تباينت الآراء حول تأثير الصيام على أداء الطلبة ونظام الدوام في المدارس خلال شهر رمضان ما بين التَّعليم الحضوري والدراسة عن بُعد، وفي حين أكد بعض الطلبة أهمية تطبيق الدراسة عن بعد لصعوبة التوفيق بين التعلم والعبادة والنوم خلال شهر رمضان، بسبب تجاوزهم الروتين اليومي المعتاد وتغير مواعيد الأشياء التي اعتادوا القيام بها في أيامهم العادية، مثل أوقات الطعام وكذلك أوقات النوم والدراسة، أكد خبراء وتربويون أن تقليص ساعات الدوام المدرسي تغني عن نظام التعليم عن بعد مع ضرورة تنظيم الوقت وبث روح الإيجابية لتنطلق رحلة التعليم الرمضاني إلى بر الأمان.
ودعوا الطلبة إلى وضع جدول للعبادة والدراسة والمذاكرة، بحيث لا يؤثر تحصيل العلامات على اكتساب الحسنات، منوهين بأهمية التقليل من النوم في ساعات النهار قدر المُستطاع، والحرص على النوم مُبكرًا وعدم السهر حتى يمكن الاستيقاط لتناول وجبة السحور وصلاة الفجر بسهولة، وعدم الإفراط في تناول الأطعمة التي تصيب الإنسان بالتخمة وتجعله غير قادر على النوم.
وأكدوا أن شهر رمضان ليس فرصة للغياب المتكرر عن مقاعد الدراسة وليس رخصة لتطبيق التعليم عن بعد بحجة توفر المنصات الرقمية المناسبة لتطبيق هذا النظام، مبينين أن التعليم الحضوري أمر مقدور عليه ويمكن أن يسير بسلاسة، من خلال تنظيم أسلوب حياة الطلبة ووضع ثقافة الالتزام الدراسي على سلم أولويات مديري المدارس والمعلمين وأولياء الأمور؛ من أجل تثقيف جيل واعٍ يحافظ على عبادته كما يحافظ على دراسته.
ناصر المالكي: تنظيم الوقت للموازنة بين الصيام والمذاكرة
أكد الأستاذ ناصر المالكي، مدير مدرسة أحمد منصور الابتدائية للبنين ومستشار اجتماعي، أهمية موازنة طلاب المدارس بين الصيام والمذاكرة في شهر رمضان المبارك، وتجنب تأثير أحدهما سلباً على الآخر·
وأشار إلى أن التحول إلى نظام الدراسة عن بعد خلال شهر رمضان المبارك ليس حلا مثالياً لا سيما أن الصيام لا يؤثر على أداء الطلبة أو مستواهم التعليمي كما يتوهم البعض، موضحا أن تنظيم الوقت من أهم الأمور لدى الطلاب في رمضان، بحيث يكون الحضور للمدرسة والعودة، وأخذ قسط من الراحة، ومن ثم الإفطار، والجلوس مع الأسرة ومن ثم المذاكرة والنوم مبكرًا، برنامجا مناسبا يساعد الطالب على تجاوز الروتين اليومي المعتاد، ولا يشعره أن رمضان مختلف عن بقية الأشهر، أو انه يسبب التعب والمشقة على الطلاب ويمثل ضغطًا كبيرًا عليهم.
ونوه المالكي بدور الأهل في توفير أجواء مريحة للطلبة، من خلال بث روح الإيجابية، وعدم الحديث بسلبية عن الدراسة في رمضان، وتشجيعهم على مواصلة الدراسة مثل بقية الشهور، وأيضًا عدم تحميلهم فوق طاقاتهم، بل يكون الجد والاجتهاد باتزان؛ لتستمر رحلة التعليم في شهر رمضان كما كانت في سائر الشهور.
وأكد المالكي أن لشهر الصيام قيمةً كبيرة لابد من الانتفاع بها، كما أن المذاكرة جزء لا يتجزأ من الشهر الفضيل، وعلى الطالب أن يتعامل معه بشيء من التنظيم، والتوازن، ووضع جدول للعبادة والدراسة والمذاكرة بحيث لا يؤثر تحصيل العلامات على اكتساب الحسنات.
وأكد أن الصيام لا يفترض أن يؤثر بصورة كبيرة على أداء واجباتهم تجاه الدراسة، إذا تم تقسيم أوقاتهم بما يعود عيهم بالنفع والفائدة، موضحاً أهمية التقليل من النوم في ساعات النهار قدر المُستطاع، والحرص على النوم مُبكرًا وعدم السهر حتى يمكن الاستيقاظ لتناول وجبة السحور وصلاة الفجر بسهولة، وعدم الإفراط في تناول الأطعمة التي تُصيب الإنسان بالتخمة وتجعله غير قادر على النوم.
سعد السعدي: تعزيز قيم إيجابية في نفوس الطلاب
قال الأستاذ سعد السعدي إنه لا يؤيد تطبيق نظام الدراسة عن بعد خلال شهر رمضان المبارك، كما يطالب البعض، نظرا لأن عدد ساعات الدوام يتقلص خلال شهر رمضان، كما أن الإسلام يحث على الجد والعمل، وليس للصيام تأثير سلبي قوي على أداء الطلبة أو أداء المعلمين، وخاصة أننا ما زلنا في فصل الشتاء، و»الشتاء ربيع المؤمن: طال ليله فقامه، وقصر نهاره فصامه».
وأشار إلى ما تؤكده الدراسات والبحوث العلمية من أن الامتناع عن الأكل لمدة طويلة نسبيا يزيد طاقة التلميذ الصائم على التحمل، على عكس ما يظن البعض بأن الموازنة بين الدراسة والصيام أمر صعب للغاية. وأضاف: يتعود الطلاب بعد ذلك على الدوام والعمل فى المستقبل خلال الشهر الفضيل إن شاء الله تعالى، ولا يظن البعض أن رمضان هو شهر الكسل والنوم والطعام والشراب والسهر على أمور تهدر الوقت فيما لا فائدة منه، منوها بأهمية تجنب الإرهاق والتعب خاصة عند حلول الشهر الفضيل وتزامنه مع الدراسة، وأيضا تناول وجبة السحور والإكثار من السوائل منعا للجفاف، والحرص على الطعام الصحي المتوازن خلال الشهر الكريم وتنظيم الوقت بالنسبة للاستذكار والنوم والاستيقاظ وممارسة أي نشاط رياضي لوقت قصير.
وأوضح أن المعلمين يحرصون على تعزيز قيم المبادرة والإيجابية في نفوس الطلاب من خلال تنظيم أوقاتهم ووضع جدول للدراسة يتناسب مع يوم رمضان، يبدأ من السحور، واستغلال وقت النهار، فضلا عن تعظيم قيم الصبر في نفوسهم، وبين أن من يصبر على ترك الطعام والشراب من الفجر إلى الغروب متحديا شهوات نفسه، لا بد أن يكون قادرا على ضبط هذه الشهوات التي تلهيه عن دراسته في رمضان وغيره، ليصبح الشهر الفضيل نقطة انطلاق جديدة لعزيمة أقوى بعده.
يوسف سلطان: تثقيف جيل واعٍ يحافظ على العبادة والدراسة
أكد الأستاذ يوسف سلطان، خبير تربوي، أن شهر رمضان ليس رخصة للغياب عن المدرسة أو فرصة لتطبيق نظام الدراسة عن بعد، حتى لو توفرت المنصات الرقمية المناسبة لتطبيق النظام، مبينا أن الدوام الدراسي للطلاب والمعلمين خلال شهر رمضان المبارك يمكن أن يكون أمرا مقدورا عليه ويسير بيسر وسلاسة، من خلال تنظيم أسلوب حياة أفراد المجتمع، وأسلوب غذائهم وعلاقتهم مع الآخرين، مشيرا إلى أن أهم الأسباب التي تجعل البعض يرى تضاربا بين العبادة والعمل تتمثل في عدم الفهم الواعي لصحيح الدين لأن العمل عبادة في حد ذاته.
وأكد أن ثقافة الالتزام الدراسي يجب أن توضع على سلم أولويات مديري المدارس والمعلمين وأولياء الأمور؛ من أجل تثقيف جيل واعٍ يحافظ على عبادته كما يحافظ على دراسته.
ونوه بضرورة تنظيم الوقت وعدم الإفراط في متابعة ومشاهدة البرامج الرمضانية في القنوات أو مواقع التواصل الاجتماعي، لأن ذلك يسرق الوقت دون فائدة مرجوة، مشيرا إلى دور الأهل تجاه أبنائهم الطلاب بالإشراف عليهم خلال هذا الشهر؛ سواء من حيث تنظيم أوقاتهم، أو من خلال المتابعة والمراقبة في استغلال الأوقات بمذاكرة دروسهم، وحل واجباتهم من دون تعارض مع تخصيص وقت للجلوس العائلي، أو مشاهدة التلفاز أو أي نشاط ترفيهي، كفسحة، لبذل المزيد من الجد والاجتهاد.
ودعا أولياء الأمور ألا يطلبوا من أبنائهم الإفطار في رمضان خوفاً من أن يشق عليهم الصيام مع الدراسة وهذا خطأ كبير لأن الدراسة أو المذاكرة ليست عذرًا يبيح الإفطار، وهي ليست شيئاً شاقاً يمنع من الصيام، فالإفطار في رمضان إنما يباح للمسافر ويباح للمريض ويباح لكبير السن الذي لا يستطيع الصيام ويباح للحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما أو على ولديهما، أما الإفطار لأجل المذاكرة أو لأجل الدراسة أو الامتحانات خطأ كبير، لأن المجهود الذهني مسموح به والاستذكار غير مجهد.
بلال الخولي: 3 أسباب تبرر تطبيق «الدراسة عن بُعد»
استعرض الأستاذ بلال الخولي، أخصائي الأنشطة اللاصفية لمجموعة تعلم، تأثير الصيام على أداء الطلاب خلال شهر رمضان المبارك، مبينا أن هذا التأثير يعتمد على عدة عوامل مختلفة مثل الصحة العامة للطالب ومدى تأثره بالصيام، والتغذية السليمة ومقدار النوم والراحة والمسؤوليات اليومية وبيئة الدراسة. وأضاف الخولي: قد يشعر بعض الطلاب بالتعب والإرهاق نتيجة للصيام، وقد يؤثر ذلك على قدرتهم على التركيز والانتباه في الصفوف الدراسية. ومع ذلك، قد يجد البعض أن الصيام يعزز التركيز والانضباط الذاتي ويساعدهم على التفكير بوضوح واتخاذ القرارات. من المهم للطلاب الذين يصومون خلال شهر رمضان أن يهتموا بصحتهم العامة ويتناولوا وجبات غذائية متوازنة خلال السحور والإفطار لضمان الحصول على الطاقة والتغذية اللازمة للحفاظ على أدائهم الجيد في الدراسة. كما ينبغي عليهم تنظيم وقت النوم بشكل جيد لضمان الحصول على كمية كافية من الراحة والنوم.
بشكل عام، قد يؤثر الصيام على أداء بعض الطلاب خلال شهر رمضان، لذا ينبغي على المدارس والمعلمين توفير بيئة داعمة ومساعدة الطلاب في التعامل مع التحديات التي قد يواجهونها خلال هذا الشهر الكريم.
حول دعوات تطبيق الدراسة عن بعد في رمضان، قال الخولي: في ظل تطور التكنولوجيا وتبنيها للعملية التعليمية، أصبحت الدراسة عن بُعد خيارًا جديرًا بالاهتمام، خاصة خلال شهر رمضان الفضيل، موضحا أن التعليم عن بعد في هذا الشهر الفضيل خيارًا مفيدًا للعديد من الأفراد لعدة أسباب:
أولاً وأهمها: يوفر تطبيق الدراسة عن بُعد فرصة للطلاب والمعلمين للاستمتاع بفضلات هذا الشهر الكريم دون التضحية بجودة التعليم. يتيح هذا النهج المرونة في تنظيم أوقات الدراسة والصيام، مما يسهم في الحفاظ على روحانية الشهر والتزامه بالعبادة.
ثانيًا، يعتبر التعلم عن بُعد خلال رمضان فرصة للطلاب لتعزيز مهاراتهم في التنظيم الذاتي والاستقلالية. من خلال تحمل المسؤولية عن جدول دراستهم وتنظيم وقتهم بشكل فعّال، يمكن للطلاب تعزيز قدراتهم على التحكم في وقتهم وإتمام مهامهم بنجاح.
ثالثاً: يسهم تطبيق الدراسة عن بُعد في تعزيز التواصل والتفاعل بين المعلمين والطلاب، حيث يتيح البيئة الافتراضية منصة للتفاعل وتبادل المعرفة والملاحظات بين الطرفين بشكل فعّال.
وأضاف الخولي: بالاعتماد على هذه الجوانب، يظهر أن تطبيق الدراسة عن بُعد خلال شهر رمضان يمكن أن يكون خيارًا مفيدًا للبعض، مما يسهم في تحقيق التوازن بين التعليم والعبادة خلال هذا الشهر الفضيل.
وحول تقليص ساعات الدوام في رمضان أوضح الخولي انه تم تقليص ساعات الدوام خلال شهر رمضان وهو يعد من الأمور المهمة التي تسهم في توفير بيئة عمل مريحة ومناسبة للموظفين والطلاب الذين يصومون. يتيح ذلك لهم الفرصة للتركيز على الصيام والعبادة بشكل أكبر، ويعزز الإنتاجية والتركيز خلال ساعات العمل المختصرة. كما يسهم في تعزيز الروح الاجتماعية والتضامن بين أفراد المجتمع في هذا الشهر المبارك.
الطالب شاهين حسن: الصيام يرهق الطلاب.. والدراسة «عن بُعد» أفضل
قال الطالب شاهين حسن إن شهر رمضان ارتبط في أذهان البعض بتغيير النظام اليومي للعديد من الطلاب، من خلال تحويل نهارهم إلى ليل، وليلهم إلى نهار؛ مبينا ان عادة السهر حاضرة في جدوله اليومي وزملائه طوال ايام الشهر الفضيل، وهو ما ينعكس سلباً على العديد من الطلبة في مختلف مراحلهم الدراسية، سواء من حيث التركيز الذهني أو من حيث التحصيل العلمي.
وأكد شاهين أنه يؤيد تطبيق نظام الدراسة عن بعد طوال ايام الشهر الفضيل، لاسيما في ظل توفر المنصات الالكترونية، التي استمرَّت ونجحت خلال جائحة كورونا، مشيرا الى ان الصوم يحتاج منا إلى طاقة إضافية تعيننا على دوام النهار أو قيام الليل، وهذا ما يجعل الصيام مرهقا لبعض الطلاب، وقد يتسبب في عدم استيعابهم لدروسه بالشكل المطلوب.
وأضاف أن العديد من الطلاب وربما أولياء الأمور يجدون صعوبة في التوفيق بين الدراسة والدوام خلال الصيام، وذلك لأن الطالب يميل إلى أن يسهر حتى ساعة متأخرة من الليل بل ان بعضهم قد يسهر الى الفجر أو قد يأخذ قيلولة خلال النهار بعد عودته من المدرسة، ويصحو منها للصلاة والإفطار، في حين أن الوقت بعد الإفطار يكون مخصصا للعبادة حتى الساعة التاسعة تقريبا، فلا يصبح هناك زمن كاف للمذاكرة ومراجعة الدروس.