الاضطرابات تحد من الاستثمارات الخارجية للشركات المحلية

alarab
اقتصاد 12 يونيو 2011 , 12:00ص
الدوحة - مصطفى البهنساوي
أكد خبراء اقتصاد أن الاضطرابات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط عام 2011 تسببت في تردد الشركات المحلية في البحث عن فرص استثمارية في الخارج. موضحين أن الفرص الاستثمارية الخارجية لم تعد مغرية للدخول فيها في مقابل الفرص التي تزخر بها السوق المحلية. قال الخبراء إن الأعوام الماضية أثبتت أن الاستثمار داخل قطر ذو جدوى كبيرة وأفضل من الاستثمار خارج الدولة. لافتين إلى أن معظم الشركات القطرية التي ضخت استثمارات في الخارج وجدت صعوبات جمة في التخارج من هذه الاستثمارات خاصة في أعقاب تفاقم الأزمة المالية العالمية، بينما كانت استثماراتها الداخلية ذات جدوى كبيرة وحصلت على عوائد استثمارية أعلى من نظيراتها في الخارج. وطالب الخبراء بضرورة تأهيل شركات القطاع الخاص القطري حتى تكون في مستوى مسايرة النهضة الاقتصادية الكبرى لدولة قطر خلال الفترة المقبلة التي تشهد تنفيذ العديد من مشاريع المونديال، وإجراء الدراسات والبحوث المتخصصة للوقوف على مكامن الضعف في القطاع الخاص. وحذروا من مغبة استمرار البنوك المحلية من تجميد تعاملاتها مع شركات القطاع الخاص القطري التي بدأت تتجه إلى البنوك الخارجية لتمويل أنشطتها وعملياتها وبفائدة أعلى من البنوك المحلية. مؤكدين ضرورة قيام الحكومة بإنشاء محفظة لإعادة جدولة الديون المتعثرة تجاريا والمتعلقة بمشاريع القطاع الخاص وبقيمة لا تقل عن 10 مليارات ريال وأن يكون هدف هذه المحفظة إعادة جدولة الديون التي تقل عن مبلغ 100 مليون ريال مقابل فوائد محدودة. قال رجل الأعمال والخبير الصناعي يوسف الكواري إنه ونتيجة للأوضاع السياسية المضطربة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط فإن الرغبة في الاستثمار الخارجي لدى شركات القطاع الخاص القطري أصبحت ضعيفة بالإضافة إلى أنه ومع نهاية عام 2010 وبداية عام 2011 ارتفعت الأسعار العالمية وأصبحت العروض الاستثمارية غير مغرية للاستثمار بما يمكن من الاستفادة منها. وأوضح أن الاضطرابات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط والإعصار الذي ضرب اليابان أشغلت الدولة والشركات المحلية عن البحث عن فرص استثمارية في الخارج. وحول جدوى التوجه الاستثماري إلى داخل قطر في ظل هذه الاضطرابات والكوارث التي يشهدها العالم قال الكواري إن السوق القطرية تعد سوقا صغيرة بالنسبة للحكومة وهناك ضغوطات كبيرة تتعرض لها الاستثمارات الحكومية في الداخل نظرا لعدم استيعاب السوق المحلية للمزيد من الاستثمارات الحكومية التي تواجه ضغوطا حكومية. صعوبات مع البنوك ويرى الكواري أن الوضع الاستثماري بالنسبة للشركات المحلية للاستثمار في قطر يواجه تحديات جساما وضغوطا كبيرة من قبل البنوك التي لا تمنح التسهيلات لشركات القطاع الخاص بسهولة. مؤكداً أن البنوك جمدت التعامل مع القطاع الخاص منذ 3 سنوات تقريبا وبالتالي فهناك صعوبة في تمويل القطاع الصناعي والعقاري، وهو ما كان سببا رئيسا في تجميد القطاع الخاص. وحذر الكواري من مغبة استمرار البنوك المحلية من تجميد تعاملاتها مع شركات القطاع الخاص القطري التي بدأت تتجه إلى البنوك الخارجية لتمويل أنشطتها وعملياتها وبفائدة أعلى من البنوك المحلية. وطالب الكواري البنك المركزي القطري بالتدخل وفتح باب التمويل أمام القطاع الخاص القطري، كما طالب الحكومة بإنشاء محفظة لإعادة جدولة الديون المتعثرة تجاريا والمتعلقة بمشاريع القطاع الخاص وبقيمة لا تقل عن 10 مليارات ريال وأن يكون هدف هذه المحفظة إعادة جدولة الديون التي تقل عن مبلغ 100 مليون ريال مقابل فوائد محدودة. وقال الكواري إن الإسراع في إصدار العملة الخليجية الموحدة سوف يساعد شركات القطاع الخاص. لافتا إلى أن هناك فروقات في العملات تتراوح بين %2 إلى 3% وهو ما يعرض الشركات والاقتصاد الوطني إلى الكثير من المخاطر. وأضاف أن ارتفاع أسعار العملات العالمية مقابل الريال القطري يزيد العبء على الشركات المستورة بسبب ارتفاع أسعار السلع التي تنعكس تأثيراتها على المستهلكين في نهاية الأمر. موضحا أن عدم وجود عملة قوية يضر بالاقتصاد ويكون له تأثير سلبي على معدلات التضخم والاقتصاد الوطني. وحول توجه العديد من الشركات الأجنبية إلى السوق القطرية، قال الكواري إن هذه الشركات بدأت في دخول السوق وتتركز بشكل كبير في قطاعات محددة كالبنية التحتية ومشاريع الغاز والنفط والصناعات البتروكيماوية. وقال الكواري إن هذه القطاعات الاستراتيجية تتمتع بقدرة كبيرة على استقطاب رؤوس الأموال، بالمقابل هناك قطاعات أخرى مثل الصناعات الصغيرة والمتوسطة والقطاعات التجارية ليست بالقدرة ذاتها على الجذب. مضيفا أن الصناعات الصغيرة والمتوسطة ما تزال حتى الآن غير مشجعة. وأشار الكواري إلى أن سوق الاستهلاك المحلي صغيرة، قد لا تكون بحاجة إلى استثمارات أجنبية، مثلما هو الأمر بالنسبة لقطاع النفط والغاز والصناعات الموازية، وقال إن الشركات المحلية تملك القدرة على تأمين احتياجات هذه السوق على أكثر من صعيد. التركيز على القطاع الخاص وأعرب عن قناعته في أن قطر ليست بحاجة إلى مزيد من الاستثمارات الأجنبية لأنها استطاعت بالفعل جذب الكثير، اللهم إذا كانت ستفتح قطاعات جديدة أمام المستثمرين الخواص. وأكد ضرورة الأخذ بيد القطاع الخاص وتأهيله حتى يكون في مستوى مسايرة النهضة الاقتصادية الكبرى لدولة قطر. مشيراً إلى أن هناك جهودا بذلت، ولا تزال تبذل، من قبل القطاعين الخاص والعام على هذا الصعيد. وشدد في السياق على أهمية أن تجرى دراسات وبحوث متخصصة تكون كفيلة بالوقوف على مكامن الضعف، ليتم في ضوء ذلك، وضع الأسس السليمة لضمان مسايرة القطاع الخاص للنمو الاقتصادي الهائل. وقال إنه في ظل الطفرة الاقتصادية الهائلة فإن الدولة تقوم بما يلزم لخلق نوع من التوازن بين أداء جميع القطاعات حتى لا يتخلف قطاع ما. معبرا عن أمله في أن يعزز القطاع العام تواجده الاستثماري بالقطاعات الاستراتيجية كالنفط والغاز، على أن يضطلع القطاع الخاص بأدوار أخرى تتعلق بتنشيط بقية القطاعات. داعيا في الوقت نفسه إلى وضع برامج وخطط ودراسات واضحة للمشاريع المزمع تنفيذها، ومن ثم البحث عن الشركاء المحتملين لتنفيذ هذه المشاريع سواء بالداخل أو الخارج. من جانبه، قال أحمد العروقي مدير عام شركة عقار للاستثمار والتطوير العقاري إن عوامل عدم الاستقرار المحيطة بالمنطقة تؤثر سلبا على الشركات المحلية في التوجه سلبا نحو الاستثمار الخارجي. مشددا على أن الأعوام الماضية أثبتت أن الاستثمار في الداخل ذو جدوى كبيرة وأفضل من الاستثمار خارج قطر. وقال إن معظم الشركات القطرية التي وجهت استثمارات في الخارج وجدت صعوبات جمة في التخارج من هذه الاستثمارات خاصة في أعقاب تفاقم الأزمة المالية العالمية، بينما كانت استثماراتها الداخلية ذات جدوى كبيرة وحصلت على عوائد استثمارية أعلى من نظيراتها في الخارج. وأوضح أن كل المقومات والدعم والخدمات التي تقدمها الحكومة القطرية تشجع الشركات المحلية على توجيه استثماراتها إلى الداخل وهو ما نراه من تسارع الشركات الأجنبية على إيجاد موطئ قدم لها في الدوحة. وأشاد العروقي بمناخ الاستثمار الذي تتمتع به دولة قطر والذي بلغ مرحلة متقدمة خلال العامين الماضيين حيث زادت قيمة التدفقات الاستثمارية الواردة إلى قطر خاصة من منطقة الخليج خلال الفترات السابقة وبشكل ملحوظ. وأكد العروقي أن السوق القطرية تزخر بفرص واعدة في المستقبل. معربا عن قناعته أن تشهد السوق القطرية دخول المزيد من الشركات الأجنبية للاستثمار في الدولة وليس العكس خروج شركات محلية للاستثمار في الخارج. لافتا إلى ما تتمتع به دولة قطر من عوامل جذب استثماري قوية. بدروه، أكد السيد محمد بن طوار الكواري نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة قطر على جدوى الاستثمار في قطر خلال المرحلة المقبلة خاصة عقب الإعلان عن فوز دولة قطر بتنظيم فعاليات مونديال 2022 الذي سيتيح المجال أمام ضخ مبلغ يتراوح بين 100 إلى 120 مليار ريال في الاقتصاد من خلال إقامة العديد من المشاريع المختلفة في قطاعات البنية التحتية والعقارات وإقامة الملاعب والمنشآت الرياضية. وأكد أن استضافة قطر لفعاليات المونديال سوف تزيد من حصص الشركات في دخول المشاريع المخصصة لهذا الحدث، وبالتالي تحقيق مردودات كبيرة من مختلف النواحي خاصة الجانب الاقتصادي على تلك الشركات التي ستفوز بمناقصات في مشاريع المونديال. الفرص متوفرة وقال إن الفترة القادمة ستشهد تحول قطر إلى ورشات عمل كبرى لإنجاز المشاريع المرتبطة بالمونديال. مشددا على أن القطاع الخاص يقع على عاتقه جانب من التحدي لتنفيذ هذه المشاريع وبالتالي فليس هناك حاجة لدى الشركات المحلية أو حتى معظم الشركات الخليجية المتواجدة في قطر للبحث عن فرص استثمارية في الخارج وتوجيه أموالها إلى مشاريع استثمارية بها. وقال الكواري إن الدولة ستكون قبلة الشركات والمستثمرين العالميين بفضل الفرص الاستثمارية الكبيرة التي توفرها والحوافز التي تقدمها الدولة، وبالتالي فليس من المعقول أن تتوجه الشركات المحلية إلى الخارج وتترك الملعب مفتوحا أمام الشركات الخارجية للعمل في مشاريع المونديال. وأضاف أن من شأن مشاريع المونديال تحريك العملية الاقتصادية ودفعها أكثر إلى النمو من خلال إسناد المشاريع إلى شركات القطاع الخاص. معربا عن قناعته بالقدرة على تنفيذ هذه المشاريع وفقا لمخططاتها ومراحلها الزمنية. وحول وجود مشاكل تمويلية تحد من قدرة الشركات على تنفيذ مشاريعها في السوق القطرية، نفى الكواري وجود مشكلات تمويلية وشدد على أن المشاريع التي سيتم العمل فيها خلال الفترة المقبلة ستنعش الجهاز المصرفي من خلال التمويلات التي ستتاح للشركات الحكومية والخاصة، وأن البنوك العاملة في قطر تتمتع بوضع مالي جيد يمكنها من تمويل هذه المشاريع وإتاحتها للشركات. وتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة طرح عدد من المشاريع الحكومية، لاسيَّما أن الدولة كانت قد تمهلت في بعض المشاريع لحين اتضاح الرؤية بالنسبة للمونديال العالمي. من جانبه، قال متعب الصعاق مدير عام شركة عبر القارات إن دولة قطر تزخر بالعديد من الفرص الاستثمارية الواعدة في القطاع العقاري، لافتا إلى أن معظم الاستثمارات المحلية التي كانت توجه إلى خارج قطر كانت تضخ في القطاع العقاري. وأكد أن هذا القطاع بحاجة إلى مزيد من الاستثمارات خلال المرحلة المقبلة، خاصة أن الدراسات تشير إلى أن قطر ستشهد نقصا في السكن بحلول العام المقبل مع البدء في تنفيذ مشاريع البنية التحتية الخاصة بالمونديال، والتي ستحتاج بدورها إلى مزيد من العمالة الوافدة التي تحتاج إلى سكن. وقال الصعاق إن دولة قطر تقدم فرصة حقيقية للمستثمرين في السوق العقارية والممتلكات على الأجلين المتوسط والطويل، ومن المنطقي استخدام التمويل العقاري لتمويل رؤوس الأموال ولأغراض التدفق النقدي، مضيفا أن هناك نموا واضحا للعيان في العديد من المناطق العقارية مثل لوسيل وبروة والخور. وأوضح الصعاق أن دولة قطر قد اتجهت في العامين الماضيين نحو تعزيز تواجدها في الأسواق العالمية، بهدف توظيف قدراتها وفوائضها المالية لتحقيق تنويع في عوائدها بعيداً عن الإيرادات المتأتية من النفط والغاز، إلا أنه ومع فوز دولة قطر بشرف استضافة فعاليات مونديال 2022، فإن الدولة ستحتاج إلى ضخ جزء من الفوائض في مشاريع البنية التحتية الخاصة بالمونديال، وبالتالي فإن التركيز ينصب الآن على الاستثمار في الداخل من قبل شركات القطاع الخاص التي تسعى للحصول على حصة من مشاريع المونديال. وقال الصعاق إن تركيز قطر على الاستثمار في الداخل خلال المرحلة المقبلة لا يعني أن دولة قطر سوف تتخلى عن الاستثمار الخارجي، حيث أعلنت أنها سوف تستثمر ما يقرب من 35 مليار دولار في العام الحالي في الخارج، منها ما يقرب من 10 مليارات في جمهورية مصر العربية.