"فايننشال تايمز": بشار الأسد هو الشيطان المسؤول عن غرق أطفال سوريا

alarab
حول العالم 11 سبتمبر 2015 , 04:09م
العرب
قالت صحيفة الفايننشال تايمز إنه بالرغم من أن تركيز العالم ما زال منصبا على تنظيم الدولة، إلا أن نظام بشار الأسد لا يزال الأكثر فتكا بالسوريين.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن البحث عن الشيطان بدأ مباشرة بعد الصور المروعة لجسد الطفل الصغير، أيلان كردي، الذي ألقت به الأمواج على شاطئ تركيا، وقد فاضت روحه، وثارت مشاعر الناس حول العالم ونادَوْا لمساعدة اللاجئين السوريين، والضغط على الحكومات حتى تفعل شيئا.

ولفتت الأنظار إلى أن مراقبين رأَوْا أن الشيطان هو الأب الذي خاطر بحياة أطفاله؛ إذ دفع بهم نحو البحر في قارب مطاطي، وثَمَّة آخرون قالوا إنه هو ذلك المهرب المتلاعب بحياة الناس، الذي خدعهم بعد أن وعدهم بأن تكون رحلتهم على متن قارب آلي أكثر أمنا.

فيما ندد سوريون آخرون بالحكومة الكندية، التي رفضت طلب اللجوء الذي تقدمت به عائلة كردي إليها.
 
وقالت الصحيفة إن قائمة الجناة السياسيين تضمنت الاتحاد الأوروبي، كذلك الأمريكان، وهم في العادة هدف مريح، إذ يحْمِلون المسؤولية عن كل كارثة تقع في أي مكان في العالم. كما تضم عرب الخليج الذين لم يستوعبوا سوى اليسير من إخوانهم، رغم أن بلدانهم الأقدر ماليا على تحمل أعباء ذلك، بحسب الصحيفة.

وقالت إن الذين يبحثون عمن يلومونه كان ينبغي عليهم أن يوجهوا أصابع الاتهام إلى نظام بشار الأسد في سوريا، ذلك النظام الذي أحال انتفاضة شعبية سلمية - انطلقت ضده في عام 2011 - إلى حرب أهلية وحشية، يتعرض خلالها السكان المدنيون بشكل منتظم إلى القصف بالبراميل المتفجرة، كما يتعرضون للقصف بالأسلحة الكيماوية.
 
وأشارت إلى أن مِن بين ما يقرب من ربع مليون قضوا نحبهم في هذه الحرب، لربما تجاوز عدد القتلى من الأطفال 10000 طفل، لم ير معظم الناس حول العالم أجسادهم التي تصلبت أو تفحمت. وحدِّثْ ولا حرج عن أعداد أكبر بكثير من الأطفال الذين أصيبوا بجراح أو بإعاقات.
 
أضافت: "بعد عام واحد من الانتفاضة، وصل عدد اللاجئين إلى ما يقرب من مائة ألف إنسان، ما لبث عددهم بعد أربعة أعوام أن تجاوز 4 ملايين لاجئ، أما الذين نزحوا داخل سوريا نفسها فقد تجاوز عددهم عدة ملايين".
 
ويعيش معظم اللاجئين في مخيمات أقيمت في البلدان المجاورة لسوريا، في الأردنّ، وفي تركيا، وفي لبنان. لم يغادر هؤلاء بيوتهم، وقد بيتوا النية بالهجرة إلى أوروبا.

وأشارت إلى أن كل ما كانوا يأملون فيه أن تضع الحرب أوزارها سريعا، حتى يتمكنوا من العودة إلى قراهم ومدنهم. لكن، بعد أن استفحل الأمر ومضت أربع سنين على محنتهم، لا يمكن لومهم إن راحوا يبحثون عن بديل أفضل يخلصهم من حياة البؤس والشقاء في مخيمات اللجوء، ويضمن مستقبلا أكثر أمنا لأطفالهم.

وأضافت أن الجدل الذي دار بشأن موت الطفل أيلان لم يوجه اللوم بما فيه الكفاية إلى الأشرار الفعليين، الذين يتحملون المسؤولية عن أضخم أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية.

ولفتت الصحيفة النظر إلى أن تنظيم الدولة يتحمل نصيبا كبيرا من المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في سوريا، فلقد تسببت الفظائع التي يرتكبها في توليد موجات إضافية من اللاجئين، بما في ذلك أولئك الذين هجروا من كوباني، البلدة التي تنحدر منها عائلة الطفل أيلان.
 
إلا أنه في الوقت الذي يتركز اهتمام العالم على تنظيم الدولة، يستمر نظام الأسد والميليشيات المتحالفة معه في قتل أعداد أكبر بكثير من السوريين، مقارنة بمن يُقتلون على يد الجهاديين. فبحسب ما صدر عن المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض للنظام، الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقرا له، قُتل في شهر أغسطس من المدنيين 1205 أشخاص، وعدد الذين قضوا نحبهم في هجمات شنتها قوات النظام بما في ذلك خلال الغارات الجوية والقصف المدفعي ونيران القناصة 968 شخصا، بينما بلغ عدد الذين أعدمهم تنظيم الدولة أو قُتلوا في أثناء تبادل إطلاق النار بين فئات الثوار المختلفة 194 شخصا (هذا بالإضافة إلى 43 شخصا آخرين، قُتلوا بسبب الغارات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية).
 
وكما يقول كينيث روث، المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس واتش، فإن المدنيين في معظم الحروب يغادرون خطوط المواجهة؛ بحثا عن اليسير من الأمن والأمان، إلا أن البراميل المتفجرة التي يستخدمها النظام في الحالة السورية لم تُبقِ لأحد جيبا آمنا يلوذ به من خطر الموت الداهم.
 
وأوضحت أن هذا هو "الواقع البشع" الذي أدى، ولو جزئيا، دورا في إقناع السوريين بالفرار، كما قال السيد روث، في تصريح نُشر له هذا الأسبوع، في صحيفة نيويورك تايمز. وإذا ما أريد إنقاذ السوريين فعلا ووقْف تدفق السيل العَرَمْرَم من اللاجئين، الذين يطرقون أبواب أوروبا ليلا ونهارا، فلا بد من وضع حد للبراميل المتفجرة التي يقصف بها نظام الأسد المدنيين في مختلف المدن والقرى السورية.
م.ط      /أ.ع