مواطنون ومقيمون: من يوقف فوضى مخلفات «الأثاث المنزلي»؟!

alarab
تحقيقات 12 يناير 2016 , 01:35ص
رانيا غانم
انتقد مواطنون ومقيمون إلقاء البعض لقطع الأثاث الكبيرة بجوار صناديق جمع القمامة في الشوارع والفرجان، وحتى داخل المجمعات السكنية، وقالوا إنها تتسبب في تشويه المنظر العام بسبب تواجدها لأيام عديدة، كما أنها بيئة مناسبة لإيواء قطط الشوارع والقوارض، فضلا عما تمثله من خطورة على المارة لاسيَّما الأطفال الذين يلعبون في المناطق الموجودة بها، وطالبوا بتوعية السكان على الطريقة المثلى للتخلص من هذه النفايات، وفرض غرامات عمن يتجاوز في التخلص منها ولا يلتزم بالقوانين، ودعوا إلى توجيه قطع الأثاث الصالحة للاستخدام أو التي يمكن معالجتها وتجديدها مرة أخرى إلى الجمعيات الخيرية للاستفادة منها وإعطائها إلى الفئات المحتاجة من المجتمع المحلي.

"العرب" استطلعت آراء عدد من سكان مناطق مختلفة للوقوف على آرائهم ومشاهداتهم ومقترحاتهم فيما يتعلق بهذا الموضوع.

خطورة بالغة
يقول ناصر السعدي: للأسف ظاهرة إلقاء قطع الأثاث بجوار صناديق القمامة أصبحت منتشرة في الكثير من الفرجان والشوارع، وتشوه المنظر الجمالي للشوارع خاصة أن عربات القمامة لا تحملها إلا بعد عدة أيام، وقد تؤدي هذه الأغراض إلى إغلاقات جزئية للشوارع، أو يكون فيها أشياء خطيرة مثل ألواح الزجاج المكسور أو الحديد البارز؛ ما يتسبب في مشكلات للمارة وأيضا للسيارات التي قد تتلف إطاراتها أو أجزاء منها بسبب تلك المخلفات". وتابع "الشهر الماضي تعرض أحد الأطفال خارج المجمع الذي نسكن به إلى جرح كبير في إحدى يديه بعد أن سقط على لوح زجاجي كان موجودا بالقمامة في إحدى قطع الأثاث الملقاة بجانب القمامة، وقبلها تعرض طفل آخر في الفريج الذي يسكن به أخي لإصابة في قدمه وهو يلعب بالكرة بعد أن ركل قطعة حديد بدلا من الكرة؛ حيث كان يلعب ليلا والإضاءة خافتة فلم ينتبه لقطع الحديد الموجودة في نفايات ملقاة بجوار الحائط".

قطط وقوارض
وأشارت أم ناصر أن تجمُّع قطع الأثاث القديمة في الشوارع وتركها لأيام طويلة "يتسبب في تجمع القطط وربما القوارض ويمكن أن يؤدي إلى انتشارها في المنطقة الموجود بها، وهناك من يأخذ قطعا من هذه الأثاث ويضعها أمام البيوت للجلوس عليها في الشارع أو استخدامها لأي غرض ويكون شكلها مؤذيا للغاية، كما تشغل الشوارع بما لا يفترض أن يكون فيها". وتابعت "منذ فترة تجمعت بجوار صناديق القمامة الموجودة أمام بيتي كميات من الأثاث وكانت مأوى لقطط الشوارع، كما كان منظرا سيئا للغاية وشوهت شكل الشارع، فاتصلت على البلدية وأخبرتهم بضرورة رفعها، وللحق لم يقصروا وجاؤوا على الفور وأزالوها، لكن لماذا يسمحوا أصلا بإلقاء مثل هذه المخلفات في الشارع، أتمنى أن تكون هناك قوانين رادعة لمثل هذه التصرفات التي تشوه الشوارع وتؤذي المارة".

تبرع للجمعيات
وينتقد عبدالعزيز محمد قيام بعض المجمعات بإلقاء الأثاث المستخدم بها في حاويات القمامة بكميات كبيرة للغاية، والتي تذهب كلها من دون فرز إلى مقالب القمامة في الوقت الذي كان يمكن الاستفادة من غالبيتها لإعادة الاستخدام مرة أخرى، خاصة أن عيوب ومشكلات الأثاث يمكن علاجها وإصلاحها بسهولة وإعادتها كالجديدة بدلا من الإهدار الكبير الذي يحدث بها، وقال: إن هناك الكثير من العائلات محدودة الدخل أو العمال يمكن أن يستخدموا قطع الأثاث بدلا من شراء أخرى جديدة بمبالغ باهظة أو مثيل لها مستعمل من سوق "الحراج" وبأموال هم أولى بتوفيرها، وربما تكون حالتها أسوأ من الأخرى الملقاة في الشوارع، وطالب بتوعية السكان بتوجيه قطع الأثاث الصالحة للاستخدام مرة أخرى أو التي يمكن علاج تلفها إلى الجمعيات والمؤسسات الخيرية للاستفادة منها بدلا من إهدارها في صناديق القمامة.

نقل مجاني
وقال عبدالله المهندي: إن إلقاء الأثاث المنزلي في الشوارع ظاهرة متزايدة ولها شقان "أولهما قلة الوعي بكيفية التخلص من مثل هذه النفايات وما هي الأماكن التي من المفترض التوجه إليها بها، الجانب الآخر يتعلق بالبلديات التي لا تتخذ إجراءات حاسمة مع من يقوم بذلك أو تخالفهم وتغرمهم، والمشكلة أن الغالبية لا يعرفون كيف يتصرفون عندما يرغبون في التخلص من بعض قطع الأثاث في منازلهم، ويكون الحل الأسرع هو إلقاؤها بالقرب من حاويات القمامات لتقوم عربات جمع القمامة بحملها، أو في الشوارع بجوار الأسوار وأعلى البنايات، والنتيجة هي أن تتراكم تلك المخلفات لأيام وأسابيع حتى يتم حملها، وأحيانا سنوات، كالموجودة فوق الأسطح".

وتابع "هناك تجربة في أبوظبي يمكن أن نحذو حذوها هنا، وهي مساعدة إدارة النفايات هناك للسكان في التخلص من النفايات كبيرة الحجم مثل قطع الأثاث والأبواب سواء الخشبية أو المعدنية أو الزجاجية وغيرها وكذلك الأجهزة الإلكترونية والكهربائية كبيرة الحجم كالشاشات وأجهزة الكمبيوتر؛ حيث يقوم مركز إدارة النفايات ذلك بالتوجه إلى من توجد لديه هذه الأغراض التي يرغب في التخلص منها، وتحملها وتنقلها مجانا، والأمر لا يتطلب أكثر من اتصال بالمركز والإبلاغ عن النفايات الموجودة لديه وكمها أو نوعيتها ثم يتم تحديد موعد لهم للحضور ونقلها، وفي الموعد المحدد تصل سيارات النقل التابعة للمركز وتحمل تلك النفايات، ومن ثَمَّ تقوم بالتخلص منها بطريقة آمنة".

أثاث رديء
وتشير أم عمر إلى نقطة أخرى تكررت كثيرا وتتسبب في تزايد كميات نفايات الأثاث المنزلي والأجهزة الكهربائية "تقوم بعض المجمعات السكنية التي تؤجر وحداتها مفروشة بشراء أثاث رديء حتى توفر المال مقارنة بشراء أثاث من نوعيات جيدة وأخشاب تتحمل الاستخدام اليومي، وأيضا أجهزة كهربائية من ماركات غير معروفة وجودتها سيئة، وسرعان ما تتلف ويتم التخلص منها، أو لا يفضل السكان استخدامها لرداءتها ويستبدلونها بجديدة يشترونها، ويقومون بتسليم الأخرى إلى موظفي المجمعات، الذين يقومون بدورهم بإلقائها جديدة أو شبه جديدة في الحاويات أو بجوارها، وهذا رأيته بعيني في المجمع الذي أسكن به، وكنت حزينة للغاية وأنا أجد هذا الأثاث والسجاد وأجهزة بها عيوب بسيطة تلقى كلها بحالتها في القمامة، فغالبية ما تم التخلص منه حالته جيدة للغاية، وكان يمكن لآخرين الاستفادة منها، وكان على إدارة أو ملاك المجمع اتخاذ هذا التوجه، خاصة أن الكميات كبيرة ليس قطعة أو اثنتين، وبالتأكيد هناك من يحتاج إلى هذا بيننا".

وترى السيدة أنه ينبغي أيضاً تشديد الرقابة على المستوردين للأثاث والأجهزة الكهربائية وعدم دخول بضائع رديئة إلى الدولة لأنها تعني تلفا سريعا لها؛ ما يهدر أموال المشترين الذين أقبلوا عليها لرخص أسعارها، ويعودون لدفع المال في أخرى، كما أن هذا سيؤدي إلى تحولها إلى نفايات تتكدس في مقالب القمامة في الدولة؛ ما يزيد الضغط على شركات رفع القمامة والتخلص منها.

توعية وتثقيف
وتتفق معها في الرأي سامية أبوالفتح –باحثة تنموية- وتوضح أن التخلص من الأثاث القديم في حاويات القمامة يمكنه أن يؤثر على البيئة بشكل كبير لأنه يعد إهدارا للموارد وهذه هي الثقافة الغائبة عن الجميع، فإلقاء مزيد من الأثاث في القمامة يعني قطعا لمزيد من الأشجار لاستخدام أخشابها في أثاث يحل محله، وإعادة التدوير أو إعادة استخدامها مرة أخرى من أناس يحتاجون إليها يمكن أن يقلل من هذا الهدر، وهذه هي الثقافة التي نريد أن تعم بين الناس، فما لا تحتاجه أنت هناك من هو في أمس الحاجة له، وبدلا من إلقائه في القمامة ابحث عمن يريده من المحيطين بك، اسأل سائقك أو العامل في شركتك أو محل عملك، أو بائع البقالة القريبة منك إن كان في حاجة إليه، أو قم ببيعه إلى محلات سوق الحراج التي تبيعه لآخرين، أو قم بإعطائه للجمعيات الخيرية التي يمكنها الوصول إلى من يحتاج إليها، أو يذهب إليها من يحتاج هذه القطع، وهذا هو الأفضل للجميع، بعض الثقافة والتوعية هو كل المطلوب ليس أكثر".

أصحاب الحاجة
ويرى محمد السبيعي أن الجمعيات الخيرية يجب أن يكون لها دور كبير في هذا، فتستقبل التبرعات العينية من الأثاث والأجهزة الكهربائية، حتى ولو كان بها نسبة من التلف تقوم بإصلاحها وتجديدها وبيعها بأسعار رمزية للمحتاجين أو تقديمها إليهم بلا مقابل، وعليها أن تكثف من إعلاناتها عن تقديم هذه الخدمات، فحتى الجمعيات التي تقوم بذلك لا يعرف الكثيرون بها وبخدماتها، الجميع تقريبا يعرف أنه يمكن التبرع بالملابس بسبب وجود صناديق التبرع أمام المولات، لكن قليل من يعرفون أنه يمكن التبرع أيضاً بالأثاث المستخدم أو الأجهزة الكهربائية بدلا من إلقائها في القمامة، ويعتقدون أنه بما أن المجتمع غني وميسور الحال فلا يوجد به من يمكن أن يحتاج إلى هذه الأغراض، وهذا بالطبع غير صحيح، كما يمكن إرساله إلى بلدان أخرى يمكن أن تحتاج إليها بدلا من إهدارها".

هناك تجارب ناجحة لجمعيات ومؤسسات في بلدان عربية مثل الموجود في مصر على سبيل المثال؛ حيث يعمل بها متطوعون يقومون بجمع التبرعات من البيوت بعد الاتصال بهم، ومنهم من يقوم بفرزها وإعادة تجديدها وجعلها في حالة صالحة للاستخدام مرة أخرى، ويستفيدون بخبرات الشباب أو تخصصاتهم الجامعية أو حتى مهاراتهم في هذا، كما يعلم المتطوعون بعضهم البعض كيفية العمل، وكانت تجارب ناجحة للغاية أفادت كثيرا من أفراد المجتمع".