإقليميين والعالميين لمعالجة القضايا الجوهرية للصراع، منذ 7 أكتوبر، وتحت قيادة رئيسنا رجب طيب أردوغان، قام معالي وزير الخارجية السيد هاكان فيدان، بدبلوماسية نشطة مكثفة منذ البداية.
وفي هذا الصدد، عقد معالي الوزير فيدان عدة اجتماعات مع نظرائه في مختلف الدول المعنية والمهتمة بالقضية الفلسطينية وعمل بجد للتوصل إلى حل دائم في غزة من خلال المنظمات الإقليمية والمتعددة الأطراف (الأمم المتحدة، منظمة التعاون الإسلامي، مجموعة الثماني، جامعة الدول العربية).
وتحتل تركيا المرتبة الأولى بنسبة 32% من المساعدات الإنسانية التي تم تقديمها إلى قطاع غزة بالرغم من الهجمات الإسرائيلية، وذلك من خلال إرسال حوالي 56 ألف طن من مواد المساعدات الإنسانية عبر 13 طائرة و12 سفينة.
وتم نقل 3,000 شخص إلى تركيا بتنسيق من السلطات التركية، بما في ذلك المرضى والجرحى من سكان غزة لتلقي العلاج في المستشفيات التركية.
وستواصل أنقرة دورها كمدافع قوي عن العدالة والسلام في غزة، فنحن نؤمن بحل الدولتين، وتعتقد تركيا أن تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة يعتمد على إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة كاملة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
- تعمل تركيا بشكل وثيق مع دول المنطقة، وخاصة دولة قطر، بشأن قضية غزة، كما هو الحال في جميع القضايا الإقليمية الأخرى، ونحن نتابع عن كثب جهود دولة قطر للتوصل إلى وقف إطلاق النار والحفاظ على تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة ونقدر جهود الوساطة الناجحة التي تبذلها، كما أننا نقدر بشدة دور الوساطة الملحوظ الذي تقوم بها الدوحة بقيادة حضرة صاحب السمو، والجهود المبذولة لتأمين وقف إطلاق النار، وتوفير مساعدات مالية وإنسانية كبيرة لمن هم في أمس الحاجة إليها في غزة.
إن أنقرة تتمتع بالقدرة والخبرة في الإنشاءات والبنية التحتية الدائمة، وترغب في تقديمها في «خطة الإنعاش المبكر» في غزة، ونهدف إلى تسخير هذه الإمكانات بالتعاون مع كافة الدول الصديقة، وخاصة قطر، لإعادة حياة إخواننا وأخواتنا في غزة إلى طبيعتها.