مريم العطية في حوار لـ «العرب»: نساند جهود إنجاح المونديال

alarab
حوارات 14 ديسمبر 2022 , 12:41ص
حسن المحمدي وحامد سليمان

نعمل على تعزيز الوعي بمفاهيم حقوق الإنسان 

ظللنا نقيم أوضاع العمال في منشآت ومشاريع كأس العالم

نعمل كذراع يمنى داعمة ومساندة.. واللجنة تتبع نهجاً مؤسسياً

درجنا على عقد شراكات محلية ودولية تصب في المصلحة الحقوقية

المنتدى الوطني الأول رسَّخَ قيم التسامح والتضامن الدولي

 

أكدت سعادة السيدة مريم بنت عبد الله العطية رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أن اللجنة ظلت تعمل منذ نشأتها لضمان واحترام حقوق الإنسان، وتركز جهودها لنشر الوعي بالمفاهيم الحقوقية وضرورة الالتزام بها لحفظ كرامة كل من يعيش على أرض دولة قطر.
وقالت في حوار خاص لـ «العرب» إن اللجنة منذ اختيار دولة قطر لإقامة مونديال كأس العالم 2022، تعمل كذراع يمنى مساندة لجهود الدولة من خلال رصد الأوضاع المتعلقة بحقوق الإنسان ومخاطبة الجهات المعنية إذا تطلب الأمر، وإصدار تقارير دورية تتضمن معلومات تتوفر فيها معايير النزاهة والشفافية.
وأضافت: إن اللجنة بحكم مرسوم تأسيسها تعمل كلجنة مستقلة، ولا تخضع لأي ضغوط سواء كانت من داخل أو خارج قطر.. وإلى تفاصيل الحوار:

 هل يمكن أن تحدثينا عن الخطوات التي خطتها اللجنة الوطنية لضمان احترام حقوق الإنسان خلال السنوات الماضية التي كانت دولة قطر منهمكة في التحضير لكأس العالم؟
تعمل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان على ضمان حماية وتعزيز حقوق جميع فئات المجتمع، وتركز جهودها لنشر الوعي بمفاهيم حقوق الإنسان وضرورة الالتزام بها لحفظ كرامة كل من يعيش على أرض دولة قطر، وظلت اللجنة تراقب عن كثب التطورات التي صاحبت اختيار دولة قطر لإقامة مونديال كأس العالم 2022 على أراضيها، لرصد وتقييم واقع حقوق الإنسان لاسيما بعد أن أصبحت دولة قطر كورشة عمل للاستعداد لاستقبال هذا الحدث العالمي.

المنتدى الوطني لحقوق الإنسان
 عقدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مؤخراً المنتدى الوطني الأول لحقوق الإنسان مع التركيز على كأس العالم.. لماذا جاء المنتدى في هذا التوقيت؟
تحرص اللجنة على مواكبة جميع الأحداث المحلية والإقليمية والعالمية فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، وبما أن مونديال كأس العالم فيفا – قطر 2022 يعتبر حدثاً عالمياً يجمع جنسيات العالم المختلفة في مكان واحد، كان لابد أن يكون للجنة دورها المتميز في هذا الخصوص، وبالتالي فإن المنتدى جاء لخلق منصة حوار وطني مع الجهات المعنية في الدولة، وتعريف المجتمع القطري بشكل عام والعاملين في مؤسسات إنفاذ القانون بالحق في الرياضة، ونماء الكرامة الإنسانية وتعزيز قيم التسامح والتضامن الدولي، خاصة أن المونديال يجمع جنسيات وديانات وثقافات مختلفة مما يتطلب ذلك ضرورة نشر الوعي بهذه القيم الإنسانية، وأهمية مقاربة حقوق الإنسان في عمل مؤسسات إنفاذ القانون في إطار الأداء الوطني.

 ولماذا كان محور المنتدى عن دور مؤسسات إنفاذ القانون في حماية حقوق الإنسان؟
لا شك أن لمؤسسات إنفاذ القانون دورا أصيلا في تحقيق العدالة وبث الأمن والطمأنينة بين أفراد المجتمع وعلى وجه الخصوص في مثل هذه المناسبات، وبالتالي كان لابد من تناول هذا الجانب فيما يختص بحقوق الإنسان ومناقشة الدور الذي تمارسه مؤسسات إنفاذ القانون في إطار تنظيم مونديال قطر 2022، والأطر القانونية التي تشكل أساساً لأداء أعضاء قوة الشرطة القطرية في تحقيق أمن المونديال والتعامل مع جمهوره، وللتعريف بدور مؤسسات إنفاذ القانون واحترام حقوق الإنسان في سياق ضبط السلوك الفردي والجماعي خلال مونديال قطر 2022 من خلال الرؤية الأمنية والاجتماعية والقانونية، والتركيز على ضرورة احترام التنوع الثقافي مقابل احترام الذاتية الثقافية الوطنية، كما أن المنتدى لم يغفل الضرورات الموضوعية والإنسانية التي تضع الرياضة بوصفها نشاطاً إنسانياً خلاقاً ضمن منظومة حقوق الإنسان، الحيز الذي يشغله الاهتمام الوطني بالرياضة.

  هل حقق المنتدى الأهداف المرجوة التي عُقِد من أجلها؟
بالطبع.. كانت نتائج وتوصيات المنتدى مبهرة للجميع، ونجح في خلق منصة حوار ثري يجمع الأطراف ذات الصلة بحقوق الإنسان، وكشف عن استعدادات تلك الجهات لاستقبال المونديال بعد أن عملت الدولة على توفير جميع المعينات والمتطلبات التي تحقق النجاح المطلوب.

خطط ومبادرات
 هل لديكم خطط ومبادرات خاصة بكأس العالم للتعامل مع قضايا حقوق الإنسان؟ هل يمكنك مناقشة بعض هذه الخطط؟ ومن هم شركاؤكم في ذلك؟
تعمل اللجنة وفقاً للنهج المؤسسي، ودرجت على عقد شراكات عبر مذكرات تفاهم مع جهات ذات صلة بحقوق الإنسان وأقامت برامج وأنشطة مع تلك الجهات كل فيما يخصه والتي تصب جميعها في ضمان حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وتتعدد شراكاتها المحلية والدولية، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن للجنة شراكة مع وزارة العمل واللجنة العليا للمشاريع والإرث والفيفا وجمعية الهلال الأحمر القطري ومطار حمد الدولي وغيرها من الجهات، وعلى الصعيد العالمي هناك حزمة مقدرة من مذكرات التفاهم نذكر منها الشراكة بين اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والبرلمان الأوروبي حيث عقدت العديد من جلسات الاستماع والاجتماعات بمقر البرلمان في إطار تلك الشراكة، والتأكيد على أهميتها في تحقيق التطور المطلوب في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان وتأطير التعاون بين الجانبين.

 هل يفهم من مبادراتكم الأخيرة المتمثلة في عقد المنتدى بأنكم تعملون مع مؤسسات إنفاذ القانون خلال فترة كأس العالم؟ أم ستكتفون بمراقبة الوضع؟
تتكامل جهود جميع مؤسسات الدولة خلال تنظيم مونديال كأس العالم في قطر، كل في مجاله، وبدورها ستعمل اللجنة كذراع يمنى مساندة وداعمة لتلك الجهود وفقاً للاختصاصات المنصوص عليها، والتي تركز على الجانب التوعوي والوقائي والرقابي، والتعريف بالحقوق والواجبات ومساندة جمهور كأس العالم عند طلب المساعدة عبر الآليات والمنصات المختلفة التي وفرتها اللجنة لهذا الحدث.

هجوم وانتقادات
 ما رأيكم في الهجوم العنيف والانتقادات التي تتعرض لها دولة قطر بمناسبة بطولة كأس العالم؟
اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان كانت وما زالت تراقب وتتابع عن كثب منذ فوز دولة قطر بشرف استضافة كأس العالم؛ كل ما يثار حول أوضاع حقوق الإنسان بالدولة وتقف على حقيقته بغض النظر عن مصداقية المصدر، وأن غالبية ما يثار كان لا يعبر عن حقيقة الأوضاع، وعلى الرغم من ذلك قمنا بتوجيه الدعوات المتتابعة للعديد من المنظمات الحقوقية الدولية بما في ذلك المقررون الخواص بالأمم المتحدة وممثلو البرلمانات العالمية ليطلعوا على الحقائق بكل شفافية.
ونثمن هنا الاستجابة السريعة من قبل الدولة وفتح أبوابها لكافة الوفود والبعثات التي دعتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان للوقوف على أرض واقع حقوق الإنسان بدولة قطر، ونشير إلى أن دولة في العقد الأخير توسعت التزاماتها الدولية وصادقت على 7 من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية الأساسية من أصل ٩ متعلقة بحماية وتعزيز حقوق الإنسان وهذا ما ترتب عليه تسارع الخطوات لتعديل وتطوير التشريعات الوطنية بما يتوافق مع التزاماتها الدولية.
ونشير إلى أن كافة البعثات الأممية والوفود الأوروبية التي زارت الدولة أشادت بهذه التطورات التشريعية ووصفتها بغير المسبوقة في المنطقة، وأن بعض الوفود الأوروبية أكدت أن ما يوجد في دولة قطر من احترام لحقوق الإنسان لا يوجد لديهم في بلدانهم الأوروبية، بل أقر بعض ممثلي البرلمانات الأوروبية بأن في دولهم لا تحترم حقوق العمالة كما وجدوها في دولة قطر. 
 كذلك هناك جهات ستستمر في كتابة التقارير وتتهم قطر بانتهاكات حقوق العمال خلال فترة كأس العالم.. كيف ستتعامل اللجنة مع مثل هذه التقارير والاتهامات؟ وهل أنتم مستعدون للتعامل مع مثل هذه القضايا أم سيترك الرد عليها للجهات الحكومية المعنية؟
اللجنة ليست معنية بالرد على مثل هذه التقارير، ولكن نعمل من جهتنا على رصد الأوضاع المتعلقة بحقوق الإنسان ومخاطبة الجهات المعنية إذا تطلب الأمر، وتصدر تقارير دورية تتضمن معلومات تتوفر فيها معايير النزاهة والشفافية، واللجنة بحكم إنشائها فهي تعمل كلجنة مستقلة لا تخضع لأي ضغوط سواء كانت من داخل أو خارج قطر، ويمكنني القول إن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان هي أول من نبهت إلى ضرورة النظر في أوضاع العمال العاملين في مشاريع الإنشاءات وكان ذلك في أول تقرير لها عام 2005م، ومنذ ذلك الحين كانت اللجنة تعمل باستمرار لرصد أوضاع وواقع حقوق الإنسان، وتوجه ملاحظاتها، إن وجدت، للجهات الرسمية، التي بدورها تستجيب لملاحظات اللجنة من خلال توفيق الأوضاع وتطوير القوانين والتشريعات المعنية.
ويمكن القول إن القوانين المنظمة للعلاقات العمالية في تطور مستمر ومتسارع، وقد تفاعلت الدولة مع ملاحظات اللجنة وأدخلت التعديلات في القوانين ذات الصلة بالعمال وعلى سبيل المثال التطورات التشريعية في قانون العمل القطري من حيث إلغاء نظام الكفالة ومأذونية الخروج، وتطوير نظم حماية الأجور وحمايتها، وإنشاء صندوق لدعم العمال، وتطوير سبل الانتصاف والوصول للعدالة من خلال إنشاء لجنة فض النزاعات. إضافة إلى قانون المستخدمين في المنازل، وتحسين ظروف العمل في العديد من المجالات.

كتيبات ومنشورات توعوية
 ما أهمية كأس العالم في تسليط الضوء على التزام قطر بحقوق الإنسان؟ وهل ستصدر اللجنة كتيبات ومنشورات توعوية بهذا الشأن؟
تتمثل أهمية كأس العالم في أنه سلط الضوء على دولة قطر، والتي بدورها هيأت نفسها جيداً من جميع النواحي لاستقبال هذا الحدث فيما يتعلق بالنواحي التشريعية والقانونية والأمنية ومجالات البنى التحتية وتوفير كل ما من شأنه حفظ كرامة وحقوق أفراد المجتمع وجماهير كأس العالم، وتجدر الإشارة إلى أن من أولى أولويات دولة قطر تأمين حياة كريمة للعمالة الوافدة، وتحقيق نظام ملائم لاحتياجات كل من العمال وأصحاب العمل، قد أشادت أهم مجموعات حقوق الإنسان ومنظمات الأمم المتحدة بإصلاحات دولة قطر، مما يجعلها رائدة في منطقة الخليج فيما يتعلق بإصلاحات سوق العمل.
وفيما يتعلق بإصدارات اللجنة، فإن العمل في نشر الوعي مستمر وقد خصصت اللجنة حزمة متنوعة من الإصدارات التوعوية لجماهير كأس العالم بلغاتهم المختلفة والتي يحصلون عليها بمجرد وصولهم لمطار حمد الدولي، ونشير هنا إلى أن اللجنة وتنفيذا لمذكرة تفاهم مع مطار حمد الدولي خصصت مكتبا لها، يعمل على مدار الـ 24 ساعة لتوجيه جمهور كأس العالم وتعريفه بالحقوق والواجبات ومساعدته من خلال كتيبات تعريفية توضح كل ما يحتاجه الزائر لقطر، بما في ذلك أرقام الخط الساخن للجنة الوطنية لحقوق الإنسان عند الحاجة.

نجاحات وخطط
 وما هي أهم النجاحات التي قامت بها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان على الصعيد المحلي والدولي؟ وما هي الخطط التي تسعى لها مستقبلاً؟
تزامن انعقاد مونديال قطر 2022 مع مرور 20 عاماً لتأسيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وبهذه المناسبة حرصت اللجنة على إصدار كتاب يرصد جميع الإنجازات التي حققتها اللجنة خلال هذه المسيرة الطويلة سواء كان على المستوى المحلي أو الإقليمي والعالمي، ولا شك أن إنجازات اللجنة تتحدث عن نفسها عبر المنصات الإعلامية المختلفة، ونؤكد أن كل هذه النجاحات تشكل دافعاً قوياً لمزيد من الإنجازات مع التمسك المستمر بقيم الشفافية والنزاهة والعدالة لتحقيق الرسالة الإنسانية التي من أجلها تأسست اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، ونحن مستمرون في نهجٍ لن نحيد عنه، سيما وأن اللجنة تجد الدعم والمساندة من الحكومة لتقوم بدورها المنصوص عليه في اللوائح والقوانين والمرجعيات والتشريعات الحقوقية المحلية والدولية.