البرلمان المصري يقوم "بالبصم" على كل ما يريده النظام

alarab
حول العالم 11 أكتوبر 2016 , 12:27م
رويترز
حين مرر البرلمان المصري قانون الخدمة المدنية الأسبوع الماضي، مخففا من بعض مواده التي أغضبت الموظفين الحكوميين، اعتبر ذلك تحديا نادرا من البرلمان لرئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي.

ووضعت النسخة الأخيرة للقانون صعوبات أمام فصل موظفين حكوميين، تتضخم بهم الإدارة البيروقراطية المصرية، بعد أن لوح السيسي بخفض عدد هؤلاء الموظفين لجعل الإدارة أكثر كفاءة وخفض ميزانيتها.

لكن هذه الخطوة التي تحمل قدرا من التحدي تعد استثناء للدور "الباصم" للبرلمان الذي تم انتخابه في نهاية العام 2015، بحسب محللين.

في الإجمال، كان البرلمان باستمرار داعما للسيسي بشكل شبه كامل، علما بأن أعضاءه انتخبوا بنسبة مشاركة ضعيفة لم تتجاوز 29،3% .

فعندما تساءل البرلماني محمد أنور السادات في يوليو عما إذا كان من المنطقي استمرار دفع رواتب ضباط الجيش المتقاعدين الذين تحولوا للعمل في مناصب مرموقة في القطاعات الخاصة والحكومية، نهره رئيس البرلمان علي عبد العال. وقال عبد العال للسادات بغضب "انتهى الكلام".

وأضاف "الرسالة قد وصلت، ليس للسيد العضو وإنما لكل الذين يحاولون أن يفصلوا بين الشعب والجيش. الشعب والجيش يد واحدة دائما وأبدا". وقوبل كلامه بتصفيق من أعضاء البرلمان.

- انسجام تام مع الحكومة -

وحذر خبراء منذ ما قبل الانتخابات بأن بنية البرلمان ستنتج مجلسا نيابيا ضعيفا ومنقسما ومؤيدا للسلطة.

وانتُخب 80% من أعضاء البرلمان الـ596 كأعضاء مستقلين، فيما انتخب 20% عن طريق قوائم تضمنت مستقلين وأعضاء أحزاب. وبين الأعضاء، هناك 28 نائبا معينون من رئيس النظام.

ويسيطر ائتلاف مؤيد للسيسي باسم "دعم مصر" على البرلمان، وهو الائتلاف الوحيد ومشكل من أحزاب سياسية داعمة للحكومة ومستقلين، فيما جرى منع كوادر الإخوان المسلمين، أبرز فصائل المعارضة، من الترشح إلى الانتخابات.

وبسبب بقاء مصر بلا برلمان بين يونيو 2012 ونهاية 2015، كان لزاما على البرلمان مناقشة نحو 300 قانون أصدرها السيسي وعدلي منصور، الرئيس المؤقت الذي تولى إدارة البلاد لسنة بعد عزل مرسي ـ أول رئيس مدني منتخب ـ والموافقة عليها. 

ويقول البرلماني أحمد طنطاوي إن "البرلمان قضى معظم وقته تقريبا في إقرار تشريعات صادرة عن الحكومة بالشكل الذي تريده الحكومة".

ويقول الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عمرو هشام ربيع لوكالة فرانس برس إن أعضاء البرلمان المصري "لديهم اعتقاد أن معارضة النظام هي معارضة للدولة".

في أبريل الفائت، نظم البرلمان ورشة عمل استمرت 22 يوما في معهد عسكري حول "الأمن القومي وحروب الجيل الرابع والتحديات التي تواجه الأمن القومي المصري".

وحذر السيسي مرارا من "حروب الجيل الرابع"، وهو مصطلح عام ومبهم يستخدمه إجمالا للإشارة إلى إضعاف إيمان المصريين في دولتهم عبر وسائل غير تقليدية مثل التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. 

وأوضح البرلماني محمد زكريا محي الدين أن "الحكومة أخذت كل ما كانت تريده من البرلمان في الدورة الأولى"، مشيرا إلى أن "الأغلبية في ائتلاف دعم مصر توافق على كل شيء".

وترى سلمى حسين، الباحثة في الاقتصاد والعدالة الاجتماعية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي منظمة حقوقية مصرية مستقلة في القاهرة، أن "البرلمان تحول إلى مجرد مبصمة" حين تمت مناقشة الموازنة العامة للدولة. 

وأضافت "لم يقم فقط بالبصم على ما تقوله الحكومة، بل تعدى ذلك لتقديم تبريرات".

وأشار تقرير من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى أن موازنة مصر المنتهية في يوليو 2017 لا تلبي المتطلبات الدستورية المحددة للإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي التي يجب أن تبلغ 10% من الناتج المحلي الإجمالي.

وأشارت المنظمة الحقوقية في تقرير إلى أن فجوة الموارد اللازمة للالتزام بالدستور تقدر بـ 97.4 مليار جنيه في موازنة العام المالي 2017/2016.

وتقول حسين "كانت الموازنة فرصة لأن الدستور يلزم (البرلمان) بها، لذا كان يجب أن يتمسك البرلمان بالدستور ويخبر الحكومة أن تلتزم بالدستور. لذا فهي فرصة ضائعة".

وتراجعت الأوضاع الاقتصادية في مصر أخيرا بسبب انحسار موارد العملات الخارجية وارتفاع الفجوة بين السعر الرسمي لصرف الدولار الأميركي وبين السوق السوداء. 

وإزاء ذلك، حذر عبد العال أعضاء البرلمان من انتقاد السياسة النقدية للدولة أو المشاركة في ورش عمل تنظمها مراكز أجنبية قال إنها ربما تعمل ضد مصلحة مصر. 

ويقول عضو البرلمان السادات إنه استقال من رئاسة لجنة حقوق الإنسان بعد مناقشة مشاريع قوانين متعلقة بحقوق الإنسان في البرلمان دون مناقشتها في لجنته، وبينها قانون التظاهر المثير للجدل، وهو قانون سجن بموجبه آلاف المتظاهرين الذين شاركوا في تظاهرات لم تحصل على موافقة الشرطة، وقانون بناء الكنائس.

م.ن/م.ب