مواطنون لـ«الصحة»: الوجبات السريعة تهدد «عيالنا»

alarab
تحقيقات 14 أكتوبر 2015 , 01:08ص
ايمن يوسف
طالب مواطنون من وزارة الصحة بوضع حد للأضرار الجسيمة التي تسببها مطاعم الوجبات السريعة على صحة عيالنا في ظل إصرار تلك المطاعم وخاصة الشهيرة منها على تجاهل وضع لوائح تشمل المكونات الصحية للوجبات التي تقدمها وحجم السعرات الحرارية وتاريخ الصلاحية. وانتقدوا تجاهل الجهات الرقابية للتوجه العام للدولة الرامي إلى مواجهة تفشي أمراض مثل السكري والسمنة.

واعتبر المواطن ثامر القاضي في حديثه لـ «العرب» أن الوجبات السريعة أصبحت شرا لا بد منه فرضه إيقاع الحياة السريع، وقال: «إن المجتمع اليوم بدأ يتململ من الآثار السلبية للمطاعم على أسلوب حياة المواطنين والمقيمين، واختفت بهجة المائدة والجلوس إليها من النفوس».

ولفت إلى أن الأطفال هم الأكثر تأثرا بالوجبات السريعة التي ترافقها منكهات اصطناعية، وأن على الكبار تقديم نموذج حياة صحي. وأشار إلى أن العديد من المطاعم تسبب ضررا للأطفال بوجباتها على المدى البعيد كأمراض السكري المبكر والبدانة ولا تحاسب على التسبب بهذه الأضرار، وتبقى تقدم لأطفالنا السعرات الحرارية الهائلة والطعام غير الصحي.

وتابع القاضي أن المطاعم التي تقدم اللحوم غير المطهوة جيدا أو تلك التي تغلفها بمواد صناعية أو المطهوة بالكثير من الزيوت أو بالفحم لا تجيب على تساؤل المواطنين الدائم: ما تاريخ صلاحية لحوم وخضراوات منتجات مطاعم الوجبات السريعة!؟

ورأى القاضي أن الحل يكمن في اللجوء إلى توعية طلاب المدارس بمخاطر تناول هذه الوجبات وعمل تجارب حية على وسائل تخزينها ومضارها على الجهاز الهضمي وعمل تجارب كيميائية لأثر المنكهات الاصطناعية واللحوم المبردة على صحة أجهزة الجسم طالما أن المطاعم لن تلتزم بعرض مكونات وجباتها، وأن الفرصة في المدارس عبر تطبيق برامج يوم الغذاء بعرض بدائل الطعام الصحي عن الوجبات السريعة.

وأشار إلى أن أضرار الوجبات السريعة تشمل الكبار ممن يرتفع لديهم مستوى الكولسترول في الدم، وأن الحل يكمن في مقاطعة هذه المطاعم حتى تبيان حجم الضرر الذي تسببه مكونات طعامها على الجسم.

واتفق المواطن خليفة البريدي مع ثامر القاضي على أن أضرار الوجبات السريعة باتت تطال الكبار ممن هم مهددون بأمراض السمنة والسكري, وتابع أن تخزين اللحوم المجمدة وبيعها في أماكن عامة بحاجة إلى رقابة من قبل الجهات المعنية في وزارة لصحة، فهو طلب من صاحب أحد المطاعم تبيان تاريخ إنتاج اللحوم التي أكلها فأجابه بأنه لا يعرف!

ولفت البريدي إلى أن العائلة القطرية أصبحت مطالبة أكثر من أي وقت مضى باعتماد وسائل استبدال هذه الوجبات السريعة بالطعام الصحي في المنزل، وإن بمكونات مشابهة لتلك المحضرة في مطاعم الوجبات السريعة.

وأضاف البريدي أن القطريون يخشون من أن تكون تلك المواشي التي تقدم لحومها بمطاعم الوجبات السريعة غير مذبوحة بطريقة إسلامية شرعية.

من جهته اعتبر المواطن عبدالباسط طالب العجي أن تقديم المكونات على لوائح طعام الوجبات الرئيسية من الصعوبة بمكان لأن أحجامها وأشكالها تختلف، فهي غير معدة ومغلفة مسبقا، إلا أن وجود عدد من المكونات الصلبة من بروتينات ودهنيات إضافة إلى الأملاح يعين على أصحاب المطاعم تبيان حجم تقريبي للسعرات الحرارية في الوجبة وإشارة إلى المكونات الأساسية فيها لتمكن المرضى من تجنبها، وتابع العجي أن المواد المجمدة التي تستورد من الخارج لا تعود تظهر في برادات محال الوجبات السريعة أمام الزبائن, ورغم وجود وحدات معايير الجودة والمواصفات إلا أن الحمية من تلك الوجبات هو الحل لتجنب مضارها، لأن التأكد من مكوناتها غير متوفر، والأهم ألا تتحول إلى الطعام الرئيسي لأي شخص طوال يومه.

عادة دخيلة

من ناحيته اعتبر المواطن أحمد المهندي أن زيادة أعداد مرتادي المطاعم في الدوحة وعلى الأخص مطاعم الوجبات السريعة لا يعود لانتشارها الواسع فقط، بل إلى طول ساعات المكوث خارج المنزل في العمل أو المناسبات الاجتماعية أو قضاء الوقت في متابعة الهوايات أو غيرها مما يجعل طعام المنزل بعيدا عن متناول الأيدي، كما أن وجبات المطاعم السريعة ذات الماركات الأشهر لا تجذب الأطفال والمراهقين فقط، بل أصبحت تقدم الوجبات المفضلة للموظفين وطلاب الجامعات فهم يجدون وقتا لزيارة المطعم في المجمع التجاري أكثر مما يجدوه في إعداد الطعام.

وحول حالات التسمم والإرهاق البدني المرافق لتناول وجبات بسعرات حرارية كبيرة يؤكد المهندي أن تغير العادات الغذائية وتناول الطعام خارج المنزل أدى إلى فقدان الرغبة في الراحة في أوقاتها المعتادة، فبينما كان الناس يعودون إلى بيوتهم قبل العشاء وتجتمع الأسرة كلها على وجبة واحدة يسمرون بعدها قليلا ثم يذهب كل منهم إلى فراشه، أصبح الناس الآن يتأخرون كثيرا في النوم ويبدؤون سهراتهم بعد صلاة العشاء، وانشغل الوالدان، وخرجت النساء للعمل، وضعفت العلاقات الأسرية، وأعطي الشباب -وخاصة صغارهم- مزيدا من الحرية في التنقل والتجوال، وتوفرت القوة الشرائية لهم بشكل لم يسبق له مثيل، إضافة إلى الدعايات والحملات الترويجية في وسائل الإعلان المختلفة.

من جهته اعتبر المواطن علي الكعبي أن مطاعم الوجبات السريعة رغم أنها أوجدت ملاذا لطلاب الجامعات والموظفين غير المتزوجين المشغولين حقا، بيد أنها أفرزت نتائج سلبية عند الخروج إلى المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة، حيث إن الأطفال أصبحوا يحددون نوع الطعام كما أن أفراد الأسرة عند زيارة مطاعم الوجبات السريعة يتناولون أطعمة تختلف عن الأفراد الآخرين.

أسعارها غير منضبطة

وأضاف الكعبي أنه طالب عبر صفحات التواصل الاجتماعي بإيضاح المواد التي تدخل في صناعة لوجبات السريعة، خصوصا أنه سجل في زيارته لأحد ولايات الولايات المتحدة الأميركية ملاحظة على الباب الزجاجي لأحد مطاعم الوجبات السريعة تبين فيها أن تناولها بكثرة يتسبب بالسرطان.

وتابع الكعبي أن تلك المطاعم لا تجد غضاضة في رفع أسعارها مرارا وتكرارا، رغم أنها أدخلت على ميزانيات الأسرة بنودا جديدة، وحملتها أعباء إضافية الأسرة في غنى عنها، فأصبح رب الأسرة يحسب حساب تلك المطاعم قبل حساب فواتير الخدمات والعلاج والدراسة وغيرها وكأن الحياة لا تقوم بدونها، والمشكلة الأدهى أن الرغبة تحولت إلى عادة وأصبحت العادة طبعا، ولم يعد الشخص يستطيع أن يتخيل حياته دون الأكل بسرعة.

تبيان حجم السعرات!

من جهته اعتبر الاختصاصي الاجتماعي جاسم المزروعي في حديثه لـ «العرب» أن عددا كبيرا من العوامل أدى إلى انتشار عادة الأكل في المطاعم، وخاصة تلك التي تقدم الوجبات السريعة، وأهمها عامل الجذب الكبير للأطفال والعائلات للمداومة على تناول الوجبات السريعة دون النظر للآثار السلبية من لكثرة تناولها، وتساءل عن الأرقام الكبيرة للمصابين بالبدانة والكولسترول بين المراهقين ولأطفال والرجال والسيدات على حد سواء وإذا ما كانت هذه النسب موجودة قبل افتتاح مطاعم الوجبات السريعة.

وأضاف بأن حضورها كان متواضعا واقتصرت على تقديم الوجبات البسيطة في الماضي بينما اليوم أصبحت ركنا أساسيا من أي مجمع تجاري أو سوق عادية أو جامعة، وهي تقدم وجبات غربية وبنكهات عربية أحيانا وتقدم مع أطباق من المقبلات وسواها، دون أن يكون هناك مؤشر على كمية السعرات الحرارية والدهون المشبعة التي تحتويها.

وقال المزروعي إن فتح المحال التجارية التي تقدم الوجبات السريعة المجال أمام الجميع ولـ24 ساعة يوميا جعلت مطاعم الوجبات السريعة تغص بزوارها من المراهقين وطلبة المدارس، فبإمكان أي طفل في العاشرة أن يطلب أي كمية من هذه اللحوم المستوردة والمجمدة والمحضرة باستخدام الكثير من الزيوت مع كمية أكبر من البطاطس دون أن يعرف مستوى الضرر الجسماني والذهني الذي تسببه له إياه هذه الوجبات، وتساءل إذا ما كان الفحص يتجاوز مستوى النظافة إلى المواد التي تتكون منها الوجبات السريعة.

واعتبر المزروعي المدارس مقصرة من ناحية توعية الطلبة بمخاطر الوجبات السريع، فهناك العديد من عوامل الجذب التي أدت إلى إدمان أفراد الأسرة لمثل هذه النوعية من الوجبات، فتشكل مطاعم الوجبات السريعة فرصة للطفل للتخلص من الروتين اليومي وتكرار الأغذية نفسها، فالوجبات السريعة تساعد على فتح شهية الطفل وزيادة تقبله للطعام، وهذا راجع إلى أن العديد من الأطفال يفرض عليهم طعام المنزل ويكون الجو النفسي عند تناول الوجبات اليومية خصوصا وجبة الغداء غير مريح، فالأطفال والمراهقون يرفضون تناول الحليب وبعض الأغذية مثل البيض عند وصولهم سن البلوغ، وذلك كنوع من إثبات الوجود ورفض أوامر الأسرة لإجبارهم على تناول هذه الأغذية، ولكنهم من ناحية أخرى يتقبلون وجود الجبن والبيض في وجبات المطاعم السريعة.

من جهته اعتبر المواطن حمد باخميس أن وجبات المطاعم السريعة باتت سريعة الانتشار لأنها تطور نفسها وفق متطلبات كل الناس، فهناك وجبات الإفطار والغداء وساندويتشات النهار وما قبل العشاء وسواها من مسميات الوجبات السريعة، ووافق باخميس المزروعي على أهمية وضع لوائح تشير إلى كمية السعرات الحرارية الموجودة في الحصص الغذائية التي تقدمها الوجبات السريعة، وأن بعض الأغذية السريعة باتت أكبر حجما وتحتوي على نسبة عالية من الدهون؛ ولأن الطعام -يتابع باخميس- الذي يحتوي على الدهون يكون مقبولا ومستساغا بشكل أفضل من الأغذية قليلة أو عديمة الدهون، فإن الكثير من الناس تقبل على الوجبات السريعة دون حساب لكم الدهون المشبعة، وتساءل: لماذا لا تقوم المطاعم بوضع لوائح على مغلفات طعامها على كميات البروتين والدهنيات والأملاح والدهون المشبعة وغيرها من المواد التي تترسب في الجسم وترهقه أسوة ببقية المواد الغذائية التي تباع مغلفة؟