حان الوقت للتوصل إلى اتفاق سلام مع الأسد

alarab
حول العالم 13 نوفمبر 2015 , 06:55ص
معاريف
في منطقة من الأنظمة الخيالية أو شبه الخيالية كالتي نعيش بها، تعلو بين الحين والآخر أفكار تبدو للوهلة الأولى كالهذيان. ومنهم الفكرة الآتية: هناك شخصيات جادة، وأنا غالبا أقدر آرائهم، يعتقدون أن الآن بالضبط هو الوقت الأمثل للإعداد لاتفاق سلام مع سوريا بقيادة الأسد، دون التنازل عن معظم الجولان على الفور. نعم، نعم.
وفي رأيهم، فإن الحضور الروسي في سوريا، ووضع الأسد السيئ والبدائل المحتملة لنظامه سوف يضمنون النتائج المنشودة لإسرائيل. وهم ينسبون لبوتن دورا مركزيا: فالرئيس الروسي سوف يطمح أن يكون له أهمية سياسية عالمية، واعتراف دولي، وربما جائزة نوبل للسلام. والأسد من جانبه يريد أن يبدو «مناصرا للسلام» وعاقدا للمعاهدات، وذلك لتعزيز موقفه، والتمتع بالاحترام والميزانيات المخصصة لإصلاح سوريا، وتعزيز هيمنته على لبنان المقسم.
إن بعض من حاورتهم ممن يذهبون إلى أبعد من ذلك، يرون أنه باستطاعة بوتن أن يضم حتى إيران إلى الاتفاق. وهم مقتنعون أن الأميركيين سيشاركون في الاحتفال، حتى لا يتركوا الساحة كلها خالية لبوتن.
إن ذلك يبدو جيدا جدا: سوف يربح بوتن، ويربح الأسد، وتربح إيران، وهلم جرا. ويعلم من حاورتهم أن الفكرة تبدو خيالية، ولكنهم يعتقدون أنه لو قيل قبل عدة سنوات أنه في فترة قصيرة سيوقع اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران، ويرفع الحظر، ويتمركز سلاح الجو الروسي في سوريا، ويطلق بوتن صواريخ كروز من بحر قزوين مباشرة إلى حوض دمشق، كان ذلك سيبدو خياليا أيضا.
سألت كيف يمكن لإسرائيل أن تدير حوارا مع طاغية ذبح مئات الآلاف من شعبه؟ ألا نبدو كمنبوذين؟ والإجابة هي أن الاتفاق هو مع سوريا (أو على الأقل ما تبقى منها) وليس مع هذا الرئيس أو ذاك. وعلى العموم، فقد ذبح أبوه حافظ الأسد أيضا آلاف المواطنين في حماة، وجلسنا للتحدث معه. وناهيك عن عرفات.
أعلم أن هذا الكلام «الغريب»، والذي يرد الآن تحت توقيعي، هو أبعد من أفكار خارج الصندوق، ولكن الكلام وحده لا يقتل ولا يجرح.
في كل الأحوال، سوف تضطر إسرائيل إلى تقوية علاقاتها مع روسيا، من دون الإضرار بعلاقاتها مع الولايات المتحدة. إن بوتن يتحول إلى زعيم مهيمن في المنطقة، وهو هنا ليبقى. وهو لا يرغب في إنقاذ الأسد فقط، ولكن أيضا صناعة الطاقة الروسية التي تمد بصرها نحو حقول النفط والغاز المدفونة، حسب التقديرات، قبالة سواحل سوريا ولبنان. إن رائحة النفط والغاز تسكر بوتن على وجه الخصوص.