واشنطن تترقب رد فعل بوتن في سوريا
حول العالم
13 نوفمبر 2015 , 06:51ص
احمد الوكيل
قالت صحيفة جارديان البريطانية: إن استنتاجات روسيا بشأن حادث إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء سيغير بشكل كبير المرحلة النهائية لحملة لبوتن العسكرية في سوريا، فبعد أكثر من شهر على بداية غارات موسكو ضد أهداف سورية، لا تزال العواصم الغربية مرتابة بشأن رد فعل بوتن في سوريا إذا ما اتضح أن الطائرة الروسية أسقطت بقنبلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا لم تصدر تعليقات رسمية على مزاعم تنظيم الدولة إسقاطه الطائرة الروسية بقنبلة، لكن تعليق موسكو الرحلات إلى مصر إلى أمد غير مسمى وكذلك إجلاء السياح الروس منها ونقل حقائبهم في طائرات منفصلة، يشير على ما يبدو إلى أن أجهزة الاستخبارات الروسية لديها ذات الشكوك التي عبر عنها مسؤولون أميركيون وبريطانيون.
وكان بوتن قد صرح في مؤتمر حضره سياسيون دوليون ومحللون الشهر الماضي أن تحركات روسيا في سوريا هي ضربة وقائية وأنه تعلم درسا من شوارع ليننجراد مفاده «أن تضرب أولا، إذا كانت المعركة حتمية».
ورأت الصحيفة أنه في حالة صحة مزاعم تنظيم الدولة بإسقاطه الطائرة الروسية، فإن ذلك من شأنه أن يشكل مأزقا وورطة جديدا لبوتن، وتساءلت: هل يضاعف بوتن عملياته في سوريا، أم ينحو باتجاه طاولة المفاوضات حول حل سلمي للحرب الأهلية الدائرة هناك؟
وقالت الصحيفة: إن الإدارة الأميركية تعتقد أن بوتن حمل نفسه أكثر من طاقته، وأن واشنطن اختارت سياسية «ترقب فشل بوتن» أملا في أن يدفع هذا الفشل موسكو لتقبل فكرة تنحي الأسد في إطار مرحلة انتقالية، حسبما قال مسؤول أميركي رفيع لجارديان.
وأضافت المسؤول الأميركي أن الأعمال الروسية في سوريا تمثل المرة الأولى التي تنفذ فيها موسكو دعما جويا لعمليات برية، لكن الروس بالغوا في تقدير فعالية تلك العمليات الجوية، مشيراً إلى أن عدم تدرب الروس والسوريين معا صعب التنسيق بين العمليات البرية والجوية.
وأشار المسؤول الأميركي أن غياب التنسيق تسبب بخطأ استراتيجي فادح، فقد بالغ الروس في قدرات جيش النظام السوري، واستخفوا بالفوضى غير المتوقعة في سوريا.
ويعتقد محللون وسياسيون روس أن خطوات بوتن الأولى في سوريا نابعة بشكل كبير من عوامل انتهازية، فقد أشار بوتن إلى انعدام فعالية سياسية الغرب في سوريا، ووجد فرصة لتغير النقاش حول حرب سوريا، ورفع صوت روسيا، فضلا عن أنها فرصة لتشتيت الانتباه عن الأحداث في أوكرانيا.
يرى ميخائيل زيجار رئيس تحرير محطة «رين» التلفزيونية الروسية المستقلة أن «بوتن ليس مخططا استراتيجيا، بل هو خبير تكتيكي، حسبما اتضح من السنوات التي قضاها في الحكم، وأن أهداف بوتن ظلت متغيرة طوال الوقت، فهو لا يضع هدفا طويل الأمد ويعمل عليه».
لكن عددا من المصادر الروسية قالت لجارديان: إن هدف بوتن المعلن هو هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية وأن ذلك هو الدفاع الرئيسي الأكثر ترجيحا لتدخله عسكريا في سوريا، حتى لو كانت غالبية الضربات الجوية تستهدف مجموعات غير مرتبطة بالتنظيم.
يرى أحد المطلعين في النظام الروسي أن السبب الرئيس لبوتن لتدخله في سوريا هو القلق بشأن إمكانية تهديد تنظيم الدولة لروسيا في المستقبل القريب، وأن روسيا «أقرب إلى الشرق الأوسط من أميركا. بالطبع هناك أسباب أخرى منها الحاجة لتغير النقاش حول أوكرانيا، لكني أعتقد أن تنظيم الدولة هو هدف بوتن في سوريا».
يروي توني برينتون سفير بريطانيا السابق لدى روسيا بين عامي 2004 و2008 كيف تتغير لغة جسد بوتن عندما حديثه عن الإرهاب، فعندما يقفز موضوع التطرف الإسلامي لواجهة الحديث «ترى تجمد عينيه. وموقفه هو أن التطرف الإسلامي مشكلة يتم التصدي لها فقط بقبضة حديدية».
وأشارت الصحيفة إلى أن مدة حكم بوتن تميزت بريبة كبيرة تجاه أي احتجاجات ضد قادة سلطويون، وأيضاً تميزت برد فعل غريزي تجاه «الإرهاب الإسلامي».
يذكر السفير برينتون اجتماعات طالب فيها قادة بريطانيون من بوتن الضغط على الرئيس الأوزبكي إسلام كاريموف، بعد مذبحة مات فيها مئات المحتجين عام 2005، فكان رد بوتن بأن كاريموف ربما يكون رجلا شريرا، لكن التهديد المتطرفين أكبر.
وترى الصحيفة أن رد فعل بوتن الغريزي تجاه الإرهاب يعني أنه ربما يشعر بأن لا خيار آخر أمامه سوى تكثيف الأعمال الحربية في سوريا إذا ما اتضح أن تنظيم الدولة قد أسقط طائرته فوق سيناء.
ورغم استبعاد بوتن لأي عمل بري في سوريا، فإن هناك تقارير غير مؤكدة تفيد بأن سلاح المدرعات والمدفعية الروسية قد شوهد تواجدهم في قاعدة باللاذقية بسوريا، وأن بوتن ربما يشعر بأن الهجوم الإرهابي على الطائرة سيبرر إصراره على محاربة تنظيم الدولة في سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين الغربيين يرفضون حجة بوتن بأنه «يحارب الإرهاب» لأنه روسيا لم تستهدف تنظيم الدولة في سوريا وإنما مجموعات المعارضة غير الإسلامية، ويصف المسؤولون الأميركيون أن حديث روسيا عن «شرعية» نظام الأسد بالسخيف، معتبرين أن هدف بوتن الرئيسي من مساندة الأسد هو ضمان كرسي له على طاولة التفاوض: فقد كانت ورقتهم الرئيسية في المفاوضات الدبلوماسية هي نظام الأسد، وإذا ما خسرت روسيا نظام الأسد، فإنها ستفقد قدرتها على تشكيل المفاوضات».
لكن وجهة نظر سوريا هي أن دعم نظام ديكتاتوري هو أفضل السبل لتفادي الفوضى والإرهاب في المستقبل.
ونقلت جارديان عن الدبلوماسي الروسي المخضرم ألكسندر أكسينونوك قوله إن سقوط نظام الأسد كان مصدر خطر حقيقي، مضيفا أنه «حتى الأميركيون كان بينهم تفهم أن سقوط النظام يمثل خطراً كبيراً. وأن سقوطه كان سيمثل تكرارا لنفس الخطأ الذي وقع في العراق وليبيا».
أما وزير خارجية روسيا السابق إيجور إيفانوف فيرى أن نظام الأسد ليس الشريك المثالي لروسيا، لكن الشرق الأوسط كله ليس فيه شركاء مريحون.
وأوضحت الصحيفة أن واشنطن تترقب رد فعل بوتن على النجاح المحدود لحملته العسكرية في سوريا وكذلك احتمال إسقاط الدولة للطائرة الروسية فوق سيناء.