«مجموعات القناصين» ترفع أسعار «الصقور».. والسوق تتأهب للانتعاش
تحقيقات
13 أكتوبر 2015 , 01:51ص
امير سالم
توقع عدد من خبراء ومحبي رياضة صيد الصقور التراثية انتعاش مبيعات سوق الصقور خلال الأسبوعين المقبلين، وأكدوا أن السوق تعتمد حاليا على الطيور الواردة من أسواق «كازاخستان» التي يبدأ موسمها مبكرا عن باقي الصقور، لافتين في حديث مع «العرب» إلى أن السوق سوف تستقبل الطيور الواردة من أسواق إيران ومصر وسوريا وليبيا ومنغوليا وباكستان ودول الخليج العربي مع بداية الشهر المقبل.
وكشف صقارون وخبراء لـ «العرب» أن هناك مجموعات وفرقا من الصقارين تستحوذ على مبيعات السوق منذ انطلاق موسم جلب الصقور الشهر الماضي، بفضل ما لديها من قدرات مادية، كاشفين عن ارتفاع الأسعار بصوره خيالية تؤثر سلبا على فرص الصقارين الأفراد في الشراء.
كما أكدوا ظهور ما يسمي بـ «السوق الموازية أو السوداء» تمارس فيها عمليات البيع والشراء بعيدا عن السوق الرسمية، مما أدى إلى رفع الأسعار بصورة كبيرة تفوق السعر الحقيقي للسوق، مطالبين بضرورة التصدي لهذه الممارسات المهدرة لمبدأ تكافؤ الفرص بين محبي رياضة الصيد بالصقور.
وبالمقابل توقع الخبراء في سياق حديثهم مع «العرب» أن تساهم الفرق في رفع مستوى منافسات مهرجان قطر الدولي للصقور والصيد الذي يقام سنويا في شهر يناير بصبخة مرمي في منطقة سيلين، تحت رعاية سعادة الشيخ جوعان بن حمد بن خليفة آل ثاني، ومظلة جمعية القناص القطرية، لافتين إلى أن هذه الفرق تقوم بتدريب الصقور التي اشتروها خلال موسم جلب الصقور وتدربيها في الفترة التي تسبق انطلاق المهرجان، واختيار الأفضل من بينها لخوض المنافسات، ما يؤهلها في النهاية لحصد جوائز ورفع مستوى المهرجان الذي يعد أقوى مهرجانات الصيد في المنطقة.
إقبال كبير
«في الحقيقة هناك إقبال كبير على شراء الصقور منذ بداية موسم جلب الصقور الذي مضى قرابة 45 يوما على انطلاقه، ومن المتوقع أن تنتعش السوق في بداية الشهر المقبل مع قدوم دفعات جديدة من الصقور «هذا ما أكده السيد سيف النعيمي خبير رياضة صيد الصقور التراثية، ورئيس لجنة مسابقة هدد التحدي بمهرجان قطر الدولي للصقور والصيد، لافتا إلى أن هناك مجموعات من محبي رياضة الصيد يكونون شراكة فيما بينهم لشراء أعداد كبيرة من الصقور خلال الموسم، ويصل عدد الفريق الواحد إلى 10 أشخاص.
وتابع: «إن هذه المجموعات أو الفرق تشتري عددا كبيرا من الصقور، ويصل إلى 20 صقرا، ويقومون في المرحلة التالية بإجراء مسابقات فيما بينهم لاختيار أفضل الصقور المؤهلة لخوض مسابقات مهرجان «مرمي» الذي ينطلق في يناير المقبل وينتهي مع نهاية موسم جلب الصقور» موضحا أن هذه الفرق أو المجموعات تقوم في مرحلة تالية ببيع الصقور الأقل مستوى في السوق مرة أخرى، وبالتالي لا يتكبدون خسائر كبيرة، وتتوافر لديهم الفرصة المناسبة لخوض منافسات مهرجان «مرمي» ولديهم حظوظ كبيرة في الفوز وحصد جوائز في المسابقات.
وتابع «النعيمي» أن هذه الفرق، ومن خلال التدريبات المتواصلة لطيورها، تساهم في رفع مستوى مهرجان «مرمي»، وتعمل على زيادة حدة المنافسة، فضلا عن تقديم مستويات جيدة للغاية تؤهلها للفوز في مسابقات المهرجان وباقي المهرجانات الدولية، مضيفا أن عملية الفرز التي تتولاها الفرق هي بمثابة معسكرات تدريبية للصقور وتنتهي باختيار أفضل أنواع الصقور لخوض المنافسات وحصد جوائز المهرجان.
وبين أن شراء الصقور من خلال مجموعات من الأصدقاء ينعش السوق فضلا عن منح هذه الفرق فرصا أكبر في الفوز بفضل اتساع رقعة مشاركة الصقور المؤهلة لديها في مهرجان «مرمي» وباقي المهرجانات الخليجية أو الدولية، موضحا أن الفريق الواحد يمكن أن يشتري 20 طيرا، وبعد سلسلة من التدريبات يتم الاستقرار على نصف هذا العدد، وبالتالي يكون أمام الفريق 10 فرص كاملة للفوز في المنافسات، وبيع العدد الباقي مرة أخرى لمن لديهم القدرة على المنافسة في المهرجانات المحلية، ويكون سعر الطير أقل في هذه الحالة، لكن عملية البيع والشراء تبقي على حالتها من النشاط والرواج خلال الموسم.
وكشف «النعيمي» عن أن سوق الصقور تمر بحالة من الرواج والانتعاش مدفوعة بزيادة الطلب على الشراء من جانب «الفرق» ما أدى إلى قيام التجار برفع الأسعار، لكنه أوضح أن زيادة الطلب من جانب هذه الفرق يخفض السعر الكلي، بينما يبقى السعر مرتفعا بالنسبة للصقارين الذين يكتفون بشراء عدد محدود من الطيور ربما لا يتجاوز طيرين أو ثلاثة في أحسن الأحوال.
السوق مفتوحة
وأكد أن الفرق تستحوذ على مبيعات سوق الصقور، مدفوعة بتوافر السيولة المالية لديها من خلال مساهمات أعضائها، وأن الإقبال على الشراء يدفع السوق إلى زيادة المعروض من الطيور، موضحا أن موسم جلب الصقور في قطر يتسم بالانفتاح على الأسواق ذات السمعة الطيبة، ما يؤدي إلى زيادة المعروض منها وبالتالي توفير خيارات متنوعة أمام الصقارين في الشراء، والتدقيق في اختيار الأفضل من بينها لخوض المنافسات.
وقال: «إن الفرق لديها طموح كبير في الاستحواذ على أفضل الطيور بسوق الصقور، وتعمل بمنطق تجاري سليم، فهي تشتري أكبر عدد من الطيور وتقوم بتدريبها، وتختار الأفضل منها للمشاركة في المهرجان، وهي تعرف أنه كلما زادت مشاركتها تنوعت فرص حصد الجوائز».
وفيما يتعلق بحصة البيع الفردي بسوق الصقور بعيدا عن الفرق والمجموعات، أوضح النعيمي أنها تتواصل ولكنها محكومة بالقدرة المالية لكل صقار، فالبعض يركز على شراء «قرانيس» للمشاركة في مسابقات الطلع، وآخرون يفضلون شراء «فروخ» لإعدادها للمسابقة نفسها العام المقبل.
الأسعار مرتفعة
وعن إمكانية حدوث اختلال في الأسعار بسبب استحواذ «الفرق» على مبيعات موسم جلب الصقور، أوضح النعيمي أن الأسعار مرتفعة بالفعل، وليس هناك سعران في السوق، لكن الفرق التي تقوم بشراء عدد من الطيور تحصل بالمقابل على تخفيض في السعر الإجمالي للصقر الواحد.
واستدل على ما سبق بالقول: «إن فريقا من أقاربي اشترى مجموعة من الصقور بسعر 19 ألف ريال للفرخ الواحد، في حين أن متوسط السعر في الحالات البيع الفردية يصل إلى 30 ألف ريال للطير».
وعن نوعيات الصقور المطروحة حاليا في السوق، قال النعيمي إن الصقور «الكازاخية» تحظى بإقبال على الشراء لأن الصقور من الجنسيات الأخرى يتأخر وصولها إلى السوق إلى أوائل الشهر المقبل مثل الصقور الإيرانية والمصرية والليبية والسورية.
وأعرب رئيس لجنة مسابقة هدد التحدي عن أمله في أن يكون موسم جلب الصقور الحالي بأفضل حالاته لأنه ينعكس إيجابيا ويصب في مصلحة مهرجان قطر الدولي للصقور والصيد، موضحا أن زيادة مشاركات الفرق في الموسم يدفع بالمقابل إلى زيادة أخرى في عدد المشاركين بالمهرجان، وارتفاع مستوى المنافسة.
الرواج أول نوفمبر
«نحن في عز الموسم، ولكن حركة البيع والشراء لا تزال أقل، ومن المتوقع أن تنتعش خلال أسبوعين بعد وصول الطيور من أسواق إيران ومصر وسوريا وليبيا». هذا ما ذهب إليه السيد أحمد الرميحي «تاجر صقور في سوق واقف»، موضحا أن الرواج الحقيقي للموسم يبلغ ذروته مع بداية شهر نوفمبر المقبل، وبالتالي فإن عمليات البيع والشراء تبقى أقل نسبيا حتى الآن لافتا إلى «مجموعات» الصقارين تستحوذ على الحصة الأكبر من مبيعات السوق على حساب «الأفراد» ومحبي رياضة الصيد التراثية و«المقناص» التي تراجع الإقبال عليها بسبب الظروف التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط.
وأرجع «الرميحي» أسباب إقبال المجموعات أو «الفرق « على الشراء بكثافة، إلى أن الصقارين بهذه الفرق يسعون إلى الفوز بأجود أنواع الطيور، وتدريبها سريعا للمشاركة في مهرجان قطر الدولي للصقور والصيد، وباقي المهرجانات الخارجية، موضحا أن نشاط السوق خلال الفترة الماضية ومنذ انطلاق موسم جلب الصقور قائم على مشتريات هذه الفرق.
وقال: «إن الصقارين يترقبون وصول الطيور الواردة من أسواق دول الخليج العربي المجاورة مثل الكويت والسعودية، بالإضافة إلى إيران وكازاخستان، وما هو متوافر في المزارع القطرية» موضحا أن هناك إقبال على شراء الصقور الواردة من أسواق مصر، وإيران، وليبيا، وباكستان، ومنغوليا، هي تتسم بالقدرة على التحمل والقنص بنسب كبيرة.
طرح قطر أغلى بـ5 أضعاف
وكشف الرميحي عن أن صقور «طرح قطر» تتصدر قائمة الأعلى سعرا، وتصل إلى أرقام خيالية تعادل 5 أضعاف سعر الطير المستورد من الأسواق الأخرى، موضحا أن هناك انحياز بين الصقارين ومحبي رياضة الصيد من القطريين، للطيور محلية الطرح، والتي تمتلك مواصفات تجعلها على قدم المساواة مع باقي الطيور المستوردة من الشواهين والحرار.
المستوى أقل
«حتى الآن لم تتوافر بالسوق المواصفات المطلوبة في الطير الذي أسعى إلى شرائه وخوض منافسات مهرجان «مرمي» في يناير المقبل، حيث لا تزال السوق تواجه نقصا في الطيور الفاخرة». هذا ما أكده عبدالعزيز مبارك ناصر العلي المعاضيد، أحد أبرز الصقارين القطريين الحاصل على عدة جوائز بمنافسات مهرجان «مرمي» ومهرجانات خارجية، موضحا أنه ما زال ينتظر وصول دفعات جديدة من الطيور الواردة من الأسواق الخارجية لاختيار الأفضل من بينها لخوض مسابقات الصيد المحلية والخارجية هذا الموسم.
وقال: «لا يمكننا الانتظار طويلا لأن الوقت ضيق جدا مع اقتراب انطلاق مهرجان «مرمي» خلال أقل من شهرين، ونسعى جاهدين إلى اقتناص طيور بمواصفات جيدة» لافتا إلى أن موسم جلب الصقور الحالي يعاني من مشكلة واضحة وتكمن في ارتفاع الأسعار إلى مستوى خيالي يفوق القيمة الحقيقية للطيور ذات المستويات العادية، كاشفا عن أن التجار والصقارين يعرفون الأسعار الحقيقية لكن السوق تتحكم في النهاية.
وتابع أن الطيور «طرح قطر» تتوافر بنسبة محدودة من مزارع «السيلية» وغيرها، وإن كانت الفرق تحاول شراء أعداد منها، لكنها أقل من حاجة السوق الذي يستورد من الدول ذات السمعة الطيبة في مجال تربية وصيد الصقور.
وقال المعاضيد: «لا أعتمد بشكل كامل على السوق في شراء الطيور التي أخوض بها منافسات مهرجانات الصيد، ولي طريقتي الخاصة في شراء طيور ذات مواصفات متميزة، تختلف عن المتوافرة بالسوق، ولتفادي مشكلة ارتفاع الأسعار».
السوق السوداء
وأرجع أسباب عدم توافر طيور فاخرة بالسوق إلى أن هناك ما يمكن أن يطلق عليه -السوق السوداء- الموازية، موضحا أن هناك تجارا لا يطرحون أفضل ما لديهم من طيور، ويفضلون بيعها خارج السوق الرسمية سعيا لتحقيق مكاسب أكبر من الصقارين، ويكتفون بعرض الصقور الأقل في المواصفات داخل السوق، موضحا أن هذه الممارسات خطيرة للغاية لأنها ترفع الأسعار، وتفرغ السوق الرسمية من الطيور المتميزة، وتعصف بتكافؤ الفرص بين الصقارين الباحثين عن أفضل أنواع الصقور بأسعار تنافسية.
وكشف «المعاضيد» عن مشكلة أخرى تكمن في عدم إعلان التجار بسوق الطيور عن موعد جلب الصقور الوافدة من الخارج ما يؤدي إلى السماح بظهور السوق السوداء، والتلاعب بالأسعار، مشددا على أهمية أن يتواصل ما يسمى «مجلس الصقارين» بسوق واقف مع التجار، وإبلاغ الصقارين بكل ما هو جديد في السوق، عبر وسائل وشبكات التواصل الاجتماعي، لافتا إلى أن السوق يحتاج مزيدا من الانضباط للحد من ارتفاع الأسعار.
وفيما يتعلق بدخول الصقارين في فرق أو مجموعات تقوم بشراء أعداد كبيرة من الصقور دفعة واحدة لاختيار الأفضل منها لخوض المسابقات، ومدى تأثيرها على فرص الأفراد بالسوق، أكد المعاضيد أن هذه المجموعات تعتمد على قدراتها المادية، ونظرا لكونها تدفع أكثر فإنها تفوز بالطيور الأفضل التي تعرض عليها أولا بعيدا عن السوق، موضحا أن الصقارين «الفرادي» من خارج هذه الفرق يتعرضون لأضرار كبيرة من بينها تجريف السوق من أجود أنواع الصقور ورفع الأسعار الذي يقلل من فرص الأفراد على الشراء.
وأوضح أنه أبرم شراكة مع أحد أصدقائه، وأنهما ينفقان كثيرا في شراء طيور فاخرة قادرة على خوض المنافسات والفوز بالبطولات، مبينا أن «الفرق» تتوافر لها فرص أكبر للفوز في المنافسات؛ لأنها تشارك بأكثر من طير وفي مسابقات متنوعة، كما أنها تتعرض لخسارة أقل مقارنة بمن يخوض المنافسات بصورة فردية. وقال المعاضيد: «إن سوق الطيور ما زالت تعاني حتى الآن من غياب الصقور الفاخرة، لكنها تبقى أكثر أمانا من السوق السوداء التي لا يمكن السيطرة عليها» موضحا أنه يفضل الطيور الواردة من أسواق كازاخستان وباكستان.