انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الجمعة الماضي، الراوي والمؤرخ علي بن خميس بن علي الحسن المهندي تاركاً خلفه موروثاً مهماً من خلال مؤلفاته ورواياته، وهو الذي كان أحد رجالات قطر الأوفياء الذين عاشوا المراحل المختلفة من تاريخ الوطن، ابتداء من الغوص مروراً بالنفط، إلى عصر نهضة قطر في عصرها الحديث.
كان رحمه الله يمثل تاريخا يمشي على الأرض قرابة قرن كامل من الزمان عاش في الفترة ما بين عام 1912 حتى وفاته رحمه الله العام الجاري 2022، ويعتبر ذاكرة تاريخية دقيقة لحاضر وماضي قطر.
الحج على الجمال
زار المهندي بيت الله الحرام، وأدى فريضة الحج على الجمال مرتين، وشهد جميع مراحل الغوص وله معرفة بالهيرات وأماكن اللؤلؤ تميز بقوة الذاكرة والحفظ وله دراية كبيرة بعلم البحر والبر والبادية. اشتهر بتذوقه للشعر ومعرفته بأوزان العرضة وروايته للأحداث التاريخية لأهل قطر.
المؤلفات
صدرت له كتب منها «حصاد السنين»، و«ذكريات العمر» والذي يعد من الكتب التي يمكن أن تكون مرجعا تاريخيا، وتحمل في طياتها العديد من الذكريات والأحداث، وجاء الكتاب الذي احتوى على 134 صفحة، من القطع الكبيرة، وبأوراق مصقولة، والذي قام بإعداده وجمع مواده الإعلامي محمد الجوهري.
ليروي المهندي، سيرته مع الحكايات والشعر والأخبار والقصائد والمواقف والروايات التي مرت على حياته منذ طفولته وعلى مدار قرن من الزمان.
وجاء الكتاب في أربعة فصول، احتوى الفصل الأول على وجوه من الذاكرة، والفصل الثاني على أماكن من الذاكرة، والفصل الثالث على محفوظات الراوي، وتحدث فيها عن القصائد، والشيلات التي تقال في فن العرضة، والأغاني الشعبية.
أما الفصل الرابع فقد جاء عن المواويل، وذكر منها ما يحفظه ويذكره.
عرفت الساحة القطرية وتعرف أسماء رواة شعبيين ساهموا في حفظ الذاكرة الوطنية، ومن بينهم جاسم بن محمد المناعي وجاسم بن محمد الكبيسي، وجبر بن جمعة الكواري، وحسن بن عبدالله المناعي وخالد بن مبارك الكبيسي، وعبدالله بن صالح السادة، وغيرهم.
ويشكّل الرواة والرواية التاريخية فضاءً لإعادة فهم الذات والهوية، فتأتي القصص والأمثال والأقوال لتشكل عصب التراث الشفهي الشعبي لأي أمة، وينبغي العناية بها والحفاظ عليها وتسجيلها وهي تنتقل من جيل لآخر حيث إنها لا تكتفي باستحضار الشخصيات التاريخية بل تعيد تركيبها وترتيب علاقتها بالحاضر، سواء من خلال اختيار الأحداث ذات الدلالة أو إعادة الاشتغال على ما هو تراثي بلغة معاصرة.
وتشهد قطر في السنوات الأخيرة حضوراً للرواية التاريخية ضمن مشهدها الأدبي، من أبرز تجلّيات ذلك رواية «القرصان» لـ عبدالعزيز آل محمود، التي تجاوزت أفقها العربي إلى ترجمات إلى لغات أوروبية، كانت آخرها الألبانية. وروايات أخرى تناقلت التراث، إضافة إلى كتب القصص القصيرة التراثية التي تحمل في طياتها العديد من التاريخ والتراث.
حفظ الذاكرة
الفقيد عاصر تاريخ قطر ابتداء من الغوص مروراً بالنفط وصولا إلى عصر النهضة