أكدوا على أهمية استغلالها في الذكر والطاعات.. علماء لـ «العرب »: العشر الأوائل من ذي الحجة خير الأيام وموسم للطاعات

alarab
محليات 11 يوليو 2021 , 12:13ص

حث عدد من العلماء على ضرورة الإكثار من الأعمال الصالحة في العشر الأوائل من ذي الحجة، مؤكدين أن لهذه الأيام فضلا عظيما، وأن فضلها يفوق العشر الأواخر من رمضان، مشددين على أنها من مواسم الطاعات التي يجب على المسلم أن يستغلها، فالعمل الصالح فيها يفوق الكثير من الطاعات حتى الجهاد.
ونوهوا في تصريحات لـ «العرب» بأن الأعمال الصالحة في العشر الأوائل تشمل ذكر الله والصوم وقراءة القرآن وصلة الأرحام وتفقد المساكين، فصيام يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده كما ورد في الحديث الشريف.
وأشاروا إلى أن المسلم الكيس الفطن هو الذي يستفيد ويستغل مواسم الطاعة، فبعد رمضان، دخل موسم العشر الأوائل من ذي الحجة، فعليه ألا يفوتها، وأن يكثر من مختلف الطاعات فيها.

د. عبد الله السادة: العمل الصالح فيها أحب إلى الله

قال فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن إبراهيم السادة: يقول الله سبحانه وتعالى «والفجر وليالٍ عشر»، ويقول ابن عباس «والعشر أي العشر الأول من ذي الحجة»، فالله سبحانه وتعالى أقسم بها وذلك لفضلها ولعظمتها عند الله سبحانه وتعالى.
وأضاف: روى الإمام أبو داود في سننه أن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل الصالح أحب فيها إلى الله من هذه الأيام، أي العشر الأوائل من ذي الحجة، قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله، قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل ذهب بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء، فالنبي صلى الله عليه وسلم يوضح بأن الأعمال الصالحة في هذه الأيام محبوبة لدى الله سبحانه وتعالى، فالله يحب الأعمال الصالحة فيها لأنها أيام عظيمة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، فإنها أيام أكل وشرب وذكر لله سبحانه وتعالى.
وأردف د. السادة: الأصل أن العبادات في هذه الأيام أفضل من غيرها، حتى أفضل من العشر الأواخر من رمضان، والمسلم الصادق هو الذي يستفيد ويستغل هذه الأيام، فيكثر من النوافل والذكر والدعاء وقراءة القرآن والصيام والصدقة وصلة الرحم وبر الوالدين، فكلها أعمال محببة إلى الله.
ونوه إلى أن الأيام العشر فيها يوم عرفة وهو خير يوم طلعت عليه الشمس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم عن صيام عرفة: أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، ويوم النحر يوم عظيم يسمى يوم الحج الأكبر لأن أكثر الأعمال تكون في هذا اليوم، وهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أعظم يوم يوم النحر. وهو يوم عظيم فيه أكثر أعمال الحج من نحر ورمي وطواف وسعي وحلق، فكلها أمور موجودة في هذا اليوم العظيم، فهو من أفضل وأعظم أيام الدنيا.
وأكد د. السادة على أن المسلم الكيس الفطن هو الذي يستفيد ويستغل مواسم الطاعة، خرج من موسم رمضان، فدخل موسم العشر الأوائل من ذي الحجة، فيستفيد من هذه المواسم، والصيام في يوم عرفة لغير الحاج، والذي يريد أن يضحي يسن له ألا يأخذ شيء من شعره ولا من أظفاره إذا دخلت العشر، ويكره إذا أخذ، وإذا أخذ فلا شيء عليه.

د. فضل مراد: الأعمال فيها أزكى وأعظم أجراً

أكد فضيلة الدكتور فضل مراد -أستاذ الفقه وقضاياه المعاصرة بجامعة قطر- أن الأيام العشر والتي تبدأ اليوم الأحد ورد فيها أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضلها، ومنها ما جاء في صحيح البخاري بقول النبي: ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام، يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله.. ولا الجهاد في سبيل الله، قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء.
وقال د. فضل مراد: العمل الصالح في هذه العشر أعظم لأن أعظم الأعمال التي وردت فيها الفضائل العظيمة في القرآن وفي السنن هي الجهاد في سبيل الله، فلما ساوى عمل العشر بالجهاد في سبيل الله بل أفضل من الجهاد في سبيل الله واستثني فقط رجل بنفسه وماله فاستشهد وذهب ماله في سبيل الله، ولم يرجع من ذلك بشيء.
وأضاف: وقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث تبين أن هذه الأيام هي أفضل أيام الدنيا، فقد جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم عن البزار بسند صحيح أن أفضل أيام الدنيا أيام العشر، وهي أزكى عند الله والأعمال فيها أزكى وأعظم أجراً، فأي مسلم يعمل خيراً فيها فالعمل الصالح فيها أعظم أجراً عند الله.
وحول الأعمال الصالحة التي يمكن أن يعملها المسلم في هذه الأيام، تابع: الأعمال الصالحة كثيرة، فتشمل أول ما يركز عليه الإنسان، وهي الأعمال القلبية، لأن القلب ينعكس على غيره، والقلب فيه أمراض منها داء الحسد وداء الكبر وداء الغرور وحب الشهوات والهلع في حب الدنيا والجشع والشح والأنانية، فهذه الأمور تؤدي إلى الغفلة، والغفلة دواؤها هو ذكر الله، فأول الأعمال الصالحة في هذه الأيام هي ذكر الله.
وأوضح أن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه: ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات، وقال البخاري عن ابن عباس، الأيام المعلومات هي أيام العشر من ذي الحجة، وقال سبحانه وتعالى في سورة البقرة: أيام معدودات. والأيام المعدودات هي أيام التشريق، فأمر الله بذكره في العشر الأوائل من ذي الحجة وفي أيام التشريق، فدل على أن للذكر أولوية وأن له فضلاً عظيماً لأنه يثقل القلب ويطرد الشيطان ويطرد الغفلة وهذا ما نحتاجه في زمننا هذا.
وقال د. فضل مراد: إذا ذهبت الغفلة بكثرة الذكر فإن داء القلب من الحسد والكبر والغرور والكسل والهم والغم تزول، فإن زالت انفتح وانشرح الصدر لقراءة القرآن والخشوع في الصلاة والمسارعة في الخيرات.
وأضاف: الأذكار التي يذكر المسلم ربه بها في هذه العشر متعددة، فمنها التكبير، وينقسم إلى التكبير الجماعي المطلق الذي يبدأ من أول العشر إلى أيام التشريق، أما المقيد من بعد الصلوات فيكون من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، والتكبير مطلق لأن الله سبحانه وتعالى قال: وليكبروا الله على ما هداهم. فالتكبير مطلق وذكر الله مطلق. وكان الصحابة كما جاء في صحيح البخاري عن ابن عمر وعن أبو هريرة أنهما كانا يخرجان إلى السوق فيكبران في أيام العشر فيكبر الناس في السوق بتكبيرهما، فهذا إجماع من الصحابة واتفاق في عصرهم ولم يثبت عن غيرهم خلاف ذلك.
وتابع: وهذا دليل على فضيلة الذكر الجماعي وعلى رفع الصوت بذكر الله في الأسواق وفي السيارات، وحينما يخرج الإنسان في المجالس والحدائق، وهو من السنن العظيمة التي هُجرت في هذا الزمن.
وأوضح أن صيغة التكبير وردت بأسانيد صحيحة عن ابن عمر وعن ابن مسعود وعن ابن عباس وعن سلمان الفارسي، ومجموع كلامهم: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيراً، وكلها صحيحة وهذا يدل على أن في الأمر سعة، وقد اشتهرت الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر والله الحمد، الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً، وهذا كله واسع لدخوله تحت الأمر بذكره سبحانه وتعالى وتكبيره في هذه الأيام المباركة.
ولفت إلى أن من أهم الذكر الإكثار من التسبيح والاستغفار، لأن التسبيح هو عبادة الكائنات، ولأن الله ذكره في كتابه بمواضع كثيرة، فجاء: «سبح لله ما في السموات وما في الأرض».. و«سبح اسم ربك الأعلى».. و«تسبح له السموات والأرض».. وغيرها من الآيات الكثيرة في كتاب الله.. فيقول الإنسان سبحان الله وبحمده سبحان الله وبحمده سبحان الله والحمد لله والله أكبر وهذه الكلمات هي الباقيات الصالحات فيكثر منها الانسان، في العصر 100 وفي الصبح 100 وفي الليل 100، فيكثر منها.
ونوه إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين التسبيح والاستغفار فيقول «سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي».. وفي ذلك عمل بما جاء في سورة الفتح من قوله سبحانه وتعالى «فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً»، وهو من أعظم الأذكار.
وأكد أن الصيام في الأيام العشر من الأعمال الصالحة، وكذلك قراءة القرآن سواء بقراءة جزء كل يوم، أو إن استطاع أن يختم القرآن في هذه الأيام، وكذلك الصدقة وصلة الأرحام وتفقد المساكين.

د. سلطان الهاشمي: أقسَم اللهُ بها لمكانتها وعظيم فضلها

قال فضيلة الشيخ الدكتور سلطان بن إبراهيم الهاشمي -أستاذ الفقه الإسلامي بكلية الشريعة في جامعة قطر: مواسم الخير لا تنقطع في الأمة الإسلامية، فكلما انتهينا من عبادة تفضل الله سبحانه علينا بعبادة أخرى، وهذا من فضل الله تعالى على هذه الأمة التي اختصها بالعمل القليل والأجر الكبير، وها هي تُقبل علينا العشر الأوائل من ذي الحجة، أقسَم اللهُ بها لمكانتها وعظيم فضلها، والعظيم لا يُقسِم إلا بالعظيم، قال تعالى: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ).
وأضاف: هذه الأيام شَهِدَ لها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بأنها أفضل أيام الدنيا فقال: «أفضلُ أيامِ الدنيا العشرُ - يعني عشر ذي الحجة - قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجلٌ عُفِّرَ وَجْهُهُ بالترابِ».
وأوضح د. سلطان الهاشمي أن هذه الأيام تجتمع فيها عدة عبادات، عبادة الحج والصوم والنحر وذكر الله عز وجل، وفيها أعظم أيام السنة، يوم عرفة وهو يُكَفِّرُ الله بصومه السنة التي قبله والسنة التي بعده.
وتابع فضيلته: الشقي من أضاع هذه الأيام واعتبرها أياما عادية والسعيد من استغل هذه الأيام التي ترفع تضاعف فيها الحسنات ويفتح الله أبواب المغفرة للمذنبين، وقد رُوي عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قوله: (إنَّ لربِّكم في أيَّام دَهْركم نفحات، فتعرَّضوا لها، لعلَّ أحدَكم أن تُصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبدًا).
‏وأضاف د. الهاشمي: دائما أقول عندما تأتي مثل هذه المواسم يستشعرها المسلم وكأنها آخر موسم في حياته ويستقبل بعدها الموت، ليكن شعارنا هذه الأيام المبادرة والمسارعة إلى الخيرات ‏وعدم تضييع أي يوم منها، وهي ربما تكون سببًا في تكفير كل ذنوبنا ودخولنا الجنة، ‏ويختم الله لنا بالصالحات.

د. محمد المريخي: أودع الله فيها بركات ورحمات.. ويوم عرفة يكفيها شرفاً 

قال فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن حسن المريخي إن لله سبحانه في هذه الدنيا أوقات وساعات وأيامًا تتميز عن غيرها من الأيام والأوقات وقد خصها تبارك وتعالى بمزيد من الفضل وأودع فيها من البركات والرحمات ورفيع الدرجات ما جعلها جديرة بالعناية والاهتمام والترقب والانتظار والتطلع إلى بلوغها وإدراكها، ومن هذه الأوقات الفاضلات عشر ذي الحجة.
وأشار د. المريخي إلى أن الله عظّمها وأشاد بها حيث، يقول تبارك وتعالى «والفجر وليالٍ عشر». وقد أقسم الله بها معظماً إياها ومظهراً شرفها ومقامها، لأن القسم بالشيء تعظيم له خاصة إذا كان المقسم عظيمًا جليلًا وهو الله جل وعلا، قال القرطبي رحمه الله: «وليالٍ عشر» أي ليالي عشر ذي الحجة، وقال الله تعالى عن هذه الأيام: «وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة» قال ابن عباس: هي العشر التي ذكرها الله في قصة موسى عليه السلام.
وأضاف: الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الأمة عن فضلها ومكانة العمل الصالح فيها ليهتموا ويستغلوها ويقدروها حق قدرها وهذا من فضل الله علينا، حيث يقول عليه الصلاة والسلام (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام –يعني العشر- قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلًا خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التسبيح والتكبير والتحميد) رواه أحمد، وفي بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم العشر.
وتابع د. المريخي: امتلأت الأيام العشر من ذي الحجة بالأعمال الصالحة حتى قدمها بعض السلف وفضلها على العشر الأواخر من رمضان وليلة القدر لأن المشروع فيها ليست في غيرها من المواسم، هذه الأيام العشر هي أيام الله تعالى، يقول سبحانه (وذكرهم بأيام الله) فيها الذكر والدعاء والتسبيح والتهليل والتكبير، فيه الحج إلى بيت الله الحرام، يؤدى فيها ركن من أركان الدين، يجتمع الحجاج في مكة والمشاعر، فيها يوم عرفة والأضحية والعيد وصلاته.
 وتابع: لو لم يكن في هذه الأيام إلا يوم عرفة لكفى به شرفًا ولها رفعة فكيف وقد اشتملت على كل الأعمال الصالحة، وهو بذاته يوم عظيم من أيام الله تعالى التي ينبغي للمسلم أن يستعد له ويدعو الله تعالى أن يبلغه إياه ليكون شاهدًا له بالعمل الصالح وليتعرض فيه لرحمات الله ونفحاته، إنه ركن الحج الأكبر كما قال رسولنا الكريم (الحج عرفة) حديث صحيح رواه أبو داوود، يوم عرفة يوم إكمال الدين وإتمام النعمة والرضى بالإسلام دينًا، ففي حجة الوداع وقف رسول الله في يوم الجمعة بعرفات وأنزل الله عليه (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا) قال اليهود: لو أنزلت علينا هذه الآية معشر يهود لاتخذنا هذه اليوم عيدًا.