من سره أن ينظر إلى مستقبل الإبداع فليذهب إلى معرض مبدعي الفنون البصرية الذي تنظمه وزارة التربية والتعليم بالشراكة مع متاحف مشيرب بدءا من مجسم على شكل كتاب كتب في صفحته الأولى «إن العلم نور» وفي الصفحة المقابلة «بالعلم تبنى الأمم» وصولا الى لوحة تظهر تاج العلم وتحليقه في آفاق بعيدة.
يقام المعرض في بيت بن جلمود بمشيرب، تحت شعار «فن يعكس التغيير نحو الاستدامة»، وتشارك فيه المدارس الحكومية والدولية والخاصة بمختلف المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، 450 عملًا فنيًا من إبداع الطلبة والمعلمين وموجهي الفنون البصرية.
لكن حجم الابداع والأفكار يجعل الزائر منحازا إلى الجمال الفني لأسباب أهمها قدرة الطلاب في مختلف المراحل التعليمية على تحويل المواد البسيطة من الخشب والكارتون والحديد وكافة الأدوات المهملة إلى كائنات تسبح في فضاء إبداعي يرتبط في أغلب الأحيان بواقع وتراث بلدنا الحبيبة قطر.
أما السبب الآخر فهو إدراك الزائر لوعي وفكر المبدعين المشاركين وخاصة الصغار منهم، بواقعهم الذين يظهر ارتباطهم الوثيق بواقعهم ومحاولات تغييره إلى الأجمل فنا وذوقا ومتعة بصرية، إلى جانب قدرتهم على تحويل الأشياء من حولهم إلى مواد تسر الناظرين.
وعلى الرغم أن المعرض يرفع شعار البيئة والاستدامة والتغيير وهو واضح تماما لكن الأمر الأهم هم إدراك الفنانين والمبدعين للعديد من الأمور أولها القضايا المحلية فالتراث القطري يظهر جليا سواء البحري في أعمال البحر والمراكب وإبداع لوحات عن البحر والصيد أو تصميم أعمال تركيبية وألعاب فنية مستوحاة من التراث البحري في قطر، فضلا عن الاهتمام بالتراث البري في قطر في لوحات تعكس الصحراء وما فيها من حيوانات وطيور.
كما لم يغفل المبدعون التعبير في أعمالهم التشكيلية حب الوطن في لوحات الخط العربي التي نقلت أبياتا من النشيد الوطني، النهضة الحضارية التي تشهدها دولة قطر فزينت الابداعات الأبراج الشاهقة والمشاريع الكبرى التي تظهر مواكبة قطر للتطور العمراني مع التمسك بالهوية والتراث.
وعكست إبداعات الفنانين من الصغار والكبار وعيهم ورؤيتهم لمستقبلهم ومسارهم العلمي، وكذلك إدراكهم لأهمية لقضايا البيئية والاستدامة الخضراء وحفظ تراثهم والاعتزاز بماضيهم والافتخار بحياتهم اليوم، وهم في كل ذلك جزء من الأمة العربية الكبرى وقضايا في القلب خاصة القضية الفلسطينية.
يستمر المعرض الذي يقام بإشراف قسم الفنون البصرية والمسرح في وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، حتى نهاية نوفمبر الحالي، وتعقد على هامشه سلسلة ورش تدريبية فنية تخصصية يديرها نخبة من الخبراء والباحثين في مجالات الفنون والتربية والاستدامة.