أبناؤنا يحتاجون إلى دعم نفسي ومعنوي استعدادا لانطلاق الموسم
المبالغة في التخويف من «كوفيد- 19» قد يتحول إلى مرض نفسي
الاعتماد على تخويف الطفل خطأ كبير.. والتواصل مع المدرسة ضرورة
أكدت الدكتورة هلا السعيد سفيرة النوايا الحسنة، وخبيرة التربية الخاصة، ومديرة مركز الدوحة العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، أن الاستعداد للعام الدراسي الجديد الذي ينطلق بعد أيام، مسؤولية مجتمعية ووطنية لأداء موسم دراسي ناجح يصب في مصلحة طلابنا خاصة في ظل تداعيات فيروس كورونا «كوفيد- 19».
وحددت في دراسة متخصصة خصت «العرب» بنشرها، 11 وصية ضرورية لتهيئة الطلاب لبدء العام الدراسي الجديد، تتمحور جميعها حول الجوانب النفسية الضرورية المطلوب توافرها حتى تحقق هذه التهيئة أهدافها في أجواء الوباء.
وأوضحت د. هلا أنه وفق وصف منظمة الأمم المتحدة، دفعت جائحة «كوفيد- 19» المدارس لغلق أبوابها في أكثر من 160 بلدًا، ما أثّر على أكثر من مليار طالب وطالبة، وفقد ما لا يقل عن 40 مليون طفل فرصة التعلّم في السن الحرجة السابقة للتعليم المدرسي، ليجد العالم نفسه في مواجهة «كارثة تمس جيلًا كاملًا، وتهدر إمكانيات بشرية لا تعد ولا تحصى، وتُقوِّض عقودًا من التقدم، وتزيد من حدة اللامساواة المترسخة الجذور».
وأشارت إلى ضرورة تهيئة الطلاب خاصة في المراحل التعليمية المبكرة إلى العودة للدراسة، وقالت «إن أبناءنا يحتاجون إلى تهيئة نفسية ومعنوية، حتى يكونوا مستعدين للعام الجديد».
وأكدت ضرورة نهوض أولياء الأمور بدورهم في استمرار تعليم الأطفال الوقاية من الأمراض واتباع الإجراءات الاحترازية وهذه هي التهيئة الحقيقية، ارتداء الكمامات والالتزام بغسل اليدين والحرص على التباعد، لافتة إلى أهمية تعليم الأبناء الحياة الصحية للتقليل من فرص وقوع الأمراض بشكل عام، ومنها «كورونا» لكنها حذرت في الوقت نفسه من المبالغة في التخويف من فيروس «كوفيد- 19» حتى لا يتحول إلى مرض نفسي يغرس القلق والخوف في نفوس الأبناء.
وأوضحت مديرة مركز الدوحة العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، أن هناك اعتقادات خاطئة لدى البعض من الأسر تكمن في أن إيجاد الخوف لدى الطفل سوف يجعله حريصاً على الالتزام بالإجراءات الوقائية، ووصفت هذا الأمر بالخطأ الكبير، وأنه يجب الاقتناع بكيفية الحفاظ على الصحة الجسدية التي يمكن أن تؤثر بدورها على الصحة النفسية.
وأوضحت أن الوصايا الضرورية لتهيئة طلابنا تتمثل في عدم إظهار الخوف والقلق وتكرار عبارات التأفف والتذمر أمام الأبناء من المدرسة والبعد عن التلفظ بألفاظ تؤدي إلى تكوين صورة سلبية عن المدرسة وعن الفيروس وعن الزملاء وعن المعلمين، وترديد بعض الكلمات التي تؤثر على أهمية المدرسة في نظر الطالب مثل «المدرسة بدأت وارتحنا منكم».
وتشمل الوصايا تذكير الأهل للأبناء بأهمية المدرسة، وما توفره من مهارات وخبرات وفرص تعليمية ونشاطات إبداعية وألعاب ترفيهية وبرامج مفيدة تشبع احتياجاتهم المتعددة في مجالات العلم والمعرفة.
وأوصت الدراسة في هذا السياق بضرورة الاستفادة من تجارب السنة الماضية وعدم تواجد أبنائنا في المدارس، وتفادي الأخطاء السلوكية أو التعليمية والنظامية التي حدثت ومنع تكرارها لاستمرار التعلم بالتواجد بالمبنى المدرسي.
ودعت إلى استمرار التواصل مع الأبناء وتذكيرهم بتطبيق الإجراءات الاحترازية للاستعداد والتحضير الدائم للمدرسة والقيام بالواجبات الدراسية المتعددة دون تأجيل، لافتة إلى ضرورة تعاون الأهل الدائم مع المدرسة «إدارة ومعلمين»، والتأكيد على الأبناء بالالتزام بأنظمة وتعليمات المدرسة والالتزام بالإجراءات الاحترازية، واحترام المعلم والمعلمة، وبناء صداقات مع الطلبة قائمة على التعاون والتسامح والتكافل والتنافس الشريف في مجالات الدراسة مع التباعد.
وشددت الدراسة على ضرورة التأكيد على دور المعلم في العملية التعليمية وتفاعله مع الطلبة والاستماع إلى ملاحظاتهم والتعامل معهم باتزان ولطف ومحبة واستخدام وسائل تعليمية متعددة في شرح المناهج الدراسية لضمان استيعابها من قبل الجميع ومراعاة الفروق الفردية بين الطلاب.
ونوهت الدراسة بضرورة تذكير الأبناء بالمحافظة على النظافة العامة ونظافة المدرسة والفصل والمحافظة على ممتلكات المدرسة وعدم السماح بتخريب المرافق والخدمات وأن يحرص الأهل على حضور مجالس الآباء والأمهات سواء حضورا مباشرا مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية أو عن بعد أو الهاتف، وعدم التكاسل والتقاعس عن حضورها، فهي تزود الأهل بمعلومات ومهارات مفيدة عن أبنائهم وخاصة عن مواهب وإبداعات قد لا يعرف الأهل عنها.
وأكدت الدراسة ضرورة تدريب الأبناء على الاستيقاظ المبكر والاستعداد للذهاب للمدرسة، والابتعاد عن الصراخ والتهديد أثناء الإيقاظ، ويفضل أن يكون بطريقة ودودة مع تشجيع الأبناء لاستقبال يوم دراسي بنشاط وحيوية، وعندما يتم التأكد من صحيانهم، تعليم الأبناء تحضير كافة مستلزمات المدرسة في اليوم السابق، وتدريبهم على الاستقلالية والاعتماد على النفس في ارتداء ملابسهم وتفقد احتياجاتهم وحقائبهم المدرسية.
وحذرت الدراسة من استخدام الأوامر أو العقاب والصراخ والتهديد، حتى لا يذهب الأبناء متوترين وقلقين إلى المدارس، لافتة إلى أهمية اصطحاب الأبناء لشراء الحقائب وجعلهم يختاروها ويختارون المستلزمات المكتبية الخاصة بهم، وتفقد الحقائب المدرسية باستمرار، والتأكد من خلوها من بقايا الأطعمة والسندويشات، وأن تكون معقمة ونظيفة مع الاحتفاظ بمعقم صغير وكمامات احتياطية فضلاً عن قراءة الملاحظات التي يدونها المدرسون في دفاتر المذكرات أو المفكرة.
وشددت الدراسة على أهمية جلوس الأهل مع الأبناء ومحاورتهم والاستماع إليهم وإلى ملاحظاتهم ومتابعة تحصيلهم الدراسي أولا بأول.
الغذاء السليم يقوي المناعة والذاكرة
شددت الدراسة على ضرورة توفير الغذاء السليم للحفاظ على صحة أطفالنا وتقوية جهازهم المناعي من خلال تناول وجبات متزنة، تحتوي على كل العناصر الغذائية الأساسية من الكربوهيدرات والدهون والبروتينات والفيتامينات والأملاح المعدنية والماء والأسماك والفواكه.
وأوضحت الدراسة أن هذه العناصر الغذائية تحافظ مجتمعةً على صحة الجهاز المناعي، يجب أن تحتوي الوجبات المختلفة على العناصر الغذائية من مصادرها الطبيعية، والابتعاد عن الأغذية المصنَّعة والمعلَّبة، وأن تحتوي على الأغذية التي تقوي جهاز المناعة، كالخضراوات والفواكه الطازجة؛ لما تحتويه من فيتامينات وأملاح معدنية مهمة جدًّا لعمل الجهاز المناعي بكفاءة، ومنها فيتامين «سي»، ومن أهم مصادره الفلفل بألوانه المختلفة والجوافة والموالح بصفة عامة (برتقال- ليمون- جريب فروت) والكيوي والبقدونس، وفيتامين «أ» الموجود بوفرة في الخضراوات الورقية والبطيخ والجزر والبطاطا، ويؤدي دورًا مهمًّا في تقوية جهاز المناعة، كما يجب الحرص على تناول الأطفال للخضراوات الخضراء.
لا للأخبار السيئة.. والحوار «ضرورة»
شددت د. هلا السعيد خلال الدراسة على ضرورة ابتعاد أولياء الأمور عن الحديث عن فيروس «كورونا»، والامتناع عن ترديد الأخبار السيئة، وأن يتسع صدر الأب والأم للإجابة عن تساؤلات الأطفال بصورة مبسطة، وتشجيعهم على ممارسة الأنشطة والهوايات، وخاصة الأنشطة الرياضية، التي تساعد على إفراز هرمون «الإندروفين» أو هرمون السعادة، الذي يمنح الإنسان الإحساس بالطمأنينة والسعادة ويبدد القلق والمخاوف.
وأشارت إلى أن دور المدرسة يأتي مكملًا لدور الأسرة بالترفيه عن الطلاب وعدم ممارسة ضغوط عليهم ومراعاة حالتهم النفسية، والتركيز على الأنشطة، وعدم اللجوء إلى العقاب البدني أو اللفظي.
ودعت الأسرة إلى البدء في حوار مع الأبناء بعنوان «العوده للمدرسة» في جو ودي مع الاستماع والإصغاء إلى الأبناء، مع إشراكهم في عملية تحضير الكتب والدفاتر ومستلزمات الدراسة، مما يساعدهم في الاستعداد للدخول للعام الدراسي، لافتة إلى ضرورة تنظيم وقت النوم ووقت الاستيقاظ وتوقف المأكولات والمشروبات التي تجعلهم يسهرون وتوقف التلفزيون والرحلات الترفيهية.
وشددت الدراسة على ضرورة التجهيز النفسي والعاطفي لاستقبال العام الدراسي الجديد، فإذا لم يكن الطالب جاهزا نفسيا وعاطفيا، حتى لو كان طالبا متميزا من ناحية تحصيلية، يمكن أن يحدث ذلك تراجعا على المدى البعيد.
وأكدت الدراسة ضرورة المراقبة غير المباشرة التي لا تتربص للخطأ، أو انتظار الأخطاء لانتقادها، نظراً لكونها مطلوبة باعتبارها جسرا بين عالم العطلة والانتظام الدراسي، وبين مرحلة المرونة واللهو إلى الانتظام والقوانين.
وأوضحت الدراسة أن المراقبة يمكن أن تكون من خلال الحوار ومشاركة الأبناء في عملية الرقابة، وتعزيز الثقة المتبادلة، والترغيب من خلال تشكيل صورة ذهنية إيجابية عن الدراسة، وتعويد الطفل وتدريبه على الاندماج مرة أخرى مع الآخرين وإشراك الطفل في الحوار الأسري والسماع لرأيه.