نص خطاب الرئيس هادي منصور للشعب اليمني
حول العالم
14 أكتوبر 2015 , 07:56م
متابعات
وجَّه الرئيس اليمني - عبد ربه منصور هادي - كلمة إلى الشعب اليمني في الداخل والخارج، بمناسبة ذكرى ثورة 14 من أكتوبر.
وفيما يلي نص الخطاب:
حين أطلق المناضل راجح بن غالب لبوزة ورفاقه الشجعان، في الرابع عشر من أكتوبر من عام 1963، الرصاصة الأولى من ثورة تحرير الجنوب اليمني، كانوا بذلك يكتبون تاريخ ثورة عظيمة وباسلة، أنهت أكثر من قرن وربع القرن من الاستعمار البريطاني لجنوب الوطن الغالي، وظلت هذه الثورة مشتعلة، وجذوتها متوقدة، وتتوسع، يمدها الابطال من دمائهم وقوداً فتزيد اشتعالاً يوماً بعد يوم، وصولا إلى يوم استقلال جنوبنا اليمني الأبي في الثلاثين من نوفمبر من عام 1967م، وإعلان جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، على أنقاض الاستعمار الذي ربض على نفوس أبناء الجنوب، لمدة تزيد عن قرن من الزمان. وذلك وفقا لما جاء على موقع المشهد اليمني.
لقد أطلقت أكتوبر طلقتها الأولى من جبال ردفان، ولحقتها جموع اليمنيين في كل اليمن، حتى هزم المحتل وانكسر المستعمر، ليس على مستوى اليمن فحسب؛ بل كانت ثورة أكتوبر هدية اليمنيين للمنطقة بأسرها، حيث شكلت ثورة أكتوبر المجيدة منعطفاً خطيراً في مسار الاستعمار البريطاني في المنطقة، ومثلت أحد أهم الأحداث التي شهدها اليمن في تاريخه الحديث قاطبة، بل إنها من كبريات ثورات التحرر الوطني في العالم أجمع، حيث كان لها تأثيرها العميق في تغيير موازين القوى في العالم، وشكلت بحق نهاية للحقبة الاستعمارية.
وبهذه الثورة الخالدة، وفي مثل هذا اليوم المجيد، استعاد اليمنيون وطنهم وانتهت بذلك حقبة الاستعمار للأبد، وتوحدت (23) مشيخة وسلطنة جنوبية في كيان وطني واحد، في إنجاز تاريخي وتحول استراتيجي كبير.
ففي ذلك اليوم العظيم 14 من أكتوبر 1963م، كان المناضل البطل راجح لبوزة لم يضع سلاحه بعد عائدا من جبال الشرفين بمحافظة حجة، إذ كان يشارك في ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة التي أقامت الجمهورية العربية اليمنية، على أنقاض مملكة آل حميد الدين الطبقية العنصرية المتخلفة والرجعية، ولهذا فإن الارتباط الوثيق بين ثورتي سبتمبر وأكتوبر وتتاليهما زمنيا يؤكد أنه من الصعوبة بمكان التخلص من المستعمر الخارجي قبل مواجهة وإسقاط المستبد المحلي، كون الاستبداد والتجهيل هو الذي يخلف الاستعمار ويجلب الكوارث على الشعوب، ويؤكد أيضا عظمة الشعب اليمني في كل التراب الوطني وعظمة روح الثورة التي سرت شمالاً و جنوباً في جيل الثورة الواحد، فطهرت الشمال من رجس الكهنوت والإمامة، وطهرت الجنوب من نير الاستبداد وتركت الوطن كله في فضاء من الحرية والتنوير.
إن ما أنجزته ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة من إنجازات هائلة ومتميزة على مستوى الجنوب اليمني، وعلى مستوى اليمن والمنطقة عموما يستحق الوقوف عنده والإفادة منه والرجوع إليه في لحظتنا المعاصرة، ونحن ننطلق صوب استكمال مسيرتنا الوطنية النضالية لبناء يمن اتحادي جديد، يمن مستقر وآمن، ودولة نظام وقانون يتم فيها تذويب الكيانات والهويات التقليدية والمصالح الضيقة لصالح المشروع الوطني الكبير ولبناء الدولة الاتحادية القوية والعادلة، التي تبسط سلطانها ونفوذها على كل سلطان ونفوذ غير مشروع، ويجب أن تظل هذه التجرِبة حاضرة في الذهن، ونحن اليوم على أعتاب الدولة الحلم التي ناضل من أجلها اليمنيون جنوباً وشمالاً لعقود طويلة.
يعيش اليمنيون اليوم احتفالاتهم بذكرى نضالاتهم وثوراتهم المجيدة، وبلدهم في وضع لا يحسد عليه بفعل ما أحدثه بقايا الرجعية من جروح وخراب وفوضى، منع عليهم حتى فرصة الاحتفال بأعيادهم كما ينبغي، إلا أن شعبنا العظيم قرر الاحتفاء بثوراته ونضالاته بطريقته الخاصة وبدون كرنفالات روتينية، فها نحن اليوم نرى البهجة والاحتفالات الشعبية في الجنوب وعموم مناطق اليمن دون دفع أو توجيه من أحد بثورة الرابع عشر من أكتوبر، كما كانت بالأمس القريب بثورة السادس والعشرين من سبتمبر، بل أعاد اليمنيون للمناسبتَيْن زخمهما الذي كاد أن يخفت خلال سنين مضت نتيجة حرص النظام البائد على استثمار نضالات اليمنيين والمزايدة بها لتحقيق مصالحه ومصالح أبنائه، وصولا إلى تحالفه مع الأماميين الجدد وتوجيه طعناته الغادرة لسبتمبر وأكتوبر المجيدتين.
هذه الثورات صنعها الشعب وسيظل الشعب حارسها الأمين وعينها الساهرة، من كل لصوص الثورات وسارقي الأحداث، ولهذا جاء الحراك السلمي الجنوبي وجاءت ثورة الشباب السلمية ليقطعا تلك الأيادي السوداء، التي امتدت لتشوه أَلَقَ الثورتين، وليكتبا حكاية تاريخها الأبيض ليظل أبيض كما صنعته الأيادي البيضاء.
فشكرا لأبطال الثورات شباباً وشيوخاً رجالاً ونساءً عسكرًا ومدنيين، وشكرا للشباب الذين يقفون في صفوف المقاومة لحراسة مكاسب الثورات، وشكراً للمرأة اليمنية التي شاركت بفاعلية في الثورة، وأبت إلا أن تكون جنبا إلى جنب مع الشباب والشيوخ يصنعون المستقبل لهذا الوطن الكريم.
إننا نثمن غالياً نضالات هذا الشعب الكريم لعقود طويلة، وندرك أن هذا الشعب العظيم المجاهد الصبور يستحق أكثر بقدر ما ضحى وبذل، ونعد هذا الشعب بأننا سنرابط في خندقه حتى يأتينا النصر جميعا إن شاء الله.
التهاني والتبريكات الصادقة والحارة لأبناء شعبنا اليمني الكريم، بعيد ثورة أكتوبر الظافرة، وبكل أعياده وانتصاراته.
غداً سنحتفل معاً بإذن الله بيوم النصر الأكبر، يوم تضع اليمن قدمها على مفاصل الدولة الاتحادية القوية، وتمضي أولى خطواتها نحو النور والاستقرار والرحمة والخلود والإجلال لشهداء ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، وكل شهداء النضال اليمني في مختلف مراحله المتعددة والطويلة.
كل عام واليمن أقوى وأعز، وفي نصر وحرية ورخاء.
أ.س /أ.ع