أكد الدكتور بريندان نيلسون رئيس «بوينج» العالمية أن العلاقات بين دولة قطر وبوينج تسير بشكل جيد للغاية، كما تبحث الشركة عن سبل جديدة لزيادة تواجدها بشكل أكبر وزيادة الاستثمار في قطر، كما ساعدت استثمارات بوينج في قطر على تنمية قطاع الطيران المحلي فيها، وخلق فرص عمل، ودفع عجلة الابتكار، كذلك تُساهم «بوينج» في التنويع الاقتصادي وخطط النمو الطموحة في البلاد من خلال دعم جهود تطوير التكنولوجيا المتقدمة، ودعم المهارات والمواهب والقدرات الواعدة من أجل المستقبل وفق رؤية 2030.
وقال الدكتور بريندان نيسلون في تصريحات لـ «العرب» خلال فعالية مائدة إعلامية مستديرة في مكتب بوينج بالدوحة «نحن ملتزمون تماماً بدعم رؤية 2030 واستراتيجية التنمية الوطنية، ولا سيما الركائز الأربع الرئيسية لها وهي التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية والبيئية. نريد القيام بمزيد من الاستثمارات لتنمية شراكتنا مع قطر».
وخلال زيارته إلى الدوحة التقى رئيس «بوينج» العديد من المسؤولين القطريين، بينهم سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر والرئيس التنفيذي للمؤسسة، وسعادة الشيخ علي بن الوليد آل ثاني، الرئيس التنفيذي لوكالة ترويج الاستثمار في قطر، وذلك لتوسيع التعاون في مجالات التعليم والتدريب والاستثمار وصناعة الطيران.
العلاقة مع قطر
وأضاف الدكتور نيلسون «نريد القيام بمزيد من الاستثمارات لتنمية شراكتنا مع قطر. أقامت الدولة علاقاتها مع شركة بوينج بعد تأسيس الشراكة في عام 2006 عندما اشترت الخطوط الجوية القطرية طائرة 777 وبدأت الشركة أعمال مكتبها في الدوحة في عام 2010، مشيرا إلى أن الناقلة الوطنية لدولة قطر تعتبر أفضل شركة طيران في العالم، ونفخر بأن نكون جزءاً من قصة نجاح الخطوط الجوية القطرية، حيث يضم أسطولها حالياً أكثر من 150 من طائرات «بوينج» التي تساهم في تقديم خدماتها للركاب وشحن البضائع بكفاءة واقتدار.
الخطوط الجوية القطرية
وتابع: «منذ أن بدأت شراكتنا، قدّمت الخطوط الجوية القطرية طلبات شراء تاريخية لطائرات بوينج من طراز 777 و787 دريملاينر و737-10 و777-9. كما تُعد الشركة العميل الأول لطائرة الشحن الجوي الجديدة من طراز 777-8. كما أن هناك أكثر من 110 طائرات بوينج جديدة قيد الطلب حاليا، والتي ستمكن بدورها الخطوط الجوية القطرية من زيادة سعة نقل الركاب والبضائع.. ونفخر بمساهمتنا في دعم خطط النمو الطموحة لدولة قطر في مجالات الطيران والسياحة والتجارة».
الطائرات الدفاعية
ولفت إلى أن «بوينج» تقدم الدعم أيضا للقوات الجوية الأميرية القطرية من خلال تزويدها بطائرات الدفاع مثل الطائرة المقاتلة المتطورة (F- 15)، وطائرة النقل العسكرية C-17 Globemaster ومروحية الهجوم أباتشي AH64-Apache - والتي يتم استخدامها جميعاً لحماية حدود قطر الجوية والبرية والبحرية، كما يتم استخدامها للقيام بمهامٍ إنسانية في جميع أنحاء العالم.
وذكر الدكتور نيلسون الذي يشرف على العمليات الاستراتيجية والنمو والإنتاجية لشركة بوينج خارج الولايات المتحدة أنه بحلول نهاية العام الحالي 2024، سيكون لدى قطر ما مجموعه 48 طائرة مقاتلة من طراز F-15 المتقدمة، و24 طائرة هليكوبتر من طراز Boeing AH-64 Apache، وطائرة Boeing C-17 Globemaster III. «تمتلك قطر ثماني طائرات من طراز C-17 وقد قامت بقدر هائل من العمل الرائع في مجال الإغاثة الإنسانية وفي حالات الكوارث ودعمت العمليات العسكرية القطرية. نحن فخورون جدًا بذلك».
البرامج التعليمية
وحول التعاون مع المؤسسات التعليمية في دولة قطر قال رئيس بوينج: «ربما أكثر الأشياء التي نفخر بها هو الاستثمار الذي قمنا به في أهم الأصول، وهو رأس المال البشري في مجالات البحث والتطوير من خلال عقد شراكاتٍ مع العديد من الجامعات والمعاهد البحثية ورعاية المواهب في قطر».
وتابع: «تتعاون بوينج مع المنظمات غير الربحية في قطر عبر مجموعة من المبادرات التي تُسرّع الفرص المتاحة أمام الشباب وتدعم خطط النمو الطموحة في البلاد. ومنذ العام 2009، استثمرت شركة بوينج 1.5 مليون دولار أمريكي (5.4 مليون ريال قطري) في قطاع تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتطوير القوى العاملة في البلاد، وقد استفاد أكثر من 5000 طالب حتى الآن من برنامج ريادة الأعمال الذي تنظمه بوينج سنوياً بالتعاون مع مؤسسة إنجاز قطر، بالإضافة إلى تنظيم ورش عمل في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات للأطفال.
البحث والتطوير
كما تستثمر «بوينج» في مجالات البحث والتطوير من خلال عقد شراكات مع العديد من الجامعات والمعاهد البحثية في قطر، وتشمل هذه الشراكات استضافة ندوة سنوية حول التعلم الآلي وتحليل البيانات، وإجراء بحث مشترك مع معهد قطر لبحوث الحوسبة لفهم الارتباطات في البيانات بشكلٍ أفضل وتحسين الكشف المبكر عن الأجسام الصغيرة من أجل هبوطٍ أكثر أماناً.
أيضاً، دخلت بوينج وجامعة قطر في شراكة منذ العام 2016، حيث تدعم بوينج سلسلة من مبادرات كلية الهندسة بجامعة قطر التي تركز على الطائرات الجوية بدون طيار لمراقبة جودة الهواء. كما ندعم مسابقة الروبوتات التي تقيمها الجامعة. ومن خلال التعاون مع الجيل المقبل من المواهب الهندسية الصاعدة في جامعة قطر، تمهد بوينج وقطر الطريق للتقدم التكنولوجي الذي سيدعم مستقبل الطيران في الشرق الأوسط.
400 موظف بنهاية العام
وحول عدد موظفي شركة بوينج العاملين في قطر وما هي أبرز مهامهم، قال الدكتور نيلسون إن الشركة تتواجد في جميع قطاعات الطيران في قطر، معربا عن تفاؤله بشأن الشراكات البناءة مع الكيانات القطرية الكبرى ما سينعكس على زيادة عدد الموظفين في الدوحة من 360 موظفًا في الوقت الحالي إلى نحو 400 في قطر بنهاية هذا العام.. نحرص على الدوام على تقديم الدعم والتدريب اللازمين للمواهب الواعدة، ومع التوسع السريع لأعمالنا في قطر، نبحث دائماً عن الأفراد الموهوبين المهتمين بالانضمام إلى فريقنا في الدوحة، وندعو الباحثين عن عمل الى إلقاء نظرة على موقعنا الإلكتروني للتوظيف، والذي نعلن فيه عن الفرص المتاحة لدينا.
الشراكات الصناعية والتجارية
وأشار رئيس شركة «بوينغ» العالمية إلى أن الشراكات الصناعية والتجارية تهدف إلى تفسير التغيرات الجيوسياسية وتعزيز حضور الشركة في السوق العالمية. واليوم، تتواجد بوينغ في 65 دولة، و47 جنسية، ولها حضور كبير في 21 دولة، ويعمل بها 31 ألف موظف خارج الولايات المتحدة. وأشار إلى أن الطلب على خدمات الطيران التجاري يتزايد أكثر من المتوقع. في الوقت الحاضر، تعمل خدمات الطيران المحلي في جميع أنحاء العالم بحوالي 120 بالمائة مما كانت عليه قبل الوباء، وهي حاليًا تقترب من التعافي بنسبة 100 بالمائة في السوق الدولية. «إن كلا من التجارة والدفاع ضروريان لنجاح رؤية 2030. ولتعزيز الابتكار، سنواصل العمل مع معهد قطر لبحوث الكمبيوتر لتنظيم الندوة السنوية للتعلم الآلي وتحليل البيانات في الدوحة. وسنواصل دعم البحوث والمناهج الهندسية في معهد قطر لبحوث الحوسبة في جامعة قطر».
التعافي من كورونا
وقال نيلسون إن صناعة الطيران العالمية انتعشت إلى حد كبير من حالة عدم اليقين التي سادت في السنوات القليلة الماضية، مشيراً إلى أن الكثير من العملاء بمن في ذلك الموجودون في الشرق الأوسط، تمكنوا من الصمود في وجه جائحة كورونا «كوفيد - 19» عبر تعديل نماذج أعمالهم، وزيادة استخدام الطائرات للشحن لزيادة الإيرادات إلى الحد الأقصى.
وتابع: «كانت شركات الطيران في الشرق الأوسط في طليعة من ساعدوا الركاب على استعادة الثقة في الطيران -سواء عبر المبادرات المبتكرة في مجال بناء كبائن الطائرات، وتعقيم المطارات، ومن خلال الشراكة مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي كعملاء لإطلاق برنامج (ترافل باس)».. كما لا يفوتنا الإشارة إلى الجهود الكبيرة التي قامت بها الخطوط القطرية لنقل المساعدات الإنسانية واللقاحات خلال الجائحة لمساعدة البلدان المختلفة حول العالم.
نمو قطاع الطيران
وأكد رئيس «بوينغ» العالمية وجود الكثير من العوامل التي تحفز النمو في قطاع الطيران والدفاع في الشرق الأوسط. وفي مجال الطيران التجاري، برزت المنطقة كنقطة اتصال للمسافرين الدوليين، وتواصل النمو لتصبح مقصداً للسياحة والرياضة والترفيه مع استضافة البطولات العالمية والتطور الكبير الذي تشهده منطقة الخليج خلال السنوات الأخيرة.
وقال: «نتوقع أن تزداد حركة الركاب في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 6 في المائة سنوياً على مدى العقدين المقبلين. ولدعم هذا النمو، يُتوقع من الشركات العاملة في الشرق الأوسط تقديم طلبات لأكثر من 3 آلاف طائرة تجارية جديدة، مما يساعد أسطول المنطقة على النمو مرتين ونصف المرة تقريباً بحلول عام 2042، وسوف تلعب قطر دوراً مهماً في هذا النمو كجزء من رؤيتها لعام 2030 خاصة مع امتلاكها أسطولا حديثا من الطائرات الأكثر تطورا في العالم وأفضل مطار في العالم 2024 للمرة الثالثة خلال الخمس سنوات الأخيرة وخطط التوسعة الحالية التي تستهدف رفع سعته إلى 70 مليون مسافر سنويا ما سيجعله محطة رئيسية لربط الشرق بالغرب وشمال الكرة الأرضية بجنوبها.
مكافحة التغير المناخي
وشدد على أن أحد أكبر التحديات في العصر هو معالجة القضية العالمية المتمثلة في تغير المناخ، وقال: «نحن في صناعة الطيران ملتزمون بطموحات جريئة لإزالة الكربون، واتخاذ خطوات لتحقيق هدف القضاء على انبعاثات الكربون بحلول عام 2050 وذلك بالتعاون مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا»».
وأضاف: «يتركز نهجنا متعدد الأوجه على تجديد الطائرات بنماذج أكثر كفاءة، ودعم نشر إدارة حديثة لحركة الطيران، وتشجيع إنتاج وقود الطيران المستدام واعتماده، ومواصلة الاستثمار في التكنولوجيات المتقدمة.. نؤمن بأن مستقبل الطيران يجب أن يكون رقمياً ومستداماً ومستقلاً. وعندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا الرقمية، فإننا نركز على التحول الرقمي الذي يشمل دورة الحياة الكاملة لمنتجاتنا بدءاً من التصميم والتطوير إلى الإنتاج والعمليات والاستدامة. فعلى سبيل المثال، تم تصميم وبناء واختبار الطائرة التدريبية T-7A Red Hawk المتقدمة باستخدام الهندسة الرقمية، والتي تعتبر أول طائرة نفاثة رقمية».
الاستدامة
كما تتصدر بوينج جهود ابتكار تقنيات وحلول جديدة تضمن استدامة قطاع الطيران للأجيال القادمة. ومن خلال برنامج ecoDemonstrator، أمضت شركة بوينج أكثر من عقد من الزمن في اختبار 250 تقنية للمساعدة في إزالة الكربون من قطاع الطيران وتحسين الكفاءة التشغيلية وتعزيز السلامة ورفع مستوى تجربة الركاب.
بالإضافة إلى ذلك، يعمل مهندسو بوينج بشكلٍ وثيق مع وكالة ناسا الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء في الولايات المتحدة، على تصميم نموذج طائرة مُستدامة تحمل اسم X-66A، حيث تم تكليف مهندسي وعلماء بوينج بتحديد واختيار واختبار وتطوير تقنيات هيكل الطائرة الرئيسية، مثل تصميم الجناح الجديد المسمى Transonic Truss Braced Wing، لما قد يصبح الطائرة الجديدة ذات الممر الواحد في المستقبل، والتي تتمتع بالمحركات الهوائية المتطورة، واستهلاك الوقود وزيادة الكفاءة بنسبة 30%.
تطوير قدرات الطائرات
كما أمضينا عقوداً في تطوير قدرات الطيران المستقل التي بدأت تطبق على أرض الواقع، بما في ذلك المركبة الفضائية Starliner، وطائرة MQ-25 Stingray بدون طيار للتزود بالوقود جواً، والطائرة الجوية بدون طيّار MQ-28 Ghost Bat، والمركبة البحرية غير المأهولة Orca. ونعمل على اختبار مركبات جوية ذاتية القيادة تعمل بالطاقة الكهربائية بهدف تقليل الازدحام والانبعاثات في المناطق الحضرية، ودعم مستقبل التنقل الجوي في المناطق الحضرية. من جهتها، تعمل شركة Wisk التابعة لشركة بوينج على تطوير سيارة أجرة طائرة بدون طاقم باسم «الجيل السادس» (Generation 6).
ومنذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أكملت بوينج ستة عروض توضيحية لتكنولوجيا الهيدروجين، بما في ذلك الطائرات المأهولة وغير المأهولة التي تستخدم خلايا وقود الهيدروجين وخزان تخزين مبرد تم بناؤه بالتعاون مع وكالة ناسا.
الانبعاثات الكربونية
وأكد الدكتور نيلسون أن مستقبل الطيران يتطلب مواكبة مسارات متعددة لتحقيق هدف الانبعاثات الكربونية الصفرية، وقال: «تصميم وبناء منتجات أكثر تقدماً ذات كفاءة أكبر في استهلاك الوقود وانخفاض انبعاثات الكربون هو أحد المبادئ الرئيسية لمهمة (بوينغ)».
ولفت إلى أن الطائرات الجديدة ستوفر مكاسب كبيرة من حيث الكفاءة، وستكون الطائرات التي تسلمها الشركة هذا العام أكثر كفاءة في استهلاك الوقود بنسبة 15 في المائة إلى 25 في المائة مقارنةً بالطائرات التي تحل محلها، لافتاً إلى أنه لهذا السبب، سارع الكثير من شركات الطيران إلى تقاعد الطائرات القديمة خلال فترة الوباء لتحسين أساطيلها باستخدام النماذج الأكثر كفاءة.
وأضاف: «التزمنا أن تكون طائراتنا التجارية قادرة ومعتمدة على الطيران بنسبة 100 في المائة باستخدام وقود الطائرات المستدام بحلول سنة 2030».