ندوة حول العنف ضد الأطفال في مؤتمر منع الجريمة
محليات
15 أبريل 2015 , 04:27م
الدوحة - قنا
أكد خبراء ومختصون دوليون أن العنف ضد الأطفال - في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية - لا يمكن تبريره، وأنه يتعين على الدول حماية الأطفال، بمن فيهم المخالفون للقانون، من جميع أشكال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان.
وشدد هؤلاء المتحدثون - في جلسة رفيعة المستوى اليوم، ضمن فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية بالدوحة - على ضرورة القضاء على فرص الإفلات من العقاب، وتوفير المساعدة للضحايا الأطفال حتى لا تتكرر الانتهاكات والإيذاء بحقهم، ووجوب معاملة الأطفال المحتكين بنظام العدالة - بوصفهم ضحايا أو شهودا أو مجرمين مزعومين أو مدانين - معاملة تحترم حقوقهم وكرامتهم، وتراعي احتياجاتهم.
كما شددوا على أن حق الجميع في الوصول إلى العدالة، وأن حق الأطفال ضحايا العنف أو الشهود والأطفال الأحداث المخالفين للقانون في أن يحصلوا على ما يحصل عليه البالغون من ضمانات وحماية قانونية، بما في ذلك كل ضمانات المحاكمة العادلة، وهذه الأمور مهمة جدا لتوطيد سيادة القانون من خلال إقامة العدل.
واستعرض المتحدثون في الجلسة - وعنوانها (العنف ضد الأطفال في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية) - استراتيجيات الأمم المتحدة، وتدابيرها العملية النموذجية للقضاء على العنف ضد الأطفال في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية، وطالبوا بتطبيقها بعد أن تم اعتمادها، وأشادوا بالدور المهم والحيوي الذي يقوم به مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات ومنع الجريمة، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في هذا المجال.
كما تناولوا - باهتمام - الدراسة العالمية التي أعدتها تايلاند والنمسا ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" بشأن القضاء على العنف ضد الأطفال، وحماية الأطفال المحرومين من الحرية.
ونوهوا إلى حقوق الأطفال في الحياة والتعليم والصحة والحماية، وعبروا عن القلق إزاء الإيذاء الثانوي لهم، الذي قد يحدث في إطار نظام العدالة، وحثوا جميع الدول على اتخاذ جميع التدابير الضرورية والفعالة، حسبما تقتضيه الحاجة، من أجل منع جميع أشكال العنف ضد الأطفال، وتقديم عناية خاصة لمسألة حقوق الطفل ومصالحه عند إقامة العدل، وعلى وضع سياسة شاملة لمنع الجريمة ونظام العدالة من أجل منع انخراط الأحداث في أنشطة إجرامية، وتعزيز استخدام تدابير بديلة.
ونبهت السفيرة تيشي فلسبيرقر - المنسق الوطني لمكافحة الاتجار بالبشر في النمسا، رئيسة الجلسة - إلى التأثيرات السالبة للعنف ضد الأطفال، نفسيا وصحيا واجتماعيا، مشيرة إلى المخاطر التي يتعرض لها الأطفال المخالفون للقانون، وأهمية أن تستجيب العدالة لحقوقهم، خاصة أنه ينبغي على القضاء حماية الضعفاء.
وقالت إن استراتيجيات الأمم المتحدة النموذجية في هذا المجال تدعمها الكثير من الدول والمنظمات ذات العلاقة، وإنه بعد اعتمادها أصبحت الدول تعتمد على صك يساعدها في إصلاح أنظمتها القانونية وتطوير الدور الذي تضطلع به في مجال نظم العدالة والتعليم، وتوفير البيئة المواتية لحماية الأطفال.
أما الأميرة باجراكيتي ماهيدول - ممثلة مملكة تايلاند في مكتب الأمم المتحدة بجنيف - فطالبت باتخاذ إجراءات صارمة وسريعة بحق مرتكبي العنف ضد الأطفال، أيا كان نوعه، الذي وصفته بأنه غير مبرر وغير إنساني، خاصة أن الأطفال هم الشريحة الأكثر هشاشة في المجتمع.
وشددت على ضرورة حماية حقوق الأطفال والمحافظة على سلامتهم من أجل السلم، وبناء مجتمعات مستدامة قائمة على سيادة القانون على المستويين الوطني والدولي، وعلى الالتزام بتعزيز حقوق الإنسان والطفل وسيادة القانون.
واستعرضت المبادرات المشتركة التي قامت بها تايلاند والنمسا في مجالات؛ مثل إحقاق العدالة ودعم حقوق الإنسان وغيرها من الأمور لحماية حقوق الأطفال، ومعالجة العنف ضد الأطفال، وكذا استراتيجيات الأمم المتحدة النموذجية في هذه المجالات، داعية جميع الدول إلى الالتزام بتطبيق اتفاقية حقوق الطفل، التي احتفل العالم مؤخرا بذكراها الخامسة والعشرين، والعمل على بناء عالم أفضل وأكثر أمنا للأطفال.
من ناحيتها استعرضت السيدة فاليري - رئيس قسم العدالة في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات ومنع الجريمة - مهام المكتب في مساعدة الدول لتطوير استراتيجيات ومعايير لمنع العنف ضد الأطفال، والشهود منهم على الجرائم، أيضا ودعم الدول الأعضاء لضمان حماية الأطفال ضمن نظم العدالة.
وقالت إن اعتماد استراتيجيات الأمم المتحدة وتدابيرها العملية النموذجية للقضاء على العنف ضد الأطفال في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية - خلال شهر ديسمبر الماضي - يشكل إنجازا كبيرا، يعبر عن التزام الدول الأعضاء بوقف هذا العنف، ويحمي الأطفال ضمن العدالة الجنائية.
ونوهت بأهمية تطوير مثل هذه الاستراتيجيات لمعالجة حاجات الأطفال وحمايتهم، بما يتماشى مع القانون الدولي، مع الأخذ في الاعتبار دور نظم العدالة والقطاعات الأخرى التي تهمهم من تعليم وصحة وغير ذلك، مشيرة إلى أن المكتب بالتعاون مع اليونيسيف قام بتطوير برنامج مشترك حول العنف ضد الأطفال، حَظِيَ بترحيب عالمي.
ولفتت في الوقت نفسه النظر إلى أنه نظرا لطبيعة القضية المعقدة، فلا يمكن تحقيق نتائج كبيرة في فترة وجيزة.
وتحدثت السيدة منى رشماوي رئيس قسم سيادة القانون في المفوضية السامية لحقوق الإنسان؛فأكدت أنه لا يجب وضع الأطفال في السجون وفي مؤسسات يُحرَمُون فيها من الرعاية والحياة، ويعانون في الوقت ذاته من القلق والإحباط والحرمان من الحرية.
وأضافت أن أي نظام عدالة عليه أن يتعامل مع الأطفال الذين يخرقون القانون، لكنها رأت أن الاستجابة في التعامل مع الأطفال الجناة خاطئة، خاصة إذا تم إبعادهم عن عائلاتهم وأصبحوا معرضين للعنف.
وقالت إن من المهم مساعدة الأطفال في الوصول للعدالة والقانون، داعية إلى رفع السن الأدنى للمسئولية الجنائية لـ22 سنة.
وتحدثت عن استراتيجيات الأمم المتحدة النموذجية المذكورة والدراسة العالمية حول الأطفال المحرومين من الحرية، وأوضاعهم، وأهمية خفض أعدادهم، وحقوق الأطفال الأخرى مثل الحق في الحياة وعدم التمييز، والتعبير عن آرائهم، والتحرر من العنف، كذا عن نظام قضاء الأحداث.
وحول الموضوع نفسه تحدثت السيدة أندي فيرجسون - المستشارة القانونية ومنسق إدارة السجون في وزارة العدل النرويجية - عن اتفاقية حقوق الطفل ونظم القضاء والعدالة المتعلقة بذلك، وما يتعرض له الأطفال من عنف أحيانا عقابا لهم على جرائم صغيرة ارتكبوها، وعن ضرورة التجاوب والاستجابة العالمية الواسعة لجرائم العنف ضد الأطفال.
وخلال هذه الجلسة تليت رسالة بَعَثَ بها للمشاركين السيد يوري فيدوتوف، المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، شدد فيها على أن العنف ضد الأطفال مسألة لا يمكن السكوت عليها، كونه يتسبب في إضعاف الشباب وإعاقة جهود التنمية المستدامة.
ونوه بضرورة أن يشعر الشباب والأطفال بالأمان، وبنظام عدالة جنائية لأجل حياة مستقرة.
وأوضح أن نحو 36 ألف طفل دون سن 15 كانوا ضحايا للعنف عام 2013، معربا عن فخر المكتب بالعمل مع اليونيسيف لتمكين الأطفال من طلب المساعدة، وتعزيز النظم المرتبطة بها.
وقال إن إعلان الدوحة الذي اعتمده هذا المؤتمر يهتم كثيرا بحماية الأطفال من أشكال العنف كافة ضدهم أو الإساءة إليهم، معربا عن قناعته بوجوب اتخاذ تدابير حازمة للقضاء على العنف الذي يدمر حياة الأطفال والشباب والأبرياء، لإعادة أمل الحياة لهم من جديد.
في ختام الجلسة جرى نقاش ومداخلات من الحضور حول استراتيجيات الأمم المتحدة النموذجية والتدابير العملية المرتبطة بها لحماية الأطفال.
وفي هذا السياق أعربت السيدة نور إبراهيم السادة - من بعثة دولة قطر في جنيف - في مداخلتها عن دعم قطر للدراسة العالمية حول الأطفال المحرومين من الحرية، وتطلع الدولة لتنفيذها.
يُذكَر أن استراتيجيات الأمم المتحدة وتدابيرها العملية النموذجية للقضاء على العنف ضد الأطفال في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية - التي تناولها المتحدثون في الجلسة - تم إعدادها من أجل معاونة الدول الأعضاء على تناول الحاجة إلى وضع استراتيجيات متكاملة، بشأن منع العنف وحماية الأطفال، مما يكفل للأطفال الحماية التي هي حق لهم لا مراء فيه.
وتراعي الاستراتيجيات والتدابير العملية النموذجية الأدوار التكاملية التي يؤديها نظام العدالة من ناحية، والقطاعات المعنية بتوفير الحماية والرعاية الاجتماعية والخدمات الصحية والتعليمية للأطفال من ناحية أخرى، وذلك من حيث إرساء مناخ حمائي، ومنع أعمال العنف ضد الأطفال والتصدي لها.
وتلفت الانتباه إلى ضرورة أن تكفل الدول الأعضاء استخدام القانون الجنائي استخداما ملائما وناجعا، من أجل تجريم شتى أشكال العنف التي تمارس ضد الأطفال، بما فيها أشكال العنف التي يحظرها القانون الدولي.
كما تأخذ الاستراتيجيات والتدابير العملية النموذجية بعين الاعتبار أن الأطفال الذين يُدعَى أنهم انتهكوا القانون الجنائي، أو يتهمون بذلك أو يثبت عليهم ذلك - خاصة من كان منهم مسلوب الحرية - إنما يواجهون مخاطر عنف جمة، ولما كان من الواجب تحقيق عناية خاصة لوضع هؤلاء الأطفال شديد الهشاشة فإن الاستراتيجيات والتدابير العملية النموذجية لا تقتصر على السعي إلى تحسين فعالية نظام العدالة الجنائية من حيث منع العنف الممارس ضد الأطفال والتصدي له، إنما تسعى أيضا إلى حماية الأطفال من أي عنف قد ينتج عن احتكاكهم بنظام العدالة.
وتأخذ الاستراتيجيات والتدابير العملية النموذجية في الحسبان أن بعض مرتكبي أعمال العنف ضد الأطفال هم أنفسهم أطفال، وأن الحاجة إلى حماية الأطفال الضحايا في تلك الحالات لا يمكن أن تنفي حقوق جميع الأطفال المعنيين في مراعاة مصالحهم الفضلى باعتبارها أمرا ذا أولوية أولى.
وتصنف الاستراتيجيات والتدابير العملية النموذجية ضمن ثلاث فئات عريضة: استراتيجيات منع عامة؛ ترمي إلى تناول العنف ضد الأطفال بوصفه جزءا من مبادرات أوسع نطاقا، تكفل حماية الأطفال ومنع الجريمة، واستراتيجيات وتدابير ترمي إلى تحسين قدرة نظام العدالة الجنائية على التصدي لجرائم العنف التي ترتكب في حق الأطفال، وإلى حماية الأطفال الضحايا على نحو فعال، واستراتيجيات وتدابير ترمي إلى منع العنف الممارس ضد الأطفال المحتكين بنظام العدالة والتصدي له. وهناك ممارسات جيدة لكي تنظر الدول الأعضاء في إدراجها ضمن إطار نظمَتْها القانونية الوطنية لتُستَخدَم بطريقة متسقة مع الصكوك الدولية المنطبقة، بما فيها الصكوك المتعلقة بحقوق الإنسان، ومع مراعاة معايير الأمم المتحدة وقواعدها ذات الصلة في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية.
وينبغي أن تسترشد الدول الأعضاء بتلك الاستراتيجيات والتدابير العملية النموذجية بأقصى قدر تسمح به مواردها المتاحة، بل في إطار التعاون الدولي حيثما اقتضت الضرورة ذلك.