تقرير «العمل الدولية»: نقلة نوعية كبيرة في السوق القطرية وتفند الادعاءات
13% من القوى العاملة بالقطاع الخاص زادت أجورهم الأساسية إلى الحد الأدنى
تحرص دولة قطر باستمرار، وتؤكد دائما، على أن بيئة العمل الآمنة والصحية ضرورة، وأن سلامة العمال أولوية بالنسبة لها، وحرصت بتوجيهات قيادتها الحكيمة، وقبل نيلها شرف استضافة بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، إلى سن الكثير من التشريعات والقوانين والقيام بعمليات إصلاح واسعة في بيئة العمل، تواكب أعلى المعايير في قطاع العمل الدولي، ولا شك أن هذه الجهود قد زادت وتيرتها، وشهدت إصلاحات بيئية وشهد سوق العمل الكثير من التغييرات الإيجابية، كانت محل إشادة كافة الجهات المعنية، وعلى رأسها منظمة العمل الدولية التي بادرت وافتتحت لها مكتبا بالدوحة.
وعلى الرغم من تطبيق الإصلاحات وآثارها الإيجابية في خدمة العمال، ظل البعض ممن في عيونهم رمد، من فاقدي الضمير، وعديمي البصيرة، وبائعي الذمم، يكررون مزاعمهم، ويتجاهلون، بل ويشككون في تلك الاصلاحات والإنجازات العمالية، لأن من يستهدفك، ويسعى لتشويه سمعتك والانتقاص من جهودك، عن عمد، وسبق إصرار، لأسباب هو أدرى بها، بعيدة عن المسؤولية والحقيقة والشفافية، لن يجدي معه أي نصح وإنجاز، لأنك مهما فعلت لهم لن يغيروا آراءهم أو يعترفوا بسوء تقديراتهم ومواقفهم السالبة.
وبما أن منظمة العمل الدولية تعد بمثابة المرجعية الأولى في هذه المسائل، فقد صدعت بالحقيقة التي لا يريد البعض سماعها، وكشفت في تقرير أصدرته في مطلع شهر نوفمبر الجاري عن النقلة الكبيرة التي شهدها سوق العمل القطري خلال الأعوام القليلة الماضية، بعد دخول التشريعات التي أقرتها الحكومة لإصلاح قطاع العمل حيز التطبيق.
وأكد التقرير الذي أصدره مكتب منظمة العمل الدولية في قطر، قيام الحكومة القطرية بتنفيذ الإصلاحات، وحرص وزارة العمل على ديمومة الإصلاحات التشريعية العمالية، واستمرار الشراكة مع المنظمة إلى ما بعد بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، من خلال برامج التعاون المتواصلة في مجال تطوير وتحديث الإصلاحات والتشريعات مع مختلف المنظمات الدولية.
وركز التقرير على الشراكة القوية بين وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية، والدور الرائد الذي يقوم به مكتب منظمة العمل في الدوحة، الذي يعد الأول في المنطقة، في هذا المجال. كما سلط الضوء على الشراكات التي تجمع وزارة العمل واللجنة العليا للمشاريع والإرث، بالعديد من المنظمات الدولية المتخصصة.
وقد أكد على ذلك السيد محمد حسن العبيدلي وكيل الوزارة المساعد لشؤون العمل بوزارة العمل، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية «قنا»، الذي أوضح أن التعاون الفني مع منظمة العمل الدولية في الأعوام السابقة، جاء بناء على طلب دولة قطر، مشيرا إلى أن البرامج والمشاريع المشتركة عززت من فرص الاستفادة من التجارب الدولية وتطبيق المعايير العالمية في قطاع العمل.
وقال في هذا السياق: «أصبحت دولة قطر نموذجا يحتذى به في المنطقة في مجال العمل، وسنبدأ استعراض مبادراتنا المتميزة للاستفادة منها خارجيا في مؤتمر وزراء العمل الآسيوي بسنغافورة نهاية العام الحالي».
وأشاد العبيدلي بالتزام أصحاب العمل والشركات القطرية بالقوانين والتشريعات العمالية، منوها بالدور الفاعل والمشاركة الإيجابية لغرفة قطر ومشاركتها في تطبيق وتنفيذ العديد من البرامج والمشاريع الرائدة لتطوير بيئة العمل، ضمن التعاون الفني مع منظمة العمل الدولية.
وأوضح أن الوزارة نفذت خططا وبرامج تدريبية، بهدف تعزيز وبناء قدرات موظفيها بالشراكة مع عدد من المنظمات والمراكز والمعاهد الدولية، مشيرا إلى أن تلك البرامج التدريبية ساهمت في رفع قدرات الموظفين. ولفت إلى أن دولة قطر تؤمن دوما بالحوار البناء والتعاون والتنسيق مع مختلف المنظمات الدولية والحقوقية، بما يحقق مصلحة سوق العمل بالدولة، مضيفا أن القوانين والإصلاحات التي تم تنفيذها تأتي ضمن استراتيجية التنمية وتنفيذا لرؤية قطر الوطنية 2030.
وأكد العبيدلي أن عدد الشكاوى العمالية التي تستقبلها الوزارة قليل جدا، مقارنة مع عدد العمالة بالدولة. ونوه سعادته بأن نحو 89 بالمائة من العمالة بالدولة قد استفادوا من تطبيق القوانين والتشريعات العمالية، وذلك وفقا لاستبيان من معهد البحوث والدراسات بجامعة قطر.
وفي ما يتصل بالادعاءات المغلوطة التي تحيط بملف العمل إعلاميا، قال العبيدلي إن الدولة تتعرض لحملة إعلامية مضللة وممنهجة شرسة، تهدف إلى النيل منها على خلفية استضافتها لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، وشدد على أن القوانين التي سنتها والإصلاحات التي نفذتها الدولة، وما أثمرت عنه هذه الجهود من نتائج إيجابية، انعكست على العمال الوافدين، هو خير رد لتفنيد هذه الادعاءات ودحضها.
كما أكد وكيل الوزارة المساعد لشؤون العمل بوزارة العمل، أن دولة قطر ماضية قدما في جهودها بكل ثبات، وستواصل العمل مع الجهات المعنية لإكمال مسيرة الإصلاحات وتعزيز مكانتها كرائد للتغيير في المنطقة، دون أن تلتفت إلى من يحاولون ثني عزيمتها.
وعليه تؤكد تصريحات العبيدلي لـ «قنا» تماما أن أكاذيب ومزاعم المشككين في إصلاحات قطاع وبيئة العمل في قطر واستفادة العمالة الوافدة منها، لا صحة لها، وأنها مغرضة، ولها أجنداتها الخاصة، ولا تقوم على دليل، بخلاف ما يؤكد عليه المتابعون والمهتمون والمختصون ممن ينظرون ويقيمون الأمور بواقعية وحيادية، عطفا على الوقائع التي تحققت على الأرض.
ويتجاهل المنتقدون كل الآثار الإيجابية لقطاع العمل في قطر من دون مبررات وحجج، متناسين تقارير منظمة العمل الدولية، باعتبارها المسؤول الأول الأممي عن مثل هذه القضايا وتقارير الجهات الدولية الأخرى ذات الصلة التي وثقتها عن كثب من داخل قطر ولقاءها مع المعنيين أنفسهم من مسؤولين وحكوميين وأصحاب عمل والعمال أنفسهم. ولا يذكر أولئك المشككون وحتى مجرد إشارة أن مئات الألوف من العمالة الوافدة في قطر قد تمكنوا من تغيير جهة عملهم منذ الإعلان عن تسهيل إجراءات انتقال العامل بين جهات العمل المختلفة في شهر سبتمبر 2020، كما فشلوا في الإشارة إلى استفادة أكثر من 400 ألف عامل بشكل مباشر من الحد الأدنى الجديد للأجور، الذي نتج عنه زيادة في الرواتب والحصول على محفزات مالية أخرى في ذلك الوقت.
كما تمكن مئات الآلاف من العمال جراء إصلاحات سوق العمل، من مغادرة دولة قطر والعودة إليها من دون الحصول على إذن مسبق من جهة عملهم، منذ إلغاء تصاريح الخروج في عام 2018، فيما أسهم نظام حماية الأجور في حماية أكثر من 96 بالمائة من العمالة من الانتهاكات المتعلقة بالأجور، علاوة على إسهام مراكز تأشيرات قطر في الدول المرسلة للعمالة في الحد بشكل كبير من الممارسات الاستغلالية التي يتعرض لها العمال قبل وصولهم إلى دولة قطر، فضلا عن قرار تمديد فترة ساعات العمل التي يحظر فيها العمل في أماكن العمل المكشوفة خلال فصل الصيف للحد من تأثيرات الإجهاد الحراري.
وعززت دولة قطر في هذا السياق كذلك إجراءات تطبيق القوانين لحماية العمالة الوافدة ومحاسبة أصحاب العمل المخالفين، في حين يشهد عدد المفتشين العاملين لدى وزارة العمل تزايدا مستمرا عاما بعد عام، مع تعزيز قدراتهم على إجراء تحقيقات شاملة لظروف العمل وإحالة المخالفين إلى محاكم العمل، والعمل على تعزيز الوعي بالقوانين المتعلقة بالموظفين وأصحاب العمل.
كما تتم محاسبة المزيد من الشركات كل عام على إخلالها بقوانين العمل، مع ازدياد حملات التفتيش لمراقبة مدى التزام المنشآت بالقوانين والقرارات الوزارية المعنية بتنظيم سوق العمل، واستقبال الشكاوى العمالية والفصل فيها، وقيام لجان فض المنازعات العمالية بإصدار القرارات المناسبة في القضايا المحالة إليها، منها على سبيل المثال إصدار نحو 513 قرارا بشأن 635 قضية محالة إليها، خلال شهر أكتوبر الماضي وحده، فضلا عن دور اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، برئاسة سعادة الدكتور علي بن صميخ المري وزير العمل رئيس اللجنة، في تعزيز الحماية والدعم لضحايا الاتجار بالبشر، والتعاون المشترك بين الجهات ذات الصلة.
وحسب تقرير منظمة العمل الدولية، فإن 86 في المائة من العمال، أكدوا أن الإصلاحات كان لها تأثير إيجابي على حياتهم، وفق مسح جرى في شهري مايو ويونيو 2022، شمل 1036 عاملا من ذوي الأجور المنخفضة، يقيمون في مواقع الإقامة المشتركة، وكانوا من جنسيات متعددة، ويعملون في مختلف القطاعات الاقتصادية، كما أفاد مسح آخر قامت به منظمة العمل الدولية بأن 98 بالمائة، ممن جرى استطلاع آرائهم قد تلقوا أجورهم في الوقت المحدد.
ونوه التقرير إلى أن أكثر من 280 ألف عامل أو ما يقرب من 13 في المائة من إجمالي القوى العاملة في القطاع الخاص، قد زادت أجورهم الأساسية إلى الحد الأدنى، عندما دخل قانون الحد الأدنى للأجور حيز التنفيذ في مارس 2021.
وأشار تقرير منظمة العمل الدولية، إلى إنشاء منصة وطنية للإبلاغ عن الحوادث، بناء على أسس رؤية قطر الوطنية 2030 والاستراتيجية الوطنية للصحة، حيث لا يزال جمع البيانات وتحليلها ونشرها يمثل أولوية قصوى، وتوقع أن تعمل المنصة بكامل طاقتها بحلول منتصف عام 2023.
عملية طويلة المدى
لم تقل قطر إنها وصلت الى نهاية المطاف فيما يعنى بإصلاحات قطاع العمل، فقد ظلت وزارة العمل تؤكد دوما أن عملية الإصلاح الشامل هي عملية طويلة الأمد، وأن تغيير سلوك كافة الشركات يتطلب المزيد من الوقت، وكل ذلك يمثل رسالة صارمة لجميع المعنيين بعدم تسامح الدولة أبدا مع أي مخالفة.
وقد أكد على ذلك سعادة الدكتور علي بن صميخ المري وزير العمل لدى لقائه في الدوحة، الأسبوع الماضي، مع أصحاب السعادة سفراء الدول الغربية والدول المرسلة للعمالة، حيث نوه بأن دولة قطر من الدول القليلة التي فتحت أبوابها لكافة المنظمات الدولية للاطلاع على التجارب الرائدة في تحسين التشريعات العمالية وآليات تنفيذها، مؤكدا استمرار سياسة الانفتاح أمام كافة المنظمات الدولية المهتمة بشأن قطاع العمالة.