د. علي عفيفي علي غازي يكتب: أحمد منصور.. الخطّاط خادم مسيرة التعليم في قطر

alarab
ثقافة وفنون 12 نوفمبر 2022 , 12:35ص
الدوحة - العرب

 اهتمّت دولة قطر منذ ما قبل ميلاد التعليم النظامي فيها، بتعليم فنون الخط العربي، وذلك منذ سنوات ازدهار مدينة الزبارة، فلما دشّنت المدارس النظامية في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين، أولت مادة الخط العربي واللغة العربية أهمية خاصة، وذلك في عهد الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، حاكم قطر (1949-1960)، حيث شهدت قطر تصدير أولى شحنات النفط، بعد سنوات عجاف من التنقيب، لتدخل قطر تاريخها المعاصر وحقبة النفط، في تلك الأثناء وصل  مُربٍ فاضل إلى قطر، أحد رواد التعليم في دولة قطر، خدم مسيرة التعليم فيها بين عامي (1956-1997)، إنه المصري أحمد علي منصور محمد طوبي (1927-2010). 
ولد منصور في حي الظاهر بالقاهرة في عام 1927، والتحق بمدارس منطقته حتى أكمل تعليمه الثانوي، ثم حصل على ليسانس الحقوق من جامعة إبراهيم باشا (عين شمس) في عام 1954، ومن الواضح أنه خريج أول دفعة لها، إذ إنها تأسست في عام 1950، ثم سافر إلى قطر في عام 1956، حيث كان الداعية عبد البديع صقر (1917- 1986)، الذي كان قد سبقه بعامين، يتولى مهام إدارة المعارف، والتحق منصور بها مدرّساً للتاريخ والتربية الوطنية واللغة العربية والخط العربي، وذلك في مدرسة الدوحة الابتدائية للبنين، المدرسة الابتدائية الوحيدة في قطر آنذاك، واشترك في تأليف الكتب المدرسية لوزارة التربية والتعليم.
 كان منصور يُجيد عدداً من أنواع الخط العربي، وفيما يبدو أنه تخرّج من مدرسة تحسين الخطوط العربية، إذ إنني اطلعت على مجموعة من الدفاتر التي تقتنيها مكتبة علي بن عبد الله الفياض بمدينة الشمال، تتضمّن نماذج من خطوطه، وكذلك أمشاقاً لتعليم الحروف وأوزانها بالنقاط؛ لأكثر من نوع من أنواع الخط العربي، منها الثلث والديواني والكوفي والرقعة والنسخ، وتحمل تواريخ سابقة لعام قدومه لقطر، تتراوح تقريباً بين عامي (1946- 1950)، كما قرأت له في مجلة «قطر النموذجية»، وهي مجلة سنوية كان تصدرها مدرسة قطر النموذجية، ويُشرف على تحريرها وإصدارها طلاب المدرسة، مقالاً بعنوان «وجوب العناية بالخط العربي لأنه فن جميل ينمي الذوق في النفوس»، وعرّف نفسه بأنه «السيد وكيل المدرسة»، وفيها أرجع رداءة خط تلاميذ المدارس على اختلاف درجاتها إلى قلة عدد الحصص المُقرّرة له، وصغر حجم الدرجة المُخصّصة له، وعدم الاهتمام به في المدارس الابتدائية، وعدم وجود أساتذة مُتخصّصين لتدريسه، واستعرض 4 طرق لتدريس وتحسين الخط، ثم قدّم طريقة جديدة لأجل تسهيل مهمة مُعلّم الخط العربي، واختتم المقال بقوله «هذه كلمة عابرة رأيت من واجبي أن أدعها صفحات مجلة مدرسة قطر النموذجية حتى يكون فيها بعض العون لإخواني الذين يقع على عاتقهم عبء تدريس مادة الخط العربي بمدارس قطر للنهوض بهذه المادة والرفع من شأنها». 
 بدأت حياته العملية في مهنة التدريس مع بواكير التعليم في قطر، قبل أن يتغير مُسمّى إدارة المعارف إلى وزارة التربية والتعليم، وتدرّج خلال مشواره الطويل في عدد من الوظائف التعليمية، منها وكيل مدرسة قطر النموذجية، ثم مديراً لها، وتدرّج بعد ذلك في إدارة المدارس الإعدادية والثانوية، وكان آخر منصب تولاه هو رئيس التفتيش الإداري والمالي بوزارة التربية والتعليم. ويروى أنه محبوباً من التلاميذ، لقربه منهم في المدرسة وخارجها، وكذلك محبوباً من المدرسين، حيث لم يبخل عليهم بتوجيهاته، واعطائهم الدافع للاستمرار في مجال التعليم.
وقام منصور بتصميم الريال القطري، في إصداره الأول، بعد أن انفصلت عملة قطر عن ريال قطر ودبي، كما قام بتصميم طابع بريدي، وذلك بحكم أنه خطاط، وكانت آخر أعماله موسوعة الخط العربي، التي أعدّها، وحالت وفاته دون نشرها.
 توفي منصور يوم 25 نوفمبر2010، وتكريماً له، قرّرت الدولة إطلاق اسمه على إحدى المدارس بالدوحة،  وهى مدرسة احمد منصور الابتدائية للبنين.