تبحث إنجلترا عن مواصلة نسقها التصاعدي وإحراز كأس أوروبا لكرة القدم للمرّة الأولى في تاريخها، عندما تواجه في نهائي اليوم في برلين إسبانيا التي تزخر بالمواهب وكانت الأفضل على مدى البطولة وترغب بالانفراد بأربعة ألقاب قياسية. كانت إسبانيا بقيادة الجناحين الشابين لامين جمال ونيكو وليامس، الفريق الأفضل والأكثر جاذبية حتى الآن في البطولة. هي الوحيدة التي حققت ستة انتصارات متتالية، وبعضها أمام منتخبات كبرى مثل كرواتيا وإيطاليا حاملة اللقب في دور المجموعات، ثم ألمانيا المضيفة بعد التمديد وفرنسا وصيفة بطل العالم في ربع النهائي ونصف النهائي. في المقابل، ورغم ثروة المواهب أمثال بيلينغهام نجم ريال مدريد الإسباني وهاري كاين الباحث دائماً عن لقب أوّل في مسيرته وفيل فودن أفضل لاعب في البريميرليغ، كان مشوار إنجلتراً متذبذباً، حيث بلغت ثمن النهائي على وقع رمي جماهيرها أكواب المشروبات على المدرب غاريث ساوثغيت غير راضين عن الأداء.
أنقذها من خروج مذل في ثمن النهائي أمام سلوفاكيا هدف أكروباتي لبيلينغهام في الرمق الأخير، واحتاجت إلى ركلات الترجيح للتغلّب على سويسرا، قبل إقصاء هولندا في الوقت البدل عن ضائع 2- 1 في نصف النهائي.
كانت مباراتها الأخيرة التي حسمها البديل أولي واتكينز في دورتموند، الأولى المقنعة والتي رفعت من أسهمها لنيل أوّل لقب كبير منذ تتويجها بمونديال 1966 على أرضها، ولو أنها عادلت فيها من ركلة جزاء مشكوك بصحتها لقائدها كاين الذي يتصدّر ترتيب الهدافين بثلاثة أهداف، تساوياً مع خمسة لاعبين آخرين بينهم الإسباني داني أولمو.
وتخوض إنجلترا أوّل مباراة نهائية كبرى خارج أرضها، تأمل في عدم تكرار سيناريو نهائي النسخة الماضية، عندما خسرت أمام إيطاليا بركلات الترجيح على أرضها.
أبرز المواجهات بين المنتخبين
المواجهة الأبرز في أدوار متقدمة بين إنجلترا وإسبانيا في بطولة كبرى، كانت في ربع نهائي كأس أوروبا 1996 عندما فازت إنجلترا بركلات الترجيح بعد تعادلهما دون أهداف. تواجها آخر مرّة في دوري الأمم الأوروبية 2018 عندما فازت إسبانيا 2- 1 خارج أرضها ثم ردّت إنجلترا 3- 2.
هاري كاين ولعنة النحس
سجّل هاري كاين أهدافاً بالجملة مع توتنهام وبايرن ميونيخ الألماني ومنتخب إنجلترا، بيد أن ابن 31 لم يُحرز في مسيرته أي لقب ويأمل في تصحيح هذه النقطة السوداء اليوم. أفضل هدّاف إنجليزي في التاريخ والمكنّى «الأمير هاري» لم يتمكّن من رفع أي لقبٍ جماعيّ طوال مسيرته.
وإذا كان الحديث عن «النحس» مبالغاً فيه، فإن اللاعب سجّل أكثر من 400 هدف مع الأندية والمنتخبات من دون نهاية سعيدة حتى الآن.
كان قريباً جداً من التتويج بكأس أوروبا صيف 2021، بيد أن فريقه خسر النهائي بركلات الترجيح أمام إيطاليا.
يُعدّ نهائي كأس أوروبا 2024 المقام في البلاد التي باتت تُعتبر أرضه الآن، فرصة ذهبية لطرد لعنة تلاحقه منذ سنوات.
رودري برج المراقبة
تعوّل إسبانيا على السجل الرائع لمايسترو خط وسطها رودري في آخر سنتين، للتفوّق على إنجلترا في لقاء اليوم.
قد يرتدي موراتا شارة القائد، لكن رودري تطوّر ليصبح قائد الجيل الجديد في إسبانيا، الحريص على كتابة تاريخ جديد لمنتخب بلاده بعد إنجازه الجيل الذهبي بين عامي 2008 و2012.
أشاد به مدربه لويس دي لا فوينتي بقوله «لدينا رودري، وهو جهاز كمبيوتر مثالي». أضاف «هو يدير كل شيء، كل المشاعر، كل اللحظات بطريقة رائعة، وهذه مساعدة كبيرة للجميع».
على الرغم من كونه أحد أبرز اللاعبين في العالم في مركزه على مدى مواسم عدة، فهو يخوض أوّل بطولة كبرى في مركز اللاعب رقم 6.
صدام بين ساكا وكوكوريا
يتواجه جناح أرسنال مع مدافع تشلسي مارك كوكوريا أحد أبرز اكتشافات إسبانيا في البطولة، رغم معاناته مع فريقه اللندني في الموسمين الماضيين. يبحث ساكا عن إلحاق الضرر على الرواق الأيمن، على غرار هدفه الجميل من خارج المنطقة ضد سويسرا في ربع النهائي. من مهام كوكوريا الربط مع وليامس وإبعاد ساكا عن منطقته المفضّلة.
وعلى صعيد حراسة المرمى قام حارس إنجلترا جوردان بيكفورد ونظيره الإسباني أوناي سيمون بصدات أساسية أوصلت بلديهما إلى النهائي. صدّ بيكفورد ركلة ترجيح للسويسري مانويل أكانجي في ربع النهائي، وأثبت نجاعته في بطولته الكبرى الرابعة.
ارتكب سيمون خطأ في المباراة الأولى ضد كرواتيا، لكن عوّض بإبعاد ركلة جزاء لبرونو بيتكوفيتش.
لكن إنجلترا تسعى لوضع حارس بلباو تحت الضغط، خصوصاً بعد ارتكابه في الماضي بعض الأخطاء المكلفة.
دي لا فوينتي «القوّة الهادئة»
رغم كونه شخصية معروفة إنما بتجربة متواضعة، نجح المدرب لويس دي لا فوينتي، رغم العقبات والانتقادات، في إعادة منتخب إسبانيا إلى الطريق الصحيح بثقة وهدوء، حيث باتت البلاد على بعد خطوة واحدة من إحراز لقبها الرابع في كأس أوروبا لكرة القدم.
تُلقبه الصحافة الإسبانية بـ «لويس الهادئ»، خلافا للشخصية البركانية لسلفه لويس إنريكي، ويعتبر المدرب البالغ من العمر 63 عامًا مهندس إحياء كرة القدم الإسبانية التي استعادت عافيتها بعد سنوات من التراجع.
ماينو ضابط الإيقاع
حظي جناح إسبانيا اليافع لامين جمال بالإشادة بعد هدفه الرائع في مرمى فرنسا، حيث بات أصغر لاعب يسجّل هدفاً في تاريخ نهائيات كأس أوروبا، لكن المنتخب الإنجليزي يملك بدوره جوهرة شابة تتمثل بلاعب وسط مانشستر يونايتد كوبي ماينو الذي أظهر نضوجّا يفوق عمره. لم يكن كثيرون يعتقدون أن ماينو سيحصل على فرصة كبيرة للمشاركة في المباريات بسبب نقص الخبرة لديه وصغر سنه، وبالفعل بدأ البطولة كالخيار الثالث في وسط الملعب بعد أن قام ساوثغيت بتجربة المدافع ترنت ألكسندر أرنولد من دون نجاح، فلجأ إلى كونور غالاغر في المباراة الثالثة ضد سلوفينيا في دور المجموعات وكانت النتيجة مماثلة. قرّر المدرّب إشراك ماينو في الشوط الثاني في المباراة ذاتها، ليصبح لاعب الوسط الحلّ. شارك أساسياً للمرّة الأولى ضد سلوفاكيا في ثمن النهائي وأبلى بلاء حسناً ثم تكرّر السيناريو ضد سويسرا في ربع النهائي، لكنه فرض نفسه نجماً للمباراة ضد هولندا في نصف النهائي لا سيما في الشوط الأول.