الإيمان والتوحيد يطردان الهم والحزن وضيق الصدر
محليات
13 مايو 2016 , 07:20م
الدوحة - العرب
في خطبته بجامع مريم بنت عبدالله بمنطقة الدحيل، تناول الداعية الشيخ عبدالله السادة أسباب وعلاج ضيق الصدر وكثرة الهم والحزن، مستغربا من شكوى المصابين بهذه الأمراض إلى الناس، في وقت يوجد العلاج أقرب إلى أحدهم من حبل الوريد، ذلك أن الإيمان والتوحيد وحسن الظن بالله، والتمسك بالسنة المطهرة فيه علاج لتلك الأمراض، وطالب المسلمين بضرورة حسن استغلال النعم التي أنعم الله عليهم بها، وحثهم على كثرة الشكر لربهم عليها، والابتعاد عن المعاصي التي هي كفر بالنعم ومجلبة للهم والحزن وضيق الصدر.
وأضاف: "عباد الله، لقد خلق الله الإنسان في هذه الحياة وهيأ له من الأسباب والمسببات ما يضمن له صلاح حياته القلبية والبدنية إن هو أحسن استغلالها وترويض نفسه عليها، فالإنسان في هذه الدنيا في مجاهدة مع أحوالها، كما قال الله تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في كبد} مكابدة لنفسه، ومكابدة لنزغات الشيطان، ومكابدة لمصاعب الحياة ومشاقها وأهوالها، يغلب تارة ويغلب أخرى، يفرح ويحزن، يضحك ويبكي، وهكذا دواليك، فالحياة لا تصفو لأحد من أكدارها، يختلف الناس في خوض معتركها، يتعثر أقوام فيستبطئون ويبادر آخرون إلى جهاد أنفسهم فيعانون، وقد تعاودهم أكدار الحياة كرة بعد أخرى، وإن من أكدار الحياة حالة تنتاب كثيرا من الناس، بل لو قيل: لا يسلم منها أحد لم يكن ذلك بعيدا، والناس فيها بين مستقل ومستكثر، إنها حالة ضيق الصدر وما ينتاب المسلم من القلق والأرق أحيانا".
ترى بعضهم كئيبا كسيرا تتغير حاله، وتتنكر له نفسه، قد يعاف الطعام والشراب، بكاء وحزن، وحشة وذهول، وقد تغلب أحدهم نفسه، فيشكو أمره إلى كل من يجالسه ويهاتفه، دون أن يجاهد نفسه، يراه جليسه ومن يشاهده فيرى عليه من لباس الهم والغم ما الله به عليم، يستسلم للشيطان بجميع أحاسيسه، فيظهر لك من اليأس والقنوط والشكوى ما يغلق أمامك الكثير من أبواب الفرج والتنفيس، حتى إن بعض أولئك يوغل في الانقياد لتلبيس الشيطان، ويكاد أن يقدم على خطوات تغير مجرى حياته، من طلاق للزوجة، وترك للوظيفة، وانتقال عن المنزل، وما يتبع ذلك، وقد يصل أمره إلى الانتحار والعياذ بالله، مما يدل على عظم تلبيس إبليس عليه.
وتساءل فضيلته عن شعور البعض بالهم والحزن وهو يحمل الإيمان الذي يبدد كل هم وحزن، وأردف: "لماذا الهم والحزن يا عبدالله وأنت تحمل إيمانا صادقا، ويقينا جازما بأن لك ربا موصوفا بكل كمال، ومنزها عن كل نقص، ربا لجميع العالمين، وإلها لجميع الأولين والآخرين، لا إله غيره، ولا معبود بحق سواه، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، نعم عباد الله، الإيمان هو الحياة، فلا حياة بلا إيمان، وهو النفحة الربانية التي يقذفها الله في قلوب من يختارهم من أهل هدايته، ويهيئ لهم سبل العمل لمرضاته، ويجعل قلوبهم تتعلق بمحبته، وتأنس بقربه. فيكونون في رياض المحبة، وفي جنان الوصل، فهم الذين دنوا منه بالصالحات والطاعات، فدنا منهم بالمغفرة والرحمات، والأنس والمسرات، كما في الحديث القدسي: "ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه"، لماذا الهم والحزن يا عبدالله وأنت تحمل أعظم الأسباب لطرد الغم والهم والحزن ألا وهو قوة التوحيد، وتفويض الأمر إلى الله تعالى، فالله هو الذي يجلب النفع ويدفع الضر لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، عدل في قضائه، يعطي من يشاء بفضله، ويمنع عمن يشاء بعدله، ولا يظلم ربك أحدا".
أسباب طرد الهم والغم
وطالب السادة المسلمين بحسن الظن بالله تعالى، وأن يكونوا على يقين بأن الله تعالى فارج للهم كاشف للغم، قال الله تعالى في الحديث القدسي: عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل قال: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن بي خيرا فله، وإن ظن شرا فله" والحديث صححه الألباني رحمه الله.
وواصل السادة في خطبته الثانية شرح الأسباب التي يدفع بها الإنسان الهم والحزن فقال: "عباد الله، من أسباب طرد الهم والغم والحزن: كثرة الدعاء، والإلحاح، والتضرع على الله بذلك، فيا من ضاق صدره وتكدر أمره، ارفع أكف الضراعة إلى مولاك، وبث شكواك وحزنك إليه، فالله تعالى أرحم بك من أمك وأبيك، وصاحبتك وبنيك، فيا صاحب الهم والغم المبادرة إلى ترك المعاصي والذنوب والإقبال على طاعة علام الغيوب، سبب في طرد الهموم والغموم والتي هي عقوبات عاجلة، ونار دنيوية حاضرة لأهل المعاصي، وكما قال الله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}، فالمعاصي سم يسري في الأبدان فيهلكها، وفي البلدان فيفسدها ولها أضرار عظيمة، وعواقب وخيمة، يكفي أنها سبب لهوان العبد على ربه، فعن جبير بن نفير، قال: لما فتحت قبرص وفرق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض رأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟! قال: ويحك يا جبير! ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره! بينا هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله عز وجل فصاروا إلى ما ترى".
أ.س/س.س