نتائج قمة المناخ .. اتفاق لم ينجح في تبني ما يطالب به المختصون

alarab
 نتائج قمة المناخ .. اتفاق لم ينجح في تبني ما يطالب به المختصون
تقارير 14 نوفمبر 2021 , 05:14م
قنا

بعد مفاوضات صعبة ونقاشات مستفيضة استمرت نحو أسبوعين، توصلت الدول المشاركة في المؤتمر السادس والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ /COP26/ بمدينة غلاسكو الإسكتلندية لاتفاق عالمي لمكافحة التغير المناخي، لكنها لم تنجح في تبني ما يطالب به العلماء المختصون في علم المناخ لاحتواء الارتفاع المتزايد في درجات حرارة كوكب الأرض، والحد من الانبعاثات الغازية.
ووافقت الدول المشاركة في المؤتمر، بعد مفاوضات جرى تمديدها بيوم واحد، على بيان ختامي يهدف على الأقل إلى الإبقاء على ظاهرة الاحتباس الحراري عند مستوى 1.5 درجة مئوية، والحفاظ على فرصة واقعية لإنقاذ العالم من الآثار الكارثية لتغير المناخ، فضلا عن العمل على إحداث توازن بين مطالب الدول المعرضة للتأثر بالمناخ والقوى الصناعية الكبرى التي تعتبر استهلاكها أو صادراتها من الوقود الأحفوري أمرا حيويا لتطورها الاقتصادي.
وأقر مؤتمر تغير المناخ /COP26/ اتفاقا تم تعديله في اللحظة الأخيرة بشأن نص يتعلق بالفحم، مما أثار شكاوى من عدد من الدول التي كانت تريد بيانا أكثر تحديدا بشأن إنهاء دعم الوقود الأحفوري، مثلما أقر أيضا بأن الالتزامات الحالية لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تسبب ارتفاع درجة حرارة الكوكب ليست كافية في أي مكان، وطلب من الدول وضع تعهدات مناخية أكثر صرامة في العام المقبل بدلا من كل خمس سنوات كما هو مطلوب حاليا.
وكانت مشاركة دولة قطر في هذا المؤتمر مميزة، حيث شارك حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السادس والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ /COP26/.
كما نظمت قطر على امتداد 12 يوما جناحا لها وأقامت ورشات عمل وجلسات نقاش على هامش فعاليات قمة المناخ أبرزت فيها التزامها بمتابعة جهود الحد من الانبعاثات الكربونية والتقليل من الاحتباس الحراري وبحثت مع دول العالم سبل مواجهة التغير المناخي وآفاق الحد من تداعياته، مثلما شاركت عدة جهات قطرية في المعرض، منها وزارة الخارجية، وقطر للطاقة، واللجنة العليا للمشاريع والإرث، ومؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع.
وجددت دولة قطر، في كلمتها أمام المؤتمر التي ألقاها سعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني وزير البيئة والتغير المناخي، تأكيدها على ما توليه من اهتمام كبير بمخاطر تغير المناخ، حيث لم تدخر جهدا في دعم الاستجابة العالمية للتصدي لهذه الظاهرة من خلال استضافتها الدورة الثامنة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ عام 2012، وإطلاقها مبادرة إنشاء التحالف العالمي للأراضي الجافة الذي يعد إحدى الآليات الدولية الهادفة لمواجهة التغير المناخي، مضيفة أنها بادرت خلال مؤتمر القمة للأمم المتحدة للعمل المناخي في شهر سبتمبر 2019، بتقديم مساهمة بمبلغ 100 مليون دولار أمريكي لدعم الدول الجزرية الصغيرة والدول الأقل نموا للتعامل مع تغير المناخ، كما تم توجيه صندوق قطر للتنمية لمواصلة حشد الدعم لمواجهة تغير المناخ وتعزيز النمو الأخضر في هذه البلدان.
وبينت قطر أن تغير المناخ يشكل أولوية وطنية لديها حيث وضعت طموحات جريئة وواقعية للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في جميع القطاعات، وأعربت عن تحقيق أهدافها الطموحة في هذا المجال، لاسيما أنها قامت مؤخرا بإنشاء وزارة خاصة للعناية بالبيئة وتغير المناخ لضمان الاهتمام المتواصل والمنهجي بهذا الموضوع ولتنفيذ خططنا المستقبلية.
ونوهت دولة قطر لدول العالم بأنها تواصل الاستثمار في التقنيات منخفضة الكربون مثل احتجاز وعزل الكربون والطاقة الشمسية، مثلما ستبدأ في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية لأول مرة في النصف الأول من عام 2022، كما تطمح إلى مضاعفة استخدام محطات الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء بحلول عام 2030، وتدرس أفضل السبل لتطوير واستخدام أنواع الوقود النظيف الأخرى مثل الهيدروجين.
وكشفت أنها تسهم بدعم الانتقال إلى طاقة منخفضة الكربون، من خلال مواصلة تصدير الغاز الطبيعي وزيادته، والذي يلعب دورا أساسيا في تقليل الاعتماد على أنواع الوقود عالية الانبعاثات الكربونية.
 

وفي أبرز المواقف وردود الفعل على البيان الختامي للمؤتمر، اعترضت الهند والصين على الفقرة المتعلقة بالخفض التدريجي لاستخدام الفحم بهدف التخلي عنه نهائيا، وتم استبدالها بعبارة (خفض استخدام الفحم) الأمر الذي وصفه السيد ألوك شارما رئيس المؤتمر بأنه "مخيب للآمال وإن كان ضروريا للحفاظ على الاتفاق بشكل كامل.
كما قاومت الدول الغنية، بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، نصا حول تمويل الخسائر والأضرار التي تسبب بها تغير المناخ للعالم النامي، وتم حذف النص واستبداله بالتعهد فقط بحوار مستقبلي حول هذا الموضوع.
وحث البيان الختامي الدول الغنية على زيادة تمويل التكيف مع المناخ إلى المثلين بحلول عام 2025 مقارنة بمستويات عام 2019، حيث قالت بريطانيا إن لجنة تابعة للأمم المتحدة يجب أن تقدم العام المقبل تقريرا عما تم إحرازه من تقدم نحو تقديم 100 مليار دولار سنويا من إجمالي التمويل السنوي المتعلق بالمناخ والذي تعهدت به الدول الغنية بحلول عام 2020 لكنها فشلت في الالتزام به، مشددة على أنه يجب على الحكومات أن تجتمع في أعوام 2022 و2024 و2026 لمناقشة تمويل المناخ.
في غضون ذلك، قال مراقبون إن الاتفاق لم يقدم ما هو مطلوب لتجنب الارتفاع الحراري الخطير ومساعدة الدول على التكيف أو تعويض الأضرار الناجمة عن الكوارث المنتشرة على مستوى العالم. كما تفاوتت ردود الفعل الدولية بشأن تقييم نتائج قمة غلاسكو للمناخ، فقد حذر السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة من أن "الكارثة المناخية لا تزال ماثلة"، معتبرا أن المؤتمر انتهى بـ"خطوات إلى الأمام مرحب بها، ولكن ذلك ليس كافيا، لاسيما أن النصوص التي تم تبنيها هي تسوية تعكس المصالح والوضع والتناقضات وحال الارادة السياسية الراهنة في العالم".
ومن جهتها، اعتبرت المفوضية الأوروبية أن اتفاق غلاسكو أبقى على أهداف اتفاق باريس حية، من خلال إتاحة الفرصة لدول العالم للحد من ظاهرة الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، معتبرة أن ذلك يجعل الجميع واثقين من أنه يمكنهم توفير مكان آمن ومزدهر للبشرية على هذا الكوكب.
وبدوره، وصف السيد بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، اتفاق غلاسكو بـ"الخطوة الكبيرة إلى الأمام"، لكنه حذر من أن هناك عملا كثيرا يتوجب فعله في السنوات المقبلة، ودعا الدول كافة إلى تسريع خفض انبعاثاتها من خلال تقديم خطط وطنية جديدة بحلول 2022.
وعلى الرغم من أن بريطانيا المضيفة قالت إنها تريد من المؤتمر أن يبقي سقف درجة الحرارة 1.5 درجة مئوية في متناول اليد، أبرز تقييم علمي للأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن أحدث خطط مناخية للبلدان يضع الأرض في مسار ترتفع فيه درجة حرارتها 2.7 درجة مئوية.
إلى ذلك، اعتبرت السيدة سفينيا شولتس، وزيرة البيئة في الحكومة الألمانية المنتهية ولايتها، أننا نعيش لحظة تاريخية بالفعل، مضيفة أن التخلص التدريجي من الفحم في كل أنحاء العالم بدأ الآن.
كما ذكرت السيدة باتريشيا إسبينوزا، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، بأنه تم إحراز تقدم في العديد من المجالات، مبينة أن جميع الأطراف قامت خلال قمة غلاسكو ببناء جسر بين الوعود الرائعة التي قطعت قبل ست سنوات في باريس، وبين التدابير الملموسة التي يدعو إليها العلم والتي تطلبها المجتمعات بجميع أنحاء العالم.
جدير بالذكر أن المؤتمر السابع والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ /COP27/ سيقام العام المقبل بمدينة شرم الشيخ المصرية.