قطر و «التعاون الإسلامي» .. تاريخ طويل وشراكة ممتدة
محليات
14 أبريل 2016 , 01:51م
الدوحة - قنا
يحظى تاريخ دولة قطر ومنظمة التعاون الإسلامي بسجل كبير من التعاون والشراكة منذ اليوم الأول لانضمام قطر عام 1972م ومشاركتها في القمة الإسلامية الثانية بلاهور عام 1974م وصولا إلى القمة الثالثة عشرة في إسطنبول 2016م،وتأتي مشاركة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في القمة الإسلامية بتركيا تأكيداً لحرص القيادة القطرية على دعم المنظمة وبذل كافة الجهود لتبقى حاضنة وداعمة لقضايا الأمة الإسلامية في كافة بقاع الأرض.
في عام 1972م كان انضمام قطر لمنظمة المؤتمر الإسلامي ،وفي يوم 22 فبراير 1974م شاركت لأول مرة في القمة الإسلامية الثانية التي استضافتها باكستان بمدينة لاهور، وبمشاركة 35 دولة عربية وإسلامية هي أعضاء المنظمة في ذلك الوقت بالإضافة إلى دولة العراق بصفة " مراقب" .
وقد تأسست المنظمة عام 1969، وعقدت أول قمة إسلامية بالتاريخ الحديث، في العاصمة المغربية الرباط، ردًا على جريمة إحراق المسجد الأقصى في القدس المحتلة،واتخذت قمة الرباط الإسلامية التاريخية قرارها بإنشاء منظمة التعاون الإسلامي؛ لتصير القمة الإسلامية آلية ثابتة وأساسية تعكف المنظمة على الإعداد لها.
وتمثل القمة الإسلامية أعلى هيئات منظمة التعاون الإسلامي، وتتألف من ملوك ورؤساء الدول والحكومات في الدول الأعضاء، وتجتمع مرة كل ثلاث سنوات، للتداول واتخاذ القرارات، وتقديم المشورة بشأن جميع القضايا ذات الصلة بالمسلمين في كافة أنحاء العالم.
وكان الهم الأكبر للقادة العرب أيضا ً في قمة لاهور هو الوضع في الأراضي الفلسطينية بعد حرب أكتوبر 1973م،وخرج البيان الختامي للقمة الثانية التي شاركت فيها قطر بالتأكيد أن قضية القدس هي قضية المسلمين الأولى وأن استعادة الحقوق الفلسطينية المسلوبة هي الضمانة الوحيدة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ،ووافق القادة على إنشاء (صندوق التضامن الإسلامي ) ودعم التكامل التجاري البيني بين الأعضاء.
ومنذ اليوم الأول لإنشاء هذا الصندوق كانت قطر على رأس الدول المساهمة في مشروعاته كان آخرها قبل يومين حين وقع صندوق قطر للتنمية، اتفاقية منحة للمساهمة بـ50 مليون دولار في رأسمال "صندوق العيش والمعيشة" الذي أنشأه البنك الإسلامي للتنمية بالتنسيق مع صندوق التضامن الإسلامي للتنمية بهدف توفير قروض ميسرة بقيمة 2.5 مليار دولار لمصلحة 30 دولة مصنفة بأنها من الأقل نمواً بين الدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية.
وفي عام 2010 ساهمت قطر في (صندوق التضامن الإسلامي) للتنمية كصندوق وقفي يبلغ رأسماله 10 مليارات دولار أمريكي لدعم الشرائح الفقيرة لاسيما في الدول الأعضاء النامية من خلال تقديم منح وتسهيلات مالية ميسرة للمشاريع الاجتماعية والاقتصادية كالتعليم والصحة والزراعة.
وكما كان لدولة قطر مساهمة بارزة في صياغة تاريخ الدول الإسلامية والعربية عبر مشاركتها الفعالة في القمم الإسلامية كافة ،كان لها أيضاً بصمتها على كافة المنظمات والمؤسسات التابعة للمنظمة الأم سواء بالدعم المالي أو المعنوي ،ومن أبرزها صندوق القدس والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) التي تعد دولة قطر عضواً مؤسساً فيها ،ولها برنامج تعليمي ثابت يحمل اسم صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والخاص بتعليم اللغة العربية والثقافة الإسلامية، ويغطي المناطق الجغرافية للعالم الإسلامي" العربية والأفريقية والآسيوية" والأقليات المسلمة خارج العالم الإسلامي.
وفي عام 1981م شاركت دولة قطر مع شقيقاتها من الدول الإسلامية في تدشين محكمة العدل الإسلامية، وإنشاء (مجمع الفقه الإسلامي) يكون أعضاؤه من الفقهاء والعلماء والمفكرين في شتى مجالات المعرفة من فقهية وثقافية وعلمية واقتصادية من أنحاء العالم الإسلامي،وذلك خلال القمة الثالثة بمكة المكرمة .. ثم جاءت المشاركة القطرية في دعم العمل العربي الإسلامي المشترك من خلال مشاركتها في القمة الإسلامية الرابعة التي عُقدت بالدار البيضاء في المغرب عام 1984، وكان من أبرز قراراتها تبني خطة السلام العربية، ورفض السيطرة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، واعتبارها عملًا عدوانيًا غير قانوني، فضلًا عن القلق إزاء استمرار التدخل السوفيتي في أفغانستان، والطلب بانسحاب جميع القوات الأجنبية عن البلد المسلم.
واتسمت القضايا التي ناقشتها القمم الإسلامية بداية من الكويت عام 87 ثم داكار عام 91 والدار البيضاء 94 وطهران 97 بالتركيز بشكل أساسي على قضايا السلام بالمنطقة وتشجيع التبادل التجاري البيني بين الأعضاء وظهر لأول مرة مصطلح الإرهاب في ختام قمة طهران 97، واتفق المشاركون على ضرورة تطويق الإرهاب الفكري والمادي .
ومثل عام 2000م منعطفاً جديداً في تاريخ دولة قطر مع منظمة التعاون الإسلامي حين استضافت الدوحة القمة الإسلامية التاسعة تحت عنوان "دورة السلام والتنمية انتفاضة الأقصى" وتعد هي الأولى التي تعقدها منظمة المؤتمر الإسلامي في بداية الألفية الثالثة. وكما بدأت المنظمة تاريخها بالدفاع عن القدس عاد التاريخ للعنوان ذاته في قطر .
ودقت قمة الدوحة " الاستثنائية " عام 2003م ناقوس الخطر حيال ظهور الإرهاب بكافة أشكاله في المجتمع الإسلامي وكان من بين توصياتها الختامية التي حملها ( إعلان الدوحة ) اعتماد اتفاقية منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب، والدعوة لعقد مؤتمر عالمي برعاية الأمم المتحدة لتناول هذه الظاهرة، تناولا واقعيا بعيدا عن العنصرية والانحياز، والبحث في السبل والوسائل الكفيلة بالقضاء عليها..والدعوة لإنشاء "سوق إسلامية مشتركة" ، واختيار القطاعات ذات الأولوية لديها، وتذليل العقبات التي تحول دون الوصول إلى أسواقها، وتحديد سياسات المنافسة والانسياب الحر للسلع والخدمات من خلال إقامة "منطقة إسلامية للتجارة الحرة".
وجاءت تلك القمة الاستثنائية أيضا لتحدد ملامح الموقف العربي الإسلامي من الأزمة العراقية والتدخل العسكري الأمريكي وأعلن القادة من الدوحة رفضهم القاطع لضرب العراق أو تهديد أمن وسلامة أي دولة إسلامية، وضرورة حل المسألة العراقية بالطرق السلمية في إطار منظمة الأمم المتحدة ووفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وتعد منظمة التعاون الإسلامي ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأمم المتحدة، وتضم في عضويتها 57 دولة، موزعة على أربع قارات، وتعتبر المنظمة الصوت الجماعي المعبر عن مليار ونصف مليار مسلم حول العالم.
م.ب