تؤكد أن الاندماج في بريطانيا «سهل وصعب».. سلمى الحمادي تتمسك بشمعة العلم في مدينة الضباب

alarab
محليات 15 يناير 2021 , 12:25ص
الدوحة - العرب

الغرب مبهر.. وأكثر ما يعجبني فيه المستوى التعليمي

لندن مدينة عالمية.. لكني لم أضيّع فيها بوصلتي

المبتعث مجبر على تقبل بعض التصرفات في المجتمع البريطاني

تجربة الغربة تحمل الكثير من الفوائد.. أهمها الانفتاح على الآخر

لم تكتف الشابة سلمى أحمد الحمادي بشهادة البكالوريس في القانون التي حصلت عليها من جامعة قطر، بل اختارت الغوص أكثر والتعمق في تخصصها، وحطت رحالها بمدينة الضباب لندن، لاستكمال دراستها هناك والحصول على شهادة الماجستير في القانون التجاري وتحديداً قانون الاستثمار بكلية الحقوق في العاصمة الإنجليزية، وتجتهد سلمى وتواجه كل التحديات والعوائق للتمكن من تحقيق الهدف والعودة إلى الوطن كادراً علمياً وأكاديمياً متحفزاً لخدمة المجتمع.

لم يكن مشوارها سهلاً؛ إذ كان عليها الحفاظ على هويتها والعيش في جلباب ثقافتها ومبادئها الدينية والمجتمعية وسط عشرات المبتعثين من جنسيات وثقافات مختلفة. «لندن مدينة عالمية، تجمع كل الأجناس وتتعايش فيها كل الأعراق، ورغم كل ما يحملونه من اختلافات، إلا أني لم أنسَ يوماً هويتي ولم أضيّع فيها بوصلتي»، هكذا تقول سلمى التي التقتها «العرب» لتتعرف أكثر على مشوارها في رحلة الابتعاث، وكيف قضت أيام الغربة في المجتمع الغربي.

دور الأسرة
يحتاج خوض تجربة الابتعاث وما يتبعها من ترك الأسرة إلى تشجيع ودعم كبيرين، فليس من السهل على أي أسرة دفع أحد أبنائها إلى الاغتراب وخصوصاً إذا كان بنتا، وهنا تروي سلمى تجربتها هذه مع الأسرة بهذا الشأن: أولاً بدأت التفكير في الفوائد الأكاديمية والأهداف المهنية التي أستطيع الحصول عليها من الدول الأجنبية، والخبرات التي سأجنيها من خلال احتكاكي بطلاب أجانب يعتمدون مناهج علمية مختلفة ومغايرة لتلك التي أخذتها سابقاً، وهو ما سوف يساعدني على تحقيق ما أطمح إليه في المستقبل، ومن ثمّ اتخذت قراراً بخصوص تخصص الدراسة والدولة التي سوف أدرس بها، وتناقشت مع عائلتي كل التفاصيل، وقد شجعتني العائلة على مواصلة تعليمي في الخارج وتحقيق طموحي، وكذلك وجدت الكثير من التشجيع والدعم من الموظفين والمديرين في مجال عملي وبالشركة التي أعمل بها وهي شركة حكومية تسعى لجلب الاستثمارات الأجنبية إلى قطر، وهو ما أسعى إلى التمكن فيه، والعمل على إتقانه من خلال دراستي، كي أحقق للشركة والوطن الأهداف المسطرة.


تحديات الغربة
وعن التحديات التي واجهتها في بداية حياتها كمبتعثة، تقول سلمى: لم يكن الاندماج صعباً لكنه ليس سهلاً كذلك، فأنت مجبر على التعايش مع ثقافة جديدة وتقبل بعض التصرفات المتداولة في المجتمع البريطاني والتي هي مرفوضة في مجتمعنا وبلدنا، وأيضاً هناك بعض الأمور والتصرفات تكون مقبولة في بلدنا، ولكن تكون منبوذة أو غير مستحبة ذكرها في المجتمع الغربي، إضافة إلى صعوبة الاندماج مع الطلاب الآخرين من جنسيات مختلفة، بسبب اختلاف الثقافات والخلفيات المعرفية والأعراق والأديان، وفي هذه الحالة يجب أن نتمتع بالمرونة في التعامل مع زملائنا من بلدان متنوعة، وأن نتفهّم الاختلاف ونستفيد من ثقافاتهم وعلمهم، وهي فعلاً القواعد التي أطبقها في علاقتي بالطلبة الآخرين، وهو ما مكنني من عقد علاقات مع زملاء في الدراسة أصبحوا أصدقاء لي بعد أن أمضينا فترة مع بعضنا في الدراسة، وهناك جانب إيجابي كبير آخر لهذا التنوع والاختلاف، خصوصاً على الصعيد المهني، فقد استطعت أن أتعرف على العديد من الطلبة الذين يمارسون نفس عملي ولديهم نفس بروفايلي المهني، وهو ما ساعدني على توسيع مداركي، ومعارفي في مجال دراستي وعملي.

مكاسب شخصية
تعلمت سلمى الكثير من الغربة وحققت مكاسب على المستوى الشخصي، مثل الاعتماد على النفس والتنظيم أيضاً، إضافة إلى المكاسب التعليمية الكثيرة، وتقول في هذا الجانب: من البديهي أن يمر الطالب في غربته بالعديد من المواقف والتجارب التي تساعد على اكتساب العديد من المهارات والخبرات الحياتية، وهذا الأمر سيؤثر في حياته بصورة إيجابية جداً، كما أن فرصة التعامل مع الآخر المختلف في ثقافته وعرقه وعاداته وتقاليده تزداد بصورة واسعة في الغربة، وهو ما يعلمك كيفية التعامل مع الآخرين، ويعزز مهارات التواصل لديك. 
وتضيف: كما أنني تعلمت في الغربة الموازنة بين الأمور، إذا إن لندن من المدن المحببة للقطريين ومن الوجهات المفضلة لديهم، الأمر الذي كاد أن يكون من معوقات النجاح بالنسبة لي لولا أنني تداركت الأمر، فعند وصول أحد من الأهل أو الأصدقاء إلى لندن كنت أضطر للبقاء معهم خلال فترة سفرهم، وقد يكون ذلك على حساب دراستي، لكنني نجحت في المعادلة بين المجاملات والدراسة.
وتواصل سلمى: الغربة مكان جديد، وهذا يمنحك فرصة للتعرّف على كل ما يخص هذا المكان من معالم وآثار وتاريخ وثقافة، سواءً في الأكل أو طريقة الحياة أو أسلوب اللبس أو المواصلات، باختصار كل ما يتعلّق بالمكان، وهذه فرصة طيبة لتعرف شيئاً جديداً وتقارنه بالموجود لديك في بلدك، كما أن الاحتكاك مع الجنسيات المختلفة التي يقابلها المغترب يمثل فرصة جيدة للتعلّم منهم، وهو ما يجعل الفرد أكثر انفتاحاً على العالم الخارجي بعيداً عن أرض وطنه، فالمغترب لا يتعامل مع أشخاص يشبهونه ممن اعتاد عليهم، بل يلتقي كل يوم أشخاصاً جدداً، ولا شك أن التواصل مع ثقافات أخرى والاندماج في مجتمعات غربية له الكثير من المزايا بالنسبة للطلبة، حيث يتمكنون من التعرف على عادات وتقاليد غير تلك التي ربوا فيها، إضافة إلى الانفتاح على عالم آخر مختلف يعتبر أكثر تطوراً وأكثر تنظيماً من عالمنا العربي.
تعتبر سلمى الحمادي أن الغرب مبهر وفيه الكثير من المميزات، لكن أكثر ما يجذبها هو المستوى التعليمي المرتفع والعالي، وكذلك القوة الدراسية والتعليمية، وتقول: المملكة المتحدة نقطة تجمع دولية، وخصوصاً لندن التي تجمع مختلف جنسيات العالم، وهو ما يخلق فسيفساء بشرية جميلة في أبهى صورها، نظراً للتعايش بين جميع تلك الجنسيات، وقدرتها على التأقلم والتناغم مع بعضها البعض، وهو ما يجعلك أكثر انفتاحاً على العالم وعلى الجنسيات والثقافات الأخرى.

مجال غير روتيني
طموحات سلمى العلمية غير محدودة، فهي التي اختارت مجالاً وصفته بأنه المجال الذي لا يعرف الروتين، فالقانون وتحديداً القانون الدولي للاستثمار من التخصصات المتجددة التي تعرف جديداً كل يوم، نظراً للتغيرات الدولية في القوانين وتغير العمل الدولي، وتحتاج إلى متابعة دائمة من المتخصصين فيها حتى يتمكنوا منها ويكونون على دراية بكل تفاصيلها، وتطمح سلمى إلى إكمال الدراسات العليا، لكنها حتى وإن لم تتمكن من ذلك فستعوض ذلك من خلال الدورات التعليمية الدورية.
وتؤكد سلمى أن الدولة تقوم بدور مهم جداً وتقدم دعماً لا يقل أهمية عن الدعم الأسري في إنجاح برنامج الابتعاث، وترى أن دعم الدولة للطلبة المبتعثين يأتي ضمن جهودها لإرساء قواعد العلم والمعرفة؛ لدفع الشباب القطري نحو النجاح وتأهيلهم لخدمة الوطن على أكمل وجه.
وتضيف سلمى إلى ما سبق: إن الدولة سبّاقة دائماً إلى دعم كل ما يتعلّق بطلب العلم سواء في الداخل أم الخارج، بلا شك، فهي حريصة من خلال الجهات المختصة على المتابعة الدائمة لنا خلال الدراسة، والوقوف على كل احتياجاتنا، سواء من سكن أو كل ما يتعلق بإقامتنا في غربتنا، وهو ما يشكل حافزاً كبيراً للنجاح والتفوق لرد الجميل مستقبلاً للوطن.