د. حسن البريكي: التكافؤ بين الطرفين أساس الزواج الناجح
خالد المفتاح: 3 آيات تحدد المثلث الذهبي للزواج المستدام
أكد عدد من الخبراء والمختصين أهمية الطاعة بالمعروف وما يرافقها من حقوق وواجبات في الحياة الزوجية، إلى جانب الصبر، والتغافل عن الأخطاء لدوام العشرة الطيبة وتحقيق الاستقرار في الحياة الزوجية، منوهين بتوافر القيم الأخرى مثل التسامح والمودة والرعاية بين الأزواج، واستخدام الذكاء العاطفي في إدارة العلاقات فيما بينهم وتعزيز مهارات التواصل ومشاركة المسؤوليات الأسرية لضمان إنجاح مؤسسة الزواج.
وقالوا لـ «العرب» إن الثقة والوفاء والتوافق هي حجر الأساس لأي زواج ناجح، فضلا عن مجموعة من العوامل المترابطة وهي التواصل، الاحترام، التفاهم، الدعم، الالتزام، التعاون، المودة، الشفافية، لافتين إلى خطورة عدم الانسجام مع الشريك وغياب التوافق النفسي والفكري وصعوبة اكتشاف شخصية الشريك، والتي تساهم في انعدام التوافق وظهور الخلافات خلال السنة الأولى من الزواج.
الأركان الرئيسية
وأوضح الباحث الأكاديمي والمأذون الشرعي خالد مفتاح أن نجاح الزواج المميز يكمن في معرفة الأركان الرئيسية: 1- مقدمات الزواج التهيئة النفسية والاجتماعية والمالية. 2- فقه الحالة والمعين ومعرفة الثابت والمتغير. 3- أحكام الزواج العامة الخطبة وعقد الزواج وأركانه وحقوق الزوجين وضبط مصالحه ودرء مفاسده وتحديد مساحة العرف والعادة. 4- مقاصد الزواج؛ غاياته وأهدافه العليا الكبرى والجزئية التفصيلية والتفريق بين مقدماته ووسائله ومقاصده.
وأوضح أن الزواج المستدام يتحدد في قوله تعالى {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها} تقوى الله: الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل. وحديث (اتقوا الله في النساء) و(خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).
كما يتحدد في قوله تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها} حيث استدامة السكن والطمأنينة والميل لبعضهما. وهذا ما أشار إليه قانون الأسرة ( 22 ) لسنة (2006) في مادته (9) أن الزواج عقد شرعي بين رجل وامرأة على وجه الاستدامة غايته السكن والاحصان.
وأشار إلى قوله تعالى {وجعل بينكم مودة ورحمة}، مبينا أن المودة هي محبة خالصة مقرونة بعمل يظهرها ويجليها بحيث يتودد المحب بما يظهر محبته، ويحرص كل منهما على إظهار المحبة قدر وسعه، وهي صفة تبعث على حسن المعاملة سببها الزواج.
ولفت إلى أسباب الألفة بين الزوجين التي حددها الماوردي وهي «الدين والنسب والمصاهرة والمودة والبر». منوهاً أن «الرحمة» هي انفعال وفعل معاً؛ فهي رقة في النفس وعطف قلوب الزوجين بعضها على بعض؛ وهي الشفقة ورحمة الزوج بالزوجة والابناء أن يصيبهم بسوء؛ وتقتضي إيصال المنافع والمصالح إلى العبد؛ وهي رحمة مكتسبة مرغوبة.
أساس النجاح
من جانبه، أكد الدكتور حسن البريكي مستشار أسري بمركز وفاق، أن كل طرف يحتاج منذ بدايات التعارف إلى الاحساس بأن الطرف الثاني يلبي احتياجاته ويشعره بالراحة، وذلك لا يتحقق إلا بوجود تكافؤ وتوافق يضمنان القدرة على تكملة بعضهما.
وذكر الدكتور البريكي حالة مرت عليه حيث أصر الزوج على الطلاق بسبب تفوق زوجته في المستوى التعليمي، ويقول: ما زلت أذكر الحرقة التي كان يتحدث بها الزوج، والعبرة تخنقه حين تحدث عن نظرات زوجته التي كانت تحتقره، وكانت تتعمد إهانته والتقليل من شأنه، وبعد الطلاق أكد أنه لن يتزوج من امرأة تعلوه علمياً مهما حدث، حيث قال لي بالكلمة: «أنا تايب يا دكتور».
ويقسم الدكتور البريكي العلاقة الزوجية إلى ثلاث مراحل، أولها التعارف يليها مرحلة التآلف وآخرها مرحلة التكاتف. وبالرجوع إلى التكافؤ العلمي -يتابع المستشار الأسري بمركز وفاق- فهو من أهم الدعائم لتحقيق الزواج الناجح، حاله حال التكافؤ الاجتماعي والصحي والعاطفي، ومن خلال خبرتي الميدانية وواقع الاستشارات التي تصلنا يومياً، فإنني أؤكد أن التفاوت في المستوى التعليمي يؤدي إلى إحساس الطرف المتفوق علمياً بالفوقية، وبالتالي يتسبب في إثارة المشاكل وزعزعة استقرار الأسرة، أما الطرف الآخر خصوصاً إذا ما تعلق الأمر بالرجل، فإنه يحسّ بالنقص، ويعتبر أنه يفقده قوامته أو الجزء المتعلق بالإدارة، لأنه غالباً ما ترفض المرأة المتعلمة أن يديرها رجل أقل منها في المستوى التعليمي حتى ولو كان زوجها، وفي هذه الحالة كثيراً ما نجد الزوج يحاول تعويض النقص من خلال العنف أو بممارسة ما يشبه الإدارة العسكرية، وهو ما نشاهده كثيراً من خلال الاستشارات اليومية، حيث أجزم أن أغلب النساء المعنفات هن النساء اللواتي يتفوقن على أزواجهن علمياً.
وأشار إلى أن التوافق بين الزوجين في المستوى الثقافي والتعليمي من الأمور المهمة والمقومات الضرورية لإنجاح العلاقة الزوجية، مشيراً إلى أن حصول الزوجة على مؤهل أعلى من الزوج لا يمكن اعتباره «في المطلق» سبباً يهدد استقرار الحياة الزوجية، وإنما هو أمر يختلف باختلاف تناول الزوجين له، فالزوجة إذا ما كان لديها قبول للأمر وغير مرغمة عليه، وتشعر بأن هناك تقارباً فكرياً بينها وبين زوجها، فإن ذلك سيسهم في نجاح العلاقة بينهما، شريطة أن يكون الزوج على نفس القدر من التفهم، وليست لديه عقدة نقص.
ونوه البريكي بأن هناك شرطاً آخر لا يقل أهمية، وهو ألا يكون الفارق بين المستوى التعليمي والمؤهل العلمي شاسعاً، كأن تكون الزوجة طبيبة أو أستاذة جامعية، وزوجها يعمل في مهنة متوسطة للغاية، معتبراً أن هذه الفجوة قد تكون سبباً في إفشال الحياة الزوجية، وعدم قدرتهما على التوافق، مشيراً إلى أنه توجد زيجات ناجحة عدة، كما يوجد في المقابل زيجات أفشلتها عقد النقص التي يعانيها الزوج، أو تمرد الزوجة وتكبرها على زوجها، مشدداً على ضرورة أن يحسم الزوجان قرارهما قبل الزواج، بقبول هذا الأمر أو رفضه، حتى لا يصطدما بالواقع.
الحلول
وطرح الدكتور البريكي بعض الحلول لمواجهة هذه المشكلة، لكنه يقول إن هذه الحلول معنية بها فقط العوائل المؤسسة والقائمة، حيث ينصح الفتيات غير المتزوجات، بكثير من التريث قبل القبول بزوج مستواه التعليمي أقل من مستواها.
ويأتي في مقدمة الحلول التي طرحها الدكتور البريكي ضرورة تنمية مهارة علاقة الحب والاحترام، وتجنب المقارنات، وبذلك يرتفع معدل الرضا الزواجي.
كما ركز على تعزيز ثقة الزوج بنفسه، وإبراز النقاط الإيجابية والتغاضي عن السلبيات، وينصح الزوجات بعدم محاولة تغيير الزوج، وتحويله إلى شخص آخر، فالرجل يستهجن أن تحاول زوجته أن تصبح معلمته، أو واعظة له، ولا يتقبل محاولاتها تغييره، خصوصاً أنها قبلت به زوجاً بصفاته التي تحاول تغييرها، فعليها أن تتحمل نتيجة اختيارها، ونتيجة تفريطها في توافق من التوافقات، وعدم اعتبار الفرق التعليمي أمرا كارثيا، قد يؤثر على استمرار العلاقة، حيث يمكن تجاوز هذا الفرق، وآخر نصيحة للزوجة هي عدم استعراض النفس أمام الزوج والتواصل الإيجابي، والتقبل غير المشروط.
رخصة الزواج
من جانبه، قال السيد خالد ابوموزة، استشاري أسري وتربوي خطيب جمعة ومدرب تنمية بشرية، إنّ تحقيق السعادة الزوجية يتطلب حسن اختيار، وحسن المعاشرة وحسن الصحبة، منوها بضرورة اجتياز دورات المُقبلين على الزواج والحصول على شهادة تفيد بذلك، لضمان لسلامة الأسرة والمرأة.
وأشار إلى أن دولة ماليزيا فرضت هذه الرخصة على كل من هو مقبل على الزواج، فكانت النتائج ممتازة بحيث ساهمت في خفض نسبة الطلاق.
كما دعا إلى انعقاد مؤتمر محلى تقيمه وزارة الاوقاف والشئون الاسلامية بالتعاون مع المؤسسات المعنية بما فيها جامعة قطر، والصحة النفسية، ومحكمة الأسرة، والتربويون المختصون مع أعضاء من مجلس الشوري لمناقشة قضية ارتفاع نسبة الطلاق في قطر، وما يصدر عن هذا المؤتمر يتبناه مجلس الشورى كي يصبح تشريعا وقانونا نافذاً يعالج هذه القضية المهمة.