البوعينين: حب الوطن أفعال تترجم الأقوال
محليات
11 ديسمبر 2015 , 01:54م
الوكرة - العرب
أكد الشيخ أحمد بن محمد البوعينين - خطيب جامع صهيب الرومي بالوكرة - أن حب الوطن غريزة في الإنسان تخالط دمه وينبض بها وجدانه، وكراهيته مخالفة للغريزة ومخالفة للدين.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: "لا يكره شخص وطنه إلا لانتكاسة من عقله وفطرته".
وذكر أنه لا يمكن لعالي الجبال ولا لعميق البحار ولا لأجمل السهول والغابات ولا الأنهار والبحيرات والشلالات، أن تنسى الإنسان حب الوطن.
مشيرا إلى أن القلوب تحن للأوطان، ومستشهدا بقول أحد المهاجرين: إن العودة إلى الوطن هي أعظم أمنيه لا تغيب عن خاطره وفكره.
وأضاف أن حب الوطن يأسر القلوب ويهيمن عليها، لأنه حب فطري.
وأشار إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم، في حق وطنه "مكة المكرمة"، بعدما هاجر منها إلى المدينة المنورة: "والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت"،وقوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد".
ودعا البوعينين لغرس حب الوطن في نفوس وقلوب وعقول الناشئة؛ لكونه مغروسا في الفطرة السليمة، وطالب بنشر التعليم الذي يرفع من مستوى التفكير الإيجابي، وينمي العقل، وقال: "إذا فعلنا ذلك سقينا بذرة حب الوطن وحب الوفاء في الفِطَر".
وتابع قائلا: "نريد أن نحول حب الوطن إلى سلوك عملي، ونترجمه إلى أفعال تجسد الأقوال".
وأضاف: "علينا إظهار حب وطننا بإبراز هويتنا الإسلامية".
وطالب كل إنسان في قطر أن يسأل نفسه: "ماذا قدمت إلى هذا الوطن الذي أعطاك الكثير؟"، وشدد على ضرورة رد الجميل لهذا البلد الذي وفر للمواطن والمقيم كل السبل.
وقال: "نريد ممن ينتمي إلى هذا الوطن أن يكون سفيرا لبلده بعلمه وأخلاقه".
ولفت البوعينين النظر إلى أن حب الوطن لا يكون بتزيين السيارات بالأعلام، ولا برفع الأعلام على البيوت، ولا بإقامة الحفلات والعرضات، مؤكدا أن حب الوطن فطرة، وأقول يجب أن تترجمها أعمالٌ وتضحيات.
وطالب خطيب جامع صهيب الرومي بالوكرة، بترجمة حب الوطن إلى واقع عملي ملموس ومرئي ومحسوس.
ونصح بالاجتهاد في الدراسة والسعي الحثيث للتعلم، سعيا للوصول إلى أعلى المناصب والدرجات لخدمة هذا البلد.
وطالب كل قطري يسافر للخارج بأن يكون خير سفير لبلده، مبينا أن القطري الذي يسافر للخارج لا يمثل نفسه فقط، إنما يمثل دينه ووطنه وهويته.
وطالب الجميع - خاصة ممن يقومون بمسيرات في الشوارع - بعدم الاستعراض الذي يؤدي للزحام وتعطيل حركة المرور.
وقال: "نريد أن نفرح في هذه الأيام ونشارك القبائل فرحة الانتماء إلى هذا الوطن"، ونصح بتلاقي أبناء الأسر والعائلات لتعزيز أواصر المحبة والأخوة وعدم الاختلاف، مشيرا إلى أن الهدف من الاحتفالات هو تجميع القبائل وتأليف القلوب، وليس زرع الحقد والخلافات، ودعا العقلاء لأن يكون لهم دور في جمع الكلمة وتوحيد الصف.
ونصح البوعينين بعدم إعطاء هذا اليوم أكثر من حجمه، واعتباره يوما كسائر الأيام، ولا نطلق عليه "العيد الوطني"، لأن في ديننا عيدَيْنِ فقط: عيد الفطر والأضحى.
وطالب بأن يكون اليوم الوطني مناسبة وفرصة "لأن نتذكر ماذا قدمنا في العام الماضي، وماذا سنقدم في هذا العام لوطننا".
وأكد ضرورة جمع الكلمة والالتفات وراء ولي الأمر، وإسداء النصح والاهتمام للمسؤولين، أملا في الارتقاء والنهوض بالبلد، وجعلها في مقدمة الدول من حيث المكانة.
ونبه على أن الدول ترتقي وتتقدم بجهود أبنائها بالتحصيل العلمي والالتزام بالدين، وإظهار الهوية الإسلامية في الداخل والخارج.
وشدد على أن "حب الوطن لا يقف عند حد محدد، وهو عطاء ونجاح ونبذ الكراهية ونصح لولاة الأمر، وأن تكون قطر بيتنا، نحافظ على أمنها واستقرارها ونظافتها".
المؤسس:
وتحدث البوعينين عن جانب من سيرة المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني؛ فذكر أنه وُلِد في فويرط 1826 وتُوُفِّيَ 1878، وتلقى تعليمه على أيدي علماء الدين، فتعلم القرآن وعلومه والفقه وتعلم الفروسية والقنص والأدب، وقضى 50 سنة من عمره في قيادة شعبه، ونجح في توجيه الدفة بسياسة حكيمة، في خضم بحر مائج من الأحداث والمتغيرات والضغوطات الدولة والإقليمية.
وقال: "عندما نتذكر المؤسس نتذكر شجاعته في مواجهته للمعتدي والتصدي له"، مشيرا إلى أن المؤسس الشيخ جاسم، كان قائداً غيورا على وطنه، بذل أقصى جهده في الزود عن كرامة بلده ورد كل متعدٍ وطامع عنها.
وأضاف بأن المؤسِّس كان مثالاً للقائد الفارس والمفاوض الحكيم، وبعد استقرار الأمور وسيادة دولة قطر على أرضها، بدأ الشيخ جاسم بن محمد مشروعين للنهوض بالبلاد؛ فقام ببناء المساجد والمدارس، واستضافة العلماء، وطبع الكتب على نفقته وأمر بتوزيعها.
وقال: "كان - رحمه الله - متديناً تقياً، ولا يمكن حصر مناقبه الكثيرة في كلمات".
وطالب أبناءَنا بدراسة وتعلم مناقب المؤسس، فهي كثيرة، وتعلِّم تاريخ قطر.
وختم البوعينين خطبة أمس بتأكيد أن يوم 18 من ديسمبر، هو يوم من سائر الأيام وليس عيداً، هو يوم يذكرنا بالمؤسس الشيخ جاسم بن محمد، واعتبره فرصة لأن يسأل كل منا نفسه: "ماذا قدم لوطنه؟ وماذا سيقدم له؟".
/أ.ع