تتصاعد ردود الفعل في الصحافة العالمية المنددة بالهجوم الإسرائيلي الجبان الذي استهدف مقرات سكنية لأعضاء الوفد المفاوض بحركة حماس في الدوحة الثلاثاء الماضي، وسط تحذيرات من أنه لا يشكل فقط انتهاكاً للسيادة القطرية وضرب جهود الوساطة القطرية الساعية لوقف إطلاق النار في غزة وإغاثة أهل القطاع، بل يمثل تحولاً خطيراً في قواعد الاشتباك في المنطقة، وقد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الفوضى الإقليمية.
وأكد تقرير نشره موقع «ميدل إيست آي» أن العدوان الإسرائيلي، جاء في سياق حملة عسكرية موسعة أطلقتها إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة، تجاوزت غزة لتصل إلى لبنان، وسوريا، وإيران، واليمن، وصولاً إلى الأراضي القطرية.
ووصف الموقع التصعيد الخطير بأنه جزء من استراتيجية إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى إضعاف الدول ذات السيادة، وإعادة تشكيل النظام الإقليمي باستخدام القوة.
وأجمعت التحليلات الدولية على أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة يعكس اختيار إسرائيل ضرب الدبلوماسية في مقتل، في وقت كانت فيه المفاوضات قد وصلت إلى مرحلة متقدمة بوساطة قطرية وبرعاية أمريكية.
إضعاف الدول
وقال موقع «ميدل إيست آي»: «هذه الهجمات لا يمكن اعتبارها أحداثاً معزولة، بل تندرج ضمن استراتيجية متعمدة تهدف إلى إضعاف الدول ذات السيادة وزعزعة استقرار المنطقة".
وتذكّر هذه التحركات بالتداعيات التي أعقبت نكبة عام 1948، في مشهد يعكس استعداداً لمرحلة جديدة من الفوضى الإقليمية، يُراد من خلالها الحفاظ على المشروع الإسرائيلي.
وأضاف: يمكن فهم أبعاد هذا الهجوم من خلال أربع زوايا رئيسية تعبّر عن حجم التحديات التي تواجه صناع القرار، خصوصاً في منطقة الخليج.
وقال: أولاً، الهجمات الإسرائيلية الأخيرة توجّه رسالة واضحة مفادها أن لا دولة في المنطقة في مأمن من الاستهداف، فامتداد العمليات يفتح الباب أمام سابقة خطيرة تنتهك مبدأ السيادة الوطنية. فالضربة على قطر لم تكن مجرد استهداف لأراضيها، بل تمثل تحولاًاستراتيجياً يؤسس لمرحلة يُستخدم فيها التخويف والقوة كأدوات لإعادة رسم الخريطة الجيوسياسية في المنطقة.
وأضاف الموقع: العمليات الإسرائيلية العدائية التيامتدت إلى ست دول خلال فترة قصيرة، يؤكد أنها ليست إجراءات دفاعية، بل خطوات محسوبة لفرض واقع جديد يقوم على الهيمنة بالقوة. وإذا لم يتم التصدي لهذا المسار، فسيتم تطبيع العدوان العابر للحدود، وسيشجع ذلك دولاً أخرى على التخلي عن التزاماتها بضبط النفس، مما يسرّع من انهيار المعايير التي حدّت، لعقود، من اتساع رقعة الحروب الإقليمية.
وتابع: إن الردود الخطابية لم تعد كافية، وباتت الدول العربية والإسلامية في مواجهة اختبار حاسم لقدراتهاالأمنية الجماعية.
وأوضح الموقع أن جامعة الدول العربية تُدرك أن هذه الهجمات ليست أحداثاً معزولة، بل جزءاً من خطة أشمل تستهدف تقويض سيادة الدول العربية والإسلامية، فالتشرذم والتردد لن يؤديا سوى إلى تشجيع مزيد من العدوان.، وبالتالي، يجب على الدول الإقليمية اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لحماية أراضيها ومواطنيها، خاصة في ظل التصريحات الإسرائيلية العلنية بنيّة التصعيد.
استهداف الوساطة
وفي تحليل للباحث أندريس كريج، أكد أن الضربة الإسرائيلية أصابت حرفياً عملية الوساطة الجارية، إذ استهدفت اجتماعاً في الدوحة كان يناقش مقترحاً لوقف إطلاق النار برعاية أمريكية.
واعتبر كريج أن الضربة لم تكن فقط عملاً عسكرياًمتهوراً، بل محاولة متعمدة لتقويض جهود الدبلوماسية القطرية المبذولة خلال الشهور الماضية.
وأكد كريج أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أظهر مجدداً أنه لا يسعى إلى التهدئة، لافتاً إلى أن حجم الإدانة الدولية الواسعة للضربة يظهر أن جهود الوساطة القطرية تحظى بثقة كبيرة من المجتمع الدولي.
واعتبرت مجلة «مودرن دبلوماسي» أن الهجوم الإسرائيلي، يقوض قنوات التفاوض، منوهة بأهمية دور الوساطة القطرية الموثوقة والمقدرة دولياً في أي تسوية ممكنة. في الوقت الذي شدد فيه الرئيس الأمريكي والبيت الأبيض على أهمية العلاقة الاستراتيجية مع قطر، ودور الدوحة المقدر كحليف استراتيجي وسيط أساسي وموثوق لا يمكن تجاوزه.