في إطار حرصها على نشر الثقافة بشتى أنواعها وقطاعاتها، ولإتاحة الفرصة للأجيال من مختلف الأعمار للاطلاع على أحدث ما أبدعته وأنتجته العقول في كل أركان الأرض، تحرص دولة قطر وبشكل سنوي على تنظيم نسخة جديدة مطورة من معرض الدوحة الدولي للكتاب، وذلك في سياق استراتيجيتها الرامية لتأكيد مكانتها كمنارة للإشعاع والإبداع في هذا الفضاء الرحب، وواحدة من أهم الدول ثقافياً على الصعيدين المحلي والعالمي.
وبإشراف وزارة الثقافة، وتنظيم مركز قطر للفعاليات الثقافية والتراثية، تنطلق غدا /الخميس/ بمركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات، فعاليات معرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته الحادية والثلاثين تحت شعار "العلم نور"، وتمتد حتى الثاني والعشرين من يناير الجاري.
ويأتي انعقاد معرض الدوحة الدولي للكتاب 2022 لتستمرّ رحلة الإنسان مع البحث والاكتشاف والتفكير، حيث يعرّف المعرض بآخر ما أنتجته الإنسانيّة من ثقافة وعلوم وإبداع بجميع المجالات، ويكون الكتابُ نافذة لشغف الباحثين والمبتكرين والعلماء والكتَّاب والأدباء بالمعرفة، ولقدرتهم على تحصيل العلم من أجل تطوير حياة مجتمعاتهم.
الدوحة المأهولة بهواجس الإبداع والسبق في كل مجال ترتئيه ساحة لفعلها المؤثر، أعطت وتعطي على كل الصعد.. وحين يتعلق الأمر بالثقافة والموروث وتعزيز الهوية العربية الإسلامية تفتح ذراعها لكل فكر وعقل يسوّق قناعتها بأن الثقافة الإسلامية، وجدت لتعيش كقيمة أصيلة لها فرادتها ضمن ثقافات العالم.
ضمن هذا الإطار، ولأنها الحقيقة الماثلة في أكثر من صعيد اختتمت الدوحة في العام 2021 الذي ودعناه قبل أيام، أكثر من 70 فعالية ثقافية، نظمتها كعاصمة للثقافة الإسلامية، انطلاقا من وعيها بأهمية رأس المال الثقافي، وضرورة إبراز التنوع الثقافي والحضاري الذي تتميز به.
وقد استهدفت هذه الفعاليات نشر الثقافة الإسلامية، وتجديد مضامينها وإنعاش رسالتها، وتخليد الأمجاد الثقافية والحضارية في مجالات الآداب والفنون والعلوم والمعارف الإسلامية، وتعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات، وإشاعة قيم التعايش والتفاهم بين الشعوب.
وقبل ذلك في العام 2010 وفي إطار حضورها القوي كعاصمة للثقافة العربية، طوت الدوحة في هذا العام مسيرة حاشدة من المنشورات الأدبية والعلمية، والعروض المسرحية للكبار والصغار والأسابيع الثقافية والحفلات الموسيقية والغنائية، مستهدفة من تنظيمها التواصل مع الساحة الثقافية العربية من جانب، ومع الحقل الثقافي العالمي المفتوح بأسره من جانب آخر.
هذه الفعاليات - العربية والإسلامية - تسهم في تحقيق ما سُطر في إستراتيجية وزارة الثقافة للفترة 2018 - 2022، من أهمية توفير بيئة ثقافية نامية وحاضنة لطاقات المجتمع القطري بمكوناته كافة، وتجعل قطر نموذجا يحتذى به، ويؤدي دورا ثقافيا انطلاقا من منظومة قيمية حضارية إنسانية.
وفي سياق هذا المشهد الثري، ينطلق معرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته الحادية والثلاثين وقد طوى مسيرة إبداعية عمرها نصف قرن، تميزت -ضمن أمور أخرى ـ بجلب ما أنتجته الإنسانية من ثقافة وعلوم وإبداع في جميع المجالات.
ويضم المعرض أكثر من (430) ناشرا مباشرا، من (37) دولة، وتبلغ أعداد توكيلاته (90) توكيلا بشكل غير مباشر، وقد حرصت دولة قطر سنويا على تنظيم نسخة مطورة انطلاقا من المشهد الثقافي الذي تعيشه الدولة، حيث يعتبر حدثاً ثقافياً بارزاً تتابعه الأوساط الثقافية والأكاديمية والإعلامية وتوليه اهتماماً خاصاً.
وهو كذلك، يبرز بما يضمه من كنوز العلم والمعرفة، أهمية نشر الثقافة بشتى أنواعها وقطاعاتها، ويتيح الفرصة للأجيال من مختلف الأعمار للاطلاع على أحدث ما أبدعته وأنتجته العقول في كل أركان الأرض.
وغير بعيد من اهتمامه الأصلي، يحفل معرض هذا العام بالفعاليات الثقافية التي تساهم في تمكين رواده من صقل مواهبهم والكتاب من التواصل مع جمهور القراء، والمثقفين من تبادل وجهات النظر والتجارب فيما بينهم، وتراهن هذه الفعاليات على نشر آداب الحوار وتعزيز الحرية المسؤولة، ليكون العلم فضيلة باقترانه بمكارم الأخلاق.
وتشارك بالمعرض العديد من المؤسسات والوزارات القطرية ومكتبة قطر الوطنية، وسيكون لدور النشر القطرية مشاركات متميزة فيه، إذ ستشارك به كل من دار الثقافة، ودار جامعة حمد بن خليفة للنشر، ودار كتارا للنشر، ودار جامعة قطر للنشر، بالإضافة إلى كل من دار روزا للنشر، ودار زكريت للنشر، ودار الوتد، ودار الشرق، ودار نبجة، ودار نوى للنشر.
وعلى مستوى المشاركات الخليجية والعربية، تشارك في المعرض الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ووزارة التراث والثقافة بسلطنة عمان، وكذلك هيئة الشارقة للكتاب، بالإضافة إلى وزارات الثقافة في كل من المغرب والجزائر والسودان ومصر ممثلة بالهيئة المصرية العامة للكتاب ودار الكتب المصرية، بالإضافة إلى جمهورية أذربيجان .
كما تشارك في معرض الدوحة الدولي للكتاب في نسخته الجديدة العديد من السفارات العربية والأجنبية بالدولة ومعرض بولونيا الدولي، الذي يعتبر أهم معرض لكتب الأطفال في العالم.
وتكتسب الدورة الـ31 من معرض الدوحة الدولي للكتاب أهمية خاصة، إذ تأتي وقد أكمل المعرض خمسين عاما من عمره، ما يجعله ذا تاريخ عريق، إذ يعد أول معرض من نوعه يقام بدولة قطر، وكذلك على مستوى دول الخليج العربية، ولهذا دلالة كبيرة على أن دولة قطر لها تاريخ عريق من الثقافة، وأنها مستمرة في عطائها لنشر الثقافة والمعرفة.
وقد اكتسب المعرض صبغة دولية بعد نجاحه في استقطاب أكبر وأهم دور النشر بالعالم، ليصار إلى تنظيمه سنويا منذ عام 2002 بعد أن كان تنظيمه يتم كل عامين، كما سيظل رهانا دائما لكل الأجيال، والمثقفين الساعين للارتقاء بالبشرية وتجديد إبداعاتهم وعطاءاتهم خدمة للإنسان وأمنه واستقراره ورفاهيته وتطلعاته.
ومنذ عام 2010 يقوم معرض الدوحة الدولي للكتاب باختيار إحدى الدول لتحل عليه ضيف شرف، وكانت البداية مع الولايات المتحدة ثم تركيا، ايران، اليابان، والبرازيل وألمانيا، وحلت فرنسا ضيف شرف للمعرض في دورته الثلاثين.
وتستضيف الدورة الجديدة للمعرض، الولايات المتحدة الأمريكية مرة أخرى كضيف شرف، وذلك على خلفية العام الثقافي قطر- أمريكا 2021، وستشهد هذه الاستضافة عرضا للثقافة الأمريكية وتقديم الإنتاج الفكري الأمريكي، إيمانا بأن الثقافات تتفاعل فيما بينها، وأن الكتاب وجه من وجوه هذا الجود الذي يقدمه المبدع للشعوب حتى يكون الكتاب وسيلة تقارب فيما بينها ومؤشرا على تنوعها وتسامحها.
وعلى الرغم من احتياطات كورونا، فمن المتوقع أن تحظى النسخة الجديدة من المعرض بإقبال كبير من الجمهور من مختلف الأعمار الراغبين بالاطلاع أو اقتناء أحدث ما أنتجته المطابع، خاصة وأن النسخة الجديدة منه تأتي بعد إلغاء نسخة العام الماضي بسبب الاحتياطات الصحية المرتبطة بفيروس كورونا .
إن دولة قطر المؤمنة إيمانا راسخا بدور الثقافة في الارتقاء بالإنسان علما وسلوكا وطموحا وإنجازا، ونشر المعرفة في دروب الابداع وبناء الاستقرار والسلام ومد الجسور بين كافة البشر دون تمييز، وتعزيز الحوار والتفاهم والتعاون بين الأمم والحضارات، تتميز بالعديد من المعالم والشواهد التي تعكس تلك المكانة والمنزلة الثقافية الراسخة والمرموقة.
ومن المهم في هذا السياق الاستظهار بوجود وزارة خاصة بالثقافة فقط في قطر، تضم إدارة للمطبوعات والنشر تقوم بتملك حقوق التأليف والنشر وأسماء الشهرة التجارية للمواد الإذاعية التي تنتجها أو تستخدمها، ومنح الغير حق استغلالها وبحث ودراسة وإصدار طلبات التراخيص اللازمة للمطبوعات الصحفية والمطابع ودور النشر والمكتبات ومؤسسات استيراد وتصدير وتوزيع المطبوعات ومؤسسات الدعاية والإعلان والعلاقات العامة والإنتاج الفني ومحلات بيع توزيع المصنفات الفنية، بالإضافة إلى الرقابة على المطبوعات المحلية والمصنفات الفنية المحلية والخارجية وإصدار الكتب والنشرات التي تتضمن تعريفا بالدولة في مختلف النواحي وتزويد السفارات والبعثات الدبلوماسية بها، بالتنسيق مع الوحدات الإدارية المختصة.
ويندرج في هذا الإطار، صدور القرار الأميري رقم (11) لسنة 2003 الذي نص على منح جائزة الدولة التقديرية للعلماء والمبدعين تقديرا لهم على مجمل عطائهم العلمي والإبداعي، ومنح جائزة الدولة التشجيعية للباحثين والمبدعين الواعدين من ذوي العطاء المتميز.
ويعتبر الحي الثقافي /كتارا/ من أهم المعالم الثقافية في دولة قطر وأحد أكبر المشاريع ذات الأبعاد الثقافية المتعددة، بالدولة حيث يزوره الجمهور للتعرف على ثقافات العالم. وقد نشأت فكرة /كتارا/ من حلم تكون فيه قطر منارة ثقافية عالمية تشع من الشرق الأوسط من خلال المسرح، والآداب، والفنون، والموسيقى، والمؤتمرات، والمعارض.
ومن بين الشواهد البارزة والناطقة بقوة المشهد الثقافي القطري، تأتي مكتبة قطر الوطنية، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، التي تضطلع بمسؤولية الحفاظ على التراث الوطني لدولة قطر، كما تقوم من خلال وظيفتها كمكتبة بحثية لديها مكتبة تراثية متميزة، بنشر وتعزيز رؤية عالمية أعمق لتاريخ وثقافة منطقة الخليج، وتتيح لجميع المواطنين والمقيمين في دولة قطر فرصا متكافئة للاستفادة من محتوياتها ومرافقها وتجهيزاتها .
ومن الشواهد الثقافية المتميزة بالدولة، كذلك متحف الفن الإسلامي الذي يضم واحدة من أفضل مجموعات الفن الإسلامي في جميع أنحاء العالم، تشمل روائع حقيقية قادمة من ثلاث قارات، تمثل التنوع الموجود في التراث الإسلامي.