نشر موقع "القصة" المصري تحليلا للصحفية لينا عطا الله حول اتهام وزارة الداخلية المصرية لمحمود شفيق بتنفيذ التفجير الانتحاري بالكنيسة البطرسية كشف فيه بعض الأبعاد الخفية حول هذا الاتهام.
وإليكم نص التقرير الذي يكشف تناقض واضح في راويات الأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام المقربة من النظام بشأن الحادث، الأمر الذي يثير لغزا كبيرا حول القضية برمتها:
"السيسي" وفي أقل من 24 ساعة على حادثة تفجير قاعة السيدات بالكنيسة البطرسية، بالجناح الشرقي للكاتدرائية المرقسية بالعباسية، كشف عن إسم "الانتحاري" الذي فجر نفسه، وهو محمود شفيق محمد مصطفى وعمره 22 عاما.
سرعة على غير العادة، لحادثة مريبة للغاية في تفاصيلها، خبر الانتحاري، بدأ قبيل كلمة السيسي في عزاء ضحايا حادثة الانفجار بدقائق على موقع "اليوم السابع" المقرب من النظام، إذ اكتشفت الأجهزة الأمنية "فجأة" وبعد 22 ساعة من التفجير "أشلاء جثة" في القاعة التي تفجّرت، وبعدها بساعتين أعلن السيسي عن اسم صاحب الأشلاء "محمود".
الروايات الأمنية
الأجهزة الأمنية عبر مصادرها للصحف الحكومية والقريبة من الدولة، ارتبكت في تقديم سيناريوهات ثلاثة عن الحادثة، فقيل في البداية أن قنبلة ألقيت على قاعة السيدات، ثم قالت إن إمرأة دخلت ب12 كيلو جرامات مخبأة في "صدريتها" وزرعت القنبلة وخرجت، ورواية ثالثة عن زراعة القنبلة شديدة الانفجار أسفل مقاعد قاعة السيدات قبل الحادثة بيوم.
كل هذه الروايات تم نسفها بحديث السيسي في العزاء، بأن الشاب محمود شفيق، دخل الكنيسة وفجر نفسه بحزام ناسف، وأنه تم إلقاء القبض على 3 رجال وسيدة وجارى البحث عن شخصين آخرين.
تحليل رواية السيسي
السيسي، بحسب روايته، والتي لم يعلن من توصل إليها، هل كانت الشرطة أم المخابرات العامة أو الحربية، قال إنه عمل انتحاري، فهل هي رواية منطقية يمكن التعامل معها بشكل جدي، أم أنه أراد تهدئة المسيحيين.
بحسب ماهو متعارف عليه،فإن الكنائس المصرية، خصوصا التي تقع في مناطق حيوية، أو مناطق محل أزمات أو ربما تنازع طائفي متوقع، يكون عليها حراسة خاصة، بالإضافة لخدام الكنائس أنفسهم، فكيف سمح حراس الكنيسة والشرطة لرجل بأن يدخل قاعة السيدات، وعلى أقل تقدير أنه عند الاشتباه يضطر "الانتحاري" إلى تفجير نفسه فيهم بدلا من إلقاء القبض عليه، وبالتالي عدد الضحايا سيكون محدودا.
زاوية ثانية
بحسب رواية السيسي، كيف لشاب مسلم" محمود شفيق" أن يستطيع الدخول إلى الكنيسة من الأساس، يوم قداس الأحد، قبيل أعياد الميلاد، في ظل تواجد أمني كبير، فضلا عن إمكانية ذلك في أي يوم آخر، وأنه عند التفتيش وإبراز هويته سيكتشف أمره وبالتالي سيضطر لتفجير نفسه عند البوابات وليس وسط القاعة، إلا إذا كان يحمل هوية أخرى باسم مسيحي. ولكن كان سيسمح له بالدخول للقاعة العامة والمذبح وليس قاعة النساء.
بُعد ثالث ورابع
أن "الانتحاري" استطاع الهرب من الحراس "الشرطة وخدم الكنيسة" ودخل القاعة وفجّر نفسه، وهو أمر لم يذكره شهود العيان مطلقا.البعد الرابع، وبالمقارنة بعملية تفجير كنيسة القديسين، فإن عملية تجميع أشلاء منفذ العملية، استغرقت 4 أيام، فضلا عن فشل الأجهزة الأمنية في تحديد إسم المنفذ، رغم أن عملية ترميم "وجه" منفذ العملية أظهرته بشكل واضح، أما في حالة "محمود شفيق" فعملية تجميع الأشلاء وترميم الوجه والكشف عنه عنه بالـ"DNA" لم يستغرق سوى ساعتين فقط، إلا إذا كان "الانتحاري" قد نفّذ عمليته الإرهابية ومعه "هويته الشخصية"، مما سهّل عمل الأجهزة الأمنية.
رواية أخرى
الإعلامي القريب من الأجهزة الأمنية ونظام السيسي، أحمد موسى، قال إن "الانتحاري" محمود شفيق، من محافظة الفيوم، وعضو بتنظيم بيت المقدس "ولاية سيناء حاليا".
نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أعادوا نشر خبرا أوردته صحيفة الوطن، في 15 مارس 2014، عن إلقاء الأجهزة الأمنية القبض على شابين أحدهما إسمه "محمود شفيق محمد"، ومقيم بمنشأة عطيفي بمركز سنورس بالفيوم، بحوزتهما سلاح آلي وقنبلة يدوية، وبمطابقة صورة محمود شفيق الذي تحدث عنه السيسي، والصورة التي أوردتها الصحف لوجهه بعد "الترميم"، يلاحظ تشابه كبير بينه وبين صورة الشاب "محمود شفيق" الذي ألقي القبض عليه في الفيوم قبل عامين.
الصحف القريبة من السلطة، قالت بالفعل إن محمود شفيق الذي ألقي القبض عليه في الفيوم قبيل عامين، هو نفسه الذي نفذ عملية التفجير في الكنيسة، وأنه كان "إخوانيا" وانضم فيما بعد لتنظيم الدولة "داعش" في سيناء، والذي تحول إسمه من "تنظيم بيت المقدس" إلى "ولاية سيناء"، وأن "شفيق" أخلي سبيله عقب القبض عليه على ذمة القضية، وأنه سافر سيناء بالفعل وعاد ونفذ جريمته.
وبحسب تلك الرواية فإن قصورا أمنيا كبيرا حدث، فـ"شفيق"، نجح في الإفلات من مراقبة الأجهزة الأمنية عقب الإفراج عنه، ودخل سيناء في ظل إحكام إمني عليها، وأنضم لـ"داعش"، ثم عاد من سيناء ليقوم بعمليته الإرهابية في وسط القاهرة وفي أكثر المناطق حيوية "العباسية" التي تقع بها أهم مركز ديني في الشرق الأوسط "الكاتدرائية المرقسية" وكذلك وزارة الدفاع.
م.ن