باتت المستشفيات داخل قطاع غزة والمراكز الصحية، واجهة للاستهداف المباشر وغير المباشر للهجمات الإسرائيلية بالقصف المستمر والتهديد بالإخلاء القسري، منذ بدء عدوانهم المسمى بـ "السيوف الحديدية"، والذي جاء رداً على عملية "طوفان الأقصى" التي أُطلقت في السابع من أكتوبر 2023.
وتعاني المؤسسات الصحية في القطاع المحاصر من نقص دائم في المعدات والمستلزمات الطبية والأدوية اللازمة، إلى جانب تدني كفاءة غرف العمليات التي تفتقر لأبسط مقومات السلامة، الأمر الذي أسفر في النهاية عن توقف الغالبية العظمى منها عن العمل.
وعلى مدار الأشهر الماضية، واجهت مستشفيات غزة نفسها تحديات عدة، وتجاوزت مهمتها الأساسية في تقديم الرعاية الصحية، وتحولت من ملاذاً للشفاء إلي مراكز إيواء للنازحين الذين فقدوا منازلهم وأمانهم، حيث امتلأت أروقة وساحات المستشفيات بالعائلات التي تبحث عن الأمان في ظل القصف المستمر.
وفي حديثه لـ " موقع العرب" كشف الدكتور أحمد شتات مدير عام التعاون الدولي بالصحة الفلسطينية، عن الدافع الرئيسي وراء استهداف الاحتلال للمستشفيات في قطاع غزة بالقصف والتدمير بشكل متكرر منذ بداية الحرب، مؤكداً أن استهداف المستشفيات لم يكن عشوائياً بل كان "حملة ممنهجة وشرسة" ويحمل نية واضحة لإلحاق الضرر بالبنية التحتية الصحية وأعاقة القطاع في توفير الرعاية اللازمة للجرحى والمرضى، الأمر الذي هدد حياة آلاف المرضى والجرحى في مناطق عمل هذه المستشفيات.
الوضع الصحي في غزة، يقول شتلت يستدعي تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي لضمان استمرار البنية التحتية الصحية، فالقطاع الصحي يواجه تحديات كبيرة تتمثل في قدرته الاستيعابية المحدودة، والتي لا تتجاوز 20% من الحاجة الفعلية، بيد أن أعداد الجرحى والمرضى تفوق الإمكانيات المتاحة، فقد وصل عدد الجرحي إلى حوالي 76 ألف جريح، من بينهم نسبة تتراوح بين 10 إلى 15% بحاجة إلى عمليات جراحية معقدة ورعاية طبية مكثفة، ويشكل ذلك ضغطاً هائلاً على النظام الصحي، والذي يعاني بالفعل من نقص في الموارد والتجهيزات الطبية اللازمة لمواجهة مثل هذه الأزمات.
وعلى الرغم من الدمار الذي لحق بالعديد من المرافق الصحية، لا تزال هناك مستشفيات تعمل في ظروف استثنائية، وتستمر في تقديم خدماتها الصحية، مواجهة ضغوطا متصاعدة وخانقة، إما جراء القصف وإما جراء الأعداد الكبيرة، من المرضى والجرحى الذين يصلون إليها.
ومن بين هذه المستشفيات: مستشفى الأوروبي الواقعة بين رفح ومدينة خان يونس، ومستشفي الميداني الإماراتي، ومستشفى النجار، وجميعها تحاول جاهدة توفير الرعاية الطبية الضرورية، بحسب ما ذكر مدير عام التعاون الدولي بالصحة الفلسطينية.
وعن التحديات التي تواجه النازحين والأطباء، أكد شتات أنها تنوعت ما بين الأمراض المعدية مثل الإسهال والحصبة، وغير المعدية حيث انتشرت التهابات الكبد الوبائي من نوع A بشكل كبير بجانب الأمراض الجلدية.
ودعا شتات من خلال "موقع العرب" إلى ضرورة التضامن الدولي والدعم الإنساني لتخفيف معاناة هؤلاء المرضى والنازحين وتوفير الحماية والرعاية اللازمة لهم في هذه الأوقات العصيبة.