مراقبة التجار وإلغاء الاحتكار وخفض الإيجار.. 3 حلول لمواجهة «جنون الأسعار»

alarab
تحقيقات 10 نوفمبر 2021 , 12:20ص
يوسف بوزية

الخبير الاقتصادي سعيد خليل: الغلاء يرجع إلى احتكار دول لسلع معينة وارتفاع تكاليف الشحن
المحامي علي الخليفي: نشر الوعي الاستهلاكي يساعد في الترشيد
راشد المري: إلغاء قيود الاستيراد وكسر احتكار السلع والمواد الغذائية ضروري 
 

في ظل غياب الكشف عن الأسباب الحقيقية وراء الارتفاع المستمر في أسعار السلع والمنتجات المعروضة في أسواق الدولة، بما فيها الخدمات الرئيسية، الرسوم التجارية، مواد البناء، السلع الاستهلاكية اليومية، المنتجات الغذائية، أخذت أصوات المواطنين ومعهم المقيمين تتعالى مطالبة المسؤولين بالتحرك لكسر موجة غلاء الأسعار، سواء الناجمة عن عمليات الاحتكار أو عن جشع التجار الذين يتبنون سياسة التسعير الخاطئ طمعاً في تحقيق ربح سريع.
«العرب» استطلعت آراء المواطنين والخبراء حول أسباب ارتفاع الاسعار والمقترحات المناسبة لمواجهة الارتفاع الحالي في أسعار المنتجات والخدمات، حيث طالبوا بضرورة خفض أسعار بعض الخدمات والمنتجات الأساسية بما فيها منتجات المشروعات الصغيرة والبيع بهوامش ربحية معقولة.
وأرجع الخبير المالي والاقتصادي ومطور الأعمال، سعيد خليل العبسي، ارتفاع الأسعار بشكل عام إلى عوامل خارجية ترتبط بارتفاع أسعار السلع والخدمات المستوردة من الدول التي تهيمن على إنتاج وتصدير الجزء الأكبر من السوق العالمية، ومعها تكاليف الشحن والرسوم، وأخرى داخلية ترتبط بارتفاع الإيجارات، حيث يلجأ التجار وأصحاب المشاريع إلى بيع منتجاتهم بأسعار مرتفعة، لتغطية الكلفة وسداد الالتزامات المستحقة عليهم.

4 أسباب
من جانبه، حدد المهندس عبدالله محمد أربعة أسباب وراء ارتفاع أسعار المنتجات والخدمات في الدولة، وأكد أن أبرز هذه الأسباب ما وصفه بسياسة التسعير الخاطئ، طمعاً في تحقيق ربح سريع، بجانب ارتفاع الإيجارات الخاصة بالأماكن التجارية في العديد من المناطق الحيوية، وارتفاع الكلفة التشغيلية بجانب أسعار المواد الخام المتغيرة، خصوصاً المستوردة منها.
وأكد ان ظاهرة ارتفاع الايجارات لها انعكاسات سلبية على المواطنين والمقيمين، من حيث إنها تؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى ارتفاع في الأسعار بشكل كبير، معربا عن اعتقاده بأن المادة رقم 4 لسنة 2008 من القانون هي التي أتاحت الفرصة لأصحاب المحلات التجارية لرفع قيمة الايجارات بنسب ثابتة ومحددة تبلغ 10% في كل سنة، ما أدى إلى خلق ظاهرة سنوية تمثلت في رفع القيمة الايجارية واستمرارها في الارتفاع من دون توقف (لأن أصحاب العقارات استندوا إلى مادة قانونية تسمح باستمرار ارتفاع الإيجار) وكذلك من الأسباب الرئيسية لارتفاع إيجار المحال التجارية من وجهة نظره، هو اقتصار بعض الشوارع التجارية على مناطق محددة، مثل شارع بروة التجاري، فهنالك ارتفاع ملحوظ في أسعار الايجار ولذلك أؤيد التوجه إلى الجهات المعنية لمناقشة هذه الظاهرة وعلاجها بما ينعكس إيجابا على عجلة الاقتصاد الوطني.


سقف الزيادة
من جانبه، أكد المحامي علي عيسى الخليفي أن زيادة الأسعار في السوق القطري قياسا ببعض الأسواق الأخرى بصورة ملحوظة، يعطي مؤشرا للمسؤولين للوقوف على طبيعة وسقف تلك الزيادة، بالإضافة إلى مؤشرات أخرى تتعلق بأسعار الجملة، أسعار المنتجين، وأسعار السلع المستوردة.
واعتبر الخليفي ان نظام السوق المفتوح يساهم في ارتفاع أسعار السلع والخدمات بالدولة، في ظل عدم وجود هيئة رقابة للأسعار يمكنها أن تضبط الأسعار وتتحكم في نسبة الارتفاع المبالغ فيها، هذا بالإضافة إلى عدم تفعيل قانون حماية المستهلك، حيث لو كانت هناك هيئة رقابة حكومية لمراقبة الأسعار كان بالإمكان السيطرة عليها وعدم زيادتها دون مبرر. كذلك فإن من أهم مسببات ارتفاع الأسعار هو عدم تدخل الجهات المعنية بمراقبة السوق تدخلاً مباشراً نظرا لأن سوق قطر يعتبر سوقاً حراً ومفتوحاً تسعى فيه الشركات للربح السريع والمباشر، بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى. 
ودعا الخليفي إلى إنشاء جمعية لحماية المستهلك تتولى مراقبة الأسعار وضبط التلاعب والغش التجاري وتهدف إلى العناية بشؤون المستهلك ورعاية مصالحه والمحافظة على حقوقه والدفاع عنها وتبني قضاياه لدى الجهات العامة والخاصة، وحمايته من جميع أنواع الغش والتقليد والاحتيال والخداع والتدليس في جميع السلع والخدمات والمبالغة في رفع أسعارها ونشر الوعي الاستهلاكي لدى المستهلك وتبصيره بسبل ترشيد الاستهلاك.
كلفة تشغيلية
واعتبر عبدالرحمن البلوشي ان بعض أصحاب المشروعات الصغيرة يضطرون إلى بيع منتجاتهم بأسعار عالية، لمواجهة الكلفة التشغيلية والأعباء الكثيرة الملقاة على عاتقهم، وأبرزها الارتفاع الكبير في الإيجارات، مشيراً إلى أنهم يدفعون إيجاراً عالياً مقابل تأجير مكان صغير، وعليهم أن يبيعوا بما قيمته 2000 ريال يومياً على الأقل، ليستطيعوا تسديد الإيجار وأجور العمال والمواد الخام، وغيرها من عناصر الكلفة.
ودعا البلوشي إلى تخفيض القيمة الإيجارية للمحلات من خلال تشريع قانون يلغي العمل بالقانون الذي سمح لأصحاب العقارات برفع القيمة الإيجارية بشكل سنوي، إلى جانب دعم صناعة المواد الخام محلياً لتقليل نسبة الاستيراد من الخارج وتخفيض التكلفة على التاجر والتي يتحملها المستهلك، وكذلك زيادة الإنتاج المحلي في العديد من المواد بما فيها المواد الغذائية والتموين.
فيما قال راشد المري إن الحلول المقترحة لمواجهة ارتفاع الأسعار قد لا تكون كافية لمنع هذه الزيادة المستمرة بشكل سنوي، إلا أن السماح بالشراء المباشر وإلغاء سياسة الاحتكار للمنتجات وتشديد الرقابة على «الوكلاء الحصريين» والمحاسبة الحقيقية من قبل الجهات المعنية لهم وإن أدى ذلك إلى سحب رخص الوكالات منهم، كفيلة بوقف استنزاف جيوب المواطنين والمقيمين على حد سواء. وطالب بإلغاء كل القيود المفروضة على الاستيراد وكسر احتكار السلع والمواد الغذائية لعدد من الوكلاء والموردين وفتح الباب لكل المستوردين وكل من يرغب في استيراد السلع والمواد الغذائية من الخارج مباشرة، بما يضمن وجود خيارات أمام المستهلك ووفرة في العرض تؤدي إلى خفض إجباري للسعر.

خفض الإيجارات
وأرجع عبدالرحمن إبراهيم الارتفاع في أسعار بعض السلع الحيوية مثل السيارات إلى ضعف المنافسة في السوق المحلية، في ظل احتكار الوكلاء لعمليات الاستيراد بشكل يجعلهم متحكمين فى آليات التسعير، بعيداً عن مستوى العرض والطلب الحقيقيين، وهو ما أدى إلى ارتفاع كبير فى أسعار السيارات الجديدة في الدولة، قياسا بأسعارها في الدول الأخرى، وكذلك خدمات ما بعد البيع والصيانة، داعياً الجهات المعنية للتدخل من خلال تشريع قوانين جديدة لضبط الأسعار ومنع الاحتكار والمضاربات، مؤكدا أن التوجه لخفض الأسعار أفضل من رفع الرواتب الذي اثبت عدم جدواه في سوق يعاني الاحتكار لأن المعادلة تتلخص في أن رفع الرواتب يقابله رفع الأسعار. ولفت إلى أن تسعير الكماليات متروك لقانون العرض والطلب والمنافسة في السوق، وليست تحت تحكم وسيطرة حماية المستهلك.

ثقافة الاستهلاك.. وحماية المستهلك
تمتلك إدارة حماية المستهلك ومكافحة الغش التجاري بوزارة الاقتصاد والتجارة سلطة رقابية على كل من يحصل على رخصة تجارية أو كل من يقدم خدمة أو يعرض سلعة للبيع للمستهلك، حتى صفحات البيع عبر انستجرام. وهي تحرص على اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المستهلك من خلال الرقابة المستمرة والقيام بالتفتيش على المحال المخصصة لتصنيع وبيع المواد الغذائية والمنزلية وضبط المخالفين واتخاذ الاجراءات اللازمة بشأنهم. كما حرصت الإدارة على إطلاق العديد من المبادرات لنشر الوعي الاستهلاكي بين أفراد المجتمع، ونشر ثقافة المنافسة في قطاع الأعمال وتوعية الشركات بالالتزامات والضوابط التي يفرضها القانون رقم (19) لسنة 2006 بشأن حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، بما فيها مبادرة «تسوق بثقة» ومبادرة «بكم» ومبادرة تعريب الفواتير ومبادرة تنظيم بيع الذهب والمجوهرات وغيرها من المبادرات التي تساهم في رفع الوعي الاستهلاكي في المجتمع.
وتعنى إدارة التراخيص النوعية ومراقبة الأسواق التابعة لوزارة التجارة والصناعة بدراسة وتقييم أسعار السلع والخدمات المتداولة بالأسواق المحلية، إلى جانب دراسة طلبات زيادة أسعار السلع والخدمات المقدمة من المزودين وإعداد الدراسات الخاصة بأسعار السلع والمواد والخدمات بهدف تحليل أسباب ارتفاعها، واقتراح وسائل تصحيحها، وآليات منع رفع الأسعار غير المبررة، وتقديم التقارير اللازمة في هذا الصدد.
ويختص قسم تقييم ومتابعة الأسعار، بالآتي: استقبال ودراسة وفحص طلبات زيادة الأسعار المقدمة من المزودين وتحويلها للجهة المختصة، ودراسة وتقييم أسعار السلع والخدمات المتداولة بالأسواق، وإعداد الدراسات والتقارير والإحصائيات الخاصة بأسعار السلع والمواد والخدمات بهدف تحليل أسباب ارتفاعها واقتراح وسائل تصحيحها، ووضع الآليات المناسبة لمنع رفع الأسعار غير المبرر وتقديم التقارير اللازمة في هذا الصدد.