اختتمت بالدوحة أمس أعمال الاجتماع السنوي الخمسين للمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (الأيسكو)، والذي استضافته هيئة قطر للأسواق المالية على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة واسعة من وفود الدول الأعضاء وخبراء الأسواق المالية من مختلف أنحاء العالم. وناقش المشاركون في هذا الحدث الدولي الهام، أبرز التحديات والفرص في تنظيم وتطوير الأسواق المالية، وسبل تعزيز الشفافية والاستقرار المالي على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وعقد ممثلو الدول الأعضاء في المنظمة والمشاركون في الاجتماع خلال فعاليات اليوم الأخير، اجتماعا لشبكة التنوع التابعة للمنظمة الدولية، كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم متعددة الأطراف.
وعُقدت كذلك طاولة مستديرة بين منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية.
وفي إطار فعاليات اليوم الأخير، ترأس سعادة الدكتور طامي بن أحمد البنعلي، الرئيس التنفيذي لهيئة قطر للأسواق المالية، رئيس اللجنة الرئاسية لمنظمة الأيسكو، اجتماع اللجنة الرئاسية للمنظمة، والذي يعد أحد أهم الاجتماعات الاستراتيجية على جدول أعمال منظمة الأيسكو.
وشارك في الاجتماع كل من سعادة السيد رودريغو بوينافينتورا، الأمين العام للمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (الأيسكو)، وسعادة السيد جان بول سيرفيه، رئيس مجلس إدارة المنظمة، فضلا عن حضور رؤساء اللجان والهيئات التابعة للمنظمة، وممثلي الدول الأعضاء، والعديد من المؤسسات المالية العالمية.
مركز إقليمي وعالمي
وعبر سعادة الدكتور البنعلي خلال اجتماع اللجنة الرئاسية عن سعادته بتواجد أعضاء منظمة الأيسكو والمشاركين في الدوحة، حيث رحب بتواجدهم في الدوحة، عاصمة قطر التي تشتهر بتراثها الغني ورؤيتها الاستراتيجية والتزامها الراسخ بالتقدم. وقال: تقف قطر اليوم كمركز إقليمي وعالمي، حيث تُملي التقاليد الحوكمة الحديثة، ويقود التحول الاقتصادي رؤية بعيدة المدى واستقرارا وابتكارا.
وأضاف سعادة الدكتور طامي بن أحمد البنعلي يقول إنه من المناسب للغاية أن نجتمع في قطر للاحتفال بحدث هام في المشهد التنظيمي العالمي - الاجتماع السنوي الخمسين لمنظمة (الأيسكو)، وقال إنه على مدى خمسة عقود، حافظت (الأيسكو) على نزاهة أسواق رأس المال، وعززت الشفافية والمرونة في مختلف الولايات القضائية.
وأكد سعادته أن هذا الحدث ذو أهمية خاصة بالنسبة لنا، إذ يصادف الذكرى العشرين لتأسيس هيئة قطر للأسواق المالية، فعلى مدى أكثر من ثلاثة عشر عامًا، ساهمت هذه المؤسسة بفخر وفعالية في رسالة منظمة (الأيسكو) والنقاشات العالمية المحيطة بها.
وأوضح سعادة الرئيس التنفيذي لهيئة قطر للأسواق المالية، أنه عندما نستعرض رحلة (الأيسكو) المستمرة منذ 50 عامًا، فإننا يجب أن نتأمل مدى التقدم الذي أحرزناه، من مواقع التداول إلى الأصول المميزة والبورصات اللامركزية، فما كان يستغرق أيامًا أصبح الآن لا يحتاج أكثر من ثوانٍ معدودات، وما كان إقليميًا في السابق أصبح الآن عالميًا، ويعكس تطور (الأيسكو) هذا التحول. فمن شبكة متواضعة من الهيئات التنظيمية الوطنية، أصبحت (الأيسكو) جهة عالمية تضع المعايير، وتمثل أكثر من 95% من أسواق الأوراق المالية العالمية عبر 130 ولاية قضائية.
صون الاستقرار المالي
وتابع سعادة الدكتور طامي بن أحمد البنعلي قائلا إنه وخلال الأزمات المالية والصدمات النظامية وموجات الابتكار، ظلت (الأيسكو) ملتزمة بمهمتها: حماية المستثمرين، والحفاظ على نزاهة السوق، وصون الاستقرار المالي. الآن، ومع بلوغنا آفاق الذكاء الاصطناعي، والأصول المشفرة، والرقابة الآنية، فإننا مدعوون مجددًا إلى القيادة بدلًا من الاكتفاء بالرد.
وأضاف سعادته: في عام 2023، بلغت أحجام التداول العالمية في الأصول الرقمية مستويات قياسية، حيث تجاوزت في بعض الأشهر 10 تريليونات دولار أمريكي. وقال: يُسلط هذا التوجه الضوء على التغيرات السريعة التي يشهدها السوق. وفي الوقت نفسه، أفادت العديد من المؤسسات المالية باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لمختلف وظائف السوق، كما تعتمد الجهات التنظيمية بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لتحسين المراقبة، ومراقبة الامتثال، والرقابة القائمة على البيانات، مؤكدا أن هذه التطورات ليست اتجاهات مستقبلية، بل هي حقائق حالية.
وأوضح سعادة الدكتور طامي بن أحمد البنعلي أنه واستجابةً لكل ذلك، اتخذت المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (الأيسكو) إجراءات هامة بإصدار إرشادات عالمية حول تنظيم الأصول المشفرة، والتمويل اللامركزي، والاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في أسواق رأس المال، ومع ذلك، فإن العمل الذي ينتظرنا لا يقتصر على مجرد وضع القواعد، بل من المهم التركيز على التنفيذ وبناء القدرات، والأهم من ذلك، يجب علينا ضمان بقاء حماية المستثمرين على رأس أولوياتنا طوال هذا التحول السريع.
وقال الدكتور طامي بن أحمد البنعلي إنه من منظور قطر، يُعدّ تحوّلنا الرقمي مبادرةً استراتيجيةً تتماشى بشكلٍ وثيق مع رؤيتنا الوطنية 2030، حيث تضع هذه الرؤية الابتكار الرقمي في صميم اقتصاد قائم على المعرفة ومتصل عالميًا، وتدعم الاستراتيجية الثالثة للقطاع المالي هذه الرؤية من خلال تسليط الضوء على أهمية التكنولوجيا المالية، والمرونة الرقمية، والتنظيم المرن.
بناء الثقة داخل أسواق رأس المال الرقمية
وأضاف أن الخطة الاستراتيجية لهيئة قطر للأسواق المالية 2023-2027، تركز على عدة مجالات رئيسية، بما في ذلك بيئة اختبار التكنولوجيا المالية، وأطر عمل الترميز، والعقود الذكية، وخدمات الاستشارات الآلية، وأنظمة التكنولوجيا التنظيمية المتقدمة (RegTech) وتكنولوجيا الإشراف (SupTech). بالإضافة إلى ذلك، نتعاون مع شركاء إقليميين وعالميين لضمان أن تظلّ أطر عملنا متوافقة، مدفوعةً بالابتكار، مؤكدا: يعكس هذا النهج التزام قطر بقيادة الطريق في إرساء لوائح رقمية موثوقة وجاهزة للمستقبل.
وأعرب الدكتور طامي بن أحمد البنعلي عن ثقته الراسخة بأن المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (الأيسكو)، يجب أن تتطور لتصبح رائدةً في بناء الثقة داخل أسواق رأس المال الرقمية. نحن بحاجة إلى إرساء مبادئ لا تقتصر على كونها ذات صلة على المستوى العالمي فحسب، بل تُعدّ للمستقبل أيضًا، مع التركيز القوي على حماية المستثمرين في كل ولاية قضائية، بغض النظر عن حجمها.