في مواجهة ضغوط وتحديات متعددة الأوجه والاتجاهات، تبذل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" جهودا حثيثة لتوفير التمويل. اللازم لعملياتها في مخيمات اللجوء بقطاع غزة والضفة الغربية وعدد من الدول العربية.
وفي ختام مؤتمر إعلان التعهدات للأونروا، الذي عقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك خلال اليومين الماضيين، أعرب المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني عن ثقته بأن "الأونروا" ستكون لديها موارد كافية للعمل حتى نهاية سبتمبر المقبل، مؤكدا في مؤتمر صحفي أنه سيركز خلال الأشهر المقبلة على سد الفجوة المالية للوكالة بين سبتمبر ونهاية ديسمبر المقبلين.
وحذر لازاريني من أن هناك جهودا جارية ترمي إلى تفكيك الوكالة وتغيير المعايير السياسية الراسخة للسلام في الأرض الفلسطينية المحتلة، وقال إن هذا يشمل هجمات شرسة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومقترحات تشريعية لطرد الوكالة من مقرها في القدس الشرقية وتصنيفها منظمة إرهابية.
وأشار المفوض العام للوكالة إلى أنه رغم أن جميع الدول تقريبا استأنفت تمويلها للوكالة، فإن التحدي المالي الأساسي لا يزال قائما، حيث تفتقر "الأونروا" إلى الموارد اللازمة لتنفيذ تفويضها.
وأوضح أنه بالنسبة للنداء الإنساني العاجل لصالح الأرض الفلسطينية المحتلة، الذي يدعو لتوفير 1.2 مليار دولار لتغطية الاحتياجات الإنسانية الحرجة حتى نهاية العام، بالإضافة إلى النداء العاجل لكل من سوريا ولبنان والأردن، لم يتم تمويلهما إلا بنسبة لا تتجاوز 20 بالمئة.
وقد شاركت دولة قطر في هذا المؤتمر الذي يعقد بشكل سنوي، مؤكدة أن "الأونروا" تقوم بدور محوري ولا غنى عنه، وتمثل العمود الفقري للمساعدات الإنسانية في قطاع غزة، مثنية على الجهود الجبارة لموظفي الوكالة، وعلى رأسهم سعادة السيد فيليب لازاريني المفوض العام للوكالة، وفي بيان أمام المؤتمر، أوضحت سعادة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، أن مؤتمر التبرعات هذا العام يأتي في ظروف استثنائية تضاف إلى أزمة النقص المزمن في التمويل الذي تواجهه "الأونروا"، لافتة إلى أن الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي خلفتها الحرب الإسرائيلية المستمرة ضد قطاع غزة تتطلب قدرا هائلا من العمل الإنساني للاستجابة لها.
وأشارت سعادة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني إلى إعلان دولة قطر تقديمها في شهر مايو الماضي مساهمة مالية إضافية تبلغ 25 مليون دولار أمريكي دعما للموارد الأساسية للوكالة للعام 2024، تضاف إلى مبلغ 18 مليون دولار أمريكي كانت قد قدمته للأونروا في ديسمبر 2023 دعما للموارد الأساسية للوكالة أيضا، وأكدت سعادتها أن دولة قطر ستواصل التنسيق مع المفوض العام للوكالة على مختلف المستويات في الفترة الحالية؛ لضمان استمرار الجهود الرامية إلى التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق، مشيرة إلى أن هذا يضاف إلى مختلف أشكال الدعم الإنساني والمالي والعيني الذي تقدمه دولة قطر إلى الشعب الفلسطيني الشقيق انسجاما مع سياستها الثابتة في التضامن معه.
وفي ديسمبر الماضي أوفت دولة قطر بتعهدها لدعم /الأونروا/ بمبلغ 65.7 مليون ريال لعامي 2023 و2024، وقالت وزارة الخارجية القطرية إن دولة قطر عجلت بالوفاء بتعهدها للأونروا لعام 2024 من أجل دعم الشعب الفلسطيني الشقيق، في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يتعرض لها حاليا، والمساهمة في سد الفجوة التمويلية للوكالة، ونوهت الوزارة إلى أن دولة قطر زادت تبرعاتها للأونروا خلال الأعوام السابقة لدعم مواردها الأساسية، انسجاما مع سياسة قطر الثابتة في التضامن مع الشعب الفلسطيني الشقيق، وتقديم كافة أشكال الدعم له، حيث كانت قطر أول دولة عربية توقع اتفاقية متعددة السنوات مع "الأونروا" عام 2018 لدعم مواردها الرئيسية.
وخلال المؤتمر ذاته، كرر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التأكيد على أن "الأونروا" هي العمود الفقري للعمليات الإنسانية في غزة، وأنه لا بديل عنها، مشددا على أن عملها يشكل أحد أعظم العوامل التي توفر بصيص أمل وقدرا من الاستقرار في منطقة مضطربة.
ونبه غوتيريش إلى أنه "بدون توافر الدعم والتمويل اللازمين للأونروا، فسيفقد اللاجئون الفلسطينيون شريان الحياة الحرج وآخر بصيص أمل في مستقبل أفضل".
وقال الأمين العام إن 195 موظفا من موظفي "الأونروا" قتلوا، وهو أعلى عدد من الموظفين القتلى في تاريخ الأمم المتحدة.
وأمام المؤتمر ذاته، نبه دينيس فرانسيس رئيس الجمعية العامة إلى أنه "يجب أن يكون مقلقا لنا للغاية أن "الأونروا" تقف حاليا على شفا الانهيار المالي، بالنظر إلى الخدمات الأساسية التي تقدمها الوكالة وموظفوها". وأكد أن الوكالة منذ تأسيسها عام 1949، جسدت أفضل ما في عمل الأمم المتحدة الميداني لعقود من الزمن، واكتسبت سمعة كمنارة أمل في منطقة تعاني من الاضطرابات بشكل روتيني.
وفي انتصار جديد لعدالة القضية الفلسطينية، فشلت ادعاءات الكيان الإسرائيلي في تشويه صورة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة "الأونروا"، وتوريطها في الصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وخلص تقرير للجنة مراجعة حياد "الأونروا"، صدر في أبريل الماضي، إلى أن الكيان الإسرائيلي لم يقدم أدلة تدعم ادعاءاته بأن مئات من موظفي الوكالة أعضاء في المقاومة الفلسطينية، كما لم يرد على رسائل من "الأونروا" تطلب فيها الأسماء والأدلة الداعمة التي من شأنها تمكينها من فتح تحقيق بهذا الشأن.
وأضاف التقرير أن الوكالة الأممية تشارك قائمة موظفيها بأسمائهم ووظائفهم بصورة سنوية مع الحكومات المضيفة في لبنان والأردن وسوريا، ومع الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة بشأن موظفيها في القدس الشرقية وغزة والضفة الغربية، مشيرا إلى أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي لم تبلغ "الأونروا" بأي مخاوف تتعلق بأي من موظفيها بناء على تلك القوائم منذ عام 2011.
وتواجه "الأونروا" منذ إنشائها عام 1949، كمنظمة ذات ولاية إنسانية وتنموية لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم، العديد من الهجمات والانتقادات غير المبررة، التي لم يسبق لها مثيل، بهدف تقويض الوكالة وإنهاء عملها وتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة إلى مناطقهم وبيوتهم الذي يكفله القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وتهتم الوكالة بنحو ستة ملايين لاجئ مسجل لديها، بما في ذلك الفئات الضعيفة مثل النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة، وتدير 58 مخيما معترفا به للاجئين الفلسطينيين، وتلبي الاحتياجات الإنسانية الماسة لأكثر من 1.6 مليون شخص في الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
وتساعد "الأونروا" لاجئي فلسطين على تحقيق كامل إمكاناتهم في التنمية البشرية، وذلك من خلال الخدمات النوعية التي تقدمها في مجالات: التعليم، والرعاية الصحية، والإغاثة والخدمات الاجتماعية، والحماية، والبنى التحتية وتحسين المخيمات، والتمويل الصغير، بالإضافة إلى المساعدات الطارئة. وبعد مرور ما يقارب خمسة وسبعين عاما، لا يزال عشرات الآلاف من لاجئي فلسطين الذين فقدوا منازلهم وسبل عيشهم بسبب ما حصل في عام 1948 نازحين وبحاجة إلى دعم.