استشاريون أسريون لـ«العرب»: «روبلوكس» تأثيراتها سلبية على الصحة النفسية.. وحظرها يحمي الأطفال

alarab
محليات 14 أغسطس 2025 , 01:25ص
علي العفيفي

توقفت منصة الألعاب «روبلوكس» عن العمل في دولة قطر بعد حظرها بسبب انتقادات واسعة خلال الأسبوع الماضي من أولياء أمور لأضرارها على أبنائهم والترويج لسلوكيات منافية للدين الإسلامي. وأكد أولياء أمور، أن المنصة تحتوي على ألعاب تعزز سلوكيات عنيفة وتتعارض مع العادات والتقاليد، بالإضافة إلى التنمر والمثلية وغيرهما من الأمور الهدامة لقيم المجتمع، إلا أنهم حذروا من استغلال برامج «VPN» لتشغيل المنصة داخل الدولة. وتعد روبلوكس منصة ألعاب إلكترونية مجانية تسمح للمستخدمين بإنشاء ومشاركة ألعابهم الخاصة، حيث زادت شعبيتها بين الأطفال والمراهقين، لكنها تواجه انتقادات بسبب محتوى غير مناسب، مخاطر التحرش، والإدمان، لذلك حظرتها دول مثل الصين وتركيا وسلطنة عمان لحماية الأطفال والحفاظ على السلوكيات الأخلاقية. أكد استشاريون أسريون في تصريحات لـ»العرب»، أن حظر منصة الألعاب الإلكترونية «روبلوكس» في قطر يأتي في إطار الحرص على حماية الأطفال من المخاطر النفسية والسلوكية المحتملة المرتبطة باستخدام هذه الألعاب، مشيرين إلى أن المنصة، رغم ما توفره من فرص للتعلم والإبداع، تحمل تأثيرات سلبية كبيرة على الصحة النفسية والعلاقات الأسرية إذا لم تتم مراقبتها بشكل فعال.
وأوضح الاستشاريون أن الرقابة الأسرية، والتواصل المستمر مع الأطفال، وتحديد أوقات اللعب، بالإضافة إلى توعية الأسرة بالمخاطر، تمثل عوامل أساسية لضمان سلامة الطفل الرقمية، وتحقيق التوازن بين الترفيه والتنشئة السليمة.

د. العربي قويدري: حماية أبنائنا من المخاطر مسؤولية مشتركة بين الدولة والأسرة

أكد الدكتور العربي عطاء الله قويدري، استشاري الإرشاد النفسي والأسري، أن قرار حظر منصة «روبلوكس» للألعاب الإلكترونية في قطر يأتي استجابة للمخاطر النفسية والسلوكية التي قد يتعرض لها الأطفال جراء بعض محتوياتها، والتي تتضمن غرفا تروّج لأفكار الانتحار والاكتئاب وتشجع على سلوكيات خطيرة، رغم وجود سياسات معلنة من المنصة لمنع ذلك.
وقال قويدري في تصريح لـ»العرب»، ان رصد الانحرافات السلوكية أو التأثير النفسي الناتجة عن «روبلوكس» يتطلب رقابة بأدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل المحادثات واكتشاف السلوكيات الضارة، معتبرا أن ملاحظة علامات مثل الانسحاب الاجتماعي، التغيرات المفاجئة في المزاج، أو الهوس المفرط باللعبة تستدعي الانتباه الفوري من أولياء الأمور.
وشدد على أن مسؤولية حماية الأطفال من هذه المخاطر مشتركة بين الدولة والأسرة والمدرسة والمسجد، فالدولة تضع الأطر التنظيمية الصارمة، فيما تقوم الأسرة بالرقابة المباشرة وتحديد أوقات اللعب والتواصل المستمر مع الأبناء، وتعمل المدرسة على توجيه الأطفال وتحذيرهم من مخاطر الألعاب الإلكترونية، بينما يسهم المسجد في توعية أولياء الأمور بأساليب التربية السليمة.
وأضاف أنه بالنسبة للمدرسة فهي المحضن التربوي الثاني الذي يتم فيه توجيه وإرشاد الأطفال إلى الأخلاق الفاضلة وتحذيرهم من خطورة الألعاب الإلكترونية مهما كان نوعها، أما المسجد فدوره إرشاد الآباء والأمهات الى كيفية العناية بالأطفال وتربيتهم التربية الصالحة وإعدادهم منارات لهذا الوطن.
كما شدد على أهمية أن تعتمد الجهات المختصة معايير دقيقة لتقييم خطورة الألعاب الإلكترونية بشكل عام، تشمل تصنيف المحتوى العمري، وآليات التواصل، وسياسات الإشراف على المحتوى الذي ينشئه المستخدمون، ودراسة التأثيرات النفسية والسلوكية المحتملة. 
واختتم بالتأكيد على ضرورة إطلاق حملات توعوية مجتمعية مكثفة عبر المدارس ووسائل الإعلام، لتزويد الأسر بالمعرفة والأدوات اللازمة لتعزيز السلامة الرقمية لأطفالهم.

هادية بكر: التأثيرات الإيجابية للمنصة لا تغطي على مخاطرها الكبيرة

أوضحت الأستاذة هادية بكر، خبيرة اجتماعية واستشارية في الإرشاد الأسري بمركز الاستشارات العائلية، أن منصة «روبلوكس» كانت موجهة أساسًا للمراهقين من سن 13 عامًا فما فوق، وفق تقييم مجلس البرمجيات الترفيهية، فيما لم تعد مناسبة للفئات الأصغر سنا، مؤكدة أن اللعبة يمكن أن تحمل تأثيرات إيجابية، مثل تنمية الإبداع والخيال، حيث تشجع الأطفال على تصميم ألعابهم الخاصة، بالإضافة إلى تعزيز مهارات التواصل والعمل الجماعي عبر التفاعل مع الأصدقاء والشركاء داخل اللعبة، كما توفر فرصة لاكتساب مفاهيم أولية في البرمجة.
لكن الأستاذة هادية أكدت أن هذه التأثيرات الإيجابية لا تغطي على المخاطر الكبيرة المرتبطة باستخدام اللعبة، مشيرة إلى أن من أبرز الآثار السلبية لإدمان «روبلوكس» هو قضاء الأطفال ساعات طويلة على المنصة، ما يؤثر على تحصيلهم الدراسي وأنشطتهم اليومية وعلاقاتهم الأسرية. كما يمكن أن يتعرض الأطفال للعنف والتنمر الرقمي، ما يولد لديهم توترًا وقلقًا نفسيًا، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بالخصوصية والأمان عند التفاعل مع أشخاص مجهولين قد يحملون سلوكيات غير مناسبة أو مضرة.
وحول كيفية حماية الأطفال من الألعاب الإلكترونية، شددت هادية على أهمية الرقابة الأسرية المباشرة، بما في ذلك تحديد أوقات اللعب، والموازنة بين النشاط الترفيهي والدراسي، ومتابعة تطبيقات الأمان الخاصة بالمنصة. وأضافت أن التواصل المستمر بين الأهل والأبناء ضروري لفهم تجاربهم الرقمية، والاستماع لمخاوفهم، ومعالجة أي إساءة أو تنمر قد يتعرضون لها أثناء اللعب.
كما أكدت أن بعض الأطفال قد يصرون على الدخول إلى اللعبة تحت تأثير أقرانهم أو الرغبة في تقليد أصدقائهم، وهو ما يستدعي من الأسر تقديم بدائل ترفيهية وتعليمية آمنة، لتقليل المخاطر المحتملة وحماية صحة الطفل النفسية والعقلية ومستقبله.
وأوضحت أن منصة «روبلوكس» كان من الممكن أن تكون أداة تعليمية وترفيهية مفيدة إذا تم استخدامها تحت إشراف الأهل وبمسؤولية كاملة.