

لمواجهة تدفق غير مسبوق للمهاجرين غير الشرعيين على سواحلها الجنوبية عبر البحر المتوسط، أعلنت الحكومة الإيطالية، حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر في جميع أنحاء أراضيها، فيما أظهرت بيانات وزارة الداخلية الإيطالية أن أكثر من 31 ألف مهاجر وصلوا إلى إيطاليا حتى الآن منذ بداية هذا العام، إما أنقذتهم قوارب عسكرية إيطالية أو سفن خيرية، أو وصلوا إلى إيطاليا دون مساعدة، ارتفاعا من حوالي 7900 خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وفي مؤشر على انفجار كبير للهجرة غير الشرعية باتجاه إيطاليا خلال الأسابيع والأيام الأخيرة، سجلت الجهات الرسمية الإيطالية وصول أكثر من 3000 شخص خلال الأيام الثلاثة الماضية وحدها، كما وصل 26 قاربا إلى جزيرة " لامبيدوزا " يوم الأحد الماضي وعلى متنها 974 شخصا، معظمهم من غامبيا وكوت ديفوار وغينيا وبوركينا فاسو، وقالت قوات خفر السواحل الإيطالي إنها تنفذ عملية إنقاذ تشمل زورقي صيد على متنهما ما مجموعه 1200 راكب، أحدهما على بعد 190 كيلومترا، جنوب شرق مدينة سيراكيوز في صقلية، والثاني فيتواجد قبالة سواحل مدينة كالابريا الإيطالية، في البحر الأيوني، وهو أحد فروع البحر المتوسط، وقد لقي عشرات آخرون من المهاجرين غير الشرعيين حتفهم أو فقدوا في حوادث أخرى في الأسابيع الأخيرة قبالة سواحل تونس، التي تجاوزت ليبيا كنقطة انطلاق رئيسية لمن يطلبون اللجوء في أوروبا.
وترى الحكومة الإيطالية أن حالة الطوارئ المعلنة جاءت بعد ارتفاع تدفقات المهاجرين عبر مياه البحر المتوسط لثلاثة أضعاف، وأنها ستساهم في تسريع إجراءات الاستقبال من جانب، والإعادة من جانب آخر لأولئك الذين لا يسمح لهم بالبقاء في إيطاليا، خاصة في ظل الازدحام الشديد الذي تعاني منه مراكز الاستقبال والإيواء الخاصة بالمهاجرين، مشيرة إلى أن بينهم العديد من النساء والأطفال، والقاصرين غير المصحوبين بأحد من ذويهم.
وقالت: إن الدفاع المدني والصليب الأحمر الإيطالي سيشاركان في إجراءات تقديم حلول استقبال المهاجرين في وقت قصير بمعايير مناسبة، وسيتيح إعلان حالة الطوارئ ضمان استجابات أكثر فاعلية وفي الوقت المناسب فيما يتعلق بإدارة المهاجرين وإيوائهم في إيطاليا.
وتتوقع روما استمرار تدفق المهاجرين إلى إيطاليا بشكل متزايد خلال الفترة المقبلة، وتقول إنها تواجه حالة طارئة بسبب تدفقات ضخمة للمهاجرين غير الشرعيين، وإن الجهات المعنية تحاول أن تفعل ما بوسعها، لكن التدفقات خلال الأشهر الأخيرة أدت إلى إجهاد هياكل الدولة، في مناطق الاستقبال مثل جزيرة " لامبيدوزا " والساحل الجنوبي بأكمله لجزيرة صقلية.
وقد خصصت روما مبلغ ستة ملايين يورو لتمويل إنشاء مراكز استقبال جديدة للمهاجرين، وقالت إن حالة الطوارئ تعتبر ضرورية لتنفيذ تدابير استثنائية عاجلة للحد من الازدحام في مراكز الإيواء، التي باتت تترنح في ظل التدفق المستمر للمهاجرين، وأشارت إلى أن أحد مراكز اللجوء مخصص لاستيعاب حوالي 350 - 400 شخص، بينما وصله ثلاثة آلاف شخص في الأيام الأخيرة، وقد استأجرت إيطاليا عبارات تجارية فارغة لنقل المئات منها إلى صقلية أو البر الرئيسي، على أمل التخفيف من الازدحام بمراكز الإيواء، لكن نيللو موزوميتشي وزير الحماية المدنية وسياسات البحر الإيطالي، أوضح، بعد أن قررت الحكومة فرض حالة الطوارئ، أن المشكلة لم تحل، وأن حلها مرتبط فقط بالتدخل الواعي والمسؤول من قبل الاتحاد الأوروبي.
وكانت إيطاليا قد طالبت في العديد من المناسبات بمساعدة دول الاتحاد الأوروبي لتحمل تكاليف الأعداد المتزايدة من المهاجرين غير النظاميين المتدفقين على أراضيها ولكن دون جدوى إلى حد كبير، كما ضغطت الحكومة الإيطالية الحالية برئاسة جورجيا ميلوني، مثل العديد من الحكومات السابقة، من أجل مزيد من التضامن من دول الاتحاد الأوروبي، والتي غالبا لا تفي بتعهداتها بقبول بعض طالبي اللجوء الذين يأملون في العثور على أقارب أو العمل في شمال أوروبا.
وقد أبحرت معظم قوارب المهربين التي تجوب طريق وسط البحر الأبيض المتوسط الخطير من غرب ليبيا، لكن الأشهر الأخيرة شهدت انطلاق العديد من الرحلات من شرق ليبيا أو من تونس، فضلا عن طريق آخر من تركيا، ويهدف إلى الوصول إلى كالابريا أو بوليا في الطرف الجنوبي من البر الرئيسي الإيطالي، وتقع جزيرة " لامبيدوزا " الإيطالية على بعد 150 كيلومترا فقط من الساحل التونسي.
على الرغم من حوادث القوارب المدمرة الأخيرة، تستمر أعداد كبيرة من المهاجرين في القيام بالرحلة الخطيرة عبر البحر المتوسط نحو إيطاليا.
وتشير تقارير المنظمة الدولية للهجرة إلى أنه سجل، منذ عام 2014، غرق أو فقدان أكثر من 20 ألف مهاجر وسط البحر المتوسط في رحلات غير شرعية للوصول إلى السواحل الجنوبية للاتحاد الأوروبي.
ويقول المراقبون إنه بغض النظر عن مبررات إعلان حالة الطوارئ في إيطاليا وجدواها وتداعياتها، فإن الحقيقة الصعبة التي لم تتم معالجتها حتى الآن، هي أن هناك أزمة إنسانية في إفريقيا وأجزاء أخرى من العالم، حيث يفر المهاجرون رجالا، ونساء وأطفالا منها، ويركبون البحر بقوارب متهالكة، مخاطرين بأروحهم وما يملكون بحثا عن حياة أفضل.