لكم يا أهل قطر ما ليس لغيركم
حوارات
11 أبريل 2012 , 12:00ص
حاوره بالكويت - فيصل المرزوقي
عندما كنا في قاعة الوزراء بمبنى مجلس الأمة بانتظار سعادة الوزير كانت المشاعر بالنسبة لي مربكة، هذا أول لقاء صحافي لي، ومع وزير كويتي، وجميعنا نعلم كيف هم الكويتيون وطلاقتهم في الحديث، وضاعف من المهمة أنه الشيخ محمد العبدالله المبارك وزير الإعلام الكويتي وخريج بيت الثقافة والأدب والشعر العربي، الذي طالما كانت تبدع فيه بقصائدها والدته الشاعرة والأديبة الشيخة سعاد الصباح، دخل علينا ولم أتعرف عليه من تواضعه، وبكلمة استباقية منه قال: اؤمرني، قلت له: ما يأمّر عليك عدو، أردت لقاءً صحافياً، هنا تكهرب الجو قليلاً، ونظر إلى زميلي وكأنه يعاتبه، قال: قلت «مواطن قطري يبي يشوفك»، ولم تذكر لي أي شيء عن الصحافة، قلت له: وصلت وما تردنا، قال: «ومن يردكم يا هل قطر بشي»،، اتفضل وخذ راحتك، مع العلم أنني لم أجر أي مقابلة صحافية، قلت له: الساعة المباركة أن أتشرف بأول لقاء صحافي مع سعادتكم، ولم يعلم سعادته بأن مقابلتي هذه هي أول تجربة لي في اللقاءات الصحافية، ولعل أكثر ما أعجبني فيه، رغم محاولاتي المستميتة في دفعه للحديث عن التجاوزات الإعلامية في الكويت وتجاوزها الحد المقبول على المستوى الإقليمي أو المحلي، إلا أنه وفي كل سؤال أحوره للوصول لهذه الإجابة يقول: القانون هو الذي يحكمنا وعلى الجميع أن يلتزم به!
بداية سؤال بشكل عام.. رؤيتك للإعلام الخليجي وأثره على العلاقات الخليجية - الخليجية؟
- مع تقديري.. صعب أن تقوم أي مؤسسة أو أي نشاط بالتأثير السلبي على العلاقات الخليجية - الخليجية، فما يربط الشعوب الخليجية أرقى وأعرق وأعمق وأقدم من أن يؤثر عليها عمل أي قطاع أو مؤسسة.
لا شك حدثت قفزات نوعية وكمية في التعاطي الإعلامي الخليجي، ولا شك أن الحجم الذي وصل إليه الإعلام الخليجي يضاهي كثيراً من مناطق العالم، ونأمل -إن شاء الله- أن يكون الإعلام الخليجي بصمة إيجابية في تاريخ الإعلام.
العلاقات الخليجية - الخليجية
هذا الكلام الجميل يمكننا أن نضعه في إطار الدبلوماسية، لكن من حيث الواقع هناك بعض المؤسسات الإعلامية تؤثر بطريقة أو بأخرى على العلاقات الخليجية - الخليجية، فمن باب الأمثلة لا أكثر ما حصل من بعض المؤسسات الإعلامية الكويتية حول ما يجري في البحرين، أو مسها شخصيات بعينها في قطر؟
ما الذي تريد أن توصله؟
أقول ما هو دوركم في هذا المقام؟
- قلت لك التقييم كالآتي: العلاقات الاجتماعية والأسرية والتاريخية والدينية والتراثية والاقتصادية أكبر بكثير من أن تتأثر بأي عمل لأي قطاع من قطاعات العمل الخليجي المشترك، حجم الإعلام الخليجي لا شك أنه زاد، لا شك أنه يجب أن نفرق بين الكم والنوع، ونتمنى -إن شاء الله- أن يكون للإعلام الخليجي بصمة إيجابية هذا ردي على سؤالك.. إذا تغير سؤالك أغير الجواب.
فخورون بصلابة
الوضع المؤسسي
بعض المؤسسات الإعلامية الكويتية الخاصة أساءت بطريقة أو بأخرى، أو تؤثر بمعنى أصح على علاقات دول الخليج مع الكويت.. السؤال: هل تترك هذه المؤسسات من باب الديمقراطية؟
- نحن بالكويت فخورون بمتانة وصلابة الوضع المؤسسي القائم على قوانين وتشريعات، فالإعلام ينظمه قانونان محددان: قانون المطبوعات والنشر، وقانون الإعلام المرئي والمسموع، والعمل التنظيمي لوزارة الإعلام قائم على تطبيق القانون، وأي خروج عن هذين القانونين يستوجب التعامل معه.
لكن إذا استمر العمل ضمن هذين القانونين لا دور لوزارة الإعلام، كذلك من المهم الإشارة لإحصائية صدرت عن مؤسسة جالوب العالمية قبل يومين أشارت إلى أن ترتيب الكويت في حرية الإعلام الـ 24 دولياً، والأولى عربياً، ولا شك أن للحرية ضريبة، وأتمنى من جميع وسائل الإعلام الكويتية والخليجية والعربية والإسلامية أن تمارس دورها بالمسؤولية المطلوبة.
الحكم نصوص القانون
عندما يتعرض المجتمع الكويتي لمناوشات مؤثرة على لحمته، مثلما حدث من قنوات معينة مست شخصيات وقبائل، وأججت مشاكل بالمجتمع هل تتركونها تفعل ما تريد، أم إن هناك خطوطاً حمراء لا ينبغي المساس بها حفاظاً على المصلحة العامة؟
- لا شك أن العمل في أي دولة مدنية يقوم على القانون، فيجب أن تعود إلى نصوص القانون من أجل تنظيم الحياة المدنية، فهذا الأساس في التعامل.
وهل من وجهة نظرك الشخصية القانون الحالي كافٍ؟
- لا، غير كافٍ، وأنا مصمم على تغيير بعض المواد وإضافة بعض المواد لاستيعاب التطور الذي حدث في وسائل الإعلام خلال الفترة الأخيرة.
استمعوا لردي يوم الاستجواب
ما تعليقك سعادة الوزير على النائب القلاف الذي طالب باستجوابك بحجة التراخي في واجب الرقابة على بعض الجهات الإعلامية الخاصة؟
- النائب القلاف قام بتفعيل الأداء وفقاً للدستور ولائحة مجلس الأمة، ولم يخرج عما خوله له القانون، وستسمع ردي عليه يوم الاستجواب.
إلى أن يثبت العكس
من الأشياء الإيجابية التي لمستها أنني بمجرد ما أبديت رغبتي في مقابلة سعادتك وجدت استجابة سريعة جداً هذا بعكس ما تعودناه من تعقيدات في مقابلة الوزراء، سؤالي: هل الوزراء في الكويت ينطلقون من قناعات شخصية، أم وفق توافق حكومي بخصوص المقابلات الصحافية وموافقتهم على الاستجوابات البرلمانية؟
- مع التقدير، المنطق يفرض علينا أن نعمل وفقاً لمعادلات معينة، وهي كالتالي: لا تستطيع أن تكون ملماً ومطلعاً على كل الأمور، ولكن تشكل قناعاتك بناء على مختلف التجارب والخبرات، لك تجربة معينة في استجابة أحد المسؤولين لطلب مقابلتك، فعليك أن تأخذ هذا المثال وتعممه إلى أن يثبت عكس ذلك، أو أن تأخذ حادثة عدم رغبة أحد المسؤولين مقابلتك وتعممها على الجميع.
كم عدد الذين طلبت مقابلتهم وحصلت على ردود سريعة؟
- يجب أن تعتقد أو يكون لديك تفكير أن هذا هو الأسلوب العام إلى أن يثبت عكس ذلك.
أنا لا أتكلم نيابة عن أحد، لكنني أقول لك كن متيقناً أن أي مسؤول في الدولة عنده نفس الاستجابة ورحابة الصدر للقاءات إن شاء الله.
أنا طبعاً طرحت هذا السؤال لأنه حقيقة، الاستجابة كانت سريعة ومفاجئة لي.
- الساعة المباركة.. وأحد الأسباب الرئيسية للاستجابة لما ذكر لي أن حضرتك زائر لنا من دولة شقيقة وعزيزة جداً على قلوبنا، لك ما لا لغيرك، ولكم أهل قطر ما ليس لغيركم إن شاء الله، هذا ما تربينا عليه من قيادتنا.
نتعامل بالمسطرة
دعنا نتعرف سعادة الوزير على وجهة نظرك الشخصية في الإعلام القطري، وهل ستستمر مشكلة غلق وفتح مكتب قناة الجزيرة في
الكويت؟
دعنا أولاً نفرق بين الإعلام الرسمي والإعلام الخاص، وأسألك هنا هل «الجزيرة» إعلام رسمي أم خاص؟
- إعلام خاص
نتعامل مع المكاتب الخاصة بذات المسطرة، أيا كانت، لكن فيما يخص الإعلام الرسمي، فهو إعلام الأشقاء، سواء من الإمارات، أو عمان، أو السعودية، أو البحرين... ولا شك فإننا نعتبره امتداداً لمؤسساتنا مثلما يعتبر أشقاؤنا الإعلام الكويتي الرسمي امتداداً لمؤسساتهم.
لا شك توجد لدى الأشقاء في دول مجلس التعاون بعض الملاحظات على الإعلام الخاص في الكويت مثل ما لدينا نحن بعض الملاحظات على الإعلام الخاص لديهم.
أعود للرد على سؤالك، لا شك أن قطر وضعت أو رفعت الحد المعمول به في الإعلام العربي، وهي أصبحت من تضع المعيار لنا لكي نواكبها.
قناة الجزيرة لا شك لها تقدير كبير لدى المشاهدين وأنا أحدهم، كأي محطة إخبارية أتفق وأختلف مع ما يرد في تقاريرها، ولكن لأنها محطة خاصة لا ضير عليها في طرح القضايا بمنظورها.
وأتمنى -إن شاء الله- استمرار عمل مكتب الجزيرة في الكويت، وفق الأنظمة والقوانين المحددة لمكاتب الإعلام الدولي، وسنقدم للمكتب والمكاتب الأخرى كل التسهيلات للقيام بعملها وفق الأطر المحددة والقوانين المعمول بها.
الجزيرة مهنية
هل أنت معجب بقناة الجزيرة؟
- أنا أجبتك.
أقصد بشكل عام!
- سؤالك صعب.. أنا قلتها بطريقة معينة، أنا معجب بعمل القناة، لكن إعجابي فيما قامت به قناة الجزيرة بوضعها معياراً عالياًً جداً في المهنية وطرح القضايا، وفرضت على الجميع أن يلحقها في هذا المعيار.
هل أنا معجب؟ لا شك أنا معجب بالطاقم الإخراجي، ومعجب بطريقة التقارير.
هل أنا متفق مع كل ما تبثه قناة الجزيرة؟ بكل تأكيد لا، وعدم اتفاقي لا ينعكس كانتقاد مهني، لا أستطيع أن أكون متفقاً مع كل ما يرد من كل محطة إخبارية، سواء «الجزيرة» أو غيرها.
العدالة ستأخذ مجراها
سعادة الوزير قضية المواطن القطري علي المري أخذت بُعداً إعلامياً بينما هي حادث عرضي يحدث في أي بلد.. المشكلة أن مؤسسات إعلامية عملت على تضخيمها بشكل متسارع، فما رأيك أنت شخصياً في هذا الجانب؟
- بداية لا شك أن أي حادث يشتبك فيه طرفان شقيقان مؤلم للطرفين، ولا شك أن هذا الحادث ليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير.
ثانياً: مثل هذه الحوادث لا يمكن أن تؤثر على صفو الجو والمحبة والأخوة والعلاقة الوثيقة التي تربط البلدين.
هذه مسلمات يجب أن توضع على الطاولة. أما مسألة تعامل الإعلام مع هذه القضية، فهذا يعيدنا لما قلته آنفاً.. لدينا مؤسسات خاصة تعمل ضمن قانون معين، وليس للدولة الحق في التدخل في طريقة طرح أي موضوع من المواضيع إذا كان وفقاً للقانون.
القضية الخاصة بالمواطن القطري حالياً رفعت للقضاء، وهناك منع واضح من المحاكم للخوض في أي قضية معروضة على القضاء، لكي لا يؤثر على سير القضية.
ولكم يا أهل قطر من أهلكم في الكويت كل المحبة والتقدير.. لقد سكنتم عيوننا وقلوبنا، عندما استقبلتمونا في بلادكم وقت محنتنا، ولن ننسى لكم الفضل، أتمنى -إن شاء الله- أن لا يعطى هذا الموضوع أكبر من حجمه، وإن شاء الله العدالة تأخذ مجراها على الجميع.
لا للمكاتب الخارجية
سعادة الوزير سؤال أخير
- يقاطعني ضاحكاً للمرة الثالثة وأنت تقول سؤال أخير..
الحديث معك شيق وأعتذر للإطالة، وهو السؤال الأخير.
ما رؤيتك للملاحق الإعلامية الكويتية في الخارج، وهل أدت الغرض من وجودها؟
- ليست لدينا مكاتب إعلامية، ولكن عندنا تصور، والمكاتب الخارجية استخدمت للأسف لغير أغراضها، لذلك التوجه الحالي في الوزارة عدم فتح هذه المكاتب، وهناك تركيز لإيصال الرسالة الكويتية للخارج من خلال توليفة جديدة، عبر التعاون بين وزارة الإعلام والمؤسسات الإعلامية القائمة.
هل أفهم من ذلك أن هناك توجهاً لإغلاق الملاحق الإعلامية؟
- حالياً لا توجد مكاتب إعلامية في الخارج، هناك دبلوماسيون يقومون بمهام إعلامية، لكن قبل سنوات كانت هناك مكاتب إعلامية، وهذه ألغيت، وقد صرحت بذلك مع بداية تولي منصب الوزارة، ولكن فهمت التوليفة التي أسعى إليها على أن هناك توجهاً لفتح المكاتب مرة أخرى، وأنا أستطيع أن أنفي هذا الأمر جملة وتفصيلاً، لا نية أو رغبة أو توجه لفتح هذه المكاتب مرة أخرى.
كلمة أخيرة سعادة الوزير؟
- أنقل تحياتي لأهل قطر جميعاً، وحياك الله في بلادك الكويت.