مناورات عسيرة بين الكتل النيابية.. لا تفويض لأحد في فرنسا

alarab
حول العالم 14 يوليو 2024 , 01:08ص
باريس - وكالات - العرب

تشهد فرنسا مناورات عسيرة بين الكتل النيابية الثلاث التي تتنازع مقاعد الجمعية الوطنية، في بلد غير معتاد على تشكيل ائتلافات حكومية في ظل نظام انتخابي كان يولّد حتى الآن غالبية برلمانية. والجمعية الوطنية التي تعد 577 مقعدا، مقسومة بصورة رئيسية حاليا بين الجبهة الشعبية الجديدة (تحالف يساري، 190 إلى 195 مقعدا)، يليها المعسكر الرئاسي (وسط اليمين، حوالي 160 مقعدا)، ثم التجمع الوطني اليميني المتطرف وحلفاؤه (143 مقعدا). ويتعين على أي حكومة الحصول على تأييد ما لا يقل عن 289 نائبا، لتكون محصنة ضد مذكرة بحجب الثقة يمكن أن تطيح بها.

انتخاب أتال
,انتُخب رئيس الوزراء الفرنسي غابريال أتال رسميا، أمس، رئيسا للتكتل النيابي لحزب النهضة الذي يتزعّمه الرئيس إيمانويل ماكرون، إلا أنه سيكون متعذّرا عليه تولي هذه المهمة طالما لم يقبل الرئيس استقالته، وذلك عملا بمبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية. ونال أتال الذي كان المرشح الأوحد لرئاسة التكتل النيابي، 84 صوتا من أصل النواب الـ98 الذين تسجّلوا لهذا الاقتراع الداخلي. وصوّت سبعة نواب بورقة بيضاء فيما امتنع سبعة عن التصويت، وفق بيان للتكتل البرلماني. ونظرا لغياب أي منافس، كان فوز أتال مضمونا. فوزير الداخلية جيرالد دارمانان ورئيسة الوزراء إليزابيت بورن اللذان أبديا في بادئ الأمر رغبة بالترشّح، عدلا عن ذلك في نهاية المطاف. وتعذّر على النائبة ستيلا دوبون التي انضمّت متأخرة الى تكتل حزب النهضة في الجمعية الوطنية المشاركة في التصويت. ويتألف التكتل حاليا من 99 عضوا. ويتولى فعليا أتال مهام رئاسة التكتل الخميس لدى افتتاح الدورة التشريعية بانتخاب رئاسة الجمعية. بحلول ذاك الموعد، يفترض أن يكون قد أعلن أن الحكومة أصبحت بحكم المستقيلة، وهو ما يمكن أن يحصل الثلاثاء بعد اجتماع لمجلس الوزراء، وفق مصدر حكومي. وأوضح جان دانيال ليفي المدير المفوض لمعهد «هاريس إنتراكتيف» لاستطلاعات الرأي، لوكالة فرانس برس «الناخبون قالوا في جزء ما يريدون، وفي جزء آخر ما لا يريدون» لكن هذا في نهاية المطاف «لا يعطي تفويضا» لأي طرف كان.
وتعتزم الجبهة الوطنية الجديدة المؤلفة من تحالف فرنسا الأبية (يسار راديكالي) والاشتراكيين والشيوعيين والبيئيين، الإمساك بالحكم، لكنها لا تملك عددا كافيا من المقاعد.

جبهة موحدة  
وقالت ليزلي فارين رئيسة معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية بباريس، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية «قنا»: «التحديات الكبرى التي تواجه تشكيل البرلمان الفرنسي الجديد وانتخاب رئيس حكومة جديد، هي تكوين تعايش وجبهة موحدة لأغلبية مطلقة، وهذا صعب على أرض الواقع السياسي، لوجود مجموعات حزبية سياسية متضادة في وجهات نظرها وبرامجها».
وأضافت أن «الجبهة الشعبية الجديدة» ممثلة تحالف اليسار، إذا لم تنحل بالوقت، تبقى من أهم الجبهات السياسية التي سيكون لها دور أساسي في البرلمان القادم، رغم أنها لا تملك الأغلبية المطلقة، وتبقى هذه الأغلبية النسبية هي التحدي الأساسي الذي يطرح عليها وعلى بقية الجبهات السياسية.

تحديات مالية  
وقال منصف السليمي الكاتب والمحلل السياسي المختص في العلاقات الأوروبية والدولية، لـ «قنا»: «قرار عدم قبول الرئيس ايمانويل ماكرون استقالة رئيس الحكومة غابريال أتال هو قرار واقعي وبراغماتي، لوجود استحقاقات مهمة تنتظر فرنسا في الفترة القادمة، أبرزها دورة الألعاب الأولمبية، التي تعد تظاهرة معقدة على المستوى الأمني وفيها تحديات كثيرة». وأضاف السليمي: «هناك أيضا الاعتبارات والتحديات المالية لفرنسا سواء على المستوى الأوروبي أو على المستوى الداخلي، التي تتطلب نوع من الاستمرارية في تسيير الدولة، بالإضافة إلى أن البرلمان لا توجد فيه أغلبية مطلقة لكتلة معينة، وللوصول لهذه الأغلبية لابد من أسابيع من المفاوضات والنقاشات والتجاذبات السياسية».