عندما قالت قطر إنها تعرضت منذ أن نالت شرف استضافة كأس العالم لحملة غير مسبوقة لم يتعرض لها أي بلد مضيف، وإنها تعاملت مع الأمر في البداية بحسن نية، بل رأت «أن بعض النقد إيجابي ومفيد»، لكن ما لبث أن تبيّن لنا أن الحملة تتواصل وتتسع وتتضمن افتراءات وازدواجية معايير حتى بلغت من الضراوة مبلغًا جعل العديد يتساءلون للأسف عن الأسباب والدوافع الحقيقية من وراء هذه الحملة».
وها هي الأيام تثبت للجميع أن الجاليات المقيمة في قطر، جزء أصيل من جماهير مونديال قطر 2022، لترد على كل هذه الافتراءات والادعاءات الباطلة، فهم يمثلون العدد الأكبر ربما لتشجيع المنتخبات الــ 32 المشاركة، وأكثر حظًا من غيرهم لحضور المباريات، بحكم إقامتهم في البلد المضيف، ويصل عددهم إلى ما يقارب المليون ونصف المليون مقيم من الموظفين والعمال، وهو عدد على الأقل سيحرص أكثر من نصفه على حضور المباريات، وليس مهما أن تكون منتخبات بلادهم مشاركة في كأس العالم فيفا قطر 2022، فكلنا يعرف أن جُل هؤلاء ينتمي لدول شرق آسيا. خاصة الهند وبنغلاديش، وسيرلانكا، ونيبال والفلبين.. إلخ، والذين يتمتعون بكل الحقوق في دولة قطر.
تسابق هؤلاء قبل أسبوع من انطلاق منافسات المونديال على ارتداء شعار جميع المنتخبات المشاركة، فمنهم من ارتدى شعار المنتخب الأرجنتيني، ومنهم من فضَّل شعار المنتخب البرازيلي، أو الفرنسي، أو الإنجليزي وغيرها من المنتخبات المشاركة، وحرصوا جميعا على التوجه لكورنيش الدوحة ودرب لوسيل كل مساء، للاحتفال وغناء الأهازيج سعداء بهذه المناسبة الكبيرة، التي ستقام على أرض عربية، خاصة، في شكل كرنفالي بديع، يعكس قيمة وأهمية كرة القدم في حياة الشعوب بتقليل الفوارق بين الحضارات والثقافات المختلفة، في رسالة سلام مهمة أرسلوها من دوحة العرب، لكل العالم الحر، المؤمن بحرية ومعتقدات الشعوب، ليبرزوا وجه قطر الحضاري الجميل.
شعارات المنتخبات المشاركة
الظاهرة العمالية بارتداء شعارات المنتخبات المشاركة، والحرص على تشجيعهم، أكبر رد على كل الإشاعات التي تنتشر بين الفينة والأخرى، بانتهاك حقوق العمال في قطر، وأن هؤلاء يحصلون على كامل حقوقهم العمالية والمعنوية والمادية، في أكبر رد صريح وقوي، على افتراءات الإعلام الغربي، والذي يأخذ من «حقوق الإنسان» شماعة جاهزة لتحقيق أهدافه، في ازدواجية معايير واضحة، بإلصاق التهم بقطر لاستضافتها كأس العالم، في حملة مسعورة لا تتوقف، على مدار عقد مضى منذ إعلان فوز قطر بتنظيم كأس العالم 2022. الجماهير المقيمة في قطر دحضت بقوة هذه الاتهامات، بحضورها المميز على كورنيش الدوحة يوميا مرتدية شعارات المنتخبات المشاركة، وإقامتها لاحتفالات صاخبة، وسط حضور كبير، من هذه الجماهير سرعان ما تنضم لهم الجماهير الزائرة التي جاءت خصيصًا، لدعم منتخبات بلادها، وتتصدر الجالية الهندية الحضور الأكثر عددا إلى جانب الجالية النيبالية والبنغالية، والسيرلانكية، وغيرهم من العاملين في قطر، والحريصين على مشاركتها هذه المناسبة العالمية الكبرى.
دور كبير للجالية الهندية
الجالية الهندية كإحدى أكبر الجاليات المقيمة على أرض قطر، الواضح أنها تربطها علاقة حب وغرام بمنتخبي الأرجنتين والبرازيل، بعدما حرص المئات منهم على ارتداء شعار منتخبي السامبا والتانجو، في الوقت الذي حرص آخرون على ارتداء شعارات أخرى من المنتخبات الأوروبية، فيما انضم لهم بعض من الجماهير البنغالية، وكذلك الجالية السيرلانكية، والنيبالية. مسارعة أبناء الجاليات بتشجيع المنتخبات، والحرص على حضور المباريات في الملعب، عندما تبدأ المنافسات 20 الشهر الجاري، في ظاهرة باتت واضحة، فكرة القدم عادة تجمع بين الإثارة والمتعة، وكلما تألق لاعب أو فريق في أي بطولة جذب أنظار مشجعين جدد، فتجد أجيالا من المشجعين ما زالت تشجع إيطاليا للآن بعد تألقها وفوزها بكأس العالم في إسبانيا 1982، وهكذا مع كل نسخة تكتسب كرة القدم مشجعين جددا، من مختلف شعوب العالم.
العرب ودعم كبير
إذا كنا تحدثنا عن الجاليات الآسيوية المقامة على أرض قطر، فجاء الدور للحديث عن الجاليات العربية الشقيقة، حيث تتواجد 3 منتخبات عربية أخرى هي تونس والمغرب والسعودية، إلى جانب قطر بالطبع، كل هؤلاء سيجدون دعما جماهيريا غير مسبوق، فالجاليات التونسية والمغربية ستدعم منتخبي نسور قرطاج وأسود الأطلس، فيما ستنضم إليهم الجاليات العربية الأخرى المصرية والسودانية والجزائرية، والأردنية والفلسطينية، في دعم هذه المنتخبات ومنها قطر والسعودية أيضا، والأخير ستحضر الآلاف من جماهيره إلى الدوحة، قادمين من المملكة العربية السعودية، برا وجوا لدعم منتخب بلادهم.